الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنتخب الوطني لكرة القدم

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2022 / 12 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


لأول مرة في تاريخه ، يحقق المنتخب الوطني إنجازات كانت متوقعة ، الاّ من ظل لصيق تفسيرات ، او طارح لمعطيات تكذب نفسها بنفسها .. فالإنجازات الذي حققها المنتخب الوطني أبهرت العالم ، كما أبهرت المتخصصين الميدانيين والمعلقين ، وفرضت على أسماء دولية لاعبين ومدربين الاعتراف بالفريق المغربي ، رغما عنهم كمن كان يتجرع السم .
الإنجاز الخارق الذي حققه المنتخب المغربي أسال مدادا كثيرة ، بين فارح ومشجع ، وبين ناقد ، وبين رافض ناكر . لكن وكالعادة تم توظيف الإنجاز العظيم للفريق الوطني سياسيا ، سواء جماعة " عاش سيدنا " " عاش الملك " ، او جماعة معارضة شخص الملك ، او جماعة معارضة كل نظام الملك ، وليس معارضة فقط شخصه .
واذا كانت الأنظمة الدكتاتورية المفقرة للشعوب ، تستعمل رياضة كرة القدم لتضْبيع ولإلهاء الشعب ، فان حتى الأنظمة الديمقراطية تستغل رياضة كرة القدم للانتصار للدولة الديمقراطية ، وليس الانتصار للنظام الحاكم ، ما دام ان الحكام يصلون الى الحكم من طرف الشعب الذي يصوت لهم في الانتخابات الديمقراطية طبعا .. لكن لماذا استغلال فرح كروي رياضي لتصفية حسابات سياسية لا علاقة لها بالإنجاز العظيم الذي حقه المنتخب المغربي في تاريخ كرة القدم العربية والافريقية ؟ فما العلاقة بين المنتخب وبين النظام القائم الذي حاول الركوب على الحدث للتسويق له ، مثل ركوب الاخرين على الحدث للتسويق لمشاريع لا علاقة لها بالحفل الدولي الدائر في قطر ..
لكن من خلال المعاينة ، فان الفريق الوطني المغربي الذي هو فريق الشعب ، قد حدد موقفه من الذي يجري بين اطراف الصراع مختلفة ، ولأول مرة ، سيخرج الفريق عن التقاليد المرعية ، وعن ثقافة " سيدنا " و " عاش الملك " ، ليرفض من جهة اخراج تطبيع الملك لعلاقاته من الدولة الصهيونية ، ومن جهة رفع الفريق راية فلسطين ، وليس الراية الحمراء التي كان يرفعها فقط الجمهور .. كما ان لأول مرة في التاريخ ، لم يرفع احد من الفريق الوطني شعار " عاش الملك " ، ولم يقل احد انه يهدي الانتصار الى " جلالة الملك " . بل الجميع قال فقط بكلمة الشعب ، ومنهم مدرب الفريق السيد الرگراگي . كما لم يرفع احد من لاعبي الفريق صورة الملك في الملعب ، والجميع اعتبر ان المعركة من اجل الوطن ومن اجل الشعب .. وعندما ردد المدرب السيد الرگراگي كلمة الدولة ، فهو لم يكن يقصد الدولة السلطانية التقليدية ، ولا قصد دولة الرعايا ، بل ردد كلمة الدولة في سياق عام ، والاّ لكان قدد ردد " نهدي " الانتصار الى " سيدنا " . فالفريق المغربي ازداد بأوربة قارة الحريات والديمقراطية ، وقارة حقوق الانسان ، ودرس في المدارس والمعاهد الاوربية ، وتدرب في فرق اوربية .. فهل من نشأ في دول القارة الاوربية ، سيربط اسم الدولة بدولة السلطنة الغارقة في الاستبداد والطغيان ، الأكثر من الاستبداد والطغيان الشرقي ؟
وبين المناصرين المشجعين للفريق الوطني المغربي ، وبين الرافضين لهذا الإنجاز الهام الذي تحقق ، خرج فريق وسط اعتبر الفريق هو فريق الجالية المغربية المُهجرة ، وليس بفريق الدولة العلوية . وبخلاف الشامتين في الفريق الذي يتمنّون له الهزيمة ، لان انتصاره أبعد عنهم النوم ، وفنّد توقعاتهم ، فان مرددي فريق الجالية المغربية ، هنئ الجالية المغربية ، وهنئ الشعب المغربي على هذه الانتصارات ، واعتبرها انتصارات الشعب ، وليس انتصارات السلطان الذي حاول الركوب عليها لخطف الأضواء حوله ، وللظهور بمظهر الواحد من الشعب يشاركه افراحه بهذا الانتصار العظيم ..
واضح إذن ان المقبلات التي خاضها الفريق الوطني افرزت ثلاثة مجموعات متنافرة ومتباعدة . مجموعة المشجعين والداعمين وهم الأكثرية الساحقة ، ومجموعة الشامتين الرافضين للإنجازات التي تحققت لأول مرة في تاريخ كرة القدم المغربية ، والعربية ، والافريقية ، ويتمنون للفريق الهزيمة حتى لا يُسوقّ الانتصار للنظام السلطاني ، ومجموعة فريق الجالية المغربية المهجرة ، هو بخلاف مجموعة الشامتين ، انتصر للانتصار العظيم للفريق الوطني ، وهنئ الشعب وليس السلطان على هذا الإنجاز العظيم ..
ان المجموعات الثلاثة لم تكن تثق اول الامر في نجاح الفريق الوطني في الانتصار على فرق ذات سمعة قوية ، وبها لاعبين دوليين من الطراز الرفيع ، والسبب عدم الثقة في النفس المحبطة ، والانتكاسات التي حصدتها الفرق المغربية التي وصلت للعب في المقابلات الدولية ، كأس العالم ، لكن السبب الحقيقي هو جهلهم بالتغيير الذي حصل في العالم بفضل الوحش كورونا الذي غير الكثير من الأشياء التي كانت متعودة . ان ما يجهله الجميع ان العالم تغير ، وان من كانوا يعتبرون صغارا اصبحوا كبارا ، ومن كانوا يعتبرون كبارا اضحوا صغارا ، فكان أكيدا ان يصيب التغيير حتى كرة القدم ، والعابا رياضية مختلفة كرياضة المبارزات المختلفة والعاب القوى .. فالمسألة نفسية قبل ان تكون مادية لوجيستيكية . فأوربة تتسول الغاز وتتسول الطاقة والمحروقات ، والمواطن فيها لم يعد وضعه يختلف عن وضع مواطن يعيش في احد دول المحور .. ففي الوقت الذي غطت باريس منذ أربعة أيام في ليل دامس بسبب انقطاع الكهرباء ، كانت الأضواء في العاصمة الرباط تنير الازقة والطرقات والشوارع ، وفي الوقت الذي شاهدنا طوابير من الطلبة تصطف في باريس للحصول على الاكل ، لا يزال ثمن بطاقة الاحياء الجامعية في المغرب درهما ونصف ..
لقد انتصر المنتخب المغربي ، منتخب الشعب وليس منتخب الجالية التي هي جزء من الشعب ، لأنه كسر خوف الازمة النفسية التي كانت تلعب الدور الأساسي في الهزائم الماضية ، وتراءى له الآخرون مجرد فرق منفوخ فيها ، تلعب بالصورة ، وبالإشاعات ، وبالذكريات التي أمحاها الوحش كورونا . واصبح الفريق الوطني يلعب اللعب دون الاكثار بأزمة التفوق الذي هو تفوق مغشوش . بل اصبح ينظر الى تلك الفرق بنوع من التصغير والازدراء ، لان قوتها المغشوشة ، لم تعد كما كانت أيام الرخاء ، وأصبحت الدول التي تمثلها تعاني الامرين في جميع الميادين .
فلماذا تمني الهزيمة للفريق الوطني ، ولماذا تشجيع منافسيه الذين يلعبون ضده ؟ لماذا يوظف فريق وطني رياضي ، في صراعات سياسية لا علاقة لها بالرياضة ؟ وهل من الجائز ومن المنطق ، اختزال الفريق الوطني ، في النظام الذي قصى على آباء لاعبي الفريق حتى هاجروا باكرا الى اوربة ؟
ان هذا الموقف الشاد والغير مفهوم ، هو نفسه الموقف من اختزال الصحراء في النظام . فعداوة الفريق وعداوة مغربية الصحراء ، بسبب نوع النظام الذي يحكم ، هو إساءة وضرر بالفريق الوطني وإساءة وضرر بمغربية الصحراء ..
المقابلة القادمة بين المنتخب الوطني ، وبين المنتخب الفرنسي ، طلائعها تبشر بالخير . سيربحها المغرب إمّا بالانتصار في الوقت المحدد ، او سيربحها بركلات الجزاء كما حصل مع اسبانيا ..
المنتخب الفرنسي منتخب افريقي بالأساس ، والمنتخب الوطني المغربي منتخب مغربي اوربي بالأساس .. وعند لقاء المدرسة الاوربية ، بالمدرسة الافريقية ، سيكون النصر للمدرسة الاوربية المغربية ، على المدرسة الفرنسية الافريقية ..
وشعورا بالخطورة ، فان الرئيس الفرنسي Emanuel Macron سيحضر اللقاء التاريخي بين المنتخب الأوربي المغربي ، والمنتخب الأوربي الافريقي ..
سيييييييييييييير سييييييييييييييييير ستفوزون . وما النصر الاّ عزيمة وثقة في النفس القوية ..
مستملحات : إذا أراد السلطان محمد السادس إحياء العلاقات الشخصية مع الرئيس Macron ، عليه اصدار الامر كي ينتصر المنتخب الفرنسي ، على المنتخب المغربي .. وكفى الله المؤمنين شر القتال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات تونس.. فوز محسوم لقيس سعيد؟ | المسائية


.. هل من رؤية أميركية لتفادي حرب شاملة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الهلال والأهلي.. صراع بين ترسيخ الاستقرار والبحث عنه


.. فائق الشيخ علي يوجه نصيحة إلى إيران وأخرى إلى العرب




.. مشاهد لاعتراضات صواريخ في سماء الجليل الأعلى