الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تدهور معطيات العقول الشرقية

محمد حسين يونس

2022 / 12 / 18
العولمة وتطورات العالم المعاصر


العقل البشرى .. معجزة بكل المقاييس .. إذا أمكن تعليمه و تهذيبه و تربيته و تشغيلة .. بالصورة الصحيحة .. جزء كبير من هذا العقل .. يعمل في المحافظة علي صاحبة .. و إبعاد الأخطار عنه.. و تشغيل أجهزته المختلفة داخل جسدة .. و الإنذار بالخلل .. و تصحيحة ..
المحافظة علي الذات تغطي بعد قليل المحافظة علي القطيع الذى ينتمي له الفرد .. ثم تتصاعد هذه الحماية لتشمل النوع البشرى .. فجميع الكائنات الحية .. و غير الحية في الكوكب و خارجه .
التطورات التي حدثت للعقول المعاصرة أصبحت مذهله خلال القرون القريبة الماضية بعد تخلص الإنسان من خوف إستكشاف ما حوله .. و الخوض في البحار العالية للمعرفة ..
و لكن للاسف لم يتطور ال 8 مليارات عقل بشرى بدرجات متساوية .. فهناك عقول لا زالت مأسورة في مستوى بشر العصور المظلمة ..من الحجرى .. حتي ما قبل الحداثة .. و منها عقول شعوب منطقتنا التي اصابها الضمور و التحجر بسبب عدم الإستخدام .. و تحولت من رافعه لديها القدرة علي حمل الأف الأطنان إلي أخرى عاجزة ترفع عشرات الكيلوجرامات .
عدم قدرتنا ( كمصريين ) علي المشاركه في التطورات العلمية و الفنية و الفكرية و (الرياضية) لأبناء هذا القرن ..ناتج عن سببين .. أولهما غياب علوم الفلسفة والمنطق من حياتنا و هي لغة المتقدمين .. مع الإستسلام لمنهج ميتافزيقي تواكلي يصحبه جمود فكرى مزمن لم يتخط بعد معطيات القرن الثامن عشر
و الأخر هو النظم غير الديموقراطية ( الاوليجاركية الفاشيستية ) التي تتحكم مركزيا في كل العوامل المؤثرة علي تشكيل العقل البشرى .. و منها ( القيم و السلوك ) والعمل والفن والإعلام و التعليم .
بمرور الوقت ( 50 سنة خمول ) جاءت النتيجة تدهور قدرة الناس علي الإبداع و التفكير خارج الصندوق .. وعدم الشك في صلاحية الخطابات الدينية الموروثه علي التوافق مع الحياة المعاصرة .. أو نقدها .. مع الإستسلام الفكرى و السلوكي لنفوذها و سيطرتها.
بمعني الإعتماد علي النقل و التقليد ( في كل مجالات الحياة ) دون إدراك لفلسفتة و أسبابة و جدواة ..مع فشل المجتمع ككل باللحاق بقطار المعاصرة .. و تخلف معظم أفراده .. بما فيهم متعلمين ..عن مواكبة ما يحدث من تطورات فكرية و سلوكية خارج حدود سجونهم العقائدية .
كل ما إستجد في العقد الماضي ..هو .. طغيان الإنحراف الفكرى المصاحب لأغنياء دول البترول بالتظاهر بالحداثة ..و بأن إقامة ناطحات السحاب و منشئات فاخرة و شراء أحدث موديلات العربات و المعدات هو دليل علي المعاصرة
شعوبنا التي لا تهتم بالإنتاج لسد إحتياجات السوق و التصدير .. بقدر إعتمادها علي عائد الأنشطة الريعية ( بترول ،غاز ،قناة السويس ، مناجم ،ريال ستيت ، تدوير نقود الودائع ..و تحويلات العاملين بالخارج ).. تصبح بالضرورة تابعا لمن يستخرج لها كنوزها ويورد لها طعامها و دواءها و سلاحها و أدواتها و أسباب معيشتها . . ويقدم لها القروض و المعونات.(( وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على عقد اتفاق مدته 46 شهرا مع مصر في إطار تسهيل الصندوق الممدد بقيمة 3 مليارات دولار أمريكي تقريبا)).
و هي (أى شعوبنا )..بسيادة فكر الدولة الشمولية .. تفتقد إلي الحوار العاقل بين أفرادها خصوصا فيما يتصل ببرامج التنمية و أولويات الإنفاق و الإستدانه ..بقدر ما تمارس غوغائية دعائية أمنية عالية النبرة..أدواتها .. الغثاء الأحوى ..الذى يتم تلقينه للاطفال و الشباب .. و الكبار في أروقة دور العبادة و فصول المدارس و من أجهزة البث و الدعاية والتلفزيون تغلوش به علي الأصوات الخافتة المتزنة.
حروب الجيل الرابع المرتبطة بالقدرة علي تمييع فكر العدو و سلب إرادته والتي إستخدمت في تغييب ناس هذا المكان بعد 2014.. تعتمد في الأساس علي مدى خفض مقاومة الضحايا .. و إستسلامهم لتوجيهات من يدير المعركة ..
و لقد كانت مخططاتها (ولازالت ) شديدة الفاعلية نرى تأثيرها عندما تناقش دراويش النظام .. فهذا الإستلاب .. غيرمنظور للكثيرين .. أصابهم العمي أن يروا ما يحدث حولهم ..حتي لو كان بضخامة حجم الأضرارالفظيعة الناتجة عن أليات الإصلاح المالي و إفقار الناس و تعجيزهم إقتصاديا..
أو تغول مقدارالقروض و خدمتها و تعديها النسب الأمنة و تدخل الغرباء في تحديد توجهات و سياسات الحكومة .. أو سقوط قيمة العملة المحلية .. والتخطيط لبيع اصول المجتمع لدول خليجيه..أو فرض ضرائب مباشرة و مستترة في مشروع واسع للجباية متحكم وبالغ الضرر علي المؤسسات الأفراد من جميع الطبقات
الإستنزاف الفكرى والمالي الذى يعيشة أهلنا يظل قادر علي الإستمرار و التطور للافظع ..عندما تكون الضحية هي أكثر من تجد المبررات وتدافع عن جلاديها ..و لا تستطيع إستيعاب أنها لا تتداول أفكارها الشخصية بقدر ما تردد ما يمليه عليها من قاموا بتنويمها و إقناعها ان المؤتمرات و الإحتفالات المكلفة ..والقصور و الكبارى و ناطحات السحاب و البرج الأيقوني و مدينة الملاهي و مدينة الفضاء والاف المساجد و الكنائس الفاخرة ....قد تواجدت لصالحها .. و أنها جالبة معها الفخر للأمة.
من الواضح أن العقول الشريرة .. ايضا درجات .. تبدأ في بلاد الواق الواق بالسيطرة علي جماعة محلية .. و صبغها بسلوكيات كومبرادورية .. ثم إستخدام معطيات الجيل الرابع من الحروب لإستنزاف بشر يعيشون بعقول صكت في زمن الظلام .
لا أريد أن أتكلم عن حلول أو علاجات .. فلم يحن وقتها .. لانها ستصبح بدون جدوى لو لم تتغير حالة الإستلاب الفكرى التي نعيشها .. و تتوقف معارك الحكومة الموجهه ضد سكان هذا المكان.. و تستقر حالة واسعة من الأمن و الشفافية .. و حقوق الإنسان ... و الإستقلال عن تعليمات صندوق النقد .
.و هو للاسف أمر لا يحدث بالدعاء أو التمني .و لا يأتي طواعية أو بفرمانات علوية ..بقدر ما يتطلب تعديل في اليات عمل العقول المسترخية .. و إدارة صراع و كفاح ممتد.. تقودة كوادر أحزاب التنوير ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحويل العقل للانتاج هوالذي يحررالفرد والمجتمع
د. لبيب سلطان ( 2022 / 12 / 18 - 07:48 )
استاذنا الفاضل
اعتقد ان العقل العربي لايختلف عن سواه كعقل ولكن كيفية استخدامه هو الفرق والحضارة التي امامنا بدأت باستخدام العقل للانتاج ومنها تطورت مهاراته واصبح يستخدمه ليجد حلولا افضل ومنه ولد العلم و منه فن الادارة ومنه الثراء ..وحصل التطور واصبح الانسان لايعتمد على اثراء موارده من الارض ( التفط، الخشب، اللؤلؤ في البحر، الذهب والماس من المناجم ) بل بصناعة منها واخرى لاستخدامها في صتاعات جديدة وصولا الى التكنولوجيا ..بتكريس العقل للانتاج وحسن ادلرته توصل الانسان الى الرقي بكل معانيه و وجعله يتعامل مع الواقع بعقلانية وبارادة
وعلم ..وهذا هو الحل امامنا كما كان عند الشعوب
الفرق هو وقوعنا في فخين الاول هو كما اشرتم في مقالتكم الجميلة هو الريعية الاقتصادية سواء البترولية أو موارد قناة السويس مثلا أي جني الثروة على الحاضر ومنه مجتمع الكسالى والموظفين وفقد حتى الحرفي مهارته فصارت مجتمعاتنا لاتنتج حتى نعالا بل تستورده من الصين والثاني برأي هو فلسفة معاداة العمل والانتاج التي يروج لها العقل العربي المتمركس باسم الاشتراكية ستقوم الدولة عندها بتعليمنا العمل والادارة والتخدير طبعا


2 - د. لبيب سلطان
محمد حسين يونس ( 2022 / 12 / 18 - 09:53 )
أشكر مرور حضرتك و تفضلك بالإضافة .... العقل العربي او الصومالي أو من بلاد نمنم .. لا يختلف من الناحية التشريحية عن العقل الأوروبي أو الأمريكي .. و لكن تربية هذه العقول تختلف .. من حيث الإبداع و الحرية و التعليم و الإهتمامات .. فلا يمكن أن يكون ناتج عقول دارون أو فرويد أو تسلا أو فان جوخ .. مساو لما تنتجه عقول زيط و معيط و نطاط الحيط .. هناك فرق بسبب البيئة و العقيدة و الفلسفة و التدريب .. تحياتي


3 - في
عدلي جندي ( 2022 / 12 / 18 - 10:12 )
بداية الثمانينات(ومن قبل) كنت أحرص على شراء منتجاتنا من شركة جيل للقطنيات اليوم أشترى منتجات البنجالاديش القطنية (رغم أن الخامات ليست بمثل ثمانينات جيل)لأنها أكثر جودة من إنتاج الشركات المصرية خاصة عيوب التصنيع والمقاسات ووو
ما أقصده هو فكرة مقالكم إننا توقفنا عن السعي لمسايرة ثورة التكنولوجيا وأكتفينا بما ذكرته في مادتكم وكان يمكن لبلدنا أن تصبح موضع لإنتاج أدوات التكنولوجيا مثل ماليزيا والصين وغير من البلدان التي كانت نامية
إكتفينا ببناء اكبر معبد وأعظم كوبري وشق أكبر ترعة ماء مالح وأولا وأخيرا الإبتهال والدعاء والإصرار على قداسة ثوابتنا التي تمثل سبب من عدة أسباب في خيبة مجتمعاتنا
تحياتي


4 - حقيقه مؤلمه
على سالم ( 2022 / 12 / 18 - 15:10 )
لذلك انا اقول دائما ان سبب المصائب والتأخر والتجمد والتخلف والعقليه البليده هو العروبه والاسلام وعباده الصنم البدوى والرئيس الملهم والملك المفدى ؟ مقوله صلى على النبى وخليها على الله هم اكيد امراض فى بيئتنا العطبه وسبب فشلنا وانحطاطنا وتخبطنا


5 - الأستاذ عدلي جندى
محمد حسين يونس ( 2022 / 12 / 18 - 16:24 )
سأشكر مرور حضرتك و إضافتك سعر المتر في البرج الأيقوني 200,000 جنية .. يعني وحدة سكنية 200 م2.. قيمتها 40.000.000جنيه
بكلمات أخرى ثمن الوحدة يتراوح بين 40 - 100 مليون جنية كام واحد في مصر يقدر يدفع هذا
الرقم .. طيب بتبنوها لية و تدينوا للشركات الصيني اللي بتبنيها .
.
أما إذا تم شراء كل الوحدات ..يبقي إحنا ( مهندسين و دكاترة و متعلمين ) و الشريحة العليا من الطبقة الوسطي ..لا مؤاخذة نستحق الدفن .. بلا نيلة ..
ده فية ناس منا بتصوت من غلاء ثمن قرص الطعمية ..و طبق الفول..تحياتي


6 - الأستاذ علي سالم
محمد حسين يونس ( 2022 / 12 / 18 - 16:30 )
.. أشكر مرور حضرتك و إضافتك تعم مشكلتنا إن كل أديان الدنيا تم تعديل خطابها ليصبح متناسبا مع العصر فيما عدا القبطية و الإسلام البدوى السلفي .. حتي في السعودية بدأ تغيير .. ما لكن في بلدنا هناك جمود عقائدى مزمن ..و إتكالية ممرضة تحياتي ..


7 - عندما يشل الدين نصف العقل
س . السندي ( 2022 / 12 / 18 - 23:05 )
بداية تحياتي لك ياعزيزي محمد وتعقيبي ؟

١-;-: بالمنطق والعقل كيف لمجتمع يؤمن معظمه بأن القاتل والسارق والغازي والمغتصب هو أشرف خلق ألله ، والمصيبة ألأكبر مسايرة قادته وسادته مروجي هذه الاكاذيب والخرافات ؟

٢-;-: فعلا لا عزاء لأمة ديدن معظم اتباعها ليس فقط الكذب والنفاق بل نكران الحقائق والوقائع رغم وضوحها وسطوعها ؟


8 - الأستاذ س. السندى
محمد حسين يونس ( 2022 / 12 / 19 - 03:33 )
..أشكر مرور حضرتك .. وإضافتك .. في راى أن الأمر اصبح أكثر سوءا في شكلة المركب ..فمن ناحية نجد أن مالكي البترول في حالة تبذير سلعي مرعب لإثبات أنهم لا يقلون عن سكان الدول المتقدمة ..و يتصورون المعاصرة .. بناء وحدات يصممها لهم الأغراب و يبنيها أغراب .. و علي الجانب الأخر الفقر المعيب .. و التخلف بسبب الفتونة و المليشيات المسلحة التي تفرض رؤيتها بالعنف .. جميع البلاد الإسلامية متخلفة سواء من يملكون البترو دولار .. أو يشحتونه .. تحياتي

اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال