الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلاث سنوات من انتخاب الرئيس تبون. الجزائر الجديدة …إنجازات والتزامات

عزالدين معزة
كاتب

(Maza Azzeddine)

2022 / 12 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


مرت ثلاث سنوات من انتخاب رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، في طي التاريخ وندخل سنة رابعة جديدة. في هذه الفترة من كل عام نجد أنفسنا، أفراداً وجماعات وبلداناً، في لحظة تقويم دوري: ماذا ربحنا منذ ثلاث سنوات من حكم السيد تبون وكم خسرنا؟
إذا ما تم توخي المقاربة الإيجابية فإن لا شيء أكثر أهمية في الجزائر الجديدة مثل بداية التعافي من حالة الفساد التي ميزت مرحلة حكم الرئيس المخلوع لطيلة عقدين كاملين، كادت فيهما أن تنهار الدولة الجزائرية من جراء استشراء الفساد في كل مفاصل الدولة الجزائرية،
عرّف البنك الدولي الفساد بأنه شكل من أشكال خيانة الأمانة أو الجريمة التي يرتكبها شخص أو منظمة يُعهد إليها بمركز سلطة؛ وذلك من أجل الحصول على مزايا غير مشروعة أو إساءة استخدام تلك السلطة لصالح الفرد. يمكن للفساد أن يشمل العديد من الأنشطة التي تتضمن الرشوة والاختلاس والنهب وسوء استغلال المسؤولية ،. يحدث الفساد السياسي عندما يتصرف صاحب المنصب أو أي موظف حكومي آخر بصفة رسمية لتحقيق مكاسب شخصية. الفساد هو الأكثر شيوعًا في الكليبتوقراطيات (حكم اللصوص)، والأوليغارشية (حكم الأقلية)، ودول المخدرات، ودول المافيا.
أن الفساد في عهد الرئيس المخلوع " السيد بوتفلقية عبد العزيز " أخذ أشكالا وصورا عديدة، كالإهمال في استخدام المال العام مما أدى إلى تبديده فيما لا ينفع الوطن والشعب ، واختلاس الممتلكات العامة أو استعمالها على نحو غير شرعي، أو استغلال الوظيفة العامة للحصول على امتيازات خاصة، والحصول على الرشاوى، والإثراء غير الشرعي واستغلال النفوذ والمحاباة وغيرها من الصور والأشكال، أن الفساد ارتبط في عهده أساسا بالوظيفة العامة والموظف العمومي، وينطوي بالضرورة على انتهاك للواجبات، وأن التصرفات والممارسات الفاسدة تتسم بالسرية دائما، ذلك أنها تتم في إطار الغش والتحايل.
قبل الحديث عن الفساد يجب العودة الى جذوره، الى التشريع الجزائري، الى غياب الشفافية وقوانين واضحة وفوق الجميع، الى عدالة لا يكون فيها القضاء الواقف تحت رحمة السلطة التنفيذية والقضاء الجالس مجرد موظفين في وزارة العدالة، يلتزمون بالتطبيق الأعور للقوانين على البسطاء دون الحوت الكبير.
فالفساد في الواقع هو إحدى المؤسسات الهلامية الحاكمة في البلاد والأكثر فعالية من بين الأجهزة النبيلة للسلطة بل ومن يحدد خط سيرها كونه منتوجا لها الهيئات ويجري تحت أعينها.
هناك سوء تسيير مقنن ومتعدد المستويات، تحكمه بيروقراطية من العهدين اليوناني والفرعوني تؤطره عبقرية جزائرية معجّزة في خصوصيتها.
فالرشوة في الجزائر هي في الأصل ترياق وعلاج، تستخدم في تشحيم المحازق الصدئة من أجل الدخول الى الحقوق والثروة والوصول الى صناع القرار الذين يلجأون اليها سواء في حياتهم الخاصة أو بصورة رسمية لشراء السلم الاجتماعي من خلال الدعم في شكل رشوة سياسية.
فالرشوة (الفساد) ظاهرة عادية جدا في الجزائر، سالب وموجب، مانح ومتلقي فإن لم تعرض عليك الرشوة يطلبونها منك بل وهي العقد الاجتماعي العرفي المتفق عليه ضمنيا.
فالجزائر دولة رائدة في ترقية الترتيبات والقواعد التي تحكم عرض وطلب الرشوة والتي يمكن تلخيصها في التوزيع الاداري للمنافع وفي المحاباة والمحسوبية وروح نهب الخزينة.
وهكذا أصبح حزب الرشوة أكبر كارتل يتجمع حوله جماعات المصالح والنفوذ والجماعات الضاغطة للدفاع عن المصالح الكبيرة الناجمة عن الرشوة، الكارتل الذي يجمع في صفوفه نبلاء النظام ومحيطهم الواسع الذي أصبح يتحكم في الحياة الاقتصادية والسياسية. والذين وجدوا الحماية الكاملة من الرئيس المخلوع.
إنها المجموعة الوحيدة المتضامنة أكثر من غيرها، تملك المال والسلطة وتجيد المناورة والاختراق واستخدام جميع الوسائل غير الاخلاقية للتصفية والتحييد بما فيها القذرة منها وحتى العنف من اجل الحفاظ على امتيازاتها وبقائها.
انها الحزب الذي تضاعف أعضاؤه بسرعة رهيبة في العقدين الأخيرين من حكم الرئيس المخلوع على وجه الخصوص، يتعارفون فيما بينهم بالنشاط وأحيانا بالاسم فقط، تجمعهم أروقة الادارة والموانئ حيث يكثر طلب وعرض الرشوة في بلد أدفع تمر. فهل يعقل الحديث عن محاربة الرشوة والفساد في الجزائر وحتى عن النمو والتنمية في ظل أجهزة هشة وقوانين بالية واجهزة مخترقة وعدالة مريضة وقضاة تابعين للسلطة التنفيذية وبرلمان لا يراقب ولا يحاسب السلطة التنفيذية وتحت الضغط وعرضة لفقدان الخبزة والمنصب والامتيازات.
فمن هو القاضي أو النائب العام الذي بإمكانه تحريك دعوى عمومية مثلا في قضية نهب للمال العام يملك أدلة اتباث عنها بدون ان يتلقى الضوء الاخضر من الحماة والرعاة والا سيجد نفسه في مهب الريح.
يقول الخبراء أن الجزائر خسرت في العشرية الفارطة أكثر من 30 مليار دولار أمريكي أخد جزء منها طريقه إلى حسابات سادة الجزائر وفتوتها الجدد وراء البحر والأخر تم تبييضه هنا وهناك بين الأهل والخلان والخليلات والعشيقات في شكل قصور وعقارات ومؤسسات عائلية.
لقد أصبح مصطلح [الفساد] بمثابة لفظة فاحشة وفعل مخل بالحياء يمارس على الدولة والأمة تحت سمع وبصر بقايا مجاهدين وتجار الذاكرة بثورة المليون ونصف المليون شهيد وهم يتفرجون على العهر السياسي والرعن الاقتصادي والهراء الثقافي وعلى التراجع الكبير للجزائر التي حولها الرئيس المخلوع الذي يزكونه إلى مرتع للفساد ومفرغة لأزبال الأمم المنتجة التي لا تملك قدرات الجزائر البشرية والطبيعية ومع ذلك لا أحد يضاهيهم في الوقاحة والتبجح والعلوية.
بلا حياء ولا وخز ضمير ولا خوف من الله ولا من الشعب الذي حولوه إلى نعجة قرناء، يعرفهم بسوء الأداء وفساد الأخلاق وبقوة الايذاء.
وهكذا تحولت الجزائر الى مدرسة كبيرة للفساد والإهمال واللامبالاة ومسرحا لمختلف اشكال النهب والافتراس والعنف من الناعم الى الخشن على مرأى ومسمع من مختلف المنظمات الحكومية وغير الحكومية.
لقد وقعت اشياء تتصل ليس فقط بالرشوة بل بنهب المال العام وانتشار الآفات الاجتماعية وفساد الأخلاق وغياب هيبة الدولة، ومع ذلك لم تتسبب في أدنى قلق عند السادة الجدد وذلك خلال العقدين الأخيرين من حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
بعد ثلاث سنوات من انتخاب
رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، تعزز مسعى الوقاية من الفساد في الجزائر الجديدة ومكافحته بعدة تدابير وآليات كرسها التعديل الدستوري الأخير من أجل بناء دولة الحق والقانون وإحداث القطيعة مع الممارسات السلبية التي أضرت بالاقتصاد الوطني وزعزعت الثقة بين المواطن ودولته
ويرتكز التغيير الشامل والحقيقي في مسار بناء جزائر جديدة ودولة قوية من خلال تبني استراتيجية متعددة الأوجه في مجال مكافحة الفساد ترتكز على عدة محاور
وفي هذا الشأن، تم استحداث السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته بموجب التعديل الدستوري لسنة 2020 كما يجري إعداد الاستراتيجية الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته باشراك كافة الاطراف المعنية، في انتظار أن ترتقي الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته بحكم الدستور الجديد إلى سلطة عليا للوقاية من الفساد ومكافحته. وقد صرح السيد رئيس تبون قائلا :
"أدرك تمام الإدراك طموحات الشعب، لعدالة حقة وإلى الازدهار والتنمية في جزائر جديدة مهابة الجانب، تتبوأ مكانتها التي تستحقها على الصعيدين الإقليمي والدولي، مكانة تتناسب وقدراتها البشرية والمادية وتتوافق وتضحيات أبنائها الجسام خلال ثورة التحرير المظفرة وعبر مختلف محطات تاريخها المجيد".
وعلى الصعيد الدولي اعتبر تبون أن الجزائر "تمكنت من العودة إلى الساحة الدولية وهي ساعية دائما إلى احترام المواثيق الدولية". واعتبر الرئيس تبون أن المراجعة العميقة التي قام بها للدستور، في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، "كرست محكمة دستورية تمثل حصنا منيعا للديمقراطية واستقرارا للنظام الجمهوري، في جزائر حريصة على حماية كرامة الإنسان وتكريس احترام حقوقه".
نشرت وسائل إعلام جزائرية عمومية وخاصة وتابعة للجيش، حصيلة أعمال الرئيس عبد المجيد تبون، بمناسبة مرور 3 سنوات على وصوله إلى الحكم في 12 ديسمبر (كانون الأول) 2019. وقالت «مجلة الجيش»، لسان حال وزارة الدفاع في عددها لشهر ديسمبر، إن الجزائر «قطعت خلال السنوات الثلاث الأخيرة أشواطاً معتبرة في مسار الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وترسيخ دعائم الديمقراطية وتكريس دولة القانون، بهدف إرساء أسس جزائر جديدة». وأشارت إلى أن «كل الدلائل والمؤشرات تثبت اليوم، بما لا يدع أي مجال للشك، أن الجزائر انتهجت طريق التغيير ضمن خطة شاملة للتقويم الوطني، تسير بخطى ثابتة وموثوقة نحو استكمال بناء الجزائر الجديدة على أرض الواقع».
وقالت النشرية العسكرية إن «الإصلاحات العميقة والتوجه الجديد للدولة، والنتائج المحققة ميدانياً إلى حد الساعة، وعلى أكثر من صعيد، منحت الشعب الجزائري أملاً كبيراً في غد أفضل، وهو يلمس أولى ثمار الجزائر الجديدة»، وأبرزت أن الجزائريين «استعادوا ثقتهم في مؤسسات دولته، وازدادوا اقتناعاً بأن المسار الوطني المنتهج سيمكّن من إحداث تغيير حقيقي، وانطلاقة جديدة لبلادنا، ما يؤهلها لتبوّء مكانة لائقة بين الأمم».
وأكدت «مجلة الجيش» أن تبون «انتهج ضمن خطته لإصلاح شامل للدولة، ومؤسسات الجمهورية، خطاباً جامعاً، إلى جانب أخلقة السياسة والحياة العامة، وتعزيز الحكم الراشد، وتبين للجميع أن الانسجام صار جلياً بين مؤسسات الدولة في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية».
إن الجزائر «حققت على مدار 3 سنوات من حكم الرئيس، قفزات كثيرة في مؤشرات الأداء بالنسبة لسعر صرف الدينار، وفائضاً في الميزان التجاري، وارتفاعاً في المداخيل وفي الصادرات خارج المحروقات، وغيرها من الأرقام الإيجابية، أهّلتها لتكون واحدة من الاقتصادات القوية في مواجهة أزمة (كورونا) التي انحنت أمامها أكبر الاقتصادات العالمية». وأكدت الصحيفة أن «هذه المؤشرات أتاحت للجزائر أن تترشح بدءاً من سنة 2022 لولوج تجمع (بريكس)، وهو النادي الاقتصادي للكبار، الذي كان ولا يزال حكراً على الدول صاحبة أعلى معدلات النمو في العالم»
فجزائر اليوم التي تتجه بخطى موثوقة في اتجاه مصاف الدول الاقتصادية، تتمتع باستقرار سياسي واجتماعي وبناء مؤسساتي متين، وبسيادة القرار المتحرر من كل مديونية خارجية، تستميت في الذود عن تاريخها ومكانتها الدولية كقوة محورية إقليميا، وتعمل بثبات بقيادة رئيس منتخب جامع للوصول إلى تنمية متكاملة انطلاقا من مواردها المادية والبشرية. نعم، لا يختلف اثنان في أن الجزائر الجديدة أصبحت واقعا، وأن ما تشهده بعد ثلاث سنوات من تسيير الرئيس تبون، هو مسار بخطوات ثابتة وقاعدة صلبة لثورة حقيقية وتطوّر كبير وتحوّلات جذرية تجلّت في جميع مناحي الحياة وعلى جميع المستويات الداخلية والخارجية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أجواء من البهجة والفرح بين الفلسطينيين بعد موافقة حماس على م


.. ما رد إسرائيل على قبول حماس مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار؟




.. الرئيس الصيني شي جينبينغ يدعم مقترحا فرنسيا بإرساء هدنة أولم


.. واشنطن ستبحث رد حماس حول وقف إطلاق النار مع الحلفاء




.. شاهد| جيش الاحتلال الا?سراي?يلي ينشر مشاهد لاقتحام معبر رفح