الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبد الله ساعف يتحدث عن -الحاضرية- في الصحافة المغربية

ادريس الواغيش

2022 / 12 / 7
الادب والفن


بقلم: إدريس الواغيش
افتتح مختبر الدراسات الأدبية واللسانية وعلوم الإعلام والتواصل وشعبة علوم الإعلام والتواصل بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس- فاس الموسم الجامعي 2022- 2023 بدرس ألقاء المفكر المغربي عبد الله ساعف في موضوع: «الإعلام، الصحافة والعلوم الاجتماعية». وقد افتتح الدكتور محمد القاسمي الدرس بكلمة ترحيبية بالحضور وتعريف بالضيف بصفته واحدا من أبرز رجالات الفكر والأدب والعلوم السياسية والاجتماعية وله العديد من المؤلفات، وحضوره في المجال الفكري والثقافي المغربي وازن. كما عمل ساعف كمفكر على تفكيك المفاهيم والآليات المعرفية ونشر الوعي والمعرفة في المشهد المغربي من خلال إسهاماته ومحاضراته المتعددة في المغرب وخارجه. وعبد الله ساعف واحد من الذين تجرّدوا من عباءة الإيديولوجيا بمفهومها الحزبي الضيق، وانحاز إلى البُعد الفكري والتعدّد المعرفي.
الدكتور سمير زويتة عميد الكلية أشار من جهته إلى الثورة الإعلامية الغير مسبوقة التي يعرفها المغرب كما العالم بسبب "تراجع الإعلام الكلاسيكي من جهة، والتطور السريع لشبكات التواصل الاجتماعي من جهة أخرى"، وأيضا إلى "تداخل العلاقة بين الإعلام التقليدي والإعلام الجديد في سياق تمدّد الإعلام الاجتماعي بكل شبكاته." وأصبح لزاما، كما يقول بعض المفكرين، العمل على تقليص آليات احتكار الدولة للمجال الإعلامي، وذلك من خلال قنوات تصريف المادة الخبرية عبر الإعلام الجديد، واستغلال الهاتف النقال، ليس للتواصل بين الأشخاص وإنما لنقل المعلومة وترويجها، إلى درجة أنه" أمكن لأي شخص أن يصبح ناقلا وموصلا لمعلومة" كما جاء في كلمة السيد العميد، هو الذي أنهى مداخلته بسؤال جوهري حول "كيفية التعامل مع هذا الفضاء، دون السقوط في الاستلاب وفقدان الذات والهوية والسيطرة على الواقع". سؤال يقتضي العمل على مقاربات أخرى من منظور تخصصات متعددة، وهو ما أعطي لاستضافة الأستاذ عبد الله ساعف "دلالة أقوى ورمزية أعمق" يضيف السيد بوزويتة، بصفته ففيها اجتمع فيه البُعد السياسي وحسن التداول الاجتماعي الثاقب، وكونه الخبير بقضايا العصر، شاكرا له قبوله الدعوة. الدكتور محمد القاسمي مدير المختبر ومن جهته، قبل إعطاء الكلمة للضيف، عرّج متحدثا عن علاقة علوم الإعلام بالعلوم الاجتماعية وعلوم أخرى كعلوم الاقتصاد وعلم النفس والأنثروبولوجيا وتأثيره على الرأي العام وغيرها. وهو ما يسمى «علم الاجتماع الإعلامي".
الدكتور عبد الله ساعف تحدث عن "الكتابة الصحفية والعلوم الاجتماعية" وعن الصحافي الكلاسيكي الذي يكتب ويحلل في الصحيفة، مبرزا الفرق بين الإعلام والصحافة والإعلام الكلاسيكي. وكيف أصبحت مهنة الصحافي مفتوحة، والحصول على بطاقة الصحافة لا تخضع إلى ضوابط محددة.
يقول ساعف "هناك من أتى إلى الصحافة من العلوم الاجتماعية أو الاقتصادية والعكس" أو حتى من الأدب، و"أصبح لهم إشعاع عالمي مثل ميلتون فريدمان في النيويورك تايمز"، ولكن ما نحتاجه اليوم هو "دراسة المسار النموذجي للصحافي المغربي، لأنه لا زال مجهولا ولم يأخذ حقه الاهتمام العلمي". بعد ذلك تطرق إلى أسئلة أخرى مثل التكوينات، وأي علوم اجتماعية يستند عليها تكوين الصحافي المغربي؟ وماذا يدرس بشكل عام؟ وما هي النتيجة؟ وكيف ستكون الخلاصات؟ هل هناك تكوينات منسجمة تعطينا فكرة عن الصحافي المبحوث عنه، وبتوجهات بحث علمي ممكنة. كما أشار إلى علاقة تبدو أساسية في الموضوع، مثل مقالات كارل ماركس صاحب "رأس المال" وإنجلز وغيرهما حول المغرب، ولا عجب في ذلك، لأن كبار المفكرين والاقتصاديين كانوا يكتبون في الصحافة من أجل العيش. يقول ساعف أن "النظرية دائما ما تغذي وتغطي التغطية الصحفية اليومية على ضوء النظرية، حيث يوجد رأس المال، يوجد تقدم حضاري بالنسبة لنظرية كارل ماركس، وبالتالي يمكن للمغرب أن يقبل المنجز الاستعماري". وبالتالي "الإسبان هم القادرون على إدخال رأس المال إلى المغرب"، وهكذا يبسط الكتاب أو المنظرون أطروحتهم ونظريتهم، حتى تجد منفذا إلى أرض الواقع. كارل ماركس كان يرى أن "كل منطقة لا يوجد فيها رأس المال يجب استعمارها، ولكن إسبانيا غير قادرة على ما فعلته فرنسا في الجزائر" يضيف ساعف.
الكتابة الصحافية تهيئ الكتابة الأكاديمية في العلوم الاجتماعية، والنموذج هو ريمون آرون، وهو أحد كبار مفكري القرن العشرين، وكان صحافيا كبيرا في صحيفة لوفيغارو الفرنسية. ويقول"تغطية الأحداث عن طريق الصحافة، تهيء في الغالب إلى مرحلة لاحقة هي التنظير"، وكتابات آرون الصحافية تم تعميقها وصياغتها وإعطاؤها المزيد من المصداقية، وهكذا أصبحت كتبا ومراجع، و"الكتابة الصحفية غالبا ما تدعم النظرية، والتركيز على موضوع معين ينتج الرؤية بمفاهيم جديدة وعلاقات أخرى، مثلما فعل ماكس فيبر"(1960- 1920)، ورغم ذلك لا زالت له مكانة محورية في التنظير. وقد أثَّرَت أفكاره بعمقٍ على النظرية الاجتماعية والبحثِ الاجتماعي، وكل كتاباته جُمّعت ثم ترجمت، ومن ضمنها الكتاب الأساسي "الاقتصاد والمجتمع"، وفيبر بصفته عالم اجتماع وكاتب صحافي، سبق له أن كتب عدة مقالات حول القومية الجرمانية، وهذا ما وقع في عالمنا العربي مع وضّاح شرارة.
الطاقة الذهنية ضرورية للفصل بين الاثنين، وهو أن نميّز بين قدرة الباحث على الفصل بين اهتماماته الصحافية والأكاديمية، وبين ما هو صحافي وما هو علمي أكاديمي محض. ولذلك يقال إن راهنية بعض المقالات الصحافية تكون مؤقتة. كما أن "الكتابة الصحافية المكتوبة تعتبر كمادة خام تغدي الأبحاث في مختلف المجالات العلمية، وهذا ما يظهر قوّة الصحافة وأهميتها". وقد سبق لسمير أمين أن بدأ كتابه (L’échange inégale) بجملة تقول: «لقد اختفت العلوم الاجتماعية، وتركت المجال للكتابة الصحفية"، وهذا قول فيه استخفاف واضح بالمعلومة وبالصحافة، وينسى وضاح أن الصحافي يتخذ احتياطات منهجية مهمة واخيار عبارات معينة لإيصال المعلومة للقارئ بدقة"، لأن هناك حدود واضحة تفصل بين الكتابة الصحافية والعلوم الاجتماعية، وبين الآثار البنيوية فيهما معا، وهو ما يسمى "نزعة الحاضِرية" (أي من الحاضر)، لأن "اللحظة الآنية تطغى على الحدث، وفي الصحافة يكون لآخر حدث مضامين وهمية، ومع ذلك أصبحت "الحاضرية" تطغى بشكل قوي"، فمثلا "الأزمة بين فرنسا والمغرب، لا أحد له حجة بوجودها من عدمه أو وثيقة تؤكد ذلك، ولكن المؤشرات السطحية تظهر أن هناك أزمة"، وإن كان لا أحد له حجج على ما يقع في الكواليس بين الدولتين. ويقول ساعف أن "الحاضرية تطغى على الصحافة، ولكن ليست هناك دراسات أكاديمية في هذا المجال".
وانتهي الدرس الافتتاحي للموسم الحالي في كلية فاس- سايس بأسئلة الحضور وأجوبة المفكر المغربي عبد الله ساعف، هو الذي لم يكن بخيلا في ردوده وأجوبته على كل من سأل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال