الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاممية اللاارضوية ومتبقيات شيوعيه ماركس؟(1/2)

عبدالامير الركابي

2022 / 12 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


من الظواهر الجديرة بالانتباه في مجرى تشكل الاممية اللاارضوية، تلك الشيوعية التي وضع اسسها ماركس، وتاكدت واقعا على يد لنين كممكنات تحقق، انتهت عند خواتيم القرن العشرين على انها محاولة خارج الصدد، ومفتعلة ايديلوجيا بظل المتغير الذي احدثته الالة على بنيه المجتمعات الطبقية، مع ظهور قوى جديدة مؤثرة، لم تعدعملية الانتاج تستقيم من دونها، هي بالاحرى من غير الطبقات الرئيسية المعروفة، هذا مع الاثر المتاتي من تباين مستويات النمو البرجوازي، بين اوربا الكلاسيكية، والاطراف، ومنها روسيا نصف الاسيوية مع استبدادية نمطها في الدولة تاريخيا، هذا سوى مجمل الزخم الايهامي المرافق لعملية الانتقال البرجوازي الالي، وتفارق الرؤى المعتمدة مع ماهو حاصل فعلا.
ولاشك ان دعوة ماركس قد اورثت اهم حركة تغييرية عرفها العصر الحديث، باعتبارها ظاهرة واكبت الانتقال المصنعي وهو في عظم احتداميته الصراعية الطبقية، ووطاته على الطبقة العاملة، حين كانت هذه ماتزال "طبقة"، هي ومقابلتها البرجوازية، قبل ان تظهر اثار وانعكاسات فعل الالة في البنية المجتمعية، بما هي قوة تغيير بنيوية من خارج المجتمعية التاريخيه، شديدة الفعالية، دخلت على الكيانيه المجتمعية، وغيرت كليا وجوهرا اليات التفاعلية المجتمعية، لحد قلبها راسا على عقب.
وبحكم عدم اهلية البنية الاحادية الطبقية الاوربية للقفز الى مستوى دلالة الحاصل مع الالة وانبثاقها، فلقد كان من المتوقع حينها، وفي افضل الاحوال، ان لم يكن على اعلى المستويات الممكنه ادراكا، ظهور حركة كتلك التي ارسى اسسها ماركس، وقد بدا ان كل الاسباب المادية واقعا قد توفرت لها، ان لم تكن اوجبتها في حينه، لكي تصير رؤية شاملة، سواء كما كان يمكن ان يرى للتاريخ ومراحله بظل الانقلاب البرجوازي، باعتبار الامر على هذا المستوى من قبيل البداهة، او من ناحية حجم الانقلابية الانتاجية والحياتيه الحاصل، فلم يكن لماركس مثلا كعبقرية ارضوية ان يذهب للقول بان الصراع الطبقي قد انتهى، وان تتابعية الطبقوية الاصطراعية قد طرا عليها ما ينفيها، ويوقف استمراريتها، باعتبار الالة ليست مجرد وسيلة انتاج، بل اداة انقلاب في النوع المجتمعي الارضوي، الامر الذي كان من المستحيل وقتها مقاربته.
ويبقى مع ذلك وبالقياسات الشاملة التحولية، مايجب الالتفات اليه باعتبار الماركسية والشيوعيه المترتبه عليها، هي بالاطار العام، نظرية وحركة تنتمي الى المجال التحولي بحالته القصوى المتاحة، وباعلى صنوفه الممكنة ارضويا، هذا عدا عن وزنها الذي اكتسبته ضمن عملية الانقلاب التحولي الغربي الحديث، الالي البرجوازي بمرحلته البرجوازية الكلاسيكية مكتملة القوام والعناصر، والبنية الاخرى الادنى تشكلا، وتزامن ذلك وهو ينتمي الى الطور الاول الانتقالي الالي المصنعي، وينتهي عند انتقال الاله الى المحطة الاولى من محطات تحورها عبر الاصطراع مع البنى المجتمعية البيئية، بانتقالها ل "التكنولوجيا الوسيطة"، مع انتهاء المصنعية الالية الاولى، و تراجع الطبقية والانتاجية المرتهنة لها.
