الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يستطيع صندوق الحرب الروسي الصمود ؟

مرزوق الحلالي
صحفي متقاعد وكاتب

(Marzouk Hallali)

2022 / 12 / 19
الارهاب, الحرب والسلام


من غير المرجح أن ينهار الاقتصاد الروسي نتيجة تراجع عائدات النفط. ما سيؤثر عليه بالتأكيد هو تراجع تنمية روسيا واستثماراتها طويلة الأجل في مشاريع جديدة. فخلال عقد من الزمان ، ستصبح مكانة "القوة العظمى" في مجال الطاقة – كما ادعت موسكو - في خبر كان.

بعد عدة أشهر من الجدل والاستعدادات ، فرضت الولايات المتحدة ودول أخرى في مجموعة السبع حدًا أقصى لسعر النفط الخام الروسي في 5 دجنبر. في الأشهر العشرة منذ غزو روسيا لأوكرانيا ، كانت هذه أول محاولة جادة من قبل الغرب لخفض عائدات النفط الروسية. ، والتي تظل أكبر بقرة حلوب لروسيا.

حتى الآن ، استهدفت معظم العقوبات القطاع المالي والتكنولوجيا. حظرت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا وكندا واردات النفط والبتروكيماويات الروسية في مارس ، لكنهم استوردوا على أي حال كميات ضئيلة. في غضون ذلك ، أرجأ الاتحاد الأوروبي تطبيق الحظر النفطي الذي تم تمريره في يونيو ، وفرض حظر على البتروكيماويات حتى فبراير.

يهدف سقف السعر إلى حل المهمة الصعبة المتمثلة في منع الكرملين من تجديد صندوق الحرب مع تجنب إثارة ارتفاع في أسعار النفط العالمية عن طريق إزالة أحد أكبر المصدرين من السوق ، لأن مثل هذا الارتفاع يمكن أن يلغي أي خسائر تشعر بها روسيا من حيث حجم الصادرات. لكن هل ستنجح؟

بعد فرض العقوبات في الربيع ، أعادت روسيا في الغالب توجيه صادراتها النفطية إلى الصين والهند وتركيا. ومن المرجح أن تفعل الشيء نفسه مع 1.2 مليون برميل يوميًا المتبقية والتي تم إرسالها إلى أوروبا حتى وقت قريب. وبالتالي ، فإن السؤال الأول هو كيف سيتفاعل المستوردون الآسيويون مع سقف السعر: هل سيخاطرون باستخدام شركات النقل وشركات التأمين غير الغربية (حيث يُحظر على الغربيين نقل وتأمين شحنات النفط الروسي التي تُباع بأسعار أعلى من الحد الأقصى) ، وإنشاء سلاسل لوجستية بديلة مع روسيا؟

أعلنت الهند بالفعل مواصلتها شراء النفط الروسي ، باستخدام شركات غير غربية للحصول على تلك الإمدادات ، لكن قدرة البلاد على تكرير الإمدادات من روسيا ليست غير محدودة. لم توضح الصين وتركيا مواقفهما بوضوح بعد ، لكن الواردات التركية من روسيا نمت بشكل كبير هذا العام ، ومن المرجح أن تظل تركيا مركزًا للنفط الروسي.

كما يتيح سقف السعر للمشترين الآسيويين الحصول على خصومات كبيرة على النفط الروسي. قد لا تفرض الصين والهند الحد الأقصى رسميًا ، ولكن من الصعب تخيل أن الشركات من تلك الدول لن تستخدمها لمقايضة السعر. في الواقع ، هذا ما يحدث بالفعل: بيعت بعض الشحنات إلى الصين التي كان من المقرر تحميلها على ناقلات في يناير بسعر 5-6 دولارات للبرميل أرخص من المعتاد.

أما السؤال الثاني فهو إلى أي مدى ستحارب روسيا بشدة سقف السعر؟. قال المسؤولون الروس مرارًا إنهم لن يقبلوا سقفًا للسعر ، وهددوا بالتوقف عن العمل مع أي شخص يلتزم به ، حتى لو كان ذلك يعني أن على روسيا خفض إنتاجها النفطي ، وبالتالي تتعرض لضربة اقتصادية.

كما قامت روسيا باستعدادات عملية في الأشهر الأخيرة ، حيث وسعت أسطولها من الناقلات لتلبية احتياجات النقل الخاصة بها ، وأقامت اتصالات مع "أسطول الظل" الذي تم تجميعه وإعداده منذ سنوات عديدة لنقل النفط الإيراني بعد الحظر الغربي المفروض عليه. وتعمل روسيا أيضًا على إنشاء شركة تأمين خاصة بها وتقيم علاقات مع شركات التأمين في البلدان النامية.

إذن ، إلى أي مدى سيكون الحد الأقصى للسعر محسوسًا وله تداعيات في البداية في روسيا؟ في الأسبوع الثاني من دجنبر ، كانت أسعار السوق لخام "الأورال الروسي" أقل من الحد الأقصى البالغ 60 دولارًا ، وانخفضت إلى 43.73 دولارًا في 7 دجنبر. وفي الوقت نفسه ، أدى تطبيق الحد الأقصى للسعر إلى ارتفاع أسعار الشحن بسبب نقص في الناقلات المستعدة لتحمل المخاطر الجديدة لنقل النفط الروسي. فإذا بقيت أسعار النقل على ما هي عليه ، فقد تنخفض عائدات بيع خام "الأورال" إلى 40-45 دولارًا للبرميل.

ففي جميع الاحتمالات ، لن يكون من الممكن إجراء تقييم مستنير لتأثير غطاء النفط للأشهر الستة المقبلة. هناك قدر كبير من عدم اليقين في السوق وحول طريقة عمل سقف السعر نفسه. في الأسبوع الأول بعد اعتماده ، انخفضت شحنات الخام الروسي بشكل كبير: بنسبة 16 في المائة في 6 دجنبر ، أو حوالي نصف مليون برميل يوميًا ، وفقًا لشركة - Kpler - لتحليل البيانات (1).
_____________________
(1) - شركة رائد في حلول الشفافية في أسواق السلع الأساسية. وتشمل الأسواق المغطاة الغاز الطبيعي المسال وغاز البترول المسال والنفط الخام والمنتجات البترولية النظيفة. توفير تحاليل للشركات الكبرى لضمان السبق في اتخاذ القرار عن دراية. هي شركة دولية لها ستة مكاتب في جميع أنحاء العالم - هيوستن ونيويورك ولندن ، باريس ودبي وسنغافورة.
___________________

مع حدوث صدمة أولية وتراجع في أحجام الصادرات - بسبب اختفاء بعض سلاسل التوريد السابقة ، ودرجة عالية من عدم اليقين ، ، يمكن توقع ، في بداية عام 2023 ، انخفاض في كل من حجم الصادرات والإنتاج ، ولكن مع احتمال حدوث انتعاش في كلا المجالين. لكن ، يبدو أن انخفاض الإيرادات بالنسبة لروسيا أمر لا مفر منه. بعد تطبيق الحد الأقصى للسعر ، ضاعفت وزارة المالية الروسية عجز الميزانية المتوقع بأكثر من الضعف من 0.9 في المائة إلى 2 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي. وفي العام المقبل ، تتوقع الوزارة أن تنخفض عائدات النفط والغاز بنسبة 23 في المائة ، لكن قد تكون هذه توقعات متفائلة ، لأن الميزانية الروسية تعتمد على أسعار النفط بين 62 و 70 دولارًا للبرميل.

ومع ذلك ، من غير المرجح أن ينهار الاقتصاد الروسي نتيجة لتراجع عائدات النفط. على الأرجح ، سيكون الركود في عام 2023 مشابهًا لذلك الذي شهده الوباء في عام 2020 ، ولن يكون كافيًا لإجبار روسيا على إنهاء حربها ضد أوكرانيا.

حتى لو انخفضت عائدات النفط بشكل كبير ، فإن صندوق الثروة الوطني كبير بما يكفي لتمويل الحرب الروسية لمدة عام آخر أو ثمانية عشر شهرًا. فما سيؤثر عليه، فعلا، هو التراجع الأكيد في مجال تطوير روسيا واستثماراتها طويلة الأجل في مشاريع جديدة ، سواء في الوقود الأحفوري أو التكنولوجيا الخضراء. وبعد عقد من الزمان ، كحد أقصى، ستصبح مكانة القوة العظمى في مجال الطاقة التي ادعتها روسيا، في خبر كان لا محالة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -عفوا أوروبا-.. سيارة الأحلام أصبحت صينية!! • فرانس 24


.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص




.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس


.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري




.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