الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروع أمريكي لاستبدال الحروف العربية 1/5

ضياء الشكرجي

2022 / 12 / 20
العولمة وتطورات العالم المعاصر




وصلني موضوع عن طريق الواتسأب تحت العنوان أعلاه، وتحته عبارة "الإدارة الأمريكية: الحروف اللاتينية بدلا عن العربية"، وأشير إلى أن "الموضوع منقول"، وكان قد نشرته (الأسبوع المصرية). وتمنيت لو كان الموضوع بقي بحثا لغويا بحتا، حيث وجدت أنه يصب في اهتمامي مما تناولته في كتابيَّ (سياحة تأملية في العربية .. في ظلال علم اللغة) و(العربية الجديدة. لكني وجدت إن الموضوع بين اللغة والدين والسياسة والمؤامرة. ولذا سأكون مضطرا أن أناقش الموضوع في ضوء كل مما ذكر، رغم أني أحب تناوله لغويا حصرا.

شخصيا لا أحتمل أن المشروع معتمد رسميا من قبل الإدارة الأمريكية، لكن يبدو أنه مطروح من جهة أمريكية. وهذه الجهة، إذا صدقت الترجمة، يبدو فعلا أن لديها ما يمكن نعته بالمؤامرة، رغم رفضي لمرض الاستغراق في نظرية المؤامرة، أقول يبدو لي إن الجهة صاحبة المشروع تخطط لمؤامرة غبية. ولذا أستبعد تبني المشروع رسميا من قبل الإدارة الأمريكية، لكن دون الجزم في نفي ذلك، لأني أرى أن السياسة الأمريكية لا تبتعد عن الغباء في قراراتها في كثير من الأحيان.

والموضوع المنشور في (الأسبوع المصرية) يشتمل على أكثر من ثلاثة آلاف كلمة، وربما ستكون مناقشتي لا تقل عنه بعدد الكلمات، بحيث سيكون بحثا من ستة آلاف كلمة، وسأجعل المناقشة مادة للطبعة الثانية من كتابي (العربية الجديدة) وإذا نشرتها على أحد المواقع، فربما ستكون في خمس أو ست حلقات.

تشير المقالة إلى مشروع (الفرقان) الأمريكي كحلقة سابقة للمؤامرة على اللغة العربية وعلى القرآن، تسبق الحلقة الثانية، بتحويل كتابة العربية إلى الحروف اللاتينية، ثم اعتماد طريقة الكتابة البديلة في كتابة القرآن. بمقدار ما اطلعت بشكل عاجل على مشروع (الفرقان) هذا، ففي الموضوع تهويل حسب تقديري، فهو لا يهدد قرآن المسلمين، ناهيك عن أن ينجح ليكون بديلا عن القرآن. فشخصيا لي كتابان لم يدفعا بعد للطبع ثم النشر، لأنهما يحتاجان إلى مراجع مركزة قبل ذلك، تشغلني عن القيام بها مشاريع مزدحمة أخرى. الكتاب الأول موسوم بـ(القرآن وقرآن آخر)، والثاني هو (قرآن غير القرآن)، وكلاهما ليسا مشروعي استبدال أو تحريف للقرآن، لكني أردت فيهما بيان أمرين؛ الأول قبول تحدي القرآن بالإتيان بسورة من مثله، أو في آية أخرى بعشر سور، والثاني هو بيان إمكانية تنقيح القرآن بجعله ينسجم مع فهمي للعدل الإلهي، ومع الحقائق العلمية والمثل الإنسانية، بصياغة تشبه من حيث اللغة لغة القرآن، لكن بمضمون آخر.

ثم تقول المقالة أن الإدارة الأمريكية، وبعد (الفرقان الأمريكي) بديلا للقرآن، انتهت مؤخرا من إعداد مشروع، سمته بالخطير هدفه "تغيير شكل حروف اللغة العربية، واستبدال اللغة اللاتينية بها". ويبدو إن كاتب المقالة لا يميز بين الحروف واللغة، فهنا يجري الكلام عن استبدال الحروف العربية بالحروف اللاتينية، وليس اللغة اللاتينية. وهنا أذكر مشروعا مشابها مطروحا من قبلي في كتابي (العربية الجديدة)، حيث تناولت أسباب وجوب تجديد العربية، وتبسيط قواعدها، ثم طرحت في آخر الكتاب فكرة كتابة العربية بالحرف اللاتيني، واضعا الرموز للحروف الإضافية (فتحة a، ألف ممدودة ā، ء ، ث ṯ، ج ğ، ح ḥ، خ ẖ، ذ ḏ، ش š، ص ṣ، ض ḍ، ط ṭ، ظ ḍc، ع c، غ ġ، ق q، ضمة u، واو ممدودة ū، و w، كسرة i، ياء ممدودة ī، ي y)، وبالتأكيد لم أطرح الفكرة بتكليف من الإدارة الأمريكية، وعلى فرض وجود مشروع لجهة أمريكية للتينة الحروف العربية، فأكاد أجزم، إنها لا ترقى إلى مشروعي، من حيث الدقة، ومراعاة خصوصيات العربية. لكن أي مشروع للتحول إلى الحروف اللاتينية، يبقى في غاية التعقيد، إذا جرى بمعزل عن تجديد اللغة العربية نفسها. فمشروع العربية الجديدة المطروح من قبلي في كتابي آنف الذكر، يعتمد تسكين أواخر الكلمات، مع استبدال السكون بالكسرة لضرورة الوصل، ووضع قواعد لكل الحالات، التي لا يمكن فيها التخلي عن التشكيل، ولا يسعني هنا التفصيل، بل أرجع المهتمين إلى كتابي المذكور.

أتصور إن جعل مشروع لتينة العربية، لا ينبغي أن يربط بهدف سياسي، كما يرى المشروع الأمريكي، والعهدة على (الأسبوع المصرية)، التي تقول إن الهدف من ذلك "تحديث الثقافة العربية، واعتبار هذا المشروع جزءا من خطة الإصلاح في المنطقة، والتي تدخل ضمن إطار مشروع الشرق الأوسط الكبير". كما تقول الصحيفة تنقل عن عدد من الخبراء المختصين قولهم بخصوص المشروع إن الهدف "هو تحقيق تفاهم أفضل، ولغة مشتركة بين اللغة العربية وغيرها من اللغات الأخرى"، وبتصوري إن تحقيق التفاهم لا يتعلق بالحروف المستخدمة من قبل اللغات المختلفة، وإلا لكانت الحروف المستخدمة في اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان عائقا أمام التفاهم بين هذه الدول والغرب. أما طرح مبرر إن "الأمريكيين والأورپيين متعطشون للوقوف على أسرار تلك اللغة"، فقول غريب للغاية، فمن استطاع فك شفرات اللغات المندثرة في وادي الرافدين ووادي النيل، لا يمكن أن يكون عاجزا عن معرفة لغة حية. فهناك اليوم العديد من اللغات التي تستخدم حروفا غير الحروف اللاتينية، كحروف لغات شرق آسيا، والحروف الروسية واليونانية والعبرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. داعمو غزة يغيرون ا?سماء شوارع في فرنسا برموز فلسطينية


.. رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب




.. مراسل الجزيرة هشام زقوت يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع


.. القسام تستهدف ثكنة للاحتلال في محور نتساريم




.. واشنطن تطالب قطر بطرد قيادة حماس حال رفضها وقف إطلاق النار