الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروع أمريكي لاستبدال الحروف العربية 1/5

ضياء الشكرجي

2022 / 12 / 16
العولمة وتطورات العالم المعاصر


وصلني موضوع عن طريق الواتسأب تحت العنوان أعلاه، وتحته عبارة "الإدارة الأمريكية: الحروف اللاتينية بدلا عن العربية"، وأشير إلى أن "الموضوع منقول"، وكان قد نشرته (الأسبوع المصرية). وتمنيت لو كان الموضوع بقي بحثا لغويا بحتا، حيث وجدت يصب في اهتمامي مما تناولته في كتابيَّ (سياحة تأملية في العربية .. في ظلال علم اللغة) و(العربية الجديدة. لكني وجدت إن الموضوع بين اللغة والدين والسياسة والمؤامرة. ولذا سأكون مضطرا أن أناقش الموضوع في ضوء كل مما ذكر، رغم أني أحب تناوله لغويا حصرا.
شخصيا لا أحتمل أن المشروع معتمد رسميا من قبل الإدارة الأمريكية، لكن يبدو أنه مطروح من جهة أمريكية. وهذه الجهة، إذا صدقت الترجمة، يبدو فعلا أن لديها ما يمكن نعته بالمؤامرة، رغم رفضي لمرض الاستغراق في نظرية المؤامرة، أقول يبدو لي إن الجهة صاحبة المشروع تخطط لمؤامرة غبية. ولذا أستبعد تبني المشروع رسميا من قبل الإدارة الأمريكية، لكن دون الجزم في نفي ذلك، لأني أرى أن السياسة الأمريكية لا تبتعد عن الغباء في قراراتها في كثير من الأحيان.
والموضوع المنشور في (الأسبوع المصرية) يشتمل على أكثر من ثلاثة آلاف كلمة، وربما ستكون مناقشتي لا تقل عنه بعدد الكلمات، بحيث سيكون بحثا من ستة آلاف كلمة، وسأجعل المناقشة مادة للطبعة الثانية من كتابي (العربية الجديدة) وإذا نشرتها على أحد المواقع، فربما ستكون في خمس أو ثماني حلقات.
تشير المقالة إلى مشروع (الفرقان) الأمريكي كحلقة سابقة للمؤامرة على اللغة العربية وعلى القرآن، تسبق الحلقة الثانية، بتحويل كتابة العربية إلى الحروف اللاتينية، ثم اعتماد طريقة الكتابة البديلة في كتابة القرآن. بمقدار ما اطلعت بشكل عاجل على مشروع (الفرقان) هذا، ففي الموضوع تهويل حسب تقديري، فهو لا يهدد قرآن المسلمين، ناهيك عن أن ينجح ليكون بديلا عن القرآن. فشخصيا لي كتابان لم يدفعا بعد للطبع ثم النشر، لأنهما يحتاجان إلى مراجع مركزة قبل ذلك، تشغلني عن القيام بها مشاريع مزدحمة أخرى. الكتاب الأول موسوم بـ(القرآن وقرآن آخر)، والثاني هو (قرآن غي القرآن)، وكلاهما ليسا مشروعي استبدال أو تحريف للقرآن، لكني أردت فيهما بيان أمرين؛ الأول قبول تحدي القرآن بالإتيان بسورة من مثله، أو في آية أخرى بعشر سور، والثاني هو بيان إمكانية تنقيح القرآن بجعله ينسجم مع فهمي للعدل الإلهي، ومع الحقائق العلمية والمثل الإنسانية، بصياغة تشبه من حيث اللغة لغة القرآن، لكن بمضمون آخر.
ثم تقول المقالة أن الإدارة الأمريكية، وبعد (الفرقان الأمريكي) بديلا للقرآن، انتهت مؤخرا من إعداد مشروع، سمته بالخطير هدفه "تغيير شكل حروف اللغة العربية، واستبدال اللغة اللاتينية بها". ويبدو إن كاتب المقالة لا يميز بين الحروف واللغة، فهنا يجري الكلام عن استبدال الحروف العربية بالحروف اللاتينية، وليس اللغة اللاتينية. وهنا أذكر مشروعا مشابها مطروحا من قبلي في كتابي (العربية الجديدة)، حيث تناولت أسباب وجوب تجديد العربية، وتبسيط قواعدها، ثم طرحت في آخر الكتاب فكرة كتابة العربية بالحرف اللاتيني، واضعا الرموز للحروف الإضافية (فتحة a، ألف ممدودة ā، ء ، ث ṯ، ج ğ، ح ḥ، خ ẖ، ذ ḏ، ش š، ص ṣ، ض ḍ، ط ṭ، ظ ḍc، ع c، غ ġ، ق q، ضمة u، واو ممدودة ū، و w، كسرة i، ياء ممدودة ī، ي y)، وبالتأكيد لم أطرح الفكرة بتكليف من الإدارة الأمريكية، وعلى فرض وجود مشروع لجهة أمريكية لأتلنة الحروف العربية، فأكاد أجزم، إنها لا ترقى إلى مشروعي، من حيث الدقة، ومراعاة خصوصيات العربية. لكن أي مشروع للتحول إلى الحروف اللاتينية، يبقى في غاية التعقيد، إذا جرى بمعزل عن تجديد اللغة العربية نفسها. فمشروع العربية الجديدة المطروح من قبلي في كتابي آنف الذكر، تعتمد تسكين أواخر الكلمات، مع استبدال السكون بالكسرة لضرورة الوصل، ووضع قواعد لكل الحالات، التي لا يمكن فيها التخلي عن التشكيل، ولا يسعني هنا التفصيل، بل أرجع المهتمين إلى كتاب المذكور.
أتصور إن جعل مشروع لتينة العربية، لا ينبغي أن يربط بهدف سياسي، كما يرى المشروع الأمريكي، والعهدة على (الأسبوع المصرية، التي تقول إن الهدف من ذلك "تحديث الثقافة العربية، واعتبار هذا المشروع جزءا من خطة الإصلاح في المنطقة، والتي تدخل ضمن إطار مشروع الشرق الأوسط الكبير". كما تقول الصحيفة تنقل عن عدد من الخبراء المختصين قولهم بخصوص المشروع إن الهدف منح "هو تحقيق تفاهم أفضل، ولغة مشتركة بين اللغة العربية وغيرها من اللغات الأخرى"، وبتصوري إن تحقيق التفاهم لا يتعلق بالحروف المستخدمة من قبل اللغات المختلفة، وإلا لكانت الحروف المستخدمة في اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان عائقا أما التفاهم بين هذه الدول والغرب. أما طرح مبرر إن "الأمريكيين والأوربيين متعطشون للوقوف على أسرار تلك اللغة"، فقول غريب للغاية، فمن استطاع فك شفرات اللغات المندثرة في وادي الرافدين ووادي النيل، لا يمكن أن يكون عاجزا عن معرفة لغة حية. فهناك اليوم العديد من اللغات التي تستخدم حروفا غير الحروف اللاتينية، كحروف لغات شرق آسيا، والحروف الروسية واليونانية والعبرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ياريت نغير ابجديتنا وارقامنا وتقويمنا
منير كريم ( 2022 / 12 / 16 - 17:09 )
الاستاذ ضياء الشكرجي المحترم
ياريت نغير ابجديتنا للاتينية وارقامنا وتقويمنا القمري اسوة بتركيا واندونيسيا ونندمج بالعالم المعاصر بلا تحفظ
ياريت ناخذ القوانين الجنائية والاحوال الشخصية الحديثة
ياريت نغير ملابسنا وتلبس النساء الفاشن
انها ليست مؤامرة وانما خطوة هامة في طريق التحضر والتمدن والتقدم
شكرا


2 - لأاجد سببا للتغيير للاتينية
د. لبيب سلطان ( 2022 / 12 / 16 - 21:32 )
االاساتذة ضياء ومنير
لا اجد اي سبب لتغيير ابجديتنا فهي اصيلة من ضمن قليلة من الابجديات الاصيلة في العالم وهي مصدر فخر لنا ، اندونيسيا وايران وتركيا وغيرها من الشعوب لاتملك لغاتها ابجديات ويمكنهم استخدام اي منها كونهم لايملكونها ، مع اني مع استخدام الارقام العربية بدل الهندية المتبعة الان في لغتنا والغريب ان كل العالم يستخدم الارقام العربية ( وهي الارقام التي يسمونها عربية في اللغات الحية في العالم مثل الانكليزية وغيرها) فهم يستخدمونها ونحن واضعوها الوحيدين نستخدم الهندية
والمشكلة ليست في المظاهر للتحضر بل في الجوهر في التحول الى مجتمعات انتاجية وليست اجترارية مقلدة ومنها تبنى العلمانية والتحضر العربي وتاريخ المعتزلة والدولة العباسية في عصرها الاول والاندلس يسند ان التحضر على اساس العلم ممكن في منطقتنا ، واذا كان ممكنا باامس فما بالك اليوم ، وعموما العلمانية لا تعني التغرب ولا تعني القطيعة مع الماضي بل ، ودراسته الايجابية لأستخدامه للمستقبل
ربما اني متفائل ولكن هذا فهمي
مع تحياتي


3 - تعليق السيد لبيب سلطان
ضياء الشكرجي ( 2022 / 12 / 16 - 23:08 )
وصلني تعليق للدكتور لبيب سلطان من الحوار المتمدن على الإيميل لم أجده هنا، وسأنشر ردي على الفيسبوك راجيا نشر تعلق الدكتور لبيب


4 - ردي على تعليق السيد لبيب
ضياء الشكرجي ( 2022 / 12 / 16 - 23:32 )
السيد لبيب سلطان تجد ردي على الفيسبوك مع شكري وتحياتي


5 - ردي على تعليق السيد لبيب
ضياء الشكرجي ( 2022 / 12 / 16 - 23:35 )
السيد لبيب سلطان تجد ردي على الفيسبوك مع شكري وتحياتي


6 - الابجدية واللهجات المحلية في الدول العربية
منير كريم ( 2022 / 12 / 17 - 06:26 )
مشروع تغيير الابجدية العربية الى اللاتينية واعتماد اللهجات العربية المحلية بدلا من الفصحى ظهر اولا في لبنان ودعا له سعيد عقل وعارضه بشدة الاسلاميين والقوميين لاسباب دينية
اللهجات المحلية لاتصلح كلغات فيجب الاستمرار بالفصحى المبسطة
اما الابجدية فتغييرها للاتينية لا يؤثر بشيء على اللغة كاصوات ومعان ومن شان الابجدية اللاتينية تقربنا اكثر الى الاندماج الحضاري ومن ذلك لغات البرمجة
تغيير الارقام والتقويم ضرورة موضوعية للتطور
تركيا واندنوسيا تركتا الحروف العربية وانتقلتا للاتينية بسهولة
شكرا

اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24