الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفرحة أصبحت مغربية ولا عزاء لأعداء الفرح

محمد إنفي

2022 / 12 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


منذ أن تأهل المنتخب الوطني المغربي إلى دوري الثمن للمرة الثانية في تاريخه (بعد ستة وثلاثين سنة من الانتظار)، وبعض النفوس التي تضايقت من الفرح العارم الذي عم أرجاء الوطن، تحاول أن تفسد الفرحة التي غمرت قلوب المغاربة حيثما تواجدوا في أرجاء المعمور. لقد كانت الفرحة عارمة بكل معنى الكلمة. وقد تم التعبير عنها بتلقائية قل نظيرها، حيث سرت الفرحة في النفوس كتيار أحدث قشعريرة مغربية وطنية، اهتزت لها الأبدان والجوارح لدى أفراد الشعب المغربي حيثما كانوا، وكيفما كانوا، كبارا أو صغارا، إناثا أو ذكورا، فقراء أو أغنياء؛ كلهم يجمعهم فخر الانتماء وحب الوطن.
لقد كانت فرحة عادلة، ديمقراطية، تشاركية، تكاد أن تساوي بين الجميع، ولو للحظات التي يدوم فيها الفرح الذي عادة ما يكون عابرا، قبل أن يعود كل واحد إلى بيته أو إلى نفسه، حاملا في قلبه قدرا من الشعور الجميل بالنجاح، ليس النجاح الفردي، بل الجماعي؛ أي الوطني.
لكن بعض النفوس المهزوزة لا تستسيغ هذا النوع من الفرح العام، المشترك، المتبادل، الرافع من قيمة الوطن. لذلك، تجدهم يحاولون إفساد الفرحة بخلط السياقات والمقامات والمفاهيم والقيم. فمنهم من يلجأ إلى البديهيات والمسلمات، فيحاول إعطاءها تعريفا جديدا؛ وعلى سبيل المثال، فالوطن والوطنية والمواطنة، يُعطى لها تعريف من وجهة نظر ضيق، ضيْق قلب صاحبه من الفرحة العامة؛ ومنهم من يتحدث عن قيم تتناقض مع المقام، بينما المطلوب احترام المقامات والعمل بمقولة "لكل مقام مقال"؛ ومنهم من يقدم مفهوما ذاتيا أو شكليا للديمقراطية يسير في نفس الاتجاه؛ إي إفساد الفرحة، بينما الأمر يتعلق بإنجاز رياضي لفريق وطني يمثل كل المغاربة بمختلف مشاربهم وشرائحهم وأطيافهم.
لا أدري كيف هي الحالة النفسية لأعداء الفرح بعد أن تمكن الفريق الوطني من تجاوز إسبانيا في دوري الثمن، والبرتغال في دوري الربع ليصل إلى المربع الذهبي. لا شك أن حالتهم ستكون صعبة للغاية، بعد أن أصبح الفريق الوطني المغربي أمل إفريقيا والعالم العربي والعالم الإسلامي. وبمعنى آخر، فالفرحة المغربية قد أصبحت الآن عالمية، ولا عزاء لأعداء الفرح ومتصيدي العثرات للتشفي في الوطن.
وأود بالمناسبة، أن أشير إلى الفرح الفلسطيني الذي عم الضفة والقطاع. لقد أعطى الشعب الفلسطيني درسا بليغا لكل تجار القضية الفلسطينية، كيفما كانت جنسياتهم. فالفرحة الفلسطينية بالانتصار المغربي كانت عارمة وتلقائية؛ فيها الأخوة، وفيها المحبة، وفيها النبل الأخلاقي، وفيها العمق الإنساني... ولا عزاء لأعداء الفرح المغربي، وكذا لتجار القضية الفلسطينية، أينما كانوا.
لا بد أن أضع تمييزا بين صنفين من أعداء الفرح المغربي. فهناك قلة قليلة من الغاربة كان صوتهم نشازا؛ فبدل أن يفرحوا مع المواطنين راحوا يبحثون على مبررات للتنقيص من قيمة ذلك الفرح. لكنهم فشلوا في مسعاهم؛ فلم يسعفهم لا مبدأ حرية التعبير، ولا المتاجرة بحقوق الإنسان، ولا الركوب على مفهوم خاص للثقافة والمثقف، ولا على معارضة النظام؛ كل هذا لم يمكنهم من تحقيق ميولهم المرضي، ولم يخفف من معاناتهم النفسية.
أما إذا توجهنا صوب جارتنا الشرقية، فالمعاناة ستزداد قوة وحجما؛ ذلك أن النظام الجزائري وكل أبواقه وجميع المُبرْدَعين في هذا البلد، جعلتهم انتصارات المنتخب الوطني المغربي، في حالة نفسية صعبة؛ ويكفي ألا يستطيع الإعلام الرسمي كتابة أو نطق اسم المغرب، وهو يقدم أخبار المونديال. وما زال العاطي يعطي إن شاء الله. فشهية المنتخب للانتصارات قد انفتحت، وأصبحت محفزا كبيرا لأسود الأطلس؛ مما ينذر بمزيد من الإحباط والمعاناة لأعداء الفرح المغربي وانتصاراته.
خلاصة القول، أفراح المغاربة مستمرة، والحمد لله. والفرح شعور إنساني؛ ومن حُرم هذه النعمة، فقد حُرم لذة الحياة، وحرم الشعور بالسعادة حتى في حدها الأدنى؛ فالحقد والحسد والكراهية والبغضاء والعداء، كلها أحاسيس لا تسبب لأصحابها إلا التعاسة والمعاناة النفسية. فاللهم لا شماتة في مرضى النفوس.
مكناس في 11 دجنبر 2022








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الذكاء الاصطناعي يفتح جولة جديدة في الحرب التجارية بين بكين


.. إسرائيل نفذت عمليات عسكرية في كل قطاع غزة من الشمال وصولا إل




.. عرض عسكري في موسكو بمناسبة الذكرى الـ79 للانتصار على ألمانيا


.. زلزال في إسرائيل..نتنياهو لن يتراجع عن رفح..وبايدن يحرمه من




.. المتحدث باسم جيش الاحتلال: لدينا ذخيرة لمهمتنا في رفح وما نح