الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تشرين العراق 2019 بعيون ملونه.... ح2

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2022 / 12 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


الصورة المتقدمة وإن كان هناك شارع عريض مؤدلج ومغيب يتبنى منطلقاتها ومخارجها وحتى قواعد القراءة وإن بدرجات متفاوتة، هذا الطيف العراقي في الغالب مدفوع تحت وهم الخوف من مسح الهوية الطائفية المذهبية التي تحرض إيران بشكل يومي وتفصيلي ليكون الهم الأول للمواطن العراقي، اللطيف في الأمر أن التحريض الطائفي والخوف من الهوية لهذا الأسلوب التضليلي يؤثر في الشيعة وحدهم، بل له إنعكاس مقابل وهو الأخطر في الموضوع الواقعي المجسد في الشارع الفكري والسياسي الديني والمذهبي وهو أن الطرف الأخر في المعادلة العراقية تستفزها هذه الطروحات، مما يؤدي إلى تعزيز تخندقه في الموضع الأخر، فالاستراتيجية الإيرانية تعمل من خلال فهمها أن مناصرة الشيعة بالإعلام والتدخل المباشر في قرارهم أيضا ينعكس إيجابيا لمصلحتها عند الطرف الأخر، الذي يحرص زعمائه على أسترضاء طهران وقم ليكونا عونا لهما على تزعم التخندق في الواقع السني، وإقصاء القيادات المتمثلة للخندق المقابل بأعتبارهم البديل الممكن به تنفيذ الرؤية الإيرانية، على العموم لدينا قراءة أخرى ربما تكون النقيض للقراءة الأولى.
لم تكن أنتفاضة تشرين حدث منقطع ولد مع أسباب وتحولات جيوسياسية أو مرتبطة بواقع خارجي وصراع إقليمي أو دولي، تشرين كان نتيجة طبيعية لرفض طيف واسع من العراقيين للأحتلالات الأمريكية والإيرانية وما رافقها من تدخلات عديدة وواسعة ومؤثرة تتصارع على مصالحها الخاصة والتي هي في العمق صراع ديني مذهبي شيعي سني، الغريب أن الأحتلال والتدخل الأمريكي في الشأن العراقي قد أنصف ودعم القوى الشيعية جميعا وسلمها العراق بما حمل، في الوقت الذي كان من لمؤمت إقليميا على الأقل ووقوف دول المحور السني الإسلامي المتمثل بتركيا والسعودية ومصر والأردن من ورائهما قطر والأمارات أن يكون النظام القادم بعد نظام صدام حسين سنيا وطنيا معاديا لإيران ولو بغطاء ديمقراطي لكن بشرط أن يمثل الموقف السني الرافض لسياسة إيران وتدخلاتها في شؤون دول المنطقة، الخطأ الذي أرتكبته هذه الدول أو لنسميها المحور السني أنها بكرت بشكل مسبق لدعم القاعدة والتنظيمات الإرهابية التي حاربت الوجود الأمريكي في العراق بشكل مباشر، الأستراتيجية الأمريكية في هذا الجانب واضحة جدا، قد تستفيد من الموقف الذي يصب في مصلحتها وتخطيطها البعيد، ولكن ليس دائما تتسامح مع من يحاربها خاصة أذا تحولت هذه الحرب إلى عقيدة شعبية راسخة.
كان على دول المحور السني وبعد سقوط النظام الصدامي أن توقف دعمها للقاعدة وحلفائها وأن تتوسط بينها وبين القوات الأمريكية الغازية لوضع أستراتيجية الأستبدال، ومحاولة كسب البنية التحتية للنظام السابق والتي ما زالت فاعلة وإعادة أنتاج نظام وطني بعيدا عن الأيديولوجية القومية والدينية يضمن المصالح الأمريكية ومصالح المحور ويكون مقبول عراقيا من خلال مصالحة واسعة بين السنة المسيطرين والشيعة الجدد على الواقع السلطوي، بذلك تضمن أمريكا أن العراق سوف لن يكون الحديقة الخلفية للنظام الإيراني واستراتيجيته التخريبية في المنطقة، كان هذا الموقف هو الموقف العملي الإسرائيلي وهو حليق الأمريكان المعلن وحليف النحور السني المحتمل، لكن الإيغال في الدعم الخليجي والتركي للقوى الجهادية وعدم فهم حقيقي للموقف الأمريكي هو ما جعل الولايات المتحدة تتبنى خيار زعماء الشيعة الجدد، لاسيما توهمها أنها بإمكانها أن تجعل منهم دمى متحركة بيدها وأكثر طوعا من زعماء السنة، الذين كلما مضت العلاقة الشيعية الأمريكية رسوخا كلما ازداد تصلب موقفهم، حتى جاءت معركة الفلوجة وما حدث فيها من مجازر ليعلن عن الطلاق السني الأمريكي، وبأنتظار جولة جديدة من الصراع كان يظن هؤلاء الزعماء أنها ستضعف الأحتلال الأمريكي وتجبره للجلوس على مائدة المفاوضات لتسليم السلطة أو الجزء الأكبر منها لهم، وهذا ما أثبت فشله لاحقا وعادوا هم أفراد ومجموعات لطلب الرضا والسماح الأمريكي.
برى أصحاب هذه الرؤية أن التعارضات الأستراتيجية بين ما تريد أمريكا من العراق للمنطقة ومن المنطقة للعراق، وإجمالا عدم إمكانية المساهمة في تحقيق ما تريده أمريكا للمنطقة هذا ما لم يفلح المحور السني من أستيعابه لشكل دقيق، وبالرغم من أن جميع أعضاء المحور هم حلفاء أساسيين للولايات المتحدة وعلى تماس ومشاركة في الأفكار والرؤى بينهم، هذا التناقض أدى إلى شرخ حقيقي وكبير في نوعية العلاقة العراقية كمنعكس للعلاقة السنية الأمريكية، وبالتالي إيغال أمريكا في علاقتها مع الشيعة كحكام ليست في الحقيقة علاقة أستراتيجية بعيدة المدى، ولكنها بنيت كمرحلة أولى لتضعهم جميعا أمام خيارين مهمين يتحدد مستقبلهم ووجودهم اللاحق في ما يختارون، أما مع أمريكا وبالتالي الأستمرار في الخطة " أ " المعدة سابقا وبذلك تنجح في عزل إيران وقواها الإقليمية، أو في حالة عدم انخراط هذا المكون السياسي الشيعي من التماهي مع الخطة " أ " فلا بد هنا من إسقاط أعذارهم أمام الشعب، والمسارعة في إفشال كل خياراتهم أمام شعبهم وإثبات عجزهم في فعل مناسب يصب في مصلحة الشعب العراق، حتى تحين أستحقاقات الخطة " ب " عندها لا يجد هؤلاء ولا الحاضن الشعبي لهم ولا حلفائهم من مجال للمناورة أو طلب المساعدة من أحد، في هذه النقطة اماما تتحول إيران إلى عدو طبيعي وتاريخي للشعب العراقي، ليس فقط لما سببته من مأسي وفظائع بتدخلها اللا مسئول ودعمها للقوى الذيلية التي تتبعها، ولكن وبشكل كبير ومؤكد هو ما ستقترفه لاحقا عندما يهزم مشروعها في العراق ويسقط حلفائها وأتباعها فردا فرد.
إذا موقف تشرين ليس موقف معادي لإيران لسبب سياستها وتدخلها فقط، بل هو إجراء وقائي أستباقي يمنع التحول الأمريكي من الخطة أ الى الخطة ي وهذا ثمنه باهض على الشعب، أحداث تضرين إذا كان دق ناقوس الخطر أمام السلطة الحاكمة وتنبيها لها على خطورة ومجهولية الهدف الذي تسعى له، وتنبيها لها من أن تعي ما تفعله بالعراق وكأنها تمشي في طريق مملوء بالمفخخات والألغام وهي معصوبة العنين، هذا موقف وطني لا يعني دعم للأمريكان أو أنه مساند أو متحالف أو مؤيد يريد إنقاذ المشروع الأمريكي الذي يتوهم البعض بأنه تضعضع أو ضعف في العراق، ولا يمكن أيضا عده عداء سافر ولا مبرر لإيران الدولة الجار وقوة كبيرة لها تأثير وحضور في الواقع العراقي، وبعيدا عن التفسيرات الضيقة ووصف تشرين بنعوت جاهزة من قبيل العمالة والتبعية والتحرك بأمر السفارة، كانت تشرين صحوة نخبويه عراقية حقيقية مسئولة تستدرك الخطر وتستشعر فيه وتداعياته، لذا فما حصل بالحقيقة هو صراع بين مشروع الوجود العراقي الطبيعي الوطني المخلص وبين غباء السلطة وجهلها وذيليتها، إنه أيضا من جانب أخر صراع عراقي _ عراقي موازي للصراع الشيعي السني وإسقاطا له.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيرا على الأقدام.. جيش الاحتلال يجبر آلاف الفلسطينيين على ال


.. زعيم حزب فرنسا الأبية لوك ميلونشون: الرئيس لديه السلطة والوا




.. يورو 2024.. المنتخب الإنكليزي يجري حصة تدريبية من نوع خاص


.. مكتب نتنياهو: المقترح الذي وافق عليه رئيس الوزراء حظي بدعم ا




.. شروط جديدة لنتنياهو قبل المفاوضات حول الصفقة مع حماس