الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قطار آخن 35

علي دريوسي

2022 / 12 / 7
الادب والفن


عاد إبراهيم من عمله في نهاية الإسبوع، بعد ظهر يوم الجمعة، رجع إلى غرفته مفعماً بالطاقة والاشتياق لمعانقة صديقته سابينه ذات الرائحة الإلهية ومرافقتها في رحلته الأولى خارج ألمانيا. فتح الباب الرئيسي للبناء الطابقي، نظر إلى صناديق البريد على يمين الباب، انتابه حزن فجائي، مضت أكثر من ثلاثة أيام على وعدها له بالكتابة عن نفسها، ينظر كل مساء إلى صندوق بريده علّه يجد رسالتها الموعودة دون جدوى، وحدها الدعايات التجارية كانت بانتظاره.

ـ هل تراها تتجاهل رغبتي في معرفتها؟ لا بأس فلتفعل، لعلها مشغولة بعملها، سأعاتبها غداً حين نلتقي. خاطب إبراهيم نفسه.

هذا المساء، لم يرغب بفتح صندوق بريده تجنباً للصدمة، همّ بالصعود إلى غرفته ثم تراجع خطوتين إلى الوراء، تراجع عن قراره، فتح باب الصندوق البني، وجد في داخله ظرف رسالة بلونٍ رمادي، أمسكه بأصابع من شوق، ظرف متوسط الحجم دون طابع، ولما الطابع؟ كي يشتهي لعاب سابينه؟ كي تلحسه؟ لا حاجة له للإدمان.

أخرج الرسالة، شمّها، أغلق صندوق بريده وأغلق باب البناء، خرج للهواء الطلق، لقراءة الرسالة كما أحب وفعل دوماً، جلس على مقعد خشبي بارد تحت شجرة عارية في حديقة البناء، أشعل سيجارة غارغويل، قلّب الظرف بين أصابعه، لم يجد عليه شيئاً مكتوباً ما عدا "فقط لأجل إبراهيم، سابينتك، مع كل الحب"، كلمات مطبوعة بالكومبيوتر وملصقة على الظرف، رسالة دون عنوان.

فتح ظرف الرسالة، أخرج منه عدة ورقات مطوية مملوءة بالكلمات مثل خميلة، أحزنه أن الكلمات لم تُكتب بخط اليد بل بلوحة مفاتيح.

ـ أتحرمينني حتى من خط يدكِ يا سابينه؟
تمتم إبراهيم وغاب في قراءة الصفحات التي عنونتها بجملة "رسالة من إمرأة بسيطة".
**

رسالة من إمرأة بسيطة
ملاحظة: أرجو منك أن تحرق أوراق هذه الرسالة بعد قراءتها.

في الأيام الأخيرة طرحتَ عليّ عدة أسئلة عائلية خاصة، لم أستطع حتى الآن الإجابة عليها بشكلٍ صحيح. أسئلة تتعلق بأهلي، بأخوتي، بدراستي، بزوجي الورقيّ، بوضعي الأسروي وكيف تطورت علاقتي معه ولماذا قررتُ أن أفعل ما فعلت؟ سألتني فيما إذا كان لدي أطفال، عن أعمارهم، سألتني عن علاقاتي الجنسية، عن علاقتي بهنيلوري، عن أمها اليهودية الدكتورة هناء شابر، عن أبيها الأمير حسن أدليرهورست، سألتني حتى أرهقتني.

فاجأتني أسئلتك الكثيرة، أنهكت روحي، روحي المتعبة سلفاً، لكني قلتُ لك ذات مرة: يمكنكَ أن تسألني عن أي شيء وسأجيب على كل شيء، هذا كان وعدي لكَ وهذا ما سأفعله الآن، لأن على الإنسان ألا يقدِّم وعوداً فارغة للآخرين.

فإذا كان لديكَ الاهتمام الجدي فعلاً بالأجوبة، سيكون لديكَ غداً في صندوق بريدك وجبة دسمة للقراءة في المساء حين تعود من الجامعة، وإذا لم يكن لديكَ الرغبة في القراءة، يمكنك ببساطة أن تمزق رسالتي وتحرقها، أو أن تضعها جانباً في درج مكتبك إلى أن يحين موعد قراءتها، في كل الحالات أنا لن أعلم بالقرار الذي ستتخذه، ولا أريد في الحقيقة أن أعلم!

في البداية وقبل كل شيء يجب أن أوضح لك بعض الأشياء بشكل مقتضب، لن أغسل الملابس القذرة وسأحاول البقاء واقعية إلى حدٍ ما، الشيء الذي من المحتمل ألا أنجح به، لا أرغب تقديم أي إهانة أو إساءة كلامية لأي شخص، فأنا بعد وقبل كل شيء قد قضيت شوطاً طويلاً من حياتي مع هذه الذكريات.

لكي أتجنب ظهور تساؤلات من نوع جديد أو نشوء صورة مختلفة عما أرغب في الحديث عنه أو أن أُفهم بشكلٍ مغلوط وسلبي، من أجل هذا كله، سأبدأ الكتابة عن نفسي قليلاً، عن طفولتي وشبابي، وهذا ما سيكون الجزء الأصعب بالنسبة لي.

بالمناسبة أكتب لك وأنا أغني مع النجم المحبوب "بوب مارلي":
"لا يا امرأة، لا تبكي، كل شيء سيكون على ما يرام".
**








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى