الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أكتب لكم من الجنوب ( 9 )

علي فضيل العربي

2022 / 12 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


ما زلت أكتب لكم من الجنوب ، و عن الجنوب ؛ عن إنسان الجنوب ، عن فضل الجنوب على الشمال ، حتى و لو أنكر إنسان الشمال فضل أخيه الجنوبيّ عليه .
اسمحوا لي ، أن أحدّثكم ، هذه المرة ، عن فضلنا في ميدان كرة القدم ، التي جنّنت الكبار و الصغار ، الذكور و الإناث ، الخاصة من الناس و الدهماء ، السياسيّين و المثقفين ، اليساريّين و اليمينيّين ، الأسوياء و المثليين ، و جمعت الشرق و الغرب و الشمال و الجنوب في ملعب واحد ...
أجل ، ها نحن نشاهد مباريات كأس العالم في قطر ، و قد أشرفت على نهايتها . و تأهّلت فرنسا إلى الدور ما قبل النهائي ، و ربّما ستتأهل إلى الدور النهائي ، و تظفر بالكأس الغاليّة ، و يعود الفريق الفرنسي إلى ساحة النصر و الشانزيلزيه رافعا راية فرنسا تحت أنغام المارسييه ، و يقدّم لهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التهاني و التشكّرات و الهدايا باسم الشعب الفرنسي ، و سوف ينسى ، أو يتناسى أن يشكر ، أبناء الجنوب على ما منحوه لفرنسا من مجد كرويّ و رياضيّ .
أجل ، يا سادتي في الشمال . إنّني ، أنا الجنوبي المطحون حتى العظم ، لا أذيع سرّا ، و لا أعيش حلما أو وهما . أنا أقول ما يجب أن يقال ..
أرأيتم فريق نخبة فرنسا ؟ ألم تراودكم بعض التساؤلات عن أصول لاعبيها ؟ ألم تقولوا ، مثلا ، سرّا أو جهرا ، إنّ فرنسا قد بلغت مجدها الكروي بفريق إفريقيّ ، أي أصوله من الجنوب . من أبناء الجنوب ، و نالت به التاج الكروي العالمي في الطبعات السابقة ، بفضل زين الدين زيدان ، ذلك اللاعب المنحدر من أبوين قادمين من بلاد البرابرة ، كما زعمتم . و بفضل ثلّة من المحاربين الأفارقة القادمين من الشمال الإفريقي ؛ من الجزائر و تونس و المغرب و من أعماق الجنوب الكبير ، من السينغال و مالي و موريتانيا و الكوت دي فوار و غينيا و تشاد و غيرها من البلدان الجنوبيّة ، بحثا عن الخّبز و الحرية و الأمن .
أجل يا سادتي في الشمال .. الأحرى بفرنسا ، أن تردّد العبارة التالية : شكرا لك أيها الجنوب ، لقد منحتني عقولا نابهة ، و أقداما ماهرة ، بعدما منحتني ثرواتك الظاهرة و الباطنة ، المعدنيّة منها و الأدميّة .
و لم يقتصر فضلنا - نحن الجنوبيين – على كرة القدم ، بل تعدّاه إلى شتى الرياضات الفرديّة و الجماعيّة . و أينما حللت في الشمال ، ظهر فضل الجنوب على الشمال . و أينما ولينا – نحن الجنوبيين - وجوهنا في أصقاع الشمال و أمصاره ، ألفينا إخواننا الجنوبيين ، يرفعون رايات النصر و المجد الشماليين ..
أجل ، يا سادتي ، في الشمال ..
إنّنا هنا في الجنوب ، نشعر بالغبطة الشديدة ، و تغمرنا آيات السعادة ، و تسري في قلوبنا الروح الإنسانيّة ، لأنّنا نسعدكم ، أيها الشماليّون ، و قد ألقينا بأحقاد الماضي وراء ظهورنا .. ليس من طبعنا الحقد و البغضاء ، بالرغم من الألام و الجراح التي ذقناها على أيدي أسلافكم ..
أيّها الشماليّون ، اصدحوا بالحقيقة ، و اعترفوا بالفضل قبل الذنب .. قولوا بصوت واحد ، فليحيا الجنوبيّون ، لأنّهم منحوا لنا ، بعقولهم و قلوبهم البيضاء ، و بأقدامهم و سواعدهم هدايا من الفرح و المجد و السؤدد ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال