الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تداعيات إنشاء ممر -زانجيزور- في منطقة جنوب القوقاز، وانعكاساته على العلاقات الإيرانية مع دول الجوار

حمدي سيد محمد محمود

2022 / 12 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


يمتد ممر "زانجيزور" بطول 43 كيلومترًا على طول حدود أرمينيا مع إيران ويربط بين المناطق الغربية لجمهورية أذربيجان وجمهورية ناختشيفان الأذربيجانية المتمتعة بالحكم الذاتي وهي منطقة أذربيجانية غير ساحلية بين أرمينيا وإيران من الشمال ولها حدود قصيرة مع تركيا من الجنوب، يفتح ممر "زانجيزور" طرق التجارة من المحيط الهادئ إلى تركيا، ويربط آسيا الوسطى ومنطقة بحر قزوين الأوسع وأذربيجان وأرمينيا، بينما يوفر فرصة لتوسيع شبكة السكك الحديدية بين روسيا وأذربيجان وتركيا وأرمينيا وإيران ( ويوجد بالممر خط للسكك الحديدية بين ناختشيفان وأذربيجان منذ العهد السوفياتى) .
ممر "زانجيزور" سيسمح بتشغيل ممر نقل يربط بين أوروبا وآسيا، وهو ذو أهمية استراتيجية لروسيا والصين، ويعد بفوائد اقتصادية محتملة لجميع دول المنطقة ، سيعزز ممر "زانجيزور" موقع أذربيجان في الشرق والغرب والشمال والجنوب، حيث تقع أذربيجان على طريق الحرير التاريخي وتسعى إلى أن تصبح مركزًا لوجستيًا بين أوروبا وآسيا. إذ يعتبر الممر ذو أهمية كبيرة للتجارة بين الشرق والغرب وخاصة بالنسبة للصين والاتحاد الأوروبي ، وقد بلغ حجم تبادلاتهما التجارية المجمعة 560 مليار يورو في عام 2019 ، ويعتبر الممر بين الشرق والغرب أمرًا بالغ الأهمية للتجارة بين تركيا وآسيا الوسطى بالإضافة إلى حجم التجارة بين تركيا والصين ( بلغ 21 مليار ين في عام 2019) .
يقول خبراء دوليون إن افتتاح “ممر زنغازور” سيكون له تأثير إيجابي على تنفيذ المشاريع الاستراتيجية في المنطقة، وسيتم خلق فرص عبور إقليمية أكثر ملاءمة، من خلال فتح قنوات تواصل آمنة وفعالة من الناحية الاقتصادية بين أوروبا وآسيا، مما سيساهم بشكل كبير في تعزيز نقل الركاب والبضائع في الفضاء الأوراس.
سيلعب ممر "زانجيزور" قبل كل شيء دورًا خاصًا في تنمية منطقة جنوب القوقاز، وسيعمل على إنشاء تنسيق جديد للتعاون في المنطقة، لضمان السلام والتقدم ، بالطبع هناك بعض الدوائر الأجنبية التي لا تريد ذلك وتحاول عرقلة العملية والتأثير على أرمينيا.
ويجيب تقدير الموقف على سؤال ما تداعيات إنشاء ممر زانجيزور على منطقة جنوب القوقاز، وانعكاساته على العلاقات الإيرانية مع دول الجوار؟
توتر العلاقات بين إيران وأذربيجان:
عاد التوتر مجدداً في العلاقات بين إيران وأذربيجان، حيث أجرت قوات أذربيجانية، يوم 2 نوفمبر 2022، مناورات عسكرية قرب الحدود مع إيران، رداً على إطلاق الحرس الثوري الإيراني في منتصف أكتوبر الماضي مناورات عسكرية واسعة النطاق على طول حدود البلاد مع أذربيجان. وكانت أذربيجان قد شنت هجمات على أهداف في جنوب أرمينيا، في 13 سبتمبر 2022، في محاولة للسيطرة على ممر "زانجيزور"، الذي يقع على الحدود بين إيران وأرمينيا، ويربط بين جمهورية أذربيجان وإقليم ناخيتشيفان التابع لها والمتمتع بالحكم الذاتي داخل أرمينيا، الأمر الذي تنظر إليه طهران على أنه مؤامرة دولية لتطويقها جغرافياً، متعهدة بمنع أي محاولة لتغيير الجغرافيا السياسية في هذه المنطقة.
ممر زانجيزور" كوسيلة " لتوحيد العالم التركي:
ممر "زانجيزور" من شأنه أن يربط تركيا ببقية الدول الناطقة بالتركية بإجمالي ناتج محلي مشترك يبلغ نحو 1.1تريليون دولار، وبالتالي تتشارك أذربيجان وتركيا الرؤية لـ "ممر زانجيزور" كوسيلة "لتوحيد العالم التركي" ، و الممر سيصبح بالنسبة للدول التركية حلقة وصل مع أوروبا، و حاليا أذربيجان ترتبط مع تركيا بالفعل برا عبر خط سكة حديد باكو - تبليسي –قارص عبر جورجيا .
ومن المتوقع أن يقوم ممر "زانجيزور" بتحويل تركيا إلى محطة أساسية ضمن مشاريع الربط الإقليمية والحزام والطريق، وكامتداد له تنشئ تركيا خط سكة حديد «قارص-ناختشيفان» ما يقصر زمن العبور بين أذربيجان وتركيا الطامحتَين لزيادة حجم التبادل التجاري بينهما إلى 15 مليار دولار بحلول عام 2023، وكان قد سجّل 4.5 مليار دولار عام 2019، ويساعد على ذلك توقيعُ البلدَين «اتفاقية التجارة التفضيلية» الذي منح 30 سلعة أذرية ميزة تفضيلية في تركيا. كما ويمكن ربط خط «قارص-ناختشيفان» بخط سكة حديد «باكو-تبليسي-قارص»، مما يعطي المشروع دوراً أكثر حيوية على المستوى التجاري في المستقبل. كما يربط ممر زانجيزور الدول الناطقة بالتركية بمجموع نواتج محلية إجمالية يبلغ 1.1 تريليون دولار. علاوة على ذلك، يحمل الممر وامتداده داخل تركيا مكاسب اقتصادية وجيوستراتيجية لأنقرة، إذ سيجعل منها – وأذربيجان – جزءاً من شبكة النقل في بحر قزوين بما في ذلك ممر النقل «بين الشرق والغرب» وممر النقل الدولي «بين الشمال والجنوب»، بحيث تصبح إحدى نقاط الربط بين آسيا وأوروبا.
لماذا تعارض إيران إنشاء ممر زانجيزور؟
اتسمت العلاقة بين إيران وأذربيجان بالتوتر تاريخياً، ولعبت الصراعات الجيوسياسية بين القوى الإقليمية والدولية المعنية بترتيب المشهد الاقتصادي والأمني والسياسي في منطقة القوقاز، دوراً في زيادة هذا التوتر، الذي تتمثل أبرز دوافعه في الآتي:
1- التخطيط لإنشاء ممر "زانجيزور": أثارت مسألة إنشاء ممر يربط بين جمهورية أذربيجان وإقليم ناخيتشيفان التابع لها في أرمينيا، على طول الحدود الإيرانية - الأرمينية، حفيظة طهران، على أساس أن ذلك الأمر من شأنه أن يعزلها جغرافياً عن أرمينيا، ومن ثم عن المحيط الأوراسي المجاور، بما يتضمنه ذلك من حرمانها من مزايا اقتصادية وجيوسياسية عديدة، في الوقت الذي تواجه فيه إيران عقوبات أمريكية وأوروبية على خلفية ملفها النووي والصاروخي، ودورها الإقليمي المزعزع لاستقرار منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى ما أسفرت عنه الاحتجاجات الراهنة في إيران من فرض ضغوط وعقوبات متتالية على النظام الحاكم بسبب القمع الذي تمارسه السلطات بحق المتظاهرين. فضلاً عن سعي إيران لأن تصبح بديلاً لإمدادات الطاقة إلى أوروبا، في ظل الحظر الأوروبي على الإمدادات الروسية، على خلفية الحرب الأوكرانية.
وعليه، فقدت أبدت طهران اعتراضاً واضحاً تجاه مخطط هذا الممر، إذ شدد المرشد الأعلى، علي خامنئي، على رفض بلاده إغلاق الحدود مع أرمينيا، وذلك خلال لقائه كلاً من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أثناء زيارتهما طهران، لحضور اجتماع قمة أستانا، في يوليو 2022، وهو الأمر ذاته الذي كرره الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، خلال اتصاله برئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان.
وفي مسعى من جانبهما لتفادي الاعتراض الإيراني، عَمدت كل من باكو وحليفتها أنقرة، إلى الحديث عن "تنازل أرميني" عن الممر لجارتيها، مقابل الحصول على مزايا اقتصادية، فضلاً عن السماح لها بالوصول إلى إقليم ناجورني كاراباخ. بيد أن هذا الأمر واجه الرفض الإيراني نفسه، وأكد وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، في اتصال مع نظيره الأذربيجاني، جيهون بيرموف، في سبتمبر الماضي، ضرورة عدم تغيير الحدود المعترف بها دولياً بين إيران وأذربيجان وأرمينيا.
2- تهديد طرق النقل الإيرانية: تنظر إيران إلى ممر زانجيزور على أنه محاولة لحرمانها من عوائد مرور الصادرات التركية إلى دول آسيا الوسطى، كما سيحرمها من رسوم عبور الشاحنات الأذربيجانية إلى إقليم ناخيتشيفان التابع لها في أراضي أرمينيا، وذلك في ضوء الاتفاق الذي وقّعته إيران مع أذربيجان في مارس 2021، للعبور إلى الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي، بعد تقاعس أرمينيا عن تنفيذ بند في اتفاق الهدنة الموقع مع أذربيجان، برعاية روسية في 9 نوفمبر 2020، بأن تسمح يريفيان بوصول أذربيجان إلى الإقليم. أي أنه في حال إتمام هذا الممر، فإن ذلك يعني أنه لا حاجة لاستخدام الأراضي الإيرانية، للعبور، بل إن إيران ستضطر لدفع رسوم، ربما مضاعفة، للسماح بمرور شاحناتها سواء إلى الأراضي الأذربيجانية أو عبر الممر الواقع على الحدود مع أرمينيا.
3- التخوف الإيراني من تصاعد النفوذ التركي: تتحسب طهران لتصاعد النفوذ التركي في منطقة القوقاز، وذلك في ضوء علاقات أنقرة الوثيقة مع أذربيجان، فضلاً عن طموحاتها القومية الكبرى في هذه المنطقة. وتجري أنقرة مناورات عسكرية بشكل منتظم بمشاركة باكو، كان آخرها التي حملت اسم "النسر التركي الأذربيجاني 2022" وأُجريت في مدينة كنجه بأذربيجان، في 5 سبتمبر الماضي. كما أجرت الدولتان مناورات في إقليم ناخيتشيفان، بالقرب من الحدود الأذربيجانية - الإيرانية، في يونيو الماضي، في محاولة من جانب أنقرة لإيصال رسائل تهديد إلى طهران. وتنظر إيران إلى ممر زانجيزور، على أنه مشروع أذري- تركي بالأساس، يحظى بدعم من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ويسعى لربط تركيا بحليفتها أذربيجان، وصولاً إلى بحر قزوين، الأمر الذي يسهم أيضاً في وصول تركيا إلى دول وسط آسيا، بالإضافة إلى كونه الطريق الأسرع للوصول إلى الصين والهند ودول جنوب شرق آسيا، وهو أمر يخصم من النفوذ الإيراني في هذه المنطقة.
4- هواجس إثارة النزعة القومية الأذرية: تتخوف إيران من أن يؤدي زيادة نفوذ أذربيجان وتركيا على حدودها الشمالية، في حال تم تنفيذ مشروع ممر زانجيزور، إلى إثارة النعرات الانفصالية لدى القومية الأذرية، والتي تمثل ثاني أكبر القوميات في إيران بعدد سكان يتجاوز 20 مليون نسمة، وبنسبة تُقدر بنحو 22% من إجمالي السكان، وهي تقطن المحافظات الشمالية الغربية من إيران. ويتهم النظام الإيراني، أذربيجان بدعم الحركات الانفصالية في هذه المحافظات التي يقطنها الأذريون.
وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى الغضب الإيراني من إلقاء الرئيس التركي، أردوغان، خلال زيارته باكو في ديسمبر 2020، قصيدة تحمل معنى تقسيم القومية الأذرية على ضفتي نهر آراس، وهو النهر الفاصل بين إيران وأذربيجان، حيث استدعت حينها طهران السفير التركي لديها لإبلاغه الاعتراض على هذا الأمر، ما يُشير إلى حساسية النظام الإيراني تجاه المساس بالنزعات القومية للأذريين، لاسيما من جانب تركيا وأذربيجان.
5- قلق إيراني من تنامي العلاقات بين أذربيجان وإسرائيل: تُتهم إسرائيل بدعم أذربيجان بالأسلحة والمعدات العسكرية، وأن الأخيرة تمتلك مخزوناً ضخماً من الأسلحة المتطورة التي اشترتها من إسرائيل على مدار سنوات، وأنها زودتها في حربها الأخيرة مع أرمينيا بالطائرات المُسيّرة الهجومية، وتكنولوجيات متقدمة أسهمت، مع الدعم التركي، في تحقيق انتصار كبير على أرمينيا. وفي ضوء العلاقة المتنامية بين الجانبين، تُلقي طهران بالاتهامات على الجانب الأذربيجاني في استضافة قوات وعناصر استخبارات إسرائيلية داخل أراضيها، أسهمت في تنفيذ عدة عمليات تخريبية في الداخل الإيراني، نال البرنامج النووي الإيراني النصيب الأكبر منها.
وقد أجرى الجيش الإيراني مناورة عسكرية قرب حدود أذربيجان، في 1 أكتوبر 2021، سُميت بمناورة "فاتحو خيبر"، في رسالة تهديد لباكو لاستضافتها عناصر إسرائيلية على أراضيها. وفي السياق ذاته، انتقد الرئيس الإيراني، نظيره الأذربيجاني، إلهام علييف، لإطاعته إسرائيل، وذلك خلال لقائهما على هامش مؤتمر التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا في العاصمة الكازاخية آستانا في 13 أكتوبر 2022.
مخاطر إنشاء ممر زانجيزور من وجهة النظر الإيرانية
بحسب وجهة النظر الإيرانية فإن التخطيط لإنشاء ممر زانجيزور يضعها في عزلة عن محيطها الإقليمي ، حيث أثارت مسألة إنشاء ممر يربط بين جمهورية أذربيجان وإقليم ناخيتشيفان التابع لها في أرمينيا، على طول الحدود الإيرانية الأرمينية، حفيظة طهران، على أساس أن ذلك الأمر من شأنه أن يعزلها جغرافيا عن أرمينيا، ومن ثم عن المحيط الأوراسي المجاور، بما يتضمنه ذلك من حرمانها من مزايا اقتصادية وجيوسياسية عديدة، في الوقت الذي تواجه فيه إيران عقوبات أميركية وأوروبية على خلفية ملفها النووي والصاروخي، ودورها الإقليمي المزعزع لاستقرار منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى ما أسفرت عنه الاحتجاجات الراهنة في إيران من فرض ضغوط وعقوبات متتالية على النظام الحاكم بسبب القمع الذي تمارسه السلطات بحق المتظاهرين. فضلا عن سعي إيران لأن تصبح بديلا لإمدادات الطاقة إلى أوروبا، في ظل الحظر الأوروبي على الإمدادات الروسية، على خلفية الحرب الأوكرانية، وقد حصرت إيران مخاطر إنشاء الممر الحدودي على أربع مستويات على النحو الآتي:
أولًا: ممرات العبور والنقل
في إطار الممر الطوراني الحدودي ستقوم أنقرة بإنشاء “ممر اللازورد” من تركيا إلى القوقاز وأسيا الوسطى وأفغانستان وصولًا إلى ميناء جوادر بباكستان في مقابل إضعاف وتهميش ممرات العبور الأربعة: (الحزام والطريق، ممر الشمال – الجنوب، الممر الواصل بين الخليج العربي إلى البحر الأسود، ممر إيكو الشرقي – الغربي”. ولأن أفغانستان كانت ضمن الأهداف التركية أصرت الأخيرة مع أذربيجان على عضوية مراقب لأفغانستان باللغتين الدرية والبشتو في مجلس التعاون للدول الناطقة بالتركية.
ما يزيد خطر الممر هو الدعم الأمريكي وحلف الناتو له، نظرًا لكونه وسيلة فعالة لإفشال المشروع الصيني ــ الروسي في تطوير خطوط السكك الحديدية والتي تربط روسيا بأوكرانيا وبيلاروسيا وبولندا وبين الدول الواقعة على طول الحزام والطريق وبين قارتي أسيا وأوروبا. ولعل هذا أحد الأسباب التي أزعجت أمريكا ودفعتها إلى استفزاز روسيا وتوريطها في حرب بالإنابة مع أوكرانيا هذا من ناحية، من ناحية أخرى منع إيران من استغلال مشروع الممر الشمالي ــ الجنوبي عبر الموانئ الجنوبية لها في الخليج العربي وخليج عُمان؛ لتصبح أقرب ممر عبور لدول أسيا الوسطى إلى المحيط الهندي والمياه الدولية.
ثانيًا: مجال الطاقة
من المقرر أن ينقل الممر الحدودي الجديد الغاز من أوزباكستان وكازاخستان وتركمانستان إلى باكو عبر بحر قزوين بما في ذلك ربطها مع خطوط أنابيب نقل الغاز من جنوب القوقاز وتاناب وتاب معًا إلى باكو، أي إعادة تفعيل مشروع نابوكو ولكن بصورة جديدة.
بذلك لن يكون لأوروبا حاجة جادة للغاز الروسي عبر خطوط نورد ستريم الاستراتيجية وخطوط إيران، ما سيضعف القدرات الجيوسياسية لروسيا وإيران في مجال الطاقة، فضلًا عن مواجهة الصين لمشاكل توفير مصادر الطاقة التي تحتاجها من أسيا الوسطى ولاسيما من دولة تركمانستان؛ لهذا يسعى مؤيدو المشروع إلى إقرار النظام القانوني لبحر قزوين في البرلمان الإيراني، ليُسمح من خلاله ببناء أنابيب للطاقة في قاع بحر قزوين.
ثالثًا: الجانب العرقي
سيخلق الممر الطوراني موجة عرقية واسعة قائمة على الترويج للبانتركيزم ضد القومية الأذرية والتركمانية في إيران ومناطق الأويغور في الصين والمناطق التتارية في روسيا بالاعتماد على الفكر الأيدولوجي القومي للبانتركيزم التي تقوم على اتحاد جميع الأشخاص المنحدرين من أصل تركي أو من يتحدثون التركية، في أمة واحدة وتحت جناح حكومة واحدة ومستقلة في مناطق الأذريين والتركمان والتتار والأويغور.
رابعًا: توسيع الناتو
مع تزايد رغبة الناتو في توسيع منطقة نفوذه إلى الشرق، جعل من منطقة القوقاز وأسيا الوسطى مرمى جديدا لأهدافه؛ ليتمكن من خلاله من الوصول إلى حدود شينجيانغ الصينية وتطويق الحدود الشمالية لإيران وجنوبي روسيا، وغربي الصين، علاوة على أنه فرصة لتعزيز نشاط منظمة مجلس تعاون الدول الناطقة بالتركية وإنشاء ما يسمى بالناتو التركي لتكون امتدادا غير مباشر لأذرع الناتو في وسط أسيا.
وختامًا وعلى الرغم من الفارق الواسع بين الجارتين إيران وأذربيجان، حيث يتعارض النموذج العلماني لأذربيجان بشكل حاد مع النموذج الثوري الإسلامي في إيران، وفي حين اختارت أذربيجان كل من إسرائيل وتركيا كأكبر حليفين إقليميين لها، فإن طهران تنظر اليهما نظرة عداء، حيث ترى أنهما يسعيان إلى تأمين موطئ قدم لهما في جنوب القوقاز بشكل مباشر، إلا أن هذا التناقض بات محصوراً في التصعيد السياسي والمناوشات الكلامية، من دون أن يتطور إلى صدام عسكري، وهو سيناريو غير مرجّح في المدى القريب. كما تستشعر طهران خطورة التهديدات التي تقع تحت طائلتها بسبب إنشاء ممر "زانجيزور" ، والتي سيحد تبعًا لذلك من نفوذها السياسي بالمنطقة ، إضافة إلى تداعياتها الاقتصادية السلبية عليها، ويصعب التكهن بالخطوة التالية للجمهورية الإسلامية في هذا الملف في ظل أزماتها الداخلية الحالية التي تعاني منها، والتي قد تدفعها إلى التهدئة والقبول بحل وسط ومحاولة تقليص خسائرها، إلا أنه من غير المرجح أن تتجه نحو تصعيد خارجي كبير لصرف الانتباه عن الاحتجاجات الداخلية. ومن ناحية أخرى فإنه لاشك في وجود مساعي غربية حثيثة لمحاصرة وتهميش إيران وسياسًا وأمنيًا وجيوسياسيًا ؛ من خلال سعيها لتأييد مشروع إنشاء ممر "زانجيزور" لتطويق إيران و ردعها عن أي ممارسات قد تهدد المصالح الغربية في منطقة القوقاز وبخاصة فيما يتعلق بإمدادات الطاقة من إذربيجان الغنية بالنفط والغاز الطبيعي، علاوة على زيادة فاعلية العقوبات التي تحاول إيران جاهدة الالتفاف حولها بكسب صداقة روسيا والصين لتكونا منقذتين لها من أمريكا وأوروبا، ولعل هذا أيضًا تهديد بالعزلة الدولية إذا ما استمرت في توسيع مشروعها النووي ومحاولات التوسع على المستوى لإقليمي أو القيام بأدوار مؤثرة على المستوى الدولي.
المراجع:
1- https://hi-in.facebook.com/permalink.php? story_fbid=4961463250571590&id=826103987440891
2- https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/7780/ بين-التصعيد-والتهدئة-إلى-أين-تتجه-أزمة-ممر-زانجيزور-بين-إيران-وأذربيجان
3- https://kassioun.org/reports-and-opinions/item/70675-2021-10-11-12-20-20
4- https://nabd.com/s/111475435-91a306/تصعيد-إيراني-أذربيجاني-بسبب-ممر-زانجيزور-..-المؤشرات-والمآلات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أنس الشايب يكشف عن أفضل صانع محتوى في الوطن العربي.. وهدية ب


.. أساتذة ينتظرون اعتقالهم.. الشرطة الأميركية تقتحم جامعة كاليف




.. سقوط 28 قتيلاً في قطاع غزة خلال 24 ساعة | #رادار


.. -لن أغير سياستي-.. بايدن يعلق على احتجاجات طلاب الجامعات | #




.. هل يمكن إبرام اتفاق أمني سعودي أميركي بعيدا عن مسار التطبيع