الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروع أمريكي لاستبدال الحروف العربية 4/5

ضياء الشكرجي

2022 / 12 / 19
العولمة وتطورات العالم المعاصر


ولكن المشروع المدعى الذي يدعو فيما يدعو إلى كتابة القرآن بالحروف اللاتينية، ولحد هنا لا أرى شخصيا مشكلة كبيرة، لكن المشروع حسب المقالة يقول إن هذا التغيير "سيتيح لأول مرة إدخال العديد من التعديلات الإيجابية على هذا الكتاب، الذي يتضمن العديد من المبادئ والأفكار التي تحض على عدم التعاون مع الآخرين ونشر العنف والكراهية" فهذا محال، لأنه من الممكن إقناع المؤسسات الدينية الإسلامية يوما، سواء في هذا القرن أو القرن الثالث أو الرابع والعشرين، لكن طالما هناك تمسك من أكثر المسلمين بدينهم، فلا يمكن بأي حال التلاعب بالنص القرآني.
ويتدارك المشروع بالإقرار بـ"أنه في إطار المطالبة بتعديل النص العربي الحالي للكتاب المقدس للمسلمين (القرآن) فإن هناك صعوبة بالغة تصل إلى حد الاستحالة، وأن واحدا من الخبراء العرب المرموقين أكد مرارا أنه من المستحيل أن تجد شخصا في العالم العربي والإسلامي يوافق على تعديل الكتاب المقدس (القرآن) باللغة العربية القائمة حاليا، وأن أي جهد دولي في هذا الشأن سيكون لا قيمة له" وهذا ما لا يحتاج إلى السؤال من خبير، بل يفترض بمن يقدم على هكذا مشروع أن تكون هذه المعلومة عنده بدرجة البداهة، وإلا فكيف يقدم على مشروع يخص العرب والمسلمين، ولا معرفة له كيف تفكر الأكثرية منهم؟ وأشك في الترجمة أو المقالة أكثر من شكي في أصل المشروع، فمن غير المعقول أن مؤسسة تضطلع بمثل هكذا مشروع تقع في التناقضات المضحكة، فتارة تريد إجراء تعديلات على القرآن، ثم تعود لتقول: "ويرى المشروع أن نقل الكتاب المقدس (القرآن) باللغة والأشكال الجديدة في البداية يجب أن يكون أمينا ودقيقا، لأن هذا الكتاب المقدس القرآن سيكون مراقبا بدقة من العديد من الهيئات الدينية ورجال الدين في الدول العربية والإسلامية"، لكن يعود ليقول: "وأنه من الأساسيات المهمة أن يتم تبديل وتغيير هذا الكتاب في مراحل لاحقة"، وكأنه يريد أن يجعل كتابة القرآن بالحروف اللاتنية كمرحلة أولى، ثم يعقبها في مرحلة لاحقة بتحرف متن القرآن، فيقول "إن تغيير الكتاب المقدس القرآن يجب أن يتم بشكل تدريجي وبطيء". فأقول هنا في الوقت الذي يمكن تغيير النص القرآني بدون يهيج غضب المسلين، يعني أن المسلمين أو غالبيتهم لم تعد لهم مشكلة في ذلك، وهذا لن يكون بعد اعتماد الأكثرية العظمى منهم للثقافة العلمانية الليبرالية، وعندها لن تكون هناك أي حاجة لمثل هذا المشروع. ثم يطرح المشروع تحقيق هدف تغيير، أو لنقل تحريف القرآن بعشر مراحل، أراها بصراحة في غاية السذاجة، وهذه المراحل هي: 1) أن يتم التعبير عن الآية القرآنية في البداية بفكرة جديدة، ولكنها تؤدي ذات المعنى. 2) التعبير عن الآية بفكرة قريبة منها. 3) تغيير فكرة الآية دون اصطدام مع الفكرة الأصلية. 4) تغيير الفكرة بما يؤدي إلى التشكيك في الفكرة الأصلية. 5) زيادة الألفاظ والعبارات في ذات الفكرة لزيادة مساحة التشكيك في الفكرة الأصلية. 6) القبول والإقناع بتفسيرات جديدة لهذه الفكرة الأصلية، بما يؤدي إلى محو معناها الذي كان قائما لفترات طويلة في أذهان الناس. 7) دراسة ردود الفعل حيال كل الخطوات السابقة من الآخرين ومجابهة المعترضين علي التغيير البطيء. 8) تغيير الفكرة الأصلية وإحلال الجديدة محلها بشكل نهائي. 9) دراسة المحتوى العام للآيات السابقة واللاحقة ومدى توافقها مع الفكرة الجديدة من حيث تعديل الألفاظ والعبارات التي تم تعديل الآية تبعا لها. 10) اتساق محتوى الآيات السابقة واللاحقة مع الآية التي تم تغييرها وذلك من خلال العودة من جديد إلى الخطوة الأولى.
أؤكد على سذاجة من وضع هذه المرحل، إذا صدقت الأسبوع المصرية. فإذا شخص أن دينا ما، أو فهما أو أكثر من فهم لذلك الدين يشكل مشكلة للمجتمع الإنساني، فالعلاج لا يكون بتغيير لغة ما، ولا بإصدار نسخة منقحة للكتاب المقدس لدين ما، بل ذلك يعالج بالفكر، كما فعلت حركة التنوير في أوربا. فالنسخة التي يراد لها أن تكون بديلة للأصلية لن تتمكن من إلغاء النسخة الأصل، وسيبقى المؤمنون بها متمسكين بها، وسيهملون النسخ البديلة، بل طالما كان التطرف سائدا في أوساط المسلمين، ستثور ثائرتهم بشكل هيستيري يكون أضعاف ما حصل من ردود فعل على الرسوم الكاريكاتيرية في كانون الثاني ٢٠١٥. كما مر إذا لم تكن هناك ردود فعل غاضبة وعنيفة، يعني أن الأكثرية من المسلمين، إما لم يعودوا متطرفين، وإما إن الكثيرين سيكونون قد تخلوا عن الدين، كما سيحصل ربما في وقت ما من الصعب التخمين به مع أتباع كل الديانات. فلم كل هذا الجهد إذن؟
والغريب كل الغرابة أن المشروع - إن وجد فعلا - يعتقد أن تغيير شكل الحرف سيؤدي إلى إنهاء "طبيعة التوجهات العدوانية للعرب (...) وسيقلل من حدة العداء والكراهية المتأصلة لدى المواطنين العرب ضد أمريكا والغرب بصفة عامة" هل من المعقول إن هذا يمثل نتيجة لدراسة معاهد مختصة وأكاديميين وعلماء نفس؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم