الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-بريغوزين- ضد حاكم بطرسبورغ: ما يكشفه الخلاف عن قوة روسيا

مرزوق الحلالي
صحفي متقاعد وكاتب

(Marzouk Hallali)

2022 / 12 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


المؤامرة الحقيقية في الخلاف العام بين " بريغوزين "- Prigozhin- و"بيغلوف" – Beglov- هي السبب في أن شخصية مشهورة في زمن الحرب العدوانية الروسية - تُصوَّر على أنها واحدة من أخطر وأقوى الأشخاص في روسيا - لا تستطيع حتى حل بعض القضايا اليومية التافهة في مسقط رأسها.

هزت الحملة العامة الشرسة التي شنها رجل الأعمال المثير للجدل "يفغيني بريغوزين" - Yevgeny Prigozhin - ضد حاكم سانت بطرسبرغ "ألكسندر بيغلوف" - Alexander Beglov - المجتمع الروسي ، الذي لم يعتاد على فتح نزاعات من هذا النوع. ومع ذلك ، لا أحد يوبخ "بريغوزين" ، المحتال السابق الذي أنشأ فيما بعد شركة تموين يستخدمها الكرملين في المناسبات الرسمية ، ولاحقًا جيش من المرتزقة. لا يقل إثارة للدهشة أن الحاكم البائس لثاني مدينة في روسيا يبدو غير منزعج من أن يتعرض للهجوم من قبل مالك ليس جيشًا خاصًا واحدًا بل جيشين خاصين: أحدهما عسكري والآخر من وسائل الإعلام.

يبدو أن هذا الخلاف انتهك المبادئ الأساسية لنظام سلطة بوتين ، حيث كان كشف و بث الغسيل القذر يُعتبر دائمًا خطيئة أساسية ، وأي محاولة لحل القضايا المهمة من خلال اللجوء إلى الأعمال المثيرة العامة محكوم عليها بالفشل. كان يبدو أن هذه القاعدة قد محفورة في العقول ، ومع ذلك دخل "بريغوزين" في صراع مفتوح مع "بيغلوف" ، على ما يبدو دون عواقب على أي من الرجلين ، على الرغم من حقيقة أن كلاهما يشغل مناصب رفيعة داخل السلطة ، والتي يعتبر الاستقرار بالنسبة لها أمرًا مقدسًا حاليا أكثر من أي وقت مضى.

في الأشهر الأخيرة ، أصبح الصراع بين الشخصيتين علنيًا ، لكن الخلاف يعود إلى ما بعد انتخاب "بيغلوف" حاكماً محليا في سبتمبر 2019. وحاول "بريغوزين" ، الذي أنشأ شبكة إعلامية أخطبوطية بالإضافة إلى "جيش إلكتورني روبوت سيئ السمعة" ، لمساعدة "بيغلوف" خلال الحملة الانتخابية.

ليس من الواضح ما إذا كان "بيغلوف" قد جند "بريغوزين" بالفعل للقيام بذلك ، أو ما إذا كان رجل الأعمال قادم بمبادرة الخاصة. وقد ألمح "بريغوزين" نفسه في مقابلة أجريت معه مع إحدى وسائل الإعلام -لاالمرتبطة به وتحت إمرته - إلى أنه قد مول حملة "بيغلوف" ، وأن الحاكم فشل بعد ذلك في سداد ما وعد به.

بعد فترة وجيزة من الانتخابات ، توترت العلاقات. في رواية "بريغوزين" للأحداث - كما ورد في المقابلة - أن "بيغلوف" واصل تعطيل مشاريع البنية التحتية التي يسعى رائد الأعمال الروسي إلى إنجازها في "سانت بطرسبرغ" بتكلفة تقدر بمئات المليارات من الروبلات، دون رغبة في تحقيق ربح مالي.

صحيح أن مكتب الحاكم "بيغلوف" في "سمولني" يعرقل مشاريع "بريغوزين التنموية"، مثل تقاعس سلطات المدينة عن إصدار التصريح اللازم لفتح مركز أعمال بناه "بريغوزين"، إذ عشية افتتاح المبنى ، تم تغيير اسمه إلى - PMC Wagner Center -تكريما للشركة العسكرية الخاصة التي اعترف "بريغوزين" بتأسيسها ، بعد سنوات من إنكارها. وافتُتح المركز التجاري في النهاية بعد عدة أيام من التدقيق.
إن طموحات "بريغوزين" السياسية الخاصة قد تم إحباطها على ما يبدو. ومن المعتقد على نطاق واسع، أنه في انتخابات بلدية سانت بطرسبرغ لعام 2019 التي أجريت في نفس وقت انتخابات حاكم الولاية ، حاول "بريغوزين"- لكنه فشل- إنجاح فريقه الخاص للسلطات المحلية في إحدى مقاطعات المدينة.

الأمر المثير للاهتمام في الخلاف بين "بريغوزين" و"بيغلوف" ليس سببًا لحدوث صراعات عامة داخل قطاع السلطة والتي كان من الممكن أن تكون مستحيلة في يوم من الأيام. يمكن إرجاع ذلك إلى الظرفية الخاصة التي تعيشها روسيا حاليا: وجود حلف الناتو على أبوابها ، وليس لدى الكرملين وقت للتعامل مع مثل هذه الأمور التافهة. لكن السؤال هو: لماذا لا يتمكن شخص سيئ السمعة في زمن الحرب - والذي صورته وسائل الإعلام الروسية والدولية على أنه أحد أخطر وأقوى الأشخاص في روسيا – من حل بعض المشكلات اليومية التافهة في مسقط رأسه.

ربما يكون الأشخاص الأقوياء المفترضين ليسوا أقوياء كما يبدو ، وما نراه بالفعل هو مدى عجز النخب الروسية على اكتساب أي قوة حقيقية إلا عندما يصبحون جزء من عملية يسيطر عليها الكرملين ، سواء كانت الحرب ، أو عندما يسمح لـ "بريغوزين" من تجنيد سجناء روس في "فاغنر" – Wagner – وتخليصهم من الحبس ، أو الانتخابات ، عندما يمكّن النظام الذي بناه الكرملين "بيغلوف" من أن يصبح حاكمًا دون أي صعوبة.

يبدو أيضًا أنه من المستحيل السيطرة على مجتمع انحدر إلى الهستيريا بينما يظل - براغماتيًا – هادئًا، و"أكبر خطيئة" هي عرض الغسيل المتسخ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صاروخ باليستي روسي يستهدف ميناء أوديسا


.. ما فاعلية سلاح الصواريخ والهاون التي تستخدمه القسام في قصف م




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار القصف الإسرائيلي على منزل في حي الشي


.. خفر السواحل الصيني يطارد سفينة فلبينية في منطقة بحرية متنازع




.. كيف استغل ترمب الاحتجاجات الجامعية الأميركية؟