الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف تتذكر ألمانيا ماضيها -الذي لا يوصف-؟

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2022 / 12 / 8
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


كتب الصحفي" كلينت سميث" (*) - Clint Smith - تحليلاً ثاقبًا لإحياء ذكرى "الهولوكوست" في ألمانيا وتأثيره على فهمه للتوبة الأمريكية على العبودية.
____________________
(*) - من مواليد 1988، كاتب وشاعر وباحث أمريكي. وهو مؤلف كتاب Counting Descent ، وهو مجموعة شعرية لعام 2017 وصلت إلى نهائيات جوائز NAACP وفازت بجائزة أفضل كتاب شعر من التجمع الأسود لجمعية المكتبات الأمريكية.
_____________________

في كتابه الذي صدر عام 2021 بعنوان - How the Word is Passed – ("كيف يتم تمرير الكلمة")، استكشف الشاعر والصحفي "كلينت سميث" ، الفائز بجائزة - National Book Critics Circle -أعماق الذاكرة الأمريكية ، وبشكل أكثر تحديدًا كيف يتم شرح تاريخ العبودية وإحياء ذكراه أو تشويهه وتدنيسه في مواقع مختلفة عبر الولايات المتحدة.

أثناء عرضه الترويجي لكتابه ، أوضح في مقابلة أنه كثيرًا ما يُسأل عما إذا كانت دولة ما قد نجحت في إحياء ذكرى ماضيها المظلم. قال سميث: "كنت أتحدث دائمًا عن النصب التذكارية في ألمانيا ، لكنني لم أزور أبدًا النصب التذكارية في ألمانيا". "بصفتي أكاديميًا ، كصحفي ، شعرت أنه يتعين علي بذل العناية الواجبة والبحث في التعقيد والفروق الدقيقة والملمس العاطفي والإنساني الذي يكمن وراء العديد من هذه الأماكن. وهذه المساحات. "

سافر "سميث" إلى ألمانيا مرتين في العامين الماضيين ، لزيارة النصب التذكاري لقتلى اليهود في أوروبا ، ومتحف طبوغرافيا الإرهاب ، ومتحف "وانسي" (1) - Wannsee - حيث صاغ النازيون الحل النهائي ، ومعسكر "داخاو" – Dachau - للاعتقال ، أثناء التحدث مع المؤرخين و القيمين. بصفته أمريكيًا من أصل أفريقي يتساءل كيف يمكن لأمريكا اليوم أن تفسر جرائم ماضيها ، فقد أراد التعلم من تجربة الألمان ، الذين "يحاولون دائمًا معرفة كيفية سرد قصة ما اقترفته بلادهم ، أثناء المحاولة لمعرفة من يجب أن يقول ذلك ويتلفظ به ".
__________________
(1) - الفيلا ، التي استخدمتها قوات الأمن الخاصة الألمانية من 1941 إلى 1945 لضيوفهم ، هي الآن بمثابة نصب تذكاري . قرر خمسة عشر من كبار الشخصيات من قوات الأمن الخاصة والحزب النازي والوزارات المختلفة التعاون لإعداد برنامج الترحيل والقتل المخطط لهضد يهود أوروبا في 20 يناير 1942. يقدم المعرض الدائم "مؤتمر وانسي والإبادة الجماعية لليهود الأوروبيين" معلومات عن تاريخ اضطهاد اليهود ، وحرمانهم من حقوقهم وطردهم بين عامي 1933 و 1939 ، فضلاً عن ترحيل اليهود الأوروبيين وتوزيعهم على معسكرات وقتلهم أثناء ذلك، خلال الحرب العالمية الثانية.
_________________

في لقاء إعلامي ، ناقش "سميث" الاختلافات الحتمية بين "الهولوكوست" – المحرقة - وتجارة الرقيق في المحيط الأطلسي ، وأوجه التشابه في كيفية معايشة دولتين - ومجتمعين - مع تاريخهما.

سؤال:
يدور كتابك حول كيفية نجاح أمريكا أو فشلها في قبول العبودية ، ويتناول كيف "تبني ألمانيا الذاكرة العامة" ، وقد صدمت عندما تم تحذيرك من الذهاب إلى معسكر "أوشفيتز" – Auschwitz. ماذا قيل لك؟

جواب "كلينت سميث":
لقد كان "فريديريك برينر" - Frédéric Brenner - وهو يهودي ومصور بارز ، فقد صور اليهود في الشتات في جميع أنحاء العالم على مدار العقود الماضية ، وقال ذلك ، لأن الناس يلتقطون صورًا ذاتية في "داخاو" . كان هذا قد أزعجه بشدة ، خاصةً كشخص اندثرت عائلته كلها تقريبا في "الهولوكوست". وقال: "لا أريد أن أكون اختزاليا وأقول إنه من المستحيل على الناس الذهاب إلى هذه الأماكن والتقاط الصور. أعتقد أن الأمر كله يتعلق بنوع التصرف والإحساس اللذين يجلبهما الزائر إلى الفضاء".
_________________
(2) - مصور وثائقي فرنسي - إسرائيلي ولد عام 1959 في باريس. كرس حياته للدراسة التصويرية الوثائقية للشعب اليهودي والتي نشر بخصوصها تسعة كتب.
___________________

قبل جائحة كوفيد ، كان 900 ألف شخص يزورون "داخاو" كل عام ، وجزء مما يجذب الناس إلى ذلك المكان هو رؤية والتقاط صورة لمحرقة الجثث ، والتقاط صورهم على هذه الأرض ، في هذا المكان حيث تكشفت القصة ، ونشرها عبر الانترنت. وربما يكون بمثابة حافز للآخرين للقيام بهذه الرحلة أيضًا. أنا أؤمن إيمانا راسخا بضرورة وضع جسدك حيث حدث التاريخ. لقد وقفت في العديد من الأماكن التي تحمل تاريخ العنف: المزارع حيث كان يعيش العبيد وغرف الإعدام وأحياء السجون الخاصة بالمحكومين بالإعدام. لكنني لم أشعر أبدًا في جسدي بما شعرت به عندما وقفت في "غرفة الغاز" في "داخاو". وعاينت الطريقة التي شُيّدت بها هذه المساحة ، بذلك الشكل الميكانيكي المتعمد للموت الذي تم إلحاقه بالضحايا. كانت الطبيعة الصناعية لهذا الفضاء مختلفة عن أي شيء جربته من قبل، وجعلتني أشعر بأنني أقرب إلى هذا الجزء من التاريخ بطريقة أعتقد أنني لم أكن لأعرفها على الإطلاق. إن الوقوف جسديًا في معسكر اعتقال ووضع جسدي في غرفة الغاز قد غيّر بشكل جذري فهمي للبنية العاطفية والآثار البشرية والنفسية لهذه التجربة.

في الواقع ، عندما تجد نفسك في هذه الفضاءات ، يمكنك أن تتخيل بشكل ملموس ما قد يكون عليه وجودك هناك. وبعد ذلك يمكنك تخيل أولئك الأشخاص ، والعائلات ، و النساء ، والأطفال الذين تم نقلهم إلى المعسكرات في جميع أنحاء أوروبا.

لا يمكنك أبدًا أن تتخيل تمامًا ذلك الخوف ، والشعور باليأس الذي شعر به جميع الضحايا ، ولكن بطريقة ما يكون هذا هو أقرب شيء إليه إذا لم يكن لديك عائلة عاشت أو نجت من "الهولوكوست". لقد أعطاني إحساسًا جذريًا بالتعاطف. ولهذا السبب قمت بهذه الرحلة في المقام الأول.