وذلك من دون شك اقصى مايمكن تصوره على مستوى ممكنات التفاعلية المجتمعية داخل بنية اجتماع، ماتزال بعيدة عن الاعتقاد بان الظاهرة المجتمعة هي ظاهرة لاارضوية، وانها توجد اصلا كحالة انتقال ومغادرة للجسدية وللكوكب الارضي، مؤجله، وان الالة حين تنبجس بين تضاعيف المجتمعات، فانها تعني بداية انتهاء المجتمعية اليدوية الارضوية، ومقومات استمرارها، المرتكزة لوحدة الكائن البشري والطبيعه، مع حضور عامل ثالث من غير طبيعتها ونوعها، كعنصر براني فعلا، تصادمي مع البنية السابقة عليه، تغييري لها، ومتغيرمقابل تغيرها، يدخل ضمن الاستعمال البشري الواعي لقوة تحوير استثناء.
وكل هذا ماكان بمقدور ماركس ان يعية في حينه، وفي غمرة الاشتراطات التي عاشها عند منتصف القرن التاسع عشر. علما بانه بالاصل ليس ابن كيانيه مجتمعية يمكن ان تولد رؤية كهذه، فاوربا الانشطارية الطبقية، بصفتها اعلى مواضع الارضوية دينامية داخل صنفها، هي في نهاية المطاف ارضوية حتى في اعلى حالاتها، وذروتها التي انتقلت اليها اوربا في العصر الحديث، ومايمكن ان يتولد عنها بالحد الاقصى من مستهدفات، يبقى ارضويا مثل افتراض " الشيوعية" كمرحلة عليا مجتمعية، وهي رؤية تابيدية للجسدية الحاجاتيه، العابرة والمؤقته في التاريخ المجتمعي.
كل هذا لاينفي كون هذا الصنف من الافكار، ومااتصل به من قناعات وايمانيه سواء كانت ايهامية، وحتى مزورة، او اتصلت بمصالح ذاتيه، يمكن ان يكون حاضرا وسط اجمالي تيار التحولية اللاارضوية، الامر الذي سيقع ابتداء داخل عملية الارتجاج المفهومي الاعقالي الواجبة في مجرى تكريس المنظور اللاارضوي الثاني الراهن، ولابد هنا من الانتباه لاجمالي حالة التردي المخيمه على العالم التوهمي الغربي، الذي صار على مشارف الانتهاء، وبالاخص منه، الجزء الموصول بما نحن بصدده ونريد التعامل معه، اي ماقد تولد عن انهيار الاتحاد السوفياتي كبداية دالة على عملية تراجع الغرب ونموذجه ككل، وماقد لحق باجمالي وعموم حركة الشيوعية الاممية ومتبقياتها، وهي تعاني احتدامية التفارق بين ماهو حاصل من متغير جوهري على المستوى البنيوي المجتمعي، وبين الثوابت العائدة الى القرن التاسع عشر، والمجتمعية المصنعية.
وتبقى اليوم رغبة بالاستمرارية لاعلاقة لها بالمنطق ولا بالعقلانية، تواكب متبقيات الشيوعية الماركسية واحزابها، والسعي المتهالك من قبل "مفكريها " و "فلاسفتها" الاجتراريون، وهم نوع من متعاطي الفكر الماركسي في غير زمنه، صار عليهم باعتبارهم متبني اكثر الافكار جماعية وتغييرية كجموح، الانتقال الى نوع مختلف من النظر الى العالم والتاريخ، والى المجتمعات ومساراتها والاحتمالات التي تنتظرها، وهو امر ليس من المتاح لهؤلاء بحكم انتمائهم المجتمعي ونوعه الاحادي، الاقتراب منه، بالاخص اذا كانت النطقية القرانية اللاارضوية، لم تتبلور بعد، ولم تصل اسماع هذا التيار على سعته وانتشاره على مستوى المعمورة .
ولعل من اكثر المواضع على مستوى العالم حاجة للانتباه اذا هي استطاعت، تلك التي تنتمي الى الماركسية والشيوعية في العالم العربي، والشرق متوسطي بالذات، باعتبارها الموضع الابراهيمي الاول، وموئل تبلوره، وهذه المجموعه من الاشخاص، وقد ذهبوا ضمن اشتراطات الحداثة الانقلابية، للايمان بما لااساس له فيهم، لابنيويا ولا تاريخيا مجتمعيا، فانهم اوجدوا بالاحرى، حالة من التخيلية ذات الطابع الاكراهي المفبرك للواقع الذين هم منه، وهنا اظهرت الفئات التي تنتمي لمايسمى "النخب"، تصرفا دالا على، ليس العجز عن التعرف على الذاتيه التاريخيه وموقعها الكوني، بل والمبادرة لقبول سواها من خارجها كبدل عن متعذر، وهي على كل حال واجمالا، ماتزال كما كانت الى اليوم، مادام مستوى التفكير باعتباره استعمال للعقل بذاته، وحسب كينونته واسباب تشكله المعاشة والتاريخيه، خاضع للنقلية التردادية، مع ان احد ظواهرها اتخذ شكلا ونوعا لاارضويا، بالرغم من، وبالضد من ارادة النقليين، قبل ان يعود هؤلاء منذ الستينات ويتمكنوا بفعل تغير الاشتراطات، من الهيمنه على الظاهرة الشيوعية العراقية اللاارضوية، السارية بين الثلاثينات والستينات.
ولا ن هذا الصنف من الاشخاص لايتمتع باية خاصية تنتمي لعالم الفكر الحي، فان احتمالية تعرف هؤلاء على ماهم مؤهلون اليوم للقيام به من دور على المستوى الاممي الكوني، بعيدة تماما، الا فيما ندر، وفي كل الاحوال، لايجب ان نتوقع من هذا المعسكر مبادرات ريادية، وسيكون تحسسهم بالمتغير الموصول بذاتيتهم، من قبيل الاضطرار، او اذا هم تيقنوا من امكانية انتقال من هم من تيارهم على مستوى العالم، الى اللاارضوية تحت شعار يمكن تخيل حضوره بصيغة الموضوعة للنقاش، او البحث في مايتلائم مع تلخيص من نوع "من ماركسية الاصطراعية المصنعية الالية، الى التحولية الانتقالية العظمى" وهو شعار مرشح للاعتماد في حال بدت طلائع وبدايات الرغبة في الخروج من الدوامة التي يغرق فيها التيار الماركسي اليوم، ومنذ عقود، لانتفاء الموجبات وتبريرات الشروط.
وارد بالنسبة للشيوعية العربية الشرق متوسطية، مع مايعرف اجمالا باليسار، ان تعتقد بانها بالاحرى، قد غدت اليوم مهياة لان تلعب دورا محوريا ضمن عملية الانتقال التاريخيه الكونية الكبرى، ولا ينبغي ان يظن على هذا الصعيد، بان الزمن قد فات، او ان قيمة مثل هذا الانقلاب يمكن ان تكون عارضة او ثانوية، فشيوعية ماركس مرشحة هي الاخرى مثلها مثل الابراهيمه الاولى، ومتبقايتها، لان تنغمر في العملية التشكلية الراهنه، الانتقالية العالمية الكبرى المنتظرة منذ بدايات التاريخ،مشكلة مع الابراهيمية الاولى وقوى اللارضوية الاساس جبهة تحول عظمى، مع امتياز صدورها من موقع مختلف عن موقع ايه قوة من نوعها على مستوى العالم، لاسباب انتمائية تاريخيه راسخه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الاتهامات المتبادلة والدعم الكامل.. خبايا العلاقة المعقد


.. الشيف عمر.. أشهر وأطيب الا?كلات والحلويات تركية شغل عمك أبو




.. هل ستنهي إسرائيل حربها في غزة.. وماذا تريد حماس؟


.. احتجاجات طلابية في أستراليا دعما للفلسطينيين




.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24