الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فوضى الزمان

طارق المنيظر

2022 / 12 / 19
الادب والفن


ولدنا بقنة أعالي الجبال، لا مستوصف ولا مولدة تتسلمنا من أرحام أمهاتنا إلا العراء والبرد. لم نصدق بعد حكاية مقاومتنا حتى الآن، ولا سر بقائنا على قيد الحياة رغم فرط المعاناة. لكن للأيام وللأقدار قرار آخر في إنقاذ من رُسِم الموت أمام أعينهم وهم في الأرحام. هيا بك! خط واكتب هذه العبارة لتؤكد لنفسك أن الحياة لا تُهدى ولا تُعطى دون عناء المقاومة والمشاكسة من أجل البقاء. حرر حياتك واجعلها تجربةً تُخلد ولا تجعل منها عابرة تُنسى.
لا حياة لمن لم يلامس الخطر، ومن لم يجعل من مكان ولادته تاريخا وصورة. كم يصبُّون الأمل على نفوسنا! ربما بغية تطويعنا على الاستمرار! لكن الوقت قد جمع زمامه وتوغل في عشب الأحلام على أنقاض مدراج الفرح. جعل الأيام فوضويةٌ في تفاصيلها، عالقة بين جدران الذكريات والنداءات. لكن هذا الوقت نفسه مكلل بالفرح على استعداد لمراكمة التجارب.
لا وجود لمناخ معتدل ولا لأحوال جوية مستقرة. فاللاّوقت خزان للألغاز. جلسنا كثيرا على العتبات نتأمل تحليق الطيور ونسمع تغريد العصافير ونرثي الوقت باللاوقت. نؤدي الضرائب دون فواتير خائفين من فوات أوانها. شبقُ البقاء يتملكنا. نتيه في دروب الزمان ونلقي إطلالة خفية على قبرونا. كلما أعددنا أنفسنا لانتظار "الزوال" اقتربنا أكثر من الانتفاء من شدة الانتظار. ما هذا التاريخ اللعين! لا بداية له ولا مؤشرات واضحة تحيل على اقتراب نهايته وبداية مفهوم جديد غير مفهوم...
صوتُ الأزمات الأجشّ كالبركان ورائحة الموت يزلزل نفوسا اعتادت العيش في هدوء يتراوح بين القلة تارة والتمام تارة أخرى. هذا الصدى العابر للقرية متجاوزا الانتظارات الآدمية كلها، ضاربا عرض العبث كل الأحلام والآمال ليقود أهل البلدة إلى وجهة محفوفة بالشكوك.
ألم الرأس يأتي بشكل حاد ومؤلم! تشعر كأن سحايَا رأسك قد اوشكت على الانفجار، تقول سينتهي كل هذا وستقف هذه الزوبعة. كل هذا الوخز له نهاية وسينتفي! لكن الرياح تجري بما لم تشتهه السفن.
الأرض التي عشقناها صارت عليلة، الحياة باتت تغدو بسرعة نحو الانطفاء! بات من الصعب تقاسم الأوكسجين مع الناس والأحبة. من مات مات ومن ينتظر ساعته في تعب وأرق لا يحسد عليهما. الجو مخيف تخيم عليه نبرات الحزن ونفحات الموت والكآبة. أهكذا تحرك فينا غريزة حب البقاء كل هذه العلل؟ إنه زمن موحش سيجعل كل واحد منا، لا محالة، يأخذ مكانه أو حظه المعلق بين الحياة والموت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??