الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحليل نقدي ذرائعي للقصة الموجزة المكثّفة ق.م.م / حب متبادل؟/ للقاص المغربي حسن بقالي بقلم الناقدة الذرائعية د. عبير خالد يحيي

عبير خالد يحيي

2022 / 12 / 10
الادب والفن


النص:
حب متبادل؟
كانت ترسمُ " بورتريهًا" لشخص عزيز, برعت الفرشاة في إهدائه ملامح صافية كالمحبة.
في أعلى درجات التركيز, لم تلحظ وجود الظل الذي انسلّ من اللوحة.. الذي مشى نحوها بالخفة الجديرة بظل, الذي اشتمّ للحظة شذا الشعر المتماوج فوق الكتفين, والذي طوّق عنقها بذراعَين متوهّجَين بشهوة القتل.
1- ديباجة النص:
نميز في ديباجة هذا النص الدلالات السيمانتيكية التالية :
امرأة ترسم لوحة شخصية لإنسان عزيز عليها, فترسمه بملامح صافية محبة بصفاء نفسها اتجاهه والمحبة التي تكنّها له, إلا أنها وهي مستغرقة في الرسم تغفل عن ظلّ قاتم لصاحب ( البورتريه) يتسلّل من خارج اللوحة, يشمّ عبق شعرها, ويطوّق عنقها بذراعيه المشتعلتين بنية قتلها خنقًا.
فالديباجة, بهذا التحليل تشير إلى ثيمة الغدر.
التحليل الدلالي الإيحائي:
-الإنجاز : رسم لوحة (كانت ترسم " بورتريهًا")
- الإسناد: شخص عزيز تحبه (لشخص عزيز, برعت الفرشاة في إهدائه ملامح صافية كالمحبة)
-الإحالة: تأخذ طابع المغالطة, شخص تحبه لكنه يكرهها حدّ الرغبة بقتلها (طوّق عنقها بذراعين متوهجين بشهوة القتل) . . وقد عرفناها من الإحالة بالمغالطة, والإحالة والإسناد هما ما ساعدنا على اكتشاف الثيمة, وتنتمي هذه الثيمة إلى طعنة بروتوس ( الغدر والخيانة).
- الدلالة الأولى: ( حب متبادل؟)
علامة الاستفهام: التي في نهاية جملة العنوان تشير إيحائيًّا إلى أن هناك قضية تتجاوز جملة العنوان الإخبارية, وهي قضية المغالطة التي كشفتها لنا الإحالة, فكلا المفردتان ( حب) و (متبادل) خاضعتان لهذه المغالطة, سواء أخذناهما بالمعزل أم بالاجتماع, ف (حب) تقبل المغالطة (كره), و( متبادل) تقبل المغالطة (وحيد الطرف), فنحن, تحت إيحائية علامة الاستفهام, أمام احتمالات :
حب من طرف واحد- كره من طرف واحد- حب متبادل – كره متبادل.
الدلالة الثانية: (برعت الفرشاة في إهدائه ملامح صافية كالمحبة)
استخدم القاص مفردة ( الفرشاة) كرمز إيحائي بلاغي ناب عن الإخبار المباشر في وصف مكانة الشخص العزيز في قلب الرسّامة, فالفرشاة نابت عن العين وعن القلب, فهي التي ترى أن ملامحه صافية كالمحبة.
الدلالة الثالثة: (لم تلحظ وجود الظل الذي انسلّ من اللوحة)
استخدم القاص مفردة ( الظل) كرمز مغلق, فالظل هو المنطقة المظلمة الذي يسببه جسم ما عندما يحجب الضوء من الوصول إلى سطح ما, إن الكاتب كان دقيقًا جدًّا في رسم الصورة الإيحائية, فقد ركز القاص على تحديد اللحظة الزمانية ( أعلى درجات التركيز) في مرحلة رسم اللوحة, وكأنه يحدّد وقت الضوء, في البداية كانت روح الرسامة مشرقة بصفاء الملامح, ثم أظلمت عند الغوص في التفاصيل, ما أتاح لروح الشخص التجسّد بظلّه, وهنا, سنتحوّل إلى مشهد فانتازي, حيث سينسل الظل من اللوحة, كشخص أثيري.
الدلالة الرابعة: (الذي مشى نحوها بالخفّة الجديرة بظل, الذي اشتمّ للحظة شذا الشعر المتماوج فوق الكتفين)
هنا يشير القاص إلى سمات ذاك الظل أو الكائن الأثيري, فيبدو, للوهلة الأولى, أثيري ملائكي خيّر, رومانسي, يقترب منها بخفّة, ويشمّ عبير شعرها...
الدلالة الخامسة: (والذي طوّق عنقها بذراعين متوهّجَين بشهوة القتل.)
هي دلالة إيحائية مفارقة تكشفها إحالة المغالطة, حين ينقلب الكائن الأثيري من الملائكية إلى الشيطنة, وتنقلب اليدين اللتين يُفترض أنهما ستمارسان العناق إلى يدين تمارسان عملية الخنق.
2- التحليل النقدي الذرائعي:
 المستوى المتحرك:
حمّل الكاتب نصّه حمولات عديدة, منها:
- الحمل الفلسفي: حين جعل الإحالة باتجاه المغالطة, فجاء النص موازيًا بالتناص إلى ثيمة الغدر والخيانة التي يمثّلها فلسفيًّا بروتوس حين اشترك في قتل يوليوس قيصر, وكان قيصر يعتبره من أخلص أتباعه.
- الحمل الرمزي: برع القاص باستخدام الرموز ( الاستفهام- الفرشاة- الظل) وتوظيفها إيحائيًا بما يبني النص تكثيفيًّا, ما حال بينه وبين الإخبار الطويل.
- الحمل الاجتماعي: دعوة إلى الحذر, فليس كل ما يلمع ذهبًا, وليس كل من يُظهر الحب هو محب, وليس كل ما يراه القلب هو مخلص, وإنما ارتبطت الخيانة بالمقربين, فلا نلحقها بالغرباء , وإن تطابق فعلها الإجرائي سلوكيًّا عند كليهما, فنقول : القريب خان, بينما الغريب أساء التعامل والسلوك.

 المستوى السيكولوجي:
لقد أجاد القاص توظيف هذا المستوى, من خلال إدراكه لحقيقة أن هذا النوع من القص ينطلق من العالم الداخلي الحسي الإدراكي للقاص, ويستقر بالعالم الإدراكي الحسي للمتلقي, , وقد تجلى ذلك من التساؤل الذي أطلقه من العنوان, واستغل على هذا المحور تحديدًا ليهيّأ للمتلقي السبيل لقبول رسالته: إن المظاهر المشرقة لا تمنع الأغوار المظلمة من الخروج حالما تسنح لها الفرصة على غفلة من المغدور, والغدر والخيانة محمولان على أسنة الرماح الصديقة.
تحياتي للقاص الكبير حسن بقالي على هذا النص العميق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس


.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه




.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة


.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى




.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية