الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نفي الشيخ مهدي الخالصي

حسام علي

2022 / 12 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


في 20 تشرين الاول عام 1922، أصدر عبدالمحسن السعدون بصفته وزير الداخلية العراقي آنذاك، أوامره الى المتصرفين بالشروع بإجراء الانتخابات للمجلس التأسيسي. وفي 24 منه أعلن السعدون بلاغاً عاماً ورد في ختامه ما نصه: " وهنا أكرر القول وألتمس من أفراد شعبنا النجيب أن لا يحفلوا بالتمويهات والأباطيل، التي ربما يتجاسر عليها بعض من لا تهمهم مصلحة الشعب الحقيقية، ويوحدوا آراءهم ويضعوا ثقتهم بمن يتوقعون منه السعي لتحقيق رغباتهم.. أن القول الفصل هو للمجلس التأسيسي الذي يباشر الان بانتخابه، وفق الله الجميع لما فيه خير البلاد".
كان الانكليز والملك يظنون أن المعارضة قد انتهى أمرها وأن الانتخابات ستجري حسب الخطة المرسومة. ثم تبين لهم في خلال أيام معدودة أن ظنهم ذاك كان خاطئاً. فلقد انبعثت المعارضة من جديد وبزخم شديد، وكانت في هذه المرة بزعامة المجتهدين في الكاظمية والنجف وفي مقدمتهم الشيخ مهدي الخالصي.
ظهرت أولى بوادر المعارضة بشكل استفتاء موجه الى المجتهدين في 15 ربيع الاول 1341 هجري، 5 تشرين الثاني 1922 ميلادي وهذا نصه: " حضرات علمائنا الأعلام وحجج الاسلام متعنا الله تعالى بظلهم مدى الايام، بلغنا أنكم بمقتضى وظيفتكم الدينية ورئاستكم الروحانية، قد حرمتم على كافة الامة العراقية المداخلة في هذا الانتخاب وحرمتم المساعدة فيه بكل وجه وجعلتم المساعدة فيه محادة الله ولرسوله، فنسترحم ان تبينوا صحة ذلك حتى نمتثل أوامركم التي أمر الله تعالى بامتثالها أدام الله ظلكم".
وصارت الفتاوى تتوالى بصدورها حيناً بعد حين، وكانت هناك عصبة من الشباب المتحمس كرسوا جهودهم على متابعة ذلك، فكانوا يكتبون صيغة الاستفتاء ويقدمونها الى المجتهدين ليحصلوا منهم على الفتاوى المطلوبة. يقول محمد مهدي كبة: كنت وجماعة من شباب الكاظمية ومن طلاب مدرسة الخالصي، دائبين على العمل في كتابة صيغ الاستفتاءات ومواجهة علماء الدين واستصدار الفتاوى منهم، وانتداب بعض الشبان لكتابتها على الاوراق والكاربون وتوزيعها بين الناس، وارسالها الى بغداد وغيرها من أنحاء البلاد.
وصار المجتهدين من جانبهم يشتدون في تحريمهم للانتخاب. فالسيد أبو الحسن الاصفهاني مثلا قال في فتوى صدرت له ما نصه: الى اخواننا المسلمين ان هذا الانتخاب يميت الامة الاسلامية فمن انتخب بعدما علم بحرمة الانتخاب حرمت عليه زوجته وزيارته ولا يجوز رد السلام عليه!!!
وأصدر الشيخ الخالصي فتوى فيها اشارة واضحة الى ما فعله كوكس من نفي وتشريد وقصف بالطيارات والى تأييد حزب النقيب له. والملاحظ أن أكثر علماء الكاظمية، أو كلهم تقريباً، قد أيدوا الخالصي في تحريم الانتخابات. لذا فقد تناسوا خلافاتهم الشخصية ومنافساتهم المحلية وصاروا جميعاً في صف واحد تجاه الحكومة. وقد أخذ الشيخ مهدي الخالصي يجاهر بذم الملك، ويشجب موقفه من المعاهدة، ويصفه ناكثاً بوعده الذي وعد به في بداية قدومه أرض العراق. وذكر محمد مهدي كبة بأن الخالصي أعلن في جمع حاشد في مدرسته قائلاً: بايعنا فيصل ليكون ملكا على العراق بشروط، وقد أخلّ بتلك الشروط، فلم تعد له في أعناقنا وأعناق الشعب العراقي اية بيعة. فكان لهذا التصريح من الخالصي دويٌ في الأوساط المختلفة وبلغ مسامع الملك فاستاء منه أشد الاستياء وأضمر له الحقد، ليتم نفي الخالصي فيما بعد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العراق: السجن 15 عاما للمثليين والمتحولين جنسيا بموجب قانون


.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. هل تنهي مفاوضات تل أبيب ما عجزت




.. رئيس إقليم كردستان يصل بغداد لبحث ملفات عدة شائكة مع الحكومة


.. ما أبرز المشكلات التي يعاني منها المواطنون في شمال قطاع غزة؟




.. كيف تحولت الضربات في البحر الأحمر لأزمة وضغط على التجارة بال