الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في مونديال الدوحة : انكشاف زيف التطبيع الشعبي وفلسطين الغائب الحاضر في المدرجات

عليان عليان

2022 / 12 / 8
القضية الفلسطينية


في مونديال الدوحة : انكشاف زيف التطبيع الشعبي وفلسطين الغائب الحاضر في المدرجات
بقلم : عليان عليان
تابعت بانتظام معظم مباريات كأس العالم لكرة القدم ، منذ بداية المونديال في الدوحة بتاريخ 20 نوفمبر (تشرين ثاني) 2022، وفوجئت بالجماهير العربية من مختلف الأقطار العربية التي جاءت لتشجع فرقاُ بعينها ، تعزف على وتر واحد ألا وهو وتر القومية العربية وفي الجوهر منها القضية الفلسطينية ، وأن فلسطين كانت الغائب الحاضر في المونديال رغم عدم وجود فريق لها في المونديال ، وذلك باعتراف العديد من المراسلين الغربيين الذين يغطون تفاصيل الكرنفال الرياضي.
لقد شاهدنا استفتاء "العينات "للجماهير العربية في قطر ، القادمة من كل الأقطار العربية "تونس ، المغرب ، السعودية ، قطر ، لبنان ، الأردن ، سورية مصر ، وبقية الأقطار العربية "، وفي إطار هذا الاستفتاء العفوي الصادق ، يمكن تسجيل الخلاصات التالية :
أولاً : أن شعوب الأمة العربية الواحدة في مختلف الأقطار العربية، من المحيط إلى الخليج ترفض التطبيع جملة وتفصيلا ، وهذا ما لمسناه من المحاولات اليائسة من مراسلي القنوات التلفزيونية الصهيونية ، لإجراء لقاءات مع مواطنين عرب من مختلف الأقطار ، حيث قوبلوا بالصد والتقريع ، معلنين أن لا وجود ل (إسرائيل) ، وأن فلسطين هي الموجودة وشعب فلسطين هو صاحب الأرض والتاريخ ، هكذا كان رد الشاب القطري والسعودي واللبناني والمغربي والتونسي والأردني ، ووصلت الأمور بسائق عربي أن ينزل مراسلين إسرائيليين من سيارته عندما عرف أنهم إسرائيليون.
وهذا الاستفتاء العفوي الصادق أكد على كذب قادة العدو، بأن شعوب الدول المطبعة باتت مقتنعة بالتطبيع وتحتفي به ، حيث اعترفت صحافة الكيان الصهيوني بأن محصلة التطبيع الشعبي صفر مكعب ، كما أكد الاستفتاء على زيف ادعاءات الأنظمة المطبعة في صيغة " التطبيع الإبراهيمي" بأن شعوبها قابلة بالتطبيع ، وفي الذاكرة حين لجأت إحدى أنظمة التطبيع الإبراهيمي، إلى تصوير شبان وهم يرتدون " تي شيرت " وعليه العلم الإسرائيلي وتصوير أسرة خليجية وهي تستضيف إسرائيليين في بيتها ، حيث تبين أن هذه المشاهد المزيفة جرى إنتاجها وإخراجها من قبل وسائل الإعلام الرسمية المطبعة.
ما جرى في مونديال الدوحة، شكل صفعة للكيان الغاصب وللأنظمة المطبعة ، وأكد أن توقيع بعض الأنظمة على اتفاقيات التطبيع مع الكيان الصهيوني ، لدمجه في المنطقة والتحالف معه سلوك مرفوض من قبل جماهير الدول المطبعة ، وأن هذه الجماهير لم تغادر موقفها المعادي للكيان الصهيوني ، ولم تغادر موقفها الداعم للمقاومة الفلسطينية والذي يعتبر فلسطين القضية المركزية للأمة العربية.
كما أن هذا الاستفتاء، كشف زيف الادعاءات الرخيصة لبعض كتاب وصحفيي أمراء التطبيع الإبراهيمي ، الذين تبنوا الرواية الصهيونية ، عندما دبلجوا المقالات الرخيصة بأن المسجد الأقصى غير موجود في القدس ، بل في مكان ما في الجزيرة العربية ، وأن القدس والهيكل لليهود ، حيث أكد من جرى استفتائهم أثناء ردهم على المراسلين الصهاينة، بأن القدس بأقصاها وكنيستها عربية خالصة .
ومن اللقطات – على سبيل المثال لا الحصر- حول فشل المراسلين الصهاينة في اصطياد مواطن عربي واحد للتحدث معه في سياق تطبيعي، نشير إلى ما قاله المراسل الإسرائيلي دور هوفمان: "ركبنا سيارة أجرة ، وعندما علم السائق أننا إسرائيليون، طردنا من سيارته، وقال إنّه غير مستعدٌ لأخذ المال منّا، واتهمنا بقتل إخوته في فلسطين".
وأضاف المراسل أنّه "عندما وصل إلى مطعم في الشاطئ المحلي مع فريقه، التقط بعض الصور الفوتوغرافية، وعندها طلب مالك المطعم أن يعرف من أين جئنا؟ اكتشف أننا من (إسرائيل)، هنا أحضر حراس الأمن وطردونا، وأخذوا هاتفي وطلبوا مني حذف كل ما صورته".
لقد سبق لمؤرخين ومفكرين صهاينة، أن كتبوا غداة توقيع اتفاقيات كامب ديفيد 1978 بين السادات والكيان الصهيوني ، "بأن التطبيع لا يفيد البتة إذا تم فقط بين الحكومات العربية وحكومة ( إسرائيل) ، إلا إذا انتقل من الجانب الرسمي إلى الجانب الشعبي العربي ، وأن الأهم من نزع السلاح من أيدي العرب وهو نزع العداء من عقولهم للكيان الصهيوني وللصهاينة عموماً ".
وجاء استفتاء الدوحة ليؤكد بأن العداء للكيان الصهيوني جزء أساسي من ثقافة الشعوب العربية ، وأن هذا العداء يتعمق أكثر كلما زادة وتيرة التطبيع الرسمي العربي ، ما سيؤدي لاحقاً إلى تمرد شعوب الدول المطبعة على أنظمتها الحاكمة ومقاومة التطبيع بأساليب أكثر جذرية.
ثانياً : لقد أكد الاستفتاء العفوي، أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة العربية وهذا ما لمسناه في الهتافات المؤيدة لفلسطين ،من قبل المشجعين العرب من مختلف الأقطار و في مئات في الأعلام الفلسطينية التي رفعتها الأيدي في كافة المدرجات .
كما أكد الاستفتاء العفوي ، أن الصراع مع العدو الصهيوني هو صراع وجودي ، وقد لمسنا ذلك من خلال رفض الشباب العرب الاعتراف بوجود ( إسرائيل) في تصديهم للمراسلين الصهاينة وهم يتوسلون اللقاء معهم ، لدرجة أن المراسل الصهيوني صرخ بأعلى صوته "نحن بشر مثلكم ، لماذا ترفضون الحديث معنا " وذلك أثناء محاولة الحديث مع مشجع سعودي ، كما لفت الانتباه محاولة مراسل صهيوني آخر الحديث مع مشجع مغربي الذي أشاح بوجهه عنه قائلاً بالإنجليزية Palastine yes) ....israel NO) ما دفع المراسل ليصرخ قائلاً: "لماذا تقاطعوننا فدولتكم اقامت علاقات دبلوماسية مع ( إسرائيل) ووقعت معاهدة واتفاقيات معها "
ثالثاً : لقد أكد الاستفتاء العفوي على مركزية الانتماء القومي العربي، رغم أنف سايكس بيكو والتقسيمات القطرية الناجمة عنه ، حين راح المشجعون العرب ، يتسامون على أنفسهم ولا يأخذوا الفرق العربية بجريرة الأنظمة الرجعية وأنظمة التطبيع عامة ، حيث راح المشجعون العرب ، وأبناء الأمة أمام شاشات التلفزة، يصفقون للفريق السعودي ويهللون فرحاً لفوزه في مباراته مع الأرجنتين ، وحين راحوا يهتفون بحناجرهم للفريق التونسي بعد أن فاز على الفريق الفرنسي ، ويزغردون لفوز الفريق المغربي على الفريق البلجيكي وعلى الفريق الاسباني.
ولم تتوقف الأمور على موقف المشجعين العرب في المونديال ، بل تعدته إلى المشجعين من أفريقيا وأمريكا اللاتينية ومن صربيا الذين هتفوا لفلسطين وحملوا علمها في مختلف المدرجات ،ما يؤكد على استمرار الموقف الأممي المتضامن مع القضية الفلسطينية.
خلاصة : لقد أدرك العدو الصهيوني في المونديال ومعه أنظمة التطبيع الإبراهيمي الذليلة أن التطبيع العربي الشعبي بات في قاموس المستحيلات ، وأن القضية الفلسطينية راسخة في عقول وضمائر الجماهير العربية ، وأن البعد القومي العربي انتصر على الاقليمية الضيقة التي وظفتها الأنظمة الرجعية، لقمع الحريات السياسية ولمنع الديمقراطية الاجتماعية وللاصطفاف في ركب التبعية الذليلة لدول الغرب الرأسمالي الاستعماري.
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و