الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عوائق أمام إصلاح وتطوير النظام في لبنان

فؤاد سلامة

2022 / 12 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


في سياق لعبة تلعبها الأطراف اللبنانية الطائفية لتأجيل تطبيق المادة ٩٥ من الدستور التي تنص على تشكيل برلمان خارج القيد الطائفي ومجلس شيوخ للطوائف، تمتنع الأحزاب والشخصيات والمراجع الدينية المسيحية عن إعلان موقف واضح من تطبيق المادة ٩٥ من الدستور، في مقابل امتناع الأحزاب والشخصيات والمراجع الدينية الإسلامية عن إعلان تأييدها لإنهاء الازدواج الأمني أي وجود قوى عسكرية خارج القوى الأمنية الرسمية، وإنهاء معارضتها لقانون مدني موحد للأحوال الشخصية.
هل هو تبادل منافع أو تبادل خدمات أم رغبة مشتركة لدى هؤلاء وأولئك برفض عملية الإصلاح السياسي في لبنان؟ أم أنها استمرار لما يعرف باسم سياسة النعامة أي دفن الرأس بالرمال؟

نجح ذلك في الماضي، وتم تعطيل عملية الإصلاح بذرائع تبادلتها مختلف الأطراف الطائفية لتأبيد هيمنتها على الدولة وعلى المجتمع. ولكن ما حصل منذ ٣ سنوات من كوارث كشف هشاشة كل القوى الطائفية وفشلها في منع إنهيار النظام الذي تحصنت داخله لحماية مصالحها الضيقة.
بإمكان تلك القوى الاستمرار في المكابرة على عملية الإصلاح عبر طرح الشروط والشروط المضادة، ولكن النتيجة الحتمية هي المزيد من الاهتراء والتآكل للنظام والمجتمع، والمسيحيون سيكونون الخاسر الأكبر نظراً لسهولة اندماجهم في مجتمعات الهجرة.

لا شك بأن ذوي الأصول الإسلامية، شيعة وسنة بالأخص، لهم مصلحة بقيام برلمان خارج القيد الطائفي وإنهاء التوزيع الطائفي للوظائف، لأنهم يشكلون أكثرية عددية في لبنان، وهم سيستفيدون من برلمان لاطائفي بزيادة عدد النواب السنة والشيعة وزيادة حصتهم من المواقع والمراكز في الدولة.
في المقابل لا يرى ذوو الأصول المسيحية مصلحة آنية لهم في إنهاء التوزيع الطائفي في البرلمان وفي الوظائف لأنهم أصبحوا أقلية عددية في لبنان، وهم يستفيدون من المناصفة في مجلس النواب والمواقع والوظائف في الدولة.

تلك عقبة رئيسية أمام المضي في إصلاح النظام في لبنان.. كيف أو هل يمكن تجاوز تلك العقبة الكأداء؟
من دون قيام دولة مواطنة حديثة في لبنان سيكون هذا البلد محكوماً بدورات العنف والنزاعات الطائفية الدائمة، وهذا يخلق ما نسميه "كربجة" للنظام في لبنان. المسلمون يريدون "حكم" لبنان بأكثريتهم العددية، والمسيحيون يريدون الإبقاء على امتيازات أو "ضمانات" تمنحهم إياها المناصفة، رغم تآكل تدريجي للمواقع المسيحية.

المهتمون بإصلاح النظام اللبناني من النخب الحداثية يصطدمون بتصلب المسيحيين في موضوع إلغاء الطائفية السياسية، وبتصلب المسلمين بموضوع سلاح "المقاومة" وموضوع القانون المدني الموحد للأحوال الشخصية.
كيف يمكن تجاوز هذين التصلبين على طريق تجديد وتطوير النظام اللبناني؟
بإعلان قوى وازنة في المجتمع المسيحي قبولها بتطبيق المادة ٩٥ من الدستور بالتزامن مع إنهاء الازدواج الأمني في لبنان، وبإعلان قوى وازنة في المجتمع الإسلامي بالقبول بمبدأ التزامن بين تطبيق المادة ٩٥ وإنهاء الازدواج الأمني وإقرار قانون مدني موحد للأحوال الشخصية.

لن يكون ذلك سهلاً في أمد منظور.
ذوو الأصول الشيعية يرفضون إنهاء الازدواج الأمني، وقد يتساهلون في موضوع قانون مدني موحد للأحوال الشخصية، وذوو الأصول السنية يؤيدون إنهاء الازدواج الأمني ولكنهم يرفضون إقرار قانون مدني موحد للأحوال الشخصية.
المسيحيون يؤيدون إقرار قانون مدني موحد للأحوال الشخصية ولكنهم يرفضون إنهاء المناصفة في البرلمان وفي الوظائف الرسمية، وهم قد يقبلون بذلك اليوم في حال تحقق إنهاء الازدواج الأمني وتم القبول بقانون موحد للأحوال الشخصية.

هل يقبل من يصنفون أنفسهم كمسيحيين وكمسلمين بتبادل الإصلاحات أم أن لهم شروطاً ومطالب غير معلنة قد لا يودون الإفصاح عنها؟
التغييريون، مسلمين ومسيحيين، وبالأخص منهم العلمانيون فإنهم يبدون موافقين على إعلان نواياهم، لأنهم بغالبيتهم يؤيدون الإصلاحات الثلاثة دفعة واحدة:
إنهاء الازدواج الأمني.
إنهاء الطائفية السياسية.
إقرار قانون مدني موحد للأحوال الشخصية.

قد تكون الصيغة التي تحظى بأوسع تأييد لقانون مدني للأحوال الشخصية هي قانون موحد للأحوال الشخصية يفسح المجال لاستمرار المحاكم الشرعية الطائفية بتلبية طلبات المتدينين مسلمين ومسيحيين والتصديق على خياراتهم الشخصية أي ما يسمونه قانون إختياري للأحوال الشخصية بموافقة المتعاقدين.
وأما ما يتعلق بموضوع الازدواج الأمني فإن الصيغة التي قد تحظى بتأييد المسلمين الشيعة قد تكون بإعطاء وضعية خصوصية مؤقتة ومحددة لما يسمونه "سلاح المقاومة".

وأما ما يتعلق بموضوع تطبيق المادة ٩٥ من الدستور فلا مناص من إقرار تشريعات فوق دستورية تمنع تحول الدولة إلى دولة إسلامية مهما كانت الأكثرية العددية.
وفي هذا الخصوص فإن القوى التغييرية العلمانية تؤيد مطالبة المسيحيين بوجود تلك الضمانات لأنها ستكون ضحية أية تشريعات إسلامية تُفرض على المواطنين نتيجة لاستفتاء أو لغلبة لاحقة للقوى الأصولية في المجتمع اللبناني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر