الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغرب: انعدام الأمن وإرهاب المواطنين في وضح النهار، من المسؤول؟

عبداللطيف هسوف

2006 / 10 / 10
حقوق الانسان



الإرهاب الذي أود الحديث عنه هنا ليس إرهاب مجموعات ملتحية ترتدي جلابيب فوق الكعب ‏وتتسلح بسيوف مشحوذة لامعة. الإرهاب الذي أسرد معالمه هنا ليس إرهاب القاعدة أو إرهاب ‏السلفية الجهادية أو إرهاب جيش المهدي... هذا الإرهاب سال بشأنه في المغرب مداد غزير ولازال. ‏هذا النوع من الإرهاب أقام الأرض وأقعدها لأنه مغلف بغلاف الدين الإسلامي، لأنه يهدد النظام ‏ويتوعد رجالات الدولة المهمين، لأنه يدعي إقامة دولة إسلامية ويكفر وينزع المشروعية عن ‏الجميع، الحاكم قبل العالم. هذا الإرهاب زج في السجن بآلاف الأشخاص معظمهم أدينوا من غير ‏دليل واضح. هذا الشكل من الإرهاب لازالت أقلام الصحفيين المسخرين تكتب عنه وتلصق تبعاته ‏بالأحزاب الإسلاموية، أو على الأقل تحملها المسؤولية المعنوية. سندع هذا النوع من الإرهاب على ‏خطورته جانبا لنتحدث عن إرهاب أخطر أصبح متفشيا في المغرب، إرهاب يهدد المواطنين ‏المغاربة العاديين.‏
في وطني الذي تركته خلف المحيط، كانت إلى وقت قريب الآمال في أن يحدث التوافق السياسي ‏وتكليف حكومة وطنية بتسيير الشأن العام، كانت هذه الآمال كبيرة في إحداث تغيير جدري في كل ‏المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كنا نأمل في أن يصبح المغرب النموذج لدولة ‏في طريق النمو تسير بخطى حديثة نحو الحداثة، النموذج لدولة تسخر جميع طاقاتها للخروج من ‏التخلف والفقر والأمية والبطالة. كنا نأمل بأن نجد المغرب حين نعود إليه بعد سنوات من الغربة ذاك ‏المغرب الذي ارتسمت معالمه دائما في مخيلتنا: مغرب الأمن والأمان، مغرب التلاحم والتضامن، ‏مغرب الخصوصيات الجميلة الذي ظل يعرف بها على مدى العصور. ‏
‏ لست من العدميين الذين يحكمون على الأشياء بسلبية مطلقة، فالعهد المحمدي السادس حقق فعلا ‏تقدما لا يستهان به في عدد من المجالات لا يتسع الوقت هنا لسردها. لكن ما قيمة كل ذلك حين يسلب ‏الأمن من المواطنين ويحسون بأنهم مهددون في كل خطوة يخطونها خارج بيوتهم أو حتى داخل ‏بيوتهم؟ ما قيمة كل ذلك حين ينتشر الرعب في أوساط المواطنين بسبب تفشي ظاهرة الاعتداء ‏بالسلاح الأبيض على الأبرياء من نساء وشيوخ لا قدرة لهم على المواجهة. وحتى إن كانوا قادرين ‏على المواجهة، من سيواجهون؟ منحرفين حشاشين يخضعون لتأثير المخدرات وأقراص (القرقوبي) ‏ويتسلحون بسكاكين وسيوف لا يترددون في إشهارها واستعمالها إن اقتضى الأمر ذلك حتى يفلتوا ‏بغنيمتهم التي يسرقونها. والغنيمة في الغالب هي محفظة نقود أو هاتف خلوي أو محفظة بها شيكات ‏وأوراق إدارية مهمة أو حلي من الذهب تتزين بها امرأة أو... ‏
بالأمس قالوا لنا إن مدير الأمن سن سنة حسنة عبر تعيين 400 رجل أمن في مدينة الدارالبيضاء. ‏هذا الجهاز الأمني سمي حينها ب (شرطة القرب). ميزانية ضخمة من الأموال رصدت لهذا الغرض ‏واستبشرنا خيرا بإعادة الأمن لمدننا المغربية. لكن بعد شهور اتضح أن بعض أفراد هذا الجهاز ‏أصبحوا هم من يرعب المواطنين، ثم أشهرا بعد ذلك تبين أن عددا من كبار رجالات الأمن في ‏المغرب متورطون في إغراق البلد بالمخدرات من كل نوع وصنف. شرطة القرب أو شرطة الرعب ‏أم شرطة التواطئ لا تفرق مادام أن المواطنين لا أمان يستظلون به في مغرب بداية القرن الواحد ‏والعشرين. ‏
أين هو جهاز أمننا من كل طموحاتنا وتطلعاتنا بمستقبل زاهر؟ أين هو جهاز أمننا من تشدق ‏مسئولينا بأن الأمان والطمأنينة تنتشر في كل جنبات ربوع الوطن؟ أين هو جهاز أمننا من إرهاب ‏المواطنين العاديين وسرقة أموالهم وأغراضهم في وضح النهار؟ ثم ما قيمة رصد الميزانيات وتغيير ‏وزراء الداخلية والعمال والقياد ورجال الأمن الكبار إن كان الأمن نفسه منعدما بين المواطنين؟ ‏
إنني لا أتحدث عن أحداث معزولة هنا أو هناك في المغرب. إنني أتحدث عن ظاهرة تفشت في ‏المدن المغربية، خصوصا الكبيرة منها كمدينة الدارالبيضاء. أتحدث عن التعرض للمواطنين في ‏وضح النهار وتهديدهم بالسلاح الأبيض وضربهم وجرحهم وسلبهم ما يحملونه في أيديهم. وحين ‏أقول إنها ظاهرة فإنني لا أبالغ، ففي العائلة الواحدة قد تجد أكثر من فرد من أفرادها تعرض لإرهاب ‏مباشر وسرقت منه أغراضه خلال الشهور القليلة الماضية. هذا كله ولا من يحرك ساكنا في جهاز ‏أمننا الذي يظهر أنه انشغل بإلقاء القبض على أصحاب اللحى وحراسة الملاهي الليلية والفنادق ‏الفاخرة وبيوت المسئولين الكبار وسفارات الدول العظمى وترك المواطن المغربي في مواجهة ‏المنحرفين أصحاب السوابق والمتعاطين للمخدرات التي أغرقوا بها البلد. ‏
أينكم يا وزراء التناوب؟ أين أصوات المنتخبين داخل قبة البرلمان؟ أين أقلام الصحفيين في ‏الجرائد الحزبية؟ أينكم لتنددوا بظاهرة خطيرة ستحصد الأخضر واليابس؟ ‏
ستقولون إن ظاهرة اعتداء المنحرفين على المواطنين العاديين ظاهرة معقدة ترتبط بما هو ‏اقتصادي واجتماعي وسياسي... إلخ. وككل مرة ستقولون لنا إن ما أفسد في أربعين عاما في العهد ‏الحسني الثاني يستلزم وقتا طويلا للخروج بالمغرب من الصدمة القلبية التي أصبح يعيشها. لكن ‏حراس أمنكم كانوا دائما أقوياء يضرب بهم المثل، وفي عهد الوزير السيئ الذكر إدريس البصري ‏كان البوليس المغربي أقوى بوليس في العالم المتخلف والعالم المتحضر على حد السواء. ‏
لو كان أمن المواطنين من أولويات همكم لقضيتم على هذه الظاهرة أو على الأقل انتبهتم إلى ‏شكاوى المواطنين التي قطعت المحيط لتصل إلينا هنا في ديار الغربة. لكن همكم هو ذر الرماد في ‏العيون عبر تزويق وتزيين الواجهات، أما الداخل فهو متعفن فاسد ينذر بتفشي الظواهر السيئة وإفساد ‏كل شيء. أفيقوا من غفلتكم يا من لا يهمهم من مناصبهم في جهاز الأمن سوى البذلة الرسمية ‏والسلطة لاستغلالها قصد تحقيق المصالح الشخصية. أفيقوا وتوقفوا عن ترديد عبارة: (بعدي ‏الطوفان). إن المسألة ترتبط بوطن ومواطنين يعيشون تحت راية دولة يجب أن يكون من أولويات ‏أولوياتها تثبيت الأمن والأمان والسلام. ‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية