الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السيناريست نجيب محفوظ

رضي السماك

2022 / 12 / 21
الادب والفن


لم يكن الروائي المصري الكبير نجيب محفوظ التي مرت ذكرى ولادته في الحادي عشر من الشهر الجاري مجرد روائياً عظيماً فقط، بل كان مبدعاً كبيراً أيضاً في كتابة السيناريو وعادلاً حاذقاً في وظيفته رقيباً سينمائيا، وحقق في كلتا المهمتين نجاحاً ساحقاً. ومن بين المئة فيلم الأفضل في تاريخ السينما المصرية، فإن أكثر من 20 % منها كانت له بصمة أساسية عليها، إما لسيناريو مأخوذ عن رواية أوقصة له، أو لأن هو كاتب سيناريو أحد تلك الأفلام . وقد أعد الناقد السينمائي هاشم النحاس في كتابه القيّم" نجيب محفوظ على الشاشة" قائمة تحت عنوان " فيلموجرافيا نجيب محفوظ" أدرج فيها 60 عملاً سينمائيا ساهم فيها محفوظ قاصاً أو روائياً أو ككاتب سيناريو ( ص 243 من الكتاب).
وفي تقديري فإن نجاح الأفلام التي كتب محفوظ سيناريوهاتها يعود بالدرجة الأولى إلى فهمه المعمق وتمرسه في فن الكتابة الإبداعية للسيناريو التي تعلمها على يد المخرج الكبير رائد الواقعية، صلاح أبو سيف. وإذا كٌنا قد نوهنا في أحد المقالات بأن نزاهته هي التي منعته من تحويل رواياته وقصصه إلى سيناريوات جاهزة للإخراج، فلعلي أضيف إليها اليوم أيضاً علاقته الحميمة -كأي روائي أو قاص- بالنص الأصلي لعمله الإبداعي، ومن ثم حرصه عليه كما هو دون أن تُمس جمالياته من خلال تحويله إلى نص سيناريو أختزالاً و تبديلاً وتحويراً وإضافات.وحينما سُئل في أحد الحوارات الإعلامية عن رأيه فيما قاله بعض النقاد والكتّاب بأن هذا المخرج أو ذاك قد شوّه هذا النص أو ذاك من أعماله القصصية والروائية، دافع محفوظ عن حق التصرف من قِبل المخرجين وكتّاب السينارست عند تحويلها إلى سيناريو، على أن يكون ذلك وفق خلق إبداعي جديد لا يخلُ بفكرة ومضمون القصة أوالرواية، وما كان ذلك الدفاع في أعتقادنا إلا لأن محفوظ يعي جيداً متطلبات حبكة الفيلم وعناصر تطعيمه اللازمة بما يجذب المشاهد وفق ما ينص عليه السيناريو،وبالمجمل العام أعرب بأنه راض عن التناول السينمائي لأعماله القصصية والروائية، عدا استثناءات محدودة. وما كان هذا الرضى ليبديه- إن صح القول- لولا لم يكن مُبدعاً ضليعاً ومحترفاً في كتابة السيناريو وشروطها المختلفة حتماً عن متطلبات وشروط الكتابة الإبداعية للقصة والرواية.
وفي سؤال وجهته إليه الإعلامية الاُردنية المتميزة ليلى الأطرش عما إذا كان يهاجم عبد الناصر في رواية "ميرامار" التي صدرت 1967 واُخذ عنها الفيلم الذي اُنتج 1969 بنفس العنوان، وخصوصاً على لسان الممثل الكبير يوسف وهبي الذي جسّد شخصية "الأقطاعي" بين نزلاء بنسيون " ميرامار" في الإسكندرية ، نفى ذلك وأرجع الأمر إلى شخصية الفنان وهبي الطاغية وأدائه القوي المبهر الذي "ابتلع الكل"، على حد تعبير محفوظ، بخلاف ما أراد له من دور في الرواية. وفي حين أبدى محفوظ انبهاره بأداء الفنانة السينمائية سناء جميل في دور "مومس"في فيلم "بداية ونهاية" التي امتهنت هذه المهنة لإعالة عائلتها الفقيرة، شاركه في هذا الانبهار كل من فريد شوقي وأمينة رزق. وفي حوار مع المخرج أبو سيف أكد أن هذا الدور عرضه على فاتن حمامة قبل عرضه على سناء جميل لكن الأولى رفضته،هي المعروف عنها حرصها الشديد على تأدية الأدوار الرومانسية، ونفورها من تأدية أدوار الإثارة والمشاهد الساخنة، ولكنها ندمت على رفضه بعد أنبهارها أيضاً بدور جميل شديد الأتقان .
والحال أن نصوص سيناريوهات نجيب محفوظ هي في الغالب متميزة ورائعة، وإلا لما نجحت أفلامها. وإذا كانت الأعمال المسرحية لأي كاتب مسرحي كبير التي تصدر في طبعات يمكن الاستمتاع بقراءتها،حتى قبل تمثيلها على خشبة المسرح ،فلا نعرف ما يحول دون إصدار الأعمال الكاملة لنصوص السيناريوهات التي كتبها محفوظ، فلئن قد تجاوزت الرغبة في قراءتها الأجيال التي شاهدت أفلامها، فعلى الأقل يستفيد منها جيل الشباب من كتّاب السيناريو في عصرنا، نقول ذلك بحذر، ما لم تكن صدرت دون معرفة كاتب هذه السطور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس


.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن




.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات


.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته




.. كلمة أخيرة - قصة نجاح سيدة مصرية.. شيرين قدرت تخطي صعوبات ال