الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ستؤدي نتائج القمم الصينية العربية إلى تراجع النفوذ الغربي في المنطقة؟

كاظم ناصر
(Kazem Naser)

2022 / 12 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


انتهت الثلاث قمم: السعودية الصينية، والخليجية الصينية، والعربية الصينية التي عقدت في الرياض خلال الأيام القليلة الماضية؛ فما هي أهداف الصين والسعودية ودول الخليج والدول العربية التي شاركت في هذه القمم؟ وهل سيكون للتقارب العربي الصيني تداعيات قد ترغم الولايات المتحدة ودول الغرب على مراجعة سياساتها الابتزازية لدول المنطقة ودعمها ومحاباتها للدولة الصهيونية؟
المصالح الصينية العربية متشابكة في الكثير من المجالات، خاصة الاقتصادية منها حيث ارتفع التبادل التجاري بين الصين والدول العربية من 36.7 مليار دولار في عام 2004 إلى 330 مليار في 2021، وازدادت الاستثمارات الصينية في الدول العربية بشكل ملاحظ وبلغت 213.9 مليار دولار ما بين 2005 و 2021 مما جعل الصين الشريك التجاري الأول للدول العربية مجتمعة، وأعطى هذه الشراكة بعدا اقتصاديا وسياسيا اكثر متانة ومصداقية ومنفعة للأطراف المعنية.
الصين التي تخطط وتعمل بنجاح لأن تكون دولة عظمى منافسة للولايات المتحدة الأمريكية في عالم متعدد الأقطاب، وأن تتربع على أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2030 تدرك أنه لا يمكن لأي دولة مهما بلغت قوتها العسكرية أو الاقتصادية أن تفرض نفسها كقطب عالمي إلا من خلال تحالفاتها وعلاقاتها الدولية؛ ولتحقيق هذا الهدف فإنها، أي الصين، بحاجة إلى شراكة استراتيجية مع الوطن العربي الواقع في قلب العالم، الغني بموارده الاقتصادية، والمتحكم بأهم طرق ومعابر التجارة الدولية.
ولهذا جاءت زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ للسعودية ومشاركته في القمم الثلاث لتعزيز علاقات بلاده بدول المنطقة، وخاصة مع دول الخليج الغنية بمصادر الطاقة، أي النفط والغاز، التي لا غنى للصين عنها لتحريك عجلة اقتصادها العملاقة، ولجذب المزيد من رؤوس الأموال الخليجية للاستثمار في الصين، والفوز بعقود بمليارات الدولارات لإنجاز مشاريع عقارية وبنية تحتية، وغزو الأسواق العربية بمنتجاتها الرخيصة نسبيا بالمقارنة مع أسعار المنتجات الأمريكية والأوروبية التي تعتمد عليها الدول العربية إلى حد كبير.
وفي المقابل تحتاج دول الخليج وباقي الدول العربية إلى تنوّع علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع القوى الكبرى كالصين وروسيا وغيرهما حتى لا تظل رهينة للابتزاز الأمريكي والأوروبي، ولتستفيد من تكنولوجيا وعلوم الصين المتطورة واستثماراتها في البنية التحتية والصناعة والتنمية المستدامة في المنطقة العربية ككل.
أما فيما يتعلق بأمن واستقرار المنطقة فإن أمريكا والدول الغربية تبتز الدول العربية سياسيا واقتصاديا، وتتدخل في شؤونها الداخلية، وتساهم في زعزعة الأمن والاستقرار فيها من خلال مشاركتها في الاعتداءات على عدد منها، ودعمها السياسي والاقتصادي والعسكري لإسرائيل. وعلى النقيض من الموقف الأمريكي الأوروبي فإن الصين وضعت الأيديولوجية جانبا ولا تتدخل في الشؤن الداخلية لهذه البلدان، وركزت على التجارة والصناعة، ولم تعترف بإسرائيل حتى عام 1992 رغم اعتراف إسرائيل بها عام 1950، وتؤيد الحق الفلسطيني في المحافل الدولية، وتدعم حل الدوليتين، وتقيم علاقات سياسية واقتصادية جيدة مع الفلسطينيين في الضفة وغزة؛ وأكد الرئيس الصيني في قمة الرياض أنه " لا يمكن استمرار الظلم التاريخي الذي يعاني منه الفلسطينيون ولا المساومة على الحقوق المشروعة." وأشار إلى ضرورة منح فلسطين العضوية الدائمة في الأمم المتحدة.
ميزان القوى العالمي يتغير بسرعة، والصين تتقدم بثقة لتصبح قوة عظمى لها دورها الاقتصادي والسياسي والعسكري الهام في عالم متعدد الأقطاب؛ ولهذا فإن تطوير العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الصين والدول العربية يخدم المصالح المشتركة للطرفين، ويهدد استمرار النفوذ الغربي، خاصة الأمريكي في المنطقة، وستكون له تداعيات جيدة على تقدم الوطن العربي اقتصاديا وسياسيا وتقنيا، وعلى استقراره الأمني، ودعم القضية الفلسطينية على الساحة الدولية، وقد يؤدي إلى إرغام الغرب على إعادة النظر بدعمه اللامحدود للدولة الصهيونية!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات التهدئة في غزة.. النازحون يتطلعون إلى وقف قريب لإطلا


.. موجة «كوليرا» جديدة تتفشى في المحافظات اليمنية| #مراسلو_سكاي




.. ما تداعيات لقاء بلينكن وإسحاق هرتسوغ في إسرائيل؟


.. فك شيفرة لعنة الفراعنة.. زاهي حواس يناقش الأسباب في -صباح ال




.. صباح العربية | زاهي حواس يرد على شائعات لعنة الفراعنة وسر وف