الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من ألإيزيدية الى الكوردية2

شفان شيخ علو

2022 / 12 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


الإيزيدي حين يتشاءم وينال منه اليأس مما يجري حوله، لأنه لم يحصل على حقوقه في المأكل والمشرب والإقامة والرعاية المنشودة، ومحاكمة الجناة الذين آذوه وفتحوا في عقله وقلبه جروحاً لا تندمل، رغم أن ذلك حق مشروع له طبعاً، لكنه في الحالة هذه يظلم نفسه، ويظلم من يحاول مساعدته قريباً منه أو بعيداً عنه، لأنه بالطريقة هذه يفقد القدرة على تحليل الأمور، ويتشنج أو يتوتر، ويؤذي نفسه وأهله وأخوته في الديانة، أو العقيدة، وفي الانتماء القومي كوردياً، كما أنه لا يعود الذي يستعد لمساعدته قادراً على ذلك وفق الظروف والإمكانات المتاحة، وجرّاء هذا الوضع، يكون عدوه الذي آذاه في جسمه وعقله ونفسه، في ماله وبيته وكل ممتلكاته، وبلبل حالته، هو الوحيد الذي يفرح كثيراً، بما أنه يراقبه دائماً، منتظراً أي فرصة لينال منه مجدداً، لأسباب لا أكثر منها بالنسبة إليه .
أكون مع أخي الإيزيدي، وأنا إيزيدي مثله وموجوع مثله، وألمه ألمي، وهو قريبي، وصديقي، هو جاري، ومصيرنا مشترك، حين يعبّر عن قهره التاريخي، لأنه ينتقل من مأساة إلى أخرى، لكن الإطالة في ذلك تربكه وتضعفه، وهو ما يعقّد عليه وضعه، بدلاً من تقويته، وانفتاحه على الذين ينتمون إليه أهلاً ومعارف ومجتمعاً، عقيدة وقومية .
إن التعامل النفسي مع الأمور في الخارج، مثل من يقيم في مكان معلوم. بقدر ما يكون ضيقاً، يشعر بالاختناق، ويفقد السيطرة على نفسه وتفكيره، إذا استمر على هذه الحالة. والانطواء على الذات مرض لا أصعب ولا أخطر منه مرضاً، لأنه من خلاله ينخر في شخصيته .
مقصدي من هذا الكلام، أننا كإيزيديين، إذا كنا ننتمي إلى عقيدة واحدة دينياً، ونواسي بعضناً بعضاً، أي نتبادل الهموم، لأن ألمنا واحد، ودمنا واحد، وقدرنا واحد، وأملنا واحد كذلك، فإن الذي يفيدنا ويقلل من اضطرابنا النفسي، ومِن تعرضنا لحالات اليأس، والوقوع فريسة مشاكل عائلية واجتماعية، بسبب التوتر النفسي، والقلق المستمر، هو نوسّع مكان إقامتنا، بيتنا النفسي، ألا تأخذنا الشكاوى النفسية بعيداً، فننسى أن استمرارها زيادة في ضعف إرادتنا المشتركة.
إن الاحتماء بالكوردية، دون نسيان أننا إيزيديون، وأن لنا تاريخاً طويلاً وعريقاً، وما بقاؤنا إلى الآن، إلا تأكيد على هذه العراقة وتحدي الأعداء مهما كانت قوتهم، وأينما كانوا، إن الاحتماء ذلك هو الذي يوسّع بيتنا النفسي والروحي، ويقوّي أنظارنا إلى الخارج، ورؤية من هم ينتمون إلينا وننتمي إليهم، أو تجمعنا رابطة واحدة تتجاوز الجانب الديني، كما هو حال أعدائنا من حولنا، أي رابطة الكوردية، وهي الوحيدة التي تجعلنا نبصر بر الأمان، أو نوجه أنظارنا إليها.
ليس هذا الكلام كلام الحالمين، أو من لا يبصرون الواقع بكل أمراضه ومشاكله، إنما هو الطريق الوحيد الذي علينا أن نسلكه، ولا مفر لنا من ذلك، فما يكون صعباً علينا تحمُّله بداية، بسبب الأوجاع وحالات القهر والانتظار الطويل للفرج المنتظَر،وما هو مزعج وغير مقبول، أو مر بداية، لأن الاستعداد النفسي لم يتم كما يجب، سوف يتحول مع الزمن إلى وضع آخر، لأن هناك وحدة حال تشدنا جميعاً إلى بعضنا البعض، فلا يعود أحدنا يشعر وكأنه الوحيد دون سند أو أحد أو من يؤاسيه، إنما قوة تكبر، وتحول الضعف إلى عزيمة وتفاؤل بالمقابل.
وإذا كان لنا أن نستفيد من تجارب الشعوب، ففي ذلك دواء فعال للكثير مما يوجعنا ويؤلمنا. أقرب مثال: ما يحل الآن بالشعب الأوكراني، الذي تعرضت بلاده للدمار، وهو تعرض للنزوح والهجرة القسرية خارج دياره، لكنه خارج ذلك يقاوم العدوان الروسي، ولم يفقد الأمل.
أن نضع في حسابنا أن هناك من يتعرضون للظلم أكثر منا، في العالم، وسيلة فعالة لضبط النفس، وللنظر إلى الواقع بموضوعية أكثر.
شعور الإيزيدي أنه أكثر من كونه إيزيدياً، وهو يتمسك بحبل عقيدته، وهو ما يجب عليه التمسك به، أي ألا ينسى عقيدته، لكن ذلك لا يكفي، إنما إيمانه الروحي أنه كوردي، كما قلنا سابقاً، وأن شعوره هذا إنما ينطلق من قلب ثابت، وعقل واع ٍ، وانتماء حقيقي إلى دائرة قوميته الكوردية التي لم تتدخر جهداً في مساعدته عند الغزو الداعشي الإرهابي لدياره وأهله وإعمال القتل والخراب والنهب فيه. إن المرارة صعبٌ تذوقها، لكنها طعمها مع الزمن يتحول، ويصبح مقوياً لروحه وقلبه، كما هو حال الكثير من الأدوية التي اعتدنا على تناولها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات الطلاب الأمريكيين ضد الحرب في غزة تلهم الطلاب في فرن


.. -البطل الخارق- غريندايزر في باريس! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بلينكن في الصين.. مهمة صعبة وشائكة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء المقبل في زيارة هي السابعة له من




.. مسؤولون مصريون: وفد مصري رفيع المستوى توجه لإسرائيل مع رؤية