الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهوية القومية ...أم هوية الثقافة الديمقراطية .............؟

ديلمون كريم

2006 / 10 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


إن المقولة الدارجة والتي تقول: (إن الذي لا يفهم مسيرة التاريخ جيداً،لن يستطيع معرفة حاضره ومستقبله وتفسير الحقائق بمنطق سيلم)،هذه حقيقة لا يستطيع المرء الهروب أو عدم أخذها بعين الإعتبار.
لقد خاضت الإنسانية وعبر مراحل للتاريخ نضالاَ عظيماً وبأكبر الجهود حتى في أحلك الظروف، فكافة الظواهر والحوادث تصبح ملكاً لتاريخ، لذلك نرى أن مسيرة التاريخ تتضمن في طياتها جميع أشكال الحقائق بجوانبها الإيجابية والسلبية.ولهذا وقبل كل شي أرى حاجة لمعرفة التاريخ بشكل صحيح، فحروب الإنسان وصراعاته الأولى مع قوى الطبيعة الخارقة، كانت من أجل حماية نفسه من جهة، ولإكتساب هويته الفردية والإجتماعية من جهة أخرى، ولكن العصور التالية وخاصة ما ندعوها اليوم بالعصور الحديثة(العبودية والإقطاعيةـ والبرجوازية ) سعت وبالعديد من الأشكال والمفاهيم لسلب هوية الإنسان والمجتمع منه.
رغم إننا نعيش قرناً من الحداثة والتمدن والرفاهية وبخصائصه الإيجابية، ‘إلا أننا عندما نحلل هذا القرن وما سيتمخض منه من قضايا تشغل الإنسانية بأجمعها ويصبح كابوساً يخنق أنفاسها يوماً بعد يوم فرؤية هذه الحقائق بجميع جوانبها توصلنا إلى تحليل صحيح ونتيجة إيجابية لمعرفة أنسب الطرق لحل كافة هذه القضايا.
إن إحدى مبادئ الديمقراطية العصرية وخصائصها الهامة هي "المواطنة"، فالمواطنة تلغي كل تمييز بين الأجناس والأقوام، فالناس يولدون متساوون في الحقوق الإنسانية والتي تتمثل اليوم في حقوق الأجيال الثلاثة وكذلك هم متساوون أمام القانون وليس من فارق سوى في الأعمال ودرجة الإبداع والمشاركة في تسيير عجلة الحياة. إن الحضارة الأوروبية وأن لم تصل بعد إلى المستوى المطلوب لتطبيق جميع مبادئ الديمقراطية. وقد خلق سلبيات منحرفة وخاصة في مسألة"حرية الفرد"، ولكن الحقيقة هي أن رفاهية الغرب وتجاوزه لمفاهيم الرجعية، إنما هو تعبير عن وصوله إلى مستوى ذهني يخوله ليكون نموذج للعصر، فقد وضع حل لمسألة هوية الإنسان لديه فبعض الشعوب وضعوا حلاً لقضاياهم وكسبوا هويتهم بالوصول إلى الإستقلال والبعض الآخر بطرق ديمقراطية. فالدول مثل (سويد و سويسرا) هم الذين إستطاعوا تطبيق مبدأ "المواطنة " فنرى شعوب متعددة الأجناس والأقوام يمثلون أرادتهم في الحكم والحياة..
ماهو قصدي من المواطنة والهوية ...............؟
عندما أقول الهوية لا أقصد الهوية القومية بمعناه الضيق وإنما إعتراف بالهوية الثقافية والديمقراطية التي يستطيع الشعب من خلاله تمثيل إرادته والعيش بثقافته، "فكرامة الإنسان ووجوده مادياً ومعنوياً في ساحة سياسية تكمن في الإعتراف بهويته"، وحقيقة العصر تثبت لنا باننا لسنا بحاجة إلى الهوية القومية البرجوازية أو إلى الذهنية المتخلفة لهوية القومية البدائية وإنما حاجتنا الأساسية هي هويتنا الثقافية الديمقراطية، فتأثير المفهومين السابقين يتجلى في طراز حياة العالم الثالث وخاصة ، فنظرتهم إلى الشعوب المضطهد نظرة دونية وتجردهم من اعتبارهم وهويتهم الإنسانية وتحرمهم حتى من أبسط الحقوق.
هذه هي نتائج النظام البطريكي المتمثله في الأنظمة الحاكمة بأشكالها وألوانها والتي أصبحت كابوساً على صدر الإنسانية. و لنتخلص من وطأة هذا المأزق يجب أن نلجأ إلى دمقرطة الدولة، وإجراء إصلاحات إجتماعية وإقتصادية على أساس المعاهدة العالمية لحقوق الإنسان المتمثلة في حقوق الأجيال الثلاثة.
فالشعب الكردي في سوريا محروم من هويته الثقافية والديمقراطية سواء من الناحية الحقوقية أو القانونية والمعاملات التي تمارس بحقه لا يطيق المرء التطرق إليها، هذه السياسة تمتد في جذورها إلى المفهوم البعثي في التسعينيات وتجلى ذلك في فرض الحزام العربي، حيث طرد الأكراد من أراضيهم ليستوطن فيها عرب حتى الخط المعروف بـ 36 ، فهذه المنطقة معروفة بأنها أخصب الأراضي الزراعية في سورية، ومورست سياسة التعريب بحق الأكراد واستبدلت أسماء القرى والأشخاص بأسماء عربية. فالإنكار هي لغة سياسة سوريا ضد الأكراد فليس هناك أي اعتراف بالهوية الكردية لا من الناحية الحقوقية ولا الدستورية وإن اعترف بهم فعلى أساس أنهم عرب سوريين وليس سوريين أكراد وهذا لايغير من الموضوع شيئاً.
أن الحوادث الأخيرة في مدينة القامشلي التي استهدفت كسر الإرادة الكردية بهذه الألعوبة الدنيئة النابعة من عنصريتهم وبيد قوى الإستخبارات والفئات القومية الرجعية في"دير الزور"، أسفرت عن سجن آلاف الأكراد ووضعهم تحت التعذيب بأبشع الأشكال و التي لم تتعرف عليها الإنسانية، والكثير من المفقودين الذين لم تعرف أماكنهم حتى الأن، وأكبر مثال على ذلك حادثة استشهاد"أحمد معمو كنجو" أب لثلاثة بنات من مدينة رأس العين، وعضو في الحزب الإتحاد الديمقراطي "أحمد حسين حسين " الملقب بـ أبو جودي وله أربعة أطفال، أستشهد تحت تعذيب،.كل هذا يثبت لنا أصرار الدولة في سياسة الإنكار والإمحاء اتجاه الأكراد،وكذلك بعد عقد مؤتمر الحزب البعثي لم نجد اي تطورات لا سياسية ولا اجتماعية، اذاء حل القضايا وخاص القضية الكردية وأن دل هذا على شى، فهو مدى ضخامة الذنب الذي ترتكبه سوريا بحق الشعب الكردي في تاريخها ، وتلافي ذلك سيتم من خلال حل القضية الكردية وتقديم الإعتذار لهم.
عندما نتطرق إلى هذه الحقائق يخطر على بالنا هذه الأسئلة:
هل تستطيع أن تخدم وطن تعيش فيه ولا يعترف بهويتك…….؟
هل نحن مذنبون لاننا ولدنا أكراداً ………………………..؟
هل رأيت انساناً في موطنه الأصلي ويعتبر أجنبي أو لاجئ……؟
هل رأيت وطن لا يعترف بك ويطلب الحساب منك ……………؟
هل له حق في أخذ الحساب……………………………….؟
أن شي الغريب ونحن في القرن الحادي والعشرين ويعتبر فيه الإنسان غير شرعي في موطنه الذي احتضنه وترعرع فيه وكبر…….! ،
فهل لك عزيزي القارئ أن تعيش هذه العاطفة ولو للحظات…….؟، أنها الحقيقة التراجيدية التي يعيشها الشعب الكردي في سوريا يومياً.
وهنا أريد التطرق إلى الفئة المثقفة من الأكراد والعرب، إذ عليهم تنوير الشعبين الصديقين على أساس"الأخوة والصداقة" ونبذ النزاعات والإنقسامات القومية الضيقة، لأن الشعبين ليسا بحاجة إلى ذلك،كما إنها ليست في مصلحتهم، فهناك تاريخ مشترك بين الأكراد والعرب وقد ضحو كثيراً لحماية ميراثهم المشترك أمام الهجمات والحملات الخارجي وتاريخ إستقلال سوريا لا ينفي دور الأكراد البارز.
فأنا أؤمن بوطن موحد في سوريا، تستند إلى الهوية السورية على أساس تاريخ عريق وميراث راسخ وإلى هويتنا الكردية المستندة إلى تاريخنا الماضي والحاضر ليلتحم مع العصر الجديد، وكذلك بالنسبة للشرق الأوسط حيث يجب أن تعيش شعوبها معاً ضمن الكونفدرالية الديمقراطية شرق أوسطية" موحدة على أساس تعايش الثقافات والهويات المتنوعة والتي تتضمن (الكردـ العرب ـ والفرس ـ واليهودـ والأقليات الأخرى).
فمسيرة التاريخ وحقائق عصرنا تثبت بأن الذي يصر على القديم مصيره الإنهزام ولن يكون له مكان في العصر الجديد، ولهذا يجب على الدول والشعوب والفئات المثقفة رؤية هذه الحقائق والتوجه نحو بناء أجواء من (الأخوة والصداقة والمساواة والحرية ليكون النموذج الجديد للهوية الثقافية الديمقراطية ).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يهدد بإيقاف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل ما تبعات هذه الخ


.. أسو تتحدى فهد في معرفة كلمة -غايتو- ????




.. مقتل أكثر من 100 شخص.. برازيليون تحت صدمة قوة الفيضانات


.. -لعنة الهجرة-.. مهاجرون عائدون إلى كوت ديفوار بين الخيبة وال




.. تحديات بعد صدور نتائج الانتخابات الرئاسية في تشاد.. هل تتجدد