الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيعة العراق بين ايران وامريكا والعرب.. العودة الى العام 91

عمار السواد

2006 / 10 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


لست ادري ان كان حزب الله قد توقع ما حدث عندما اسر الجنديين الاسرائيليين، وهو ما يجعلنا نشك بكون عملية الاسر جاءت بالتنسيق مع ايران، الاكيد هنا هو ستراتيجية امريكية جديدة فرضتها هذه الحرب لن تقتصر على لبنان وايران وسوريا فقط، بل ستشمل دولا اخرى في المنطقة من ضمنها العراق.
غير متاح ان يكتشف ايا منا جميع ابعاد هذه الخطة الجديدة التي يراد لها ان تشمل منطقة الشرق الاوسط، ليس هناك ثابت اساسي يمكن لنا وفقه ان نرسم تصورا كاملا عن الوضع، فالتغيرات تفرض دائما اليات عمل متنوعة وادوارا متبادلة. لكن من المتوقع ان تمس الرؤى الامريكية هذه المرة المكاسب التي حصل عليها الشيعة في العراق، لتقويض النفوذ الايراني في المنطقة، وهو النفوذ المستهدف الاساس من وراء هذه الخطة. فالامريكي القلق من النفوذ الايراني، والخائف من ان يتحول هذا النفوذ الى عنصر تقويض للهمينة الامريكية على المنطقة، لن يكتفي على ما يبدو بتغييرات عميقة في الحالة اللبنانية، ولن يكتفي ايضا بفرض قيود وتضييقات سياسية واقتصادية على ايران، بل ستكون الحالة العراقية مطروحة في تفصيلات النظرة الامريكية تجاه التطورات الحاصلة في المنطقة.
لنتذكر جيدا مؤتمر مدريد وما افرزه في اتفاق للسلام بين الاردن واسرائيل واتفاقات اسلو بين الفلسطينين واسرائيل التي ادت لاحقا الى اعتراف رسمي من قبل منظمة التحرير الفلسطينية باسرائيل كدولة شرعية، ماهو الثمن ياترى؟
لا شك ان الحكومتين السعودية والمصرية كان لهما الدور الابرز في دفع الاردن ومنظمة التحرير الفلسطينية الى ابرام مثل هذه الاتفاقيات كثمن للخروج من العزلة التي سببها وقوف الملك حسين وياسر عرفات مع صدام في احتلاله للكويت. ولكن لم هذا الدور، هل تقدم السعودية على مثل هذه الخطوة من دون ثمن. قد يظن البعض ان سبب هذا التطور هو حالة التبعثر العربي الناجم عن رعونة صدام حسين، وقد يظن ايضا ان هذا ثمنا لاستعادة الولايات المتحدة الامريكية للكويت.
مثل هذه التصورات يمكن ان تمثل عوامل مهمة في حدوث هذه القفزة بالعلائق الاقليمية، لكنها لا تشكل دافعا وحيدا، لان الولايات المتحدة اخذت ثمنها من دول الخليج بالتدخل لتحرير الكويت بالتواجد الكثيف في المياه الخليجية، ولا اعتقد ان التقارب العربي كان في اسوء حالاته في تلك الحقبة من الزمن خصوصا ان سوريا والسعودية ومصر كانوا في خندق واحد، وشكلوا ثلاثيا مهما ومتماسكا.
الثمن على ما يبدو لم يكن بعيدا عن تغاضي الولايات المتحدة الامريكية عن عمليات الابادة التي مارسها صدام حسين على المنتفضين في العام 1991، انه الخوف الرسمي العربي، بالاخص الخوف السعودي والاردني من قيام حكومة شيعية بمبرر انها ستكون قريبة من ايران، خصوصا بعد ان انطبعت الانتفاضة بطابع ديني قريب من ايران، تمثل بالشعار المعروف "ماكو ولي الا علي نريد حاكم جعفري". لهذا وجدنا الولايات المتحدة الامريكية تصرفت بشكل مناقض تماما للاهداف التي بدت على محيا الجيش المتجه نحو بغداد في شباط من سنة 1991.
وعلى الرغم من ان الوضع العراقي في تلك الحقبة لم يكن مشجعا امريكيا لاحداث تغيير نظرا لندرة الاحزاب السياسية العلمانية المعارضة لنظام صدام العلماني، والذي استفاد طبعا في وقت لاحق من الشعارات الدينية، الا ان الامريكان علمونا دائما بانهم يجعلون ما يرغبون به دائما ثمنا للوصول الى اهداف اكبر.
لا اجزم طبعا بان الدوائر العربية قد كشفت للادارة الامريكية عن مخاوفها بصراحة من الانتفاضة الشيعية جنوب ووسط العراق، غير ان المؤكد هو ان عدم ارتياح عام ساد في المنطقة من طرو تغيير في الخريطة السياسية العراقية انذاك.
من هنا فان بعض اوجه الصفقة تمثل في موافقة عربية على البدء بعملية سلام شامل مع اسرائيل مقابل عدم المبادرة الى اي تغيير في النظام الحاكم في العراق، ليس تمسكا بصدام، بل خوفا من مرحلة ما بعد النظام البعثي في بغداد. ان التأثير السعودي وبحسب الكثير من المراقبين كان واضحا في بلورة الموقف بعدم ازاحة صدام حسين عام 1991، خصوصا اذا ما قبلنا رواية الاسلاميين الشيعة حول مطالبة بعض الساسة السعوديين الادارة الامريكية بالحيلولة دون تغيير النظام العراقي السابق.
اليوم وبعد اكثر من 15 عاما على التجربة المريرة لشيعة العراق، تتشكل بوادر جديدة في الافق السياسي العراقي. فالتجربة الشيعية خلال السنوات الثلاثة الماضية لم تكن موفقة بالنسبة للعديد من المراقبين الامريكيين، خصوصا وانها لم تكن منسجمة مع التوجه الامريكي القاضي قطعا بان لايكون العراق قاعدة للسياسة الايرانية. قد لا اوافق على الرأي القائل بان ايران ستتمكن في النهاية من فرض تصوراتها على العراق، كون التجربة بين شيعة العراق وايران غير منسجمة، وهي مهددة بالاختلاف القومي والثقافي بين الجهتين. واذا ماكان التوجه العراقي الان بالنسبة الى العديد من الشرائح هو الميل لايران فان هذا لن يكون موقفا نهائيا اذا ما تغيرت الظروف وزالت او خفت الاستقطابات الطائفية في البلاد، ورضي الطرفان السني والشيعي بقواعد لعب سلمية. لكن هذا لا يعني ان الامريكيين لا يخشون من هذا النفوذ الايراني الحقيقي احيانا والاعلامي احيانا اخرى، على العكس ان الوضع في العراق يشكل دافعا للادارة الامريكية من وضع اليات جدية لضرب جميع ممرات التهديد الايراني على وجودها في العراق او على سياستها فيه.
وعلى الرغم من ايران ليست كبقية اللاعبين في المنطقة، كونها تمتاز بادوات وقوة تفتقر اليها الدول العربية المهمة، على الرغم من ذلك فان مواجهة ايران هنا ليست مع هذه الدول العاجزة عن القيام باي فعالية علنية مناسبة، بل هي امام امريكا اهم دولة في العالم. وليس من مصلحة شيعة العراق الاعتماد كثيرا على التحالف مع ايران، سواء كان اللجوء الى التحالف مجرد رد فعل على الموقف العربي الطائفي اللامسؤول، او كان فعلا تفرضه عوامل اخرى. فهذا التحالف سيؤدي الى ثمن غير محمود العواقب.
ليفكر الشيعة في العراق مليا بالموقف الامريكي ان قاموا باحراجها من خلال مواقف تميل لايران على حساب الولايات المتحدة البلد الموجود باكثر من 130 الف جندي على الاراضي العراقية.
ومن ثم فان اقامة علاقة اوسع من علاقة التبادل التجاري او حسن الجوار مع ايران، تنطوي على مخاطرة.وذلك في ان الرؤية الايرانية للعراق مقلقة، فلا يوجد ضمان يمنع ايران من القيام بفرض سيطرتها السياسية والايدلوجية على العراق، ما يؤدي الى ان يكون جزء تابعا لكل تفصيلات الارادة الايرانية.
من هنا فان امام الساسة الشيعة خطرين، احدهما مرتبط بالاخر، فهناك خطر المواجهة مع الولايات المتحدة الامريكية. وخطر الوقوع في تبعية ايرانية نحتاج الى وقت طويل للافلات منها.
هذان الخطران، يستدعيان، قبل كل شئ، انهاء اللون الايدلوجي الواحد الذي تسعى اليه القوى السياسية الشيعية. فالتيار الليبرالي الغائب احيانا، والمغيب في اغلب الاحيان، يمثل بالنسبة لاي طائفة او قومية في جميع الاحيان ضمانة لعدم صناعة واقع يدفع الاخرين الى الاستعداء. بتعبير واضح، ان الشيعة بحاجة الى صمام امان يخلصهم من مواجهة الامريكيين من جهة، ويحول دون قيام ايران بالهيمنة الايدلوجية، على اقل التقديرات، في العراق. خصوصا وان هذا التيار يمنع حزب البعث من التحجج بغياب العلمانية من اجل عودته الى السياقات الشعبية. اضافة الى هذا فان هناك المستمر والقادم من السعودية والكفيل بتأجيج العنف الديني المتصل بالقاعدة والتيار السلفي، يفرض على القوى السياسية الشيعية التعاطي بشكل مختلف يساهم في التصدي له. اي ان الشيعة لن يتمكنوا من التخلص من النموذج السعودي للاسلام الا بالسماح بالتعددية السياسية، والوقوف بعيدا عن حجر الحريات، فسلوك الاغلبية يساهم الى حد كبير في تحديد ملامح مشابه لدى الاقلية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا