الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثبات السياسة الإستقلالية العربية في مواجهة الأطماع الأمريكية-الفارسية في المنطقة

مهدي سعد

2006 / 10 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


في خضم هذه المرحلة المفصلية التي تمر بها المنطقة العربية وتزاحم الأحداث السياسية والعسكرية لا بد من موقف يقرأ هذا الواقع ويحاول أن يفسر طبيعة الفترة القادمة وما تحمله لنا من مفاجآت وتُطرح من خلاله السياسات التي من شأنها أن تحفظ كرامة العرب وتصون إستقلالهم وتجعل من المنطقة العربية واحة للديمقراطية والحريات لمواجهة الأطماع الأمريكية- الفارسية التي تريد العبث بمقدرات العرب والسيطرة على ثرواتهم .

لا شك أن الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل شكلت منعطفًا حادًا في تاريخ الصراع العربي- الإسرائيلي ، وذلك راجع إلى عمق التغلغل الإيراني في بلاد العرب عمومًا وفي لبنان خصوصًا من جهة ومشروع الولايات المتحدة للشرق الأوسط الجديد من جهة أخرى .

فهذه الحرب في جزء كبير منها لا يمكن أن نضعها في إطار الصراع العربي- الإسرائيلي ، وذلك لأن لبنان الذي جرت الحرب على أراضيه لم يكن إلا ساحة لصراع دولي بين القطبين العالميين الجديدين : الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها إسرائيل من جهة والجمهورية الإسلامية الإيرانية وأداتها "الحزب اللهية" من جهة أخرى ، وهذا الأمر يجعلني اسمي هذه الحرب "الحرب الأولى" في سلسلة الحروب القادمة بين "الفرس" و "الروم" كما صح لأحد الكتاب أن يسميها ، وليست "الحرب السادسة" كما روجت لذلك قناة الجزيرة الفضائية .

وأخشى ما أخشاه أن تظل بلاد العرب ساحة مفتوحة لهذا الصراع الإقليمي الذي لا يعنينا كعرب ولا دخل لنا فيه ، ولذلك لا بد لنا من تدعيم صفوفنا لمواجهة هذه الأخطار المحدقة بنا .

لكن السؤال : كيف ؟؟

حسب اعتقادي بإمكاننا القيام بالعديد من الخطوات التي من شأنها أن تحفظ إستقلال العرب وترد الأخطار عنهم ، ومن هذه الخطوات :

1- تعزيز إستقلال الدول العربية ورفض التبعية لأي جهة خارجية في هذا العالم مما يحفظ للعرب كرامتهم ويصد كل المحاولات التوسعية للقوى الإمبريالية الأمريكية والفارسية في المنطقة ، فموقف العرب من هذا الصراع الدولي الجديد يجب أن يكون موقفًا محايدًا وغير متحيز لأن كلا طرفي هذا النزاع لا يريد الخير للعرب .

2- تبني مفهوم حديث للعروبة يزيل الشوائب التاريخية التي علقت بها وجعلت البعض ينفر منها بسبب النظريات القومجية المتطرفة ذات الطابع الإستبدادي والتي هي ليست من العروبة الحقة بشيء ، فالعروبة الجديدة المطلوبة هي العروبة الحضارية والثقافية التي شكلت الوعاء التاريخي للعرب في مختلف أماكن تواجدهم ، أضف إلى ذلك أن هذه العروبة يجب أن تؤسس على ضرورة التاضمن العربي وتمتين أواصر العلاقات الأخوية بين الدول العربية مع ضرورة الحفاظ على إستقلال وسيادة هذه الدول .

3- تبني الخيار الوطني الديمقراطي الذي يؤكد على الإلتزام بالثوابت الوطنية والعربية من جهة ويعزز الحياة الديمقراطية في النظام السياسي ويطلق الحريات الشخصية والعامة للمواطنين من جهة أخرى .

4- التأكيد على إلتزام العرب بقضيتهم المركزية الأولى (قضية فلسطين) ، والدفاع عنها في المحافل الإقليمية والدولية ، وذلك لكبح جماح محاولات نظام ولاية الفقيه في إيران لسرقة قضية فلسطين من أصحابها الشرعيين الذين هم العرب ، وهذا يستتبع ضرورة تفعيل مبادرة السلام العربية التي أطلقها العاهل السعودي جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز في قمة بيروت العربية عام 2002 ، لأن هذه المبادرة تشكل القاعدة الصلبة لأي تسوية مستقبلية في المنطقة .

عن طريق كل هذه الأمور وغيرها بإمكاننا مواجهة الأطماع المحدقة بالمنطقة العربية وتعزيز الحياة الديمقراطية في بلداننا .

لبنان كنموذج لحركة الشعوب العربية نحو الحرية والإستقلال :

شكلت إنتفاضة الإستقلال أو ثورة الأرز كما يحلو للبعض أن يسميها والتي قادتها ما بات يعرف بقوى الرابع عشر من آذار ، شكلت هذه الإنتفاضة نقطة تحول هامة في التاريخ العربي الحديث ، حيث أطاحت بنظام الوصاية الذي كان قائمًا في لبنان وقضت على أغلبية رموزه وأقامت نظامًا سياسيًا إستقلاليًا وديمقراطيًا جديدًا ، وذلك بدون إراقة قطرة دم واحدة .

هذه الإنتفاضة التي أكدت إلتزامها العميق بانتمائها العربي وتمسكها المطلق بقضية فلسطين ستكون أكبر ملهم لحركة الشعوب العربية في المرحلة المقبلة نحو تمتين دعائم إستقلال الدول العربية في وجه المطامع المختلفة من جهة ، ونحو المزيد من الحريات للمواطنين الحالمين بتغيير الأنظمة الحالية تمهيدًا لإقامة أنظمة ديمقراطية يكون للشعب وقواه الحية ونخبه المثقفة وأحزابه المختلفة ومنظمات المجتمع المدني التي يمتلكها الدور المركزي في تحديد معالمها المستقبلية من جهة أخرى .

وهنا أود الرجوع إلى كتابات شهيد الحرية الصحفي سمير قصير ، الذي كان يؤكد دومًا على أن ديمقراطية سوريا كفيلة بضمان إستقلال لبنان ، كما كان يصر على حرية فلسطين كخطوة ضرورية نحو غدٍ عربي مشرق يكون فيه للإنسان القيمة العليا في الدولة التي يجب أن تسهر على راحة مواطنيها وذلك عبر تبني نظرة "العدالة الاجتماعية" المستوحاة من الفكر الإشتراكي الذي عمل سمير قصير على تطويره في حركة اليسار الديمقراطي التي شكل تأسيسها لحظة بارزة في الطريق نحو تجديد الفكر اليساري العربي الذي كان قد بدأه المعلم والقائد الشهيد كمال جنبلاط عبر طرحه للإشتراكية الأكثر إنسانية ، وفي إعتقادي إن هذا اليسار وهذه الإشتراكية (اليسار الديمقراطي والإشتراكية الإنسانية) هما الأمل لغد عربي مشرق تسوده الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الاتهامات المتبادلة والدعم الكامل.. خبايا العلاقة المعقد


.. الشيف عمر.. أشهر وأطيب الا?كلات والحلويات تركية شغل عمك أبو




.. هل ستنهي إسرائيل حربها في غزة.. وماذا تريد حماس؟


.. احتجاجات طلابية في أستراليا دعما للفلسطينيين




.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24