الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جاليري 68: عمر قصير.. لماذا؟. الجزء الخامس والأخير.. ترجمة سمير الأمير

سمير الأمير

2022 / 12 / 16
الادب والفن


جاليري 68: عمر قصير.. لماذا؟. الجزء الخامس والأخير
قليل من هؤلاء الذين شاركوا في "جاليري 68" كانوا يدركون الطبيعة المؤقتة لمغامرتهم الطليعية، لقد بلغت المجلة ذروتها بصدور العددين السادس والسابع، وهما العددان اللذان ضما المختارات الخاصة للقصة القصيرة وما تلاهما من جدل نقدي وكانت الاتجاهات الحداثية لجاليري 68 قد أحدثت تأثيرا حقيقيا في تلك الآونة، ولقد شارك أحد النقاد المخضرمين قائلا "لماذا يصيحون عندما لا تتردد أسماؤهم في الجرائد وفي الإذاعة والتليفزيون؟".
في الواقع نجد أن الاهتمام الذي أثاره كتاب "جاليري 68" في وسائل الإعلام قد أثر تأثيرا سلبيا على مواصلة المجلة لانطلاقها، ويقول "جميل عطية إبراهيم": "لقد تم قبول كتاباتنا في المجلات المؤسسية ولم يعد هناك حاجة للاستمرار. لقد أصبحنا كتابا معروفين" بمعنى: أنهم أصبحوا ضحايا الاهتمام الذي أثاروه حولهم، "إن المجلة الصغيرة عندما تصبح بالغة النجاح تفقد حرية الروح التي تأتي من عدم وجود شيء تخاف أن تخسره".
وهكذا فإن الأزمة المالية لم تكن السبب الرئيس وراء اختفاء "جاليري 68"، رغم وجود العديد من الأزمات المالية، إن المجلة لم تدفع مطلقا لنفسها، وفي بداياتها كان يتم تحويلها عن طريق المساهمات الشخصية للكتاب المشاركين، وتلقت المجلة مالا عن طريق بيع الأعمال الفنية التي تبرع بها الفنانون المؤيدون لجاليري، كما تلقت مالا أيضا من المفكرين المتعاطفين ومنهم "نجيب محفوظ"، و"يحيى حقي"، و"سعد الدين وهبة"، و"سهير القلماوي" لقد كانت "جاليري 68" تتكلف مالا كثيرا لكي يتم طباعتها، وذلك يرجع إلى الاهتمام الكبير بالشكل الذي تصدر به .
ولكن في مواجهة الإفلاس في نهاية عام 1968 كان "بدر الديب" مقتنعا بفكرة طباعتها في مطابع الجمهورية مع وعد بدفع التكلفة في المستقبل ( ).
ويقول إبراهيم منصور: "لقد كان بإمكاننا الاستمرار ولم يكن السبب هو الأزمة المالية" .
إن السبب الحقيقي وراء اختفاء "جاليري 68" هو أن الكثير من كتابها رأوا أنها حققت دورها وقد تم الاعتراف بالاتجاهات الجديدة في الكتابة وإن كانت قد ظلت عرضة للانتقاد.
ويقول منصور: إن المعنويات ارتفعت بين كتاب 68 وتجلى هذا في رؤيتهم للهزيمة " لقد كانت الحكومة ونظامها هم من هزموا وليس نحن"( ).
"لقد شعر الناس أنهم فعلوا ما فيه الكفاية وقالوا كل ما أرادوا قوله"
وبما أن محرري "جاليري" كانوا قد وجدوا منافذا منتظمة للنشر في المجلات الرسمية، أصبح احتياجهم لجاليري 68 أقل إلحاحا.. ويعترف جميل عطية إبراهيم" لقد توقفنا لأننا لم نعد نملك المادة الكافية للنشر، لم يعد لدينا ما يمكن أن يقال عنه جديد.. ولم يعد هناك كتابا جدد مثل الذين ظهروا في نهاية السبعينات ( ).
وربما يقال: إن الرأي السابق مظهر من مظاهر توقف جاليري، وليس سببا له، لقد ظل "الخراط" متفائلا بالتطورات الجديدة وأصر على استمرار الحاجة للمجلة كنافذة للأعمال التي ظلت غريبة بشكل استثنائي، وبالتالي ظلت غير مقبولة في المجلات الرسمية"( ).
وآمن الخراط بشدة بضرورة استمرار "جاليري 68" كمنبر دائم التطور للأدب التجريبي بدلا من تلاشيها باكتساب اهتمام المؤسسة لأن هذا كان يشكل الطريق الوحيد للالتزام بمبدئها وهو "عدم ادعاء عقيدة مطلقة ولا سيما في القصة القصيرة".
وهذا هو السبب في أن "الخراط" حاول أن يحافظ على حياة "جاليري 68"، فقام بطباعة عدد آخر في فبراير 1971 بعد فترة انقطاع دامت عاما وأربعة شهور.
وقد عنون افتتاحيته الشخصية "لماذا 68؟ ولماذا كان ضروريا أن تستمر؟ واعترف أن الطليعية والتجديد ليسا مجرد رغبة، ولكنها ضرورة بالغة"( ).
ويعلق إبراهيم منصور وهو أحد المحررين الأربعة الأساسيين الذين ظلوا حتى النهاية، قائلا: "ربما اعتقد "إدوار" أن هذه المجلة يمكن أن تستمر إلى الأبد" إن هذا النوع من المجلات لا يستمر إلى الأبد"( ).
ومن الواضح أن الخراط أيضا كان يعرف ذلك رغم أنه كان يشعر بأنه ملتزم بالكفاح من أجل مبدأه لأنه في نفس الوقت الذي أعلن فيه خططه للأعداد القادمة حذر من أن عملية الاستمرار ستكون صعبة، واختتم افتتاحيته بسؤال متشائم ماذا سنفعل؟
واعتقد الخراط أنه بدون "جاليري 68" لن يجد الكتاب التجريبيون متنفسا لأعمالهم، ووصل على نتيجة مفادها أن "الاحتمال الكبير هو أننا لن نكون قادرين على الاستمرار"( ).
لقد كان "الخراط" محقا لأنه في نفس العام الذي حاول فيه إعادة الحياة إلى "جاليري 68" تم إغلاق سبع مجلات أدبية رسمية واستمر تدهور الظروف الثقافية في السبعينيات" وغادر كتاب كثيرون مصر ومنهم جميل عطية إبراهيم، وإبراهيم منصور، وبهاء طاهر، وصنع الله إبراهيم وغالي شكري وعبد الحكيم قاسم.
وواقع الأمر أنه لم تظهر مجلات طليعية مماثلة ومتأثرة بنموذج "جاليري" حتى نهاية الستينيات ولذا فبدلا من الاستمرار كمنبر من خلاله يخوض الطليعيون على اختلافهم معاركهم من أجل أن يتبلوروا بدلا من ذلك اقتربت من وضعها الثابت وهو نفس الوضع الذي وصلت إليه القصة القصيرة قبل توقف "جاليري 68" عام 1971 وهذا بالضبط ما تنبأ به "الخراط" عندما اعترف باستحالة امتلاك "جاليري 68" للحقيقة، وعندما أعلن بطريقة طبيعية أن أقصى ما يطمحون إليه هو أن يقدموا حقيقتهم ( ) رغم اقتناعه بضرورة المبدأ السابق ورغم أنه ظل وفيا له.
وهكذا، فإن "جاليري 68" قد حققت نفسها كما جاء في وصف شفيق مقار في العدد قبل الأخير" كنموذج للقصة القديمة الخالدة. قصة التمرد والتجديد والأصالة، تمرد سوف يعبر عن نفسه مرة أخرى، عندما تولد موجة تمرد جديدة لها رؤية أكثر حداثة وأكثر معاصرة".



*اليزابث كندل باحثة امريكية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى