الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابراهيميتان ومفهومان خلقيان الاصغروالاعظم؟/2

عبدالامير الركابي

2022 / 12 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


لاتوجد المجتمعية كما يظل يظن، ارضوية مرتهنه للحياة الكوكبية الارضية، بل على العكس تبدا المجتمعية كظاهرة بالتبلور لاارضويا، ثم ازدواجيا اصطراعيا، ارضو/ لاارضويا، وتلك هي حالة سومر في مابين النهرين ابتداء، ثم عموم منطقة مابين النهرين اي "عراق السواد"، و " عراق الجزيرة" الارضوي، الاول يخضع لقنون "العيش على حافة الفناء" حيث الطبيعة الطاردة بنهريها العاتيين المدمرين، الذين يفيضان عكس الدورة الزراعية، واجمالي بيئتها المجافية، وحدودها الشرقية الشمالية الغربية الصحراوية، الجبلية الجرداء، حيث الانصباب الاقوامي وتهديده المستمر النازل نحو ارض الخصب.
وتتفارق المجتمعية اللاارضوية كليا، عن تلك الارضوية المتشكله في الاعلى ضمن اشتراطات الديميه، وماتتمخض عنه من صنف مجتمعية، من نوع بقية المجتمعات ونموذجها الابرز النهري النيلي، قمة الارضوية المتولدة عن التوافقية الكلية، البيئية الانتاجية، حيث احادية الدولة الارضوية السكونية، متدنية الديناميات، المنطوية على ذاتها كيانويا محلويا، في الوقت الذي تهبط فية الارضوية كما هي طبيعتها بعدما تتشكل في العراق الاعلى، طامحة لوضع الحيز المجتمعي الاسفل، اللاارضوي تحت هيمنتتها، ووقتها تبدا الاصطراعية بين المجتمعيتين المتباينتين تكوينا وآليات، الى ان تعي اللارضوية استحالة ماهي طامحه لتحقيقة، وتدخل من ساعتها ضمن اليات التفاعلية الاصطرعية الثنائية، التي تتحول الى صفة وخاصية اساسية دائمة لهذا الجزء من الكوكب الارضي الامبراطوري.
وكما ان المجتمعية الارضوية ومايطلق عليه ( التجمع + انتاج الاغذاء) لها تاريخ وزمن، تستغرقه كي تكتمل تشكلا وخصائصا بنيوية، فان اللاارضوية تسبقها في ذلك، مع بدء دخولها تاريخ الاصطراعية الاول التاسيسي، بسمته الرئيسية الاصطراعية مع البيئة المجافية المانعه فعليا وتكوينا لاية ممكنات ارضوية، وهكذا نكون بدئيا امام نوع ونمط من المجتمعية والاشارة الحياتيه مافوق الارضوية الاستثناء العائدة الى مابعدها، اي الى الاكوانية، فارض سومر تبدا نزوعا مجتمعيا الى الحياة الكونية قبل اوانها، في وقت سابق بكثير على توفر الاسبا ب والمستلزمات المادية الضرورية للانتقال الكوني، في الوقت الذي تكون فيه التفاعلية المجتمعية ماتزال في بداياتها، محكو مة للغلبة الارضوية واقعا وتصورا.
وليست الدالات على الاختلاف التكويني اللاارضوي قليلة، او مما يمكن التغاضي عنه كما هو حاصل، مع ان مايمكن ان يحتويه هذا المكان من ظواهر فوق عادية، تعرف عادة ارضويا فتتكرر هنا النوعية الارضوية وتسبغ صفاتها كالعادةعلى كل ماحولها، وتلك ممارسة ملازمه لهذا الصنف المجتمعي تشمل كل شي، هي نتاج قصورية بديهية. وحيثما تظهر حالات من نوع مايحوي صلة بالاكوان العليا، او بالكون الاقرب، فان النظر اليها يبقى يميل لتحويلها الى الاسطورية من ناحية، او الى التوهمية والخيال البدائي الخرافي، فالانوناكي كظاهرة سومرية لن توضع بحسب المنظور الاحادي بباب احتمالية التواصلية الكوكبية الكونية المبكرة، بما ان الموضع اللاارضوي مهيأ دون غيره من الكرة الارضية، لاتصال كهذا بحكم لاارضويته، وكذا بعض التجاوزات المعرفية الخارقة، مثل معرفة السومريين لعدد الكواكب التي تتشكل منها المجموعه الشمسية، او المركبات الطائرة، وغيرها من الظواهر الدالة على نوع ونمط من المقاربات اللاارضوية السابقة لاوانها، انما المنسجمه مع ماهي صادرة عنه، باعتبار الكائن والمجتمعية اللاارضوية كونية التفاعل، لها شكل ونوع علاقة بالعالم والكونية، مختلف، يجعل مثل هذه الظواهر متماثله مع المكان المعين قبل الاوان التحققي .
وتظل كل مسارات التاريخ وتصيره قاصرة ومتدنية من حيث الاعتقاد المواكب لماهي منطوية عليه، مع ازالة الجانب الاساس المحرك للظاهرة المجتمعية، الذاهبة الى الحياتيه الاخرى الكونيه، مايجعل الحياة الراهنه الارضوية، مرهونه آليات ومسارات لهذا الهدف تحديدا، وتشمل القصورية هنا اجمالي مرتكزات المنظور وزاوية النظر الارضوية، وهو مايتجلى في الموقف من الكيانية الازدواجية مابعد الارضوية الرافدينيه الاساس، والتي لايمكن التعرف على الحقيقة المجتمعية الوجودية من دون وضعها فيما هي ميسرة له، وموجودة لاجله، ولكي تؤديه، الامر الذي يصيب كل المقاربة البشرية للتاريخ ومساراته بالعطل والازورار، مع الاسقاطية الحضاروية الارضوية.
ولاتتعرض بؤرة الازدواج الكونية في مابين النهرين للغمط وتزوير الطبيعة والخاصيات من خارجها فحسب، وهو ماقد يكون مفهوما بناء لحكم بنية المجتمعات الاخرى الاحادية الارضوية، فهي تظل بالاحرى في حال قصور عن وعي الذات ذاتيا، قبل مقاربة الخاصيات الاساسية الكونيه المودعه في هذا الموضع من الكرة الارضية، بما هو مكرس للازدواج المجتمعي والرؤية السماوية على مستوى الكوكب الارضي مجتمعيا، حفظا لتوازن الظاهرة المجتمعية، فالكائن البشري ـ وهذا مالاتدركه الارضوية الاحادية ـ مزدوج، من جسد وعقل، وليس وحدة جسدية، وهو بناء عليه لايمكن حين يكون مجتمعيا، الا ان يتشكل ازدواجا، ويلعب دورا في القصورية الذاتيه ادراكا، عاملان يتاتيان من الغلبة الارضوية العامة تفكرا ونموذجا، ودعمها للطرف الاحادي الامبراطوري، او الانقطاعي ضمن الازدواجية الرافدينه ورؤيته من ناحية، وعدم اكتمال عناصر واسباب اللاارضوية في حينه، الناجمه عن عوامل من خارجها، موضوعية، تخص العقل ومستوى تطوره ابتداء، ومن الافتقار الابتدائي للوسائل الانتاجية التحققية المادية، الضرورية لانهاء فعالية المجتمعية الاحادية الارضوية، مثلما يحدث مع الاله وظهورها لاحقا وبالذات تحولها الاخير ل"التكنولوجيا العليا".
رغم هذا، فان اللارضوية لا تقف وقتها عاجزه عن الحضور واثبات ذاتها، وان من دون افصاحية تامه، او ادراكية سببية عليّة، فتقوم بما هو ممكن وقتها من منطلق، وعلى اساس الحدسية النبوية كمنظور سماوي، يذهب لاختراق البنى الاحادية الارضوية على مستوى المعمورة، كرؤية سماوية مفارقة للرؤى الارضوية، انما بحدود تامين الازدواج من دون وجهة انتصارية او تغلبة طامحه لازالة الغلبة الارضوية في حينه.
هذا ولن يقف فعل الازدواج اللاارضوي عند هذا الجانب من الفعالية الشموليه، ومع متواليات تاريخ هذا الموفع من العالم، بين الدورات والانقطاعات التي تميز التاريخ الازدواجي من دون بقية التواريخ المجتمعية، فان الموضع الكوني الرافديني بما هو صعود امبراطوري، يعقبة انقطاع انهياري، وغياب لايتوقف عن الفعل الكوني الشامل، يحقق في الدورة الاولى السومرية البابلية الابراهمية، الاختراق اللاارضوي السماوي من الاسفل، ويؤمن من الاعلى في الدورة الثانية العباسية القرمطية الانتظارية، اسباب الانقلابية الالية في المنقلب الاوربي الاحادي الارضوي، المنشطر طبقيا، والاعلى دينامية من بين مماثلاته من صنفه من المجتمعات، مقارنه باعرقها وادناها ديناميات، النموذج النيلي المصري، فاذا حضرت الالة، العنصر المستجد الطاريء، من خارج الوحدة البيئية البشرية، فان الارضوية من يومها تكون اخذت بالتراجع موقعا وفعالية ووجودا، وذ تظل هذه تقول بالتناوبية، من الانتاج اليدوي الى الانتاج الالي، بحسب حدود ومستوى ماهي عليه من طاقة ادراكية تناسب نوعها، فان الواقع الحاصل يكون بالاحرى، ابعد نوعا بكثير، فالانتاج اليدوي بالاحرى هو الانتاج الارضي مجتمعيا، والذي يكرس حضور، ومن ثم غلبة الارضوية المجتمعية، في حين ان الالة والانتقال اليها هو طور الانتاج مافوق الارضوي/ العقلي.
ولايمر الانتقال من الاعتقاد الارضوي الاحادي بخصوص الالة وموقعها وطبيعتها، كما هو متوقع من دون تضارب توهمي خطير،اساسه اصلا، تفارقية بديهية بين الالة كوسيلة مستجدة ونوعها، وبين ماهو دونها، وارسي بالاصل كينونة ولزمن طويل، على قواعد واليات مختلفة، وابعد من ان تتوفر على موجبات تعيين نوعها واثره، ودوره المصمم المقدر تفاعليا مجتمعيا تاريخيا ضمن التصيّرية الارتقائية المجتمعية، ويدخل ضمن هذا بالاصل، احتمال او امكان النظرفي " تاريخانية" الاله، وافاق واحتمالات تحورها التي يتعذر تماما الوقوع عليها، ابان وخلال ساعة انبجاسها، ماجعل من المستحيل الاعتقاد بان الاله سائرة الى "التكنولوجيا" بعد "المصنعية"، هذا ناهيك عن احتمال الانتقال الى "التكنولوجيا العليا"، وسيلة الانتاج اللاارضوية /العقلية، ومن هنا تتاتى وقتها لحظة من اكثر اللحظات التي عرفها الكائن البشري توهمية مدمرة، حيث الانتقال الى الادراك اللاارضوي ابانهامن الارضوية وغلبتها، الى اللاارضوية ونطقيتها هو بمثابة ضرورة انقاذية للوجود البشري على الكوكب الارضي.
وفي حين يواصل الجانب الارضوي اصراره على مصادرة الحقيقة الوجودية، والاليات المحركة للتفاعلية المجتمعية، فانه يحظى ساعتها ومع الالة والانقلاب البرجوازي، على مكانه غير عادية، مختلفه عن تلك الاولى البداهية، وهكذا يمر العالم بلحظة فاصلة انتقالية، من الارضوية نموذجا وتفكرا، الى اللاارضوية نطقا وتحولا، تتداخل فيه هيبة وحضور المنجز الالي الانقلابي، ومايواكبه من قفزه نهضوية كبرى، مع الرسوخ المفهومي الاحادي الموروث، ليغدوا معا،قف بمثابة القوة الاحادية الارضوية القاهرة الكاسحه، قياسا لكل تاريخ الغلبة اللاارضوية ماضيا.
ـ يتبع ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم