الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


*انطباعات حول الكتابة: هوس القارئ بالكاتب أو القارئ الذي يقرأ بالخطإ …!

لخضر خلفاوي
(Lakhdar Khelfaoui)

2022 / 12 / 21
الادب والفن


-كتب:لخضر خلفاوي*

"…ظاهرة متفشية في الأدب و العربي خاصة بحكم أننا مجتمعات نتميّز بالعاطفة المفرطة ..مع اتاحة و تمكّن وسائل التواصل و نسف المسافة التي كانت تُبعد بين المبدع الكاتب و القارئ؛ ألا و هي ظاهرة ( هوس القارئ بكاتبه أو بكتابه )… علما الإحصائيات تؤكد أن هوس القرّاء من جنس الإناث يفوق كثيرا نسب هوس القرّاء الذكور بكتّابهم .ظاهرة هوس القارئ بكتّابه و وقوعه في عشقهم و غرامهم ليست ظاهرة مستقلة أو حديثة العصر ، فهذا الانحراف و الاضطراب السلوكي بدأ يظهر جليا مع انتشار الصّناعة " السينمائية التلفزيونية " ، حيث يحدث أن يقع مشاهدون لأعمال سينمائية في هوس و عشق ممثلا ما و لكن كانت هكذا حالات غير متفشية بشكل واسع شبه هامشية .. و كان بعض المهووسين المبالغون في عشقهم و هوسهم بممثل ما يحاولون الوصول إليه مهما كان ، فكانوا يعتمدون على أهم وسيلة متاحة في تلك الحقبة و هي ( الرسائل ) البريدية ، حيث يتلقى بعض من الفنّانين من وقع عليه هوس معجبينه رسائل كثيرة دورية تفصح عن إعجاب بِكل حميمية و مشهرة بغرامها و حبها له .. محدودية وسائل التواصل بين الفنّان و معجبيه وقتها قبل حقبتنا هذه ساعدت " المرضى " بشخصياتهم المفضلة -مع السن و النضج - على تجاوز محنة الوقوع في غرام ممثلهم و فنانهم للأبد و يتماثل معظهم للشفاء من هذا الاضطراب السلوكي النفسي .
-الهوس الذي يصيب القارئ بكاتبه في البدء تبدأ العلاقة طبيعيا كأيّ ( علاقة القارئ بالكاتب من خلال كتاب ) علاقة عادية ، يكون الهدف المبدئي و الأساسي هو ( الاطلاع ) و القراءة كسلوك معرفي ثقافي ضروري .. فيحدث إن حدثت ( كيمياء غريبة ) أن يجد القارئ نفسه المتابع لأعمال كاتب ما متورّط و مدمن بكل ما يكتبه كاتبه ، قد يكون أسلوب الكاتب من بين أسباب أسر القارئ بشرط أن يكون ذلك القارئ يمثّل أرضية نفسية خصبة و عاطفية و فكرية هشة ، ضعيفة ..يتحوّل التورّط و الإعجاب بالكاتب إلى حبّ و عشق ، بحيث يصبح القارئ لا يهدأ له بال و لا يرتاح نفسيا إلا إذا غاص في عوالم كاتبه و سرده و اقتفاء أثر كل ما يتعلق بالكاتب و حياته ، فيتزحزح -مرضيا -و ينتقل القارئ ( المُصاب بهوس الكاتب ) من منزلة القارئ بالعقل و بالفكر مع الحيادية العاطفية المشاعرية إلى التّورط في عشق و حب كتّابه و تختلط مشاعره و يصبح مدمن ( كاتبه ) لا كتاباته ، و يُسقط القارئ المَرَضي المهووس بكاتبه كل الحدود و الفوارق الاجتماعية و العمرية و الاقتصادية و الجغرافية و العقائدية و يهب نفسه و حياته -في اعتقاده الهَوَسي - لكاتبه المعشوق … و يصبح القارئ المهووس بكاتبه مدافعا بكل ( عميانية ) على خياراته و على كاتبه و لا يتقبّل أي تعرض نقدي له ، فيبدو له أنّ عرض و شرف و سيرة كاتبه من عرضه و سيرته و شرفه و لا يجوز المساس بها ! بل هناك من وقع في غرام و عشق و حب كُتّاب ماتوا و اندثروا منذ عشرات السنين !. و يصبح القارئ العليل ( بهوس الكاتب ) لا يرى نفسه إلا شخصا و بطلا رئيسا من شخوص كل منجز لكُتّابه ، بل هناك حالات من المصابين ب( الهوس بالكتاب ) حيث تصبح هذه الحالة تغار حتى من " شخوص منجزات كتابها و من علاقات الكاتب الواقعية و الافتراضية في الساحة العربية و المشهد العربي . و لأنّ معظم مبدعو العالم العربي و كتابه ( أوغاد و ليست لهم ضمائر مهنية و أدبية حية ) ، استغلوا هذه المسافات المنسوفة بينهم و بين القرّاء و المعجبين بفعل وسائل التواصل الاجتماعي ليكونوا عنصرا مفصليا في تحريف ( علاقة الكاتب بالقارئ ) و يشجعون مُستغلّين هؤلاء القرّاء المرضى الذين يعانون ( السّبي الشعوري و الحرمان العاطفي ) نظرا لهشاشة فكرية و تربوية و عاطفية لكي يتمادون في التورّط فيهم لا كقراء و إنما كمادة دسمة لمنجزاتهم السردية المستقبلية و الضحك عليهم و تشجيعهم على حالاتهم المرضية في الارتباط مشاعريا و عاطفيا بهم .. السوشيال ميديا عمّقت الآفة و عقدتها و أضرّت بهكدا نماذج من القرّاء الضعفاء …و من هنا نشأ أدب الاعتراف و أدب السيرذاتية المُقنّعة ( المُطلمسة) التي خلقتهم علاقات مشبوهة بين كُتّاب جشعون ، مفترون ، فاسدون ، و بلا ضمير مع قرّاء مرضى بالهوس مستعدون لكل التنازلات و الخسارات لإرضاء كاتبهم المعشوق المفضّل الآسر لكل إدراكهم العقلي.. في أمّة اقرأ التي تقرأ أقل من (-1) كتاب في السنة مقابل (80) ثمانون كتابا لدى المجتمعات المتقدمة فيهانماذج من القرّاء لا يعرفون كيفية القراءة و الاستفادة من الكتّاب ، و هنا أقول كتحصيل حاصل -"قارئ لا يعرف يقرأ أو يُقرأ بالخطإ هو حتما سيكون كاتبا لا يعرف كيف يكتب أو بالمحصّلة كاتب سيكتب بالخطإ !."
- باريس 11/12/22








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع