الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تشابه الأضداد : نظام الأمن السابق.. نظام الشرطة الحالي

موفق الرفاعي
كاتب وصحفي

(Mowaaffaq Alrefaei)

2006 / 10 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لا نرى في أجهزة الأمن فرقا كبيرا عمّا كانت عليه الأجهزة الأمنيّة السابقة من حيث الأساليب والتوجهات وحتى من حيث الآليات المستخدمة في التعامل مع الآخر أيا كان ذلك الآخر قريبا أم بعيدا يتفق معها في التوجهات أو يتقاطع. ولم تكتف أجهزة الأمن اليوم باستعارة ذلك من النظام السابق، فقد (أبدعت) أساليب جديدة و(طوّرت)أخرى فيما يخص أمور التحقيق ووسائله المتخلفة-تعذيب المعتقلين-وفي طرق ترغيب المواطنين أو ترهيبهم.
لا شك أن وطأة أعمال الإرهاب التي تطال الأبرياء مدنيين وعسكريين شديدة، وأن أماكن في بعض المدن العراقية أضحت ملاذات آمنة للإرهابيين، وإلا ما استطاعوا القيام بعملياتهم التي تفاجئ الجميع بما فيهم قوى الأمن رغم امتلاكها الكثير من القدرات التسليحية والتدريبية إضافة إلى الخبرة الميدانية الحية، وأن من حق قوى الأمن التقصي عنهم ومطاردتهم ومداهمتهم في أي مكان يتواجدون فيه من اجل قبر مخططاتهم في مهدها، أو للاقتصاص منهم جراء ما اقترفوه من جرائم، غير أن ذلك كله لا يبرر أبدا أساليب الترويع التي تقوم بها قوات الأمن للآمنين والأبرياء حتى حين يكون أولئك الأبرياء هم أهالي أو أقارب الإرهابيين.
ان للبيوت حرمتها التي كفلها العرف والدين والقانون، وأن لدور العبادة –جميع دور العبادة بلا استثناء-لا شك حرمة كفلتها الأعراف والأديان والقوانين أيضا، وانه لا يجوز تحت أي ظرف من الظروف، أو ذريعة من الذرائع انتهاكها فهناك بلا شك أساليب أخرى في التفتيش والتحرّي حين يتعلق الأمر بها.
إن(تقاليد) في الدهم والتفتيش والضبط والاعتقال دخيلة، لم تكن معروفة لدى قوات الأمن في العراق، ولا هي متعارف عليها لدينا، صارت من سمات قوات الأمن الحالية، لا تقرها لا الشرائع الدينية ولا الأعراف الاجتماعية ولا القوانين المرعية.
كنا في الماضي نخشى (زوّار الفجر) الذين هم منتسبو مديريات الأمن والمخابرات فإذا بجهاز الشرطة اليوم، هذا الجهاز المدني شبه العسكري الذي يفترض به أن يعمل بالنور وفي وضح النهار والمنوط به تنفيذ القانون، يتحول للعمل في الظلام، فلا تحلو له المداهمات والاعتقالات إلا والناس في عز نومهم في الهزيع الأخير من الليل.والأكثر غرابة أن أفراد هذا الجهاز لا يستأذنون فيطرقون الأبواب، بل يدخلون في أحيان كثيرة غرف النوم دون وازع من غيرة أو دين، ولا يكتفون بهذا وإنما يتخبطون فيحطمون كل ما يعترض وما لا يعترض طريقهم تاركين وراءهم كل شيء مدمرا بدءا من الأثاث وانتهاءً بالنفوس البشرية. ولم تسلم من هذه الأساليب والتجاوزات حتى دور العبادة.
هذه الأساليب الرامبوية لا تناسب أبدا تقاليد مجتمعنا المحافظ، وليس بالضرورة تطبيقها لاْن القوات الأمريكية المحتلة التي تدرب قوات الأمن العراقية تستخدمها. لأن تلك القوات حين تستخدمها لا تستخدمها داخل الولايات المتحدة الأمريكية، وبمواجهة مواطنيها، إنما حين تكون خارج أراضيها في مهماتها(المقدسة!) وفي مواجهة (العبيد!)، من أبناء الدول المتخلفة المحتلة فحسب.
إن بناء دولة المؤسسات، ودولة القانون يتطلب من المسؤولين عن الأمن أن تتسع صدورهم للكثير مما سيواجهونه وأن يتم التصرف حتى مع المجرمين والإرهابيين على وفق ما يحدّده قانون متحضّر في القبض عليهم وإدانتهم ومعاقبتهم العقوبة القانونية التي تتناسب والجرم الذي اقترفوه أو الجناية التي ارتكبوها، نكالا أو إصلاحا، وليس ثأرا وانتقاما، فالدولة المتحضرة الديموقراطية، دولة المؤسسات والقانون هي دولة تنظر إلى مواطنيها بعين سمكة، الجميع أمامها سواء ووفق القانون الذي يجب أن يحترمه المسؤول ولمواطن العادي سواء بسواء.
بناء الدولة العراقية الجديدة يواجه تحديات كثيرة وكبيرة ربما كان أهمها هو الكيفية التي يجب على الأجهزة الحكومية والتنفيذية منها خاصة التعامل بها مع المواطن والتي يجب أن تبنى على الاحترام، وأن تشعر تلك الأجهزة أنها تنفذ إرادته وتؤدي خدماتها إليه وأنها تطبق القانون لحمايته.وبعكسه فإننا نكون قد استبدلنا نظاما سيئا بآخر مثله أو أكثر سوءًا منه.وهذا ما لا يجب أن يحدث.
ان ما جرى قبل أيام من حل أو تفكيك اللواء الثامن في الشرطة العراقية لعلاقته بما يطلق عليها بـ(فرق الموت) أضحى دليلا ماديا على تحول جهاز الشرطة العراقية من جهاز لحماية المواطن وفي خدمته إلى جهاز داعم أو ساند للإرهاب، وما كان للقتلة والإرهابيين أن ينفذوا جرائمهم لولا دعم بعض قوات الشرطة ومساندتهم، وما اتخذ من إجراء بحق اللواء الثامن في بغداد يجب اتخاذه بحق تشكيلات أخرى تمارس نفس الدور في محافظات عراقية غير بغداد، كما يجب على الحكومة تبني حملة توعية إعلامية واسعة من أجل تبصير المواطن بحقوقه التي كفلها الدستور والقوانين المعمول بها، وتثقيف جهاز الشرطة بالكيفية القانونية التي يجب التعامل بها مع المشتبه بهم على انهم أبرياء حتى تثبت إدانتهم وليسوا مجرمين حتى تثبت براءتهم. والأهم من كل ذلك: إعادة النظر في الأسس التي تم تشكيل جهاز الشرطة العراقية بموجبها وتشديد الرقابة القضائية على أفراده وعلى المعتقلات وعدم التساهل مع أي مخالف منهم مهما بلغت رتبته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ


.. مسيرة تجوب شوارع العاصمة البريطانية لندن تطالب بوقف بيع الأس




.. تشييع جثمان مقاوم فلسطيني قتل في غارة إسرائيلية على مخيم جني


.. بثلاث رصاصات.. أخ يقتل شقيقته في جريمة بشعة تهز #العراق #سوش




.. الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إنسانية عبر الرصيف ا