سؤال:
في المقابل ، هناك مواقع تذكارية ليست مواقع تاريخية ، بل منحوتات أو فن العمارة ، مثل النصب التذكاري لقتلى اليهود في أوروبا في برلين ، والذي يغطي ما يقرب من خمسة هكتارات من الألواح الخرسانية. برأيك ، ما الذي يجعل فعالية النصب التذكاري ليس بالضرورة الموقع التاريخي نفسه ، ولكنه مشروع تذكاري على وجه التحديد؟

جواب :
على سبيل المثال ، لنأخذ النصب التذكاري العظيم في برلين. إنه ضخم جدًا. كان حجمه ونطاقه مختلفين عن أي شيء رأيته من قبل. حاولت أن أتخيل كيف سيكون الشيء نفسه في أمريكا. ماذا لو كان هناك ، في وسط "مانهاتن" ، نصب تذكاري بمساحة 200 ألف متر مربع ، به آلاف الأعمدة الحجرية ، مكرسة لإحياء ذكرى حياة السكان الأصليين الذين أبيدوا في القارة؟ أم نصب تذكاري بمساحة 200 ألف متر مربع في وسط مدينة واشنطن ، ليس بعيدًا عن البيت الأبيض ، لإحياء ذكرى المستعبدين المختطفين من إفريقيا؟

بعد قولي هذا ، ما وجدته مفيدًا حقًا هو حديثي مع الأشخاص الذين كانت لهم جميعًا علاقات مختلفة جدًا مع هذا الفضاء.

لقد رأى البعض في هذا النصب التذكاري شيئًا مهمًا للغاية بسبب حجمه ونطاقه، ولأنه كان مشروعًا ضخمًا ممولًا من طرف الدولة. ثم كان هناك أشخاص آخرون اعتقدوا أنه كان مجرد للغاية ، وكان سلبيا للغاية ، حتى في اسمه ، "النصب التذكاري لقتلى اليهود في أوروبا" ، والذي يبدو وكأنه حدث للناس دون تسمية الأشخاص الذين ارتكبوا الخطأ و اقترفوا الجريمة.

هذا نوع من الفروق الدقيقة والتعقيد الذي أردت تخصيص المزيد من الوقت لاعتكاف عليه ، والذي وجدته مفيدًا حقًا لأنه ، بالمثل ، فإن أحفاد العبيد في الولايات المتحدة يختلفون تمامًا عما يجب أن تبدو عليه "أيقونات" العبودية أو تعويضاتها.

سؤال:
وهناك أيضا "حواجز العثرة" (3) - Stolpersteine- تلك اللوحات النحاسية الصغيرة الموضوعة في الشوارع ، تحمل أسماء ضحايا المحرقة وتوضع أمام آخر سكن معروف لهم. هذه الأحجار لها مقياس مخالف تمامًا للنصب التذكاري في برلين.
____________________
(3) - أي "الحجارة التي يتعثر عليها المرء"، وهي عبارة عن أرضيات خرسانية أو معدنية يبلغ ارتفاعها عشرة سنتيمترات. الوجه العلوي مغطى بلوحة نحاسية تكريماً لذكرى ضحية النازية. يتذكر كل مكعب ذكرى شخص تم ترحيله إلى معسكر اعتقال. تم وضع عدة آلاف منها ، في الرصيف أمام آخر سكن للضحايا منذ 1993 ، خاصة في ألمانيا ، ولكن أيضًا في بلدان أوروبية أخرى. وكان المشروع تحت شعار : "آخر عنوان" . وأصل العبارة قبل الهولوكوست : عندما كان يتعثر شخص غير يهودي على حجر أو كومة من العشب ، هناك مثل ألماني قديم يقول: "هناك يهودي مدفون هنا".
____________________

جواب:
بالفعل. أعتقد أن النصب التذكاري هو أكثر ما أدهشني: أكبر نصب تذكاري لامركزي في العالم ، مع 90 ألف حجر موزعة على 30 دولة أوروبية مختلفة. أتذكر عندما كنت أسير في الشارع بحثًا عن المعالم ورأيت أول "ستولبرستين" ( حاجز العثرة) ، ورأيته فقط لأن الغيوم كانت تتحرك في ذلك الوقت وانعكس شعاع الشمس على الحجر النحاسي.

ترى الاسم وتاريخ الميلاد وتاريخ الترحيل وتاريخ الوفاة والمكان الذي قُتل فيه الشخص. تمر أمام بيت آخر ترى سبع "حواجز العثرة" أخرى. وتمر أمام منزل آخر ، وترى اثني عشر. وتبدأ في تخيل الأعمار بناءً على الأسماء والمعلومات الموجودة على هذه الأحجار. هذا ما يخلق هذا الإحساس العميق بالعلاقة الحميمة ، هذا الإحساس العميق بالاقتراب من التاريخ وهو إنساني للغاية ، لأنه يتعلق بالأفراد والأسماء الفردية.


أعتقد أن أحد أكثر الجوانب قيمة في مشروع حجر العثرة هو كل العمل الذي يتطلبه. إن طلاب المدارس هم الذين يقومون بأبحاث لاكتشاف حياة الأشخاص الذين تم اختطافهم من المنزل الواقع أمام مدرستهم. وسكان المجمع السكني هم الذين يجتمعون ويقررون معرفة من هم العائلات اليهودية التي عاشت في هذا المجمع السكني قبلهم.

كما يقول "غونتر ديمينغ" (4) - Gunter Demnig - مبتكر المشروع : "6 ملايين شخص هو تجريد ضخم ، والآن أصبح رجل وامرأة وطفل و [الناس] يدركون أن الأمر لم يكن بعيدًا. هناك الكثير من الناجين من المحرقة الذين ما زالوا بيننا ". لقد قاتل والد "غونتر دمينغ" في الجيش الألماني. إنه يمثل ذلك الجيل من الناس الذين ينخرطون في نوع من التوبة عن أفعال آبائهم وأجدادهم.
_______________________
(4) - ولد عام 1947 في برلين (ألمانيا) ، وهو فنان ألماني. اشتهر بـ (Stolpersteine) التي بدء يضعها منذ 1992 تخليدا لذكرى ضحايا النظام النازي.
____________________

سؤال:
تتسأل في مقالاتك عما هو شكل إنشاء مشروع مماثل في الولايات المتحدة كنصب تذكاري للعبيد.

جواب:
أنا من "نيو أورلينز" - Nouvelle-Orléans - وأنا من نسل أناس تم استعبادهم هناك، والتي كانت ذات يوم أكثر أسواق العبيد ازدحامًا في البلاد. ماذا لو ، كما أخبرتني مؤرخة يهودية "باربرا شتاينر" - Barbara Steiner - في ألمانيا ، كانت شوارع بأكملها [في نيو أورلينز] مغطاة بالحجارة النحاسية! كانت لحظة مدهشة بالنسبة لي. لقد ساعدني ذلك بشكل أفضل على إدراك النقص الشديد في العلامات والأيقونات والتوثيق للأشخاص المستعبدين في مناظرنا الطبيعية هنا في الولايات المتحدة مقارنة بالمشهد الألماني.

سؤال:
لماذا الآثار المادية مهمة؟ لقد تساءلت أحيانًا عن سبب إنفاق الكثير من الأموال على البنية التحتية لإحياء الذكرى - التماثيل والمتاحف والنصب التذكارية - وما إذا كان من الأفضل إنفاق هذه الأموال على النصب التذكارية الحية ، مثل المنح الدراسية لأحفاد الضحايا ، على سبيل المثال ، أو البرامج التي تدرس أو أرشيف أدلة الإبادة الجماعية. لماذا من المهم رؤية تمثال أو متحف أو حتى لوحة؟

جواب:
بادئ ذي بدء ، إن المتاحف والتماثيل والنصب التذكارية والآثار المادية ليست بأي حال من الأحوال حلاً سحريًا. لا يكفي تشييد عدد من النصب التذكارية أو وضع "حواجز العثرة" لتختفي فجأة معاداة السامية. بالطبع ، ألمانيا هي حالة نموذجية وتشهد الآن تصاعدا في معاداة السامية. وهذا أمر مقلق للغاية ، ولن يتم حله من خلال النصب التذكارية والآثار وحدها.

أعتقد أن هناك شيئًا يمكن قوله عن التعرض المنتظم لعلامات مادية ومظاهر للعنف الذي تم ارتكابه والجرائم التي اقترفت في حقك ، أو في حق الأشخاص الذين تنحدر منهم.

أحاول أن أتخيل ألمانيا بدون أي من هذه النصب التذكارية وأعتقد أنه سيكون من الأسهل بكثير أن تنتشر معاداة السامية بشكل أكبر. لأنه عندما يتم تزيين المناظر الطبيعية الخاصة بك بأشياء تسلط الضوء على التاريخ الذي حدث هناك ، يكون من الصعب للغاية إنكار أهميتها ، ويصعب بكثير إنكار حدوثها ، ومن الصعب جدًا عدم رؤيتها تؤثر على طريقة تفكيرك في السياسة العامة .

أعتقد أنه إذا كانت لدينا هذه الأنواع من العلامات في الولايات المتحدة ، فلن تحل فجوة الثروة بين الأجناس ، ولا العنصرية ، ولا التمييز. لن يقضي على "القومية البيضاء" أو "التفوق الأبيض". لكنني أعتقد أنه سيلعب دورًا ما في إعادة ضبط وإعادة تشكيل وعينا العام الجماعي ، وإحساسنا الجماعي بالتاريخ ، بطريقة ما.

آمل ألا تكون هذه الأشياء متعارضة أبدًا. إنها محادثة تجري هنا في الولايات المتحدة حول كيفية قيام المؤسسات المختلفة بالإبلاغ عن علاقتها بالعبودية. تقدم الجامعات تقارير وعروضًا وحلقات نقاش ومحاضرات تصف علاقتها بتاريخ العبودية ، خاصة منذ مقتل "جورج فلويد" (5) - George Floyd - [عام 2020].
_______________________
(5) - وفاة جورج فلويد هي قضية عنف للشرطة الأمريكية توفي فيها رجل أمريكي من أصل أفريقي ، بعد اعتقاله من قبل العديد من ضباط الشرطة في 25 مايو 2020 في مينيابوليس ، مينيسوتا في الولايات المتحدة الأمريكية. تم وضعه على الأرض على بطنه من قبل ثلاثة ضباط شرطة ، بما في ذلك "ديريك شوفين" الذي شل حركته عن طريق الضغط بركبته على رقبته لعدة دقائق. استدعى الضباط سيارة إسعاف واشتكى جورج فلويد عدة مرات من أنه لا يستطيع التنفس ويشتكي ، وطلب المساعدة قبل أن يتوقف عن الكلام والتحرك ، ويبدو أنه فقد وعيه. تم تصوير شكاوى جورج فلويد ، التي استمرت قرابة تسع دقائق. تصل سيارة الإسعاف ويحاول المسعفون إنعاش جورج فلويد ، الذي أعلنت وفاته بعد أقل من ساعة في المستشفى. انتشرت الصور التي صورها المارة على مواقع التواصل الاجتماعي ، ثم في وسائل الإعلام وعلى المستوى الدولي ، مما أثار ردود فعل قوية للغاية في الولايات المتحدة وحول العالم.
___________________________

لقد ظل النشطاء والأحفاد يحثون على عدم الاكتفاء بنشر مقال أو وضع لوحة أو بناء نصب تذكاري.

وذلك لأن الأمر يتعلق أيضًا بمعرفة ما سنفعله لأحفاد هؤلاء الأشخاص. لقد خصصت "هارفارد" ، حيث درست، 100 مليون دولار خصيصًا لهذه الأنواع من الإجراءات. وضمنت مؤسسات مثل "جورجتاون" - Georgetown - أن أحفاد العبيد لديهم خيار الذهاب إلى المدرسة دون دفع مقابل.

قد يختلف الأشخاص ذوو النوايا الحسنة حول ما إذا كانت هذه المبادرات كافية للتكفير عن ذلك الماضي الأسود ، لكن أعتقد أن الجواب يكاد يكون لا محالة بالنفي.

من المؤكد أن الناس - فيما نفكر فيه على أنه الجانب الخطأ من التاريخ - قد فهموا أهمية الآثار المادية في خلق الذاكرة والحفاظ عليها حتى لا ننسى.
إن الدافع لإنجاز كتابي، أنني عاينت وشاهدت سقوط آثار "جيفرسون ديفيس" (6) – Jefferson Davis – و"روبرت إي لي" - Robert E. Lee - في 2017 ، في مسقط رأسي في "نيو أورلينز". فكرت في ما يعني نشأتي في مدينة يغلب عليها السود ، وكيف كان هناك المزيد من الثناء على أسياد العبيد أكثر من العبيد. ماذا يعني أن والدي ما زالا يعيشان اليوم في شارع سمي على اسم شخص كان يملك 115 مستعبدًا؟
_________________________________
(6) – استخدم العبيد مثل معظم أقرانه الجنوبيين ودافع عن العبودية.
__________________________

سؤال:
إن مشروع ألمانيا الوطني للتذكر والتوبة قد ترافق مع برنامج شامل للتعويضات - لإسرائيل ، والناجين اليهود ، وعائلاتهم ، وبرامج لنشر الثقافة اليهودية. فهل تعتقد أن ألمانيا كان بإمكانها المضي قدمًا دون تعويضات؟ وهل ستكون أمريكا في يوم من الأيام قادرة على معالجة إرث العبودية بشكل كامل دون تعويضاتها الخاصة؟

جواب:
الجواب السريع والمختزل هو لا. لا يمكن لأمريكا أن تمضي قدما في ماضيها دون تعويضات. الشيء المهم هو ألا تكون مقيدًا ومختزلاً في كيفية تصورنا لماهية التعويضات أو ما ينبغي أن تكون عليه. بطريقة ما ، أنا مهتم تمامًا ، إن لم يكن أكثر ، بما تفعله مدن ودول معينة لحساب هذه القصص والجرائم. على سبيل المثال ، في "إيفانستون" (إلينوي) ، تم إنشاء برنامج محدد لتقديم تعويضات لأسر السود التي عانت من الفصل في السكن في وقت معين ، نظرًا لانتشار الخط الأحمر في شيكاغو والمناطق المحيطة بها في منتصف القرن العشرين. وفي "نورث كارولينا" ، هناك برنامجًا مشابهًا يفكر في كيفية الانخراط بشكل هادف في الإنصاف لأحفاد المجتمعات التي تضررت من بعض السياسات الموجودة هناك. هذا لا يعني أن هذه البرامج بحد ذاتها مثالية. لكني أعتقد أننا في بعض الأحيان نتحدث عنها كثيرًا على المستوى الفيدرالي لدرجة أننا ننسى الفرص المحلية الموجودة.

سؤال:
في كتاباتك تقر بتمييز مهم حول الفرق بين مواجهة الماضي في ألمانيا والولايات المتحدة. فيوجد في ألمانيا عدد قليل جدًا من اليهود ، بينما في الولايات المتحدة نرى الدليل الحي على العبودية ، وليس الدليل على غيابها.

جواب:
ربما يكون هذا هو الاختلاف الأكبر الذي يساعد في إنشاء مشهد للذاكرة في ألمانيا ويسمح لألمانيا بدفع تعويضات بطريقة تُظهر الولايات المتحدة إحجامًا عن تبنيها.

يمثل يهود ألمانيا أقل من ربع 1 في المائة من السكان الألمان. وأخبرني أحد الأشخاص الذين تحدثت إليهم أن يهود ألمانيا هم تجريد تاريخي لأن هناك القليل جدًا من الباقين ، بسبب مذبحة "الهولوكوست".

استحضر التعويضات التي مُنحت للأمريكيين اليابانيين الذين احتُجزوا في معسكرات الاعتقال خلال الحرب العالمية الثانية. لقد تلقوا شيكات بقيمة 20 ألف دولار ، وهو ما لا يضاهي معنى أن يتم احتجازهم في معسكر اعتقال لعدة سنوات. لكن جزءًا من سبب اتخاذ مثل هذا القرار هو أن هناك عددًا محدودًا من الأشخاص. فهناك 40 مليون أمريكي من أصل أفريقي، وبالتالي فإن الآثار الاقتصادية للتعويضات المحتملة تختلف اختلافًا جوهريًا هنا في الولايات المتحدة الأمريكية.

وطبعا ليس هناك مساواة بين العبودية والهولوكوست، إنها ظواهر تاريخية مختلفة نوعيا لها تعقيداتها الخاصة ويجب فهمها وفقًا لشروطها الخاصة. لكن قد يكون من المفيد الربط بينهما ، خاصة فيما يتعلق بكيفية تشكيل هاتين الفترتين الضخمتين من تاريخ العالم الحديث وكيف يتم تذكرهما بطرق مختلفة اختلافًا جوهريًا.
سؤال:
هل هناك أوجه تشابه ؟

جواب:
لقد وجدت الكثير من المتوازيات. لقد أوضح لي اليهود الذين قضيت وقتًا معهم في ألمانيا أن بعض مظاهر العنصرية ومعاداة الأمريكيين الأفارقة في الولايات المتحدة لا تختلف كثيرًا عن مظاهر معاداة السامية الموجودة في ألمانيا ، خاصة فيما يتعلق بالذاكرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اسطوانة مشروخة
جلال عبد الحق سعيد ( 2022 / 12 / 8 - 23:35 )
مساء الخير
بشهادة مئات المؤرخين والمفكرين فضلا عن مئات المؤرخين والمفكرين المكممي الافواه
لايوجد شيء اسمه الهولوكست
وكان هناك ايضا مائة وخمسين الف من اليهود المجندين في الجيش الالماني النازي
انقر على النت بالعربية والانكليزية
اليهود في الجيش الالماني النازي
المعذرة اسلوبك في السرد جميل ولكنك مع الأسف اسمعتنا اسطوانة مشروخة


2 - مجرد توضيح
بوياسمين خولى ( 2023 / 3 / 28 - 02:19 )
المراجع التي اوردتها في تعليقك لا تنفي بالمرة حدوث الهولوكست أي محاولة تصفية اليهود وإنها تعنى بكيفية التعامل مع هذه الجريمة ضد الإنسانية وأحيلك إلى ما قاله الراحل عبد الوهاب المسيري في الموضوع:
بدلا من أن ينظر العالم الغربي إلى الإبادة النازية لليهود باعتبارها جزءا من نمط أوسع، وهو قيام الحضارة الغربية بإبادة الملايين (إبادة السكان الأصليين فى أميركا الشمالية وأستراليا ونيوزلندا – ملايين الأفارقة الذين تم إبادتهم إبان عملية استرقاقهم – إبادة سكان الكونغو الأصليين على يد الاستعمار البلجيكي – إبادة مليون في الجزائر على يد الاستعمار الفرنسي)، أصبحت الإبادة النازية فعلا إجراميا قامت به ألمانيا النازية ضد اليهود، واليهود وحدهم.

اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا