الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تشرين العراق 2019 بعيون ملونه.... ح3

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2022 / 12 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


إذا موقف تشرين ليس موقف معادي لإيران لسبب سياستها وتدخلها فقط، بل هو إجراء وقائي أستباقي يمنع التحول الأمريكي من الخطة أ الى الخطة ي وهذا ثمنه باهض على الشعب، أحداث تضرين إذا كان دق ناقوس الخطر أمام السلطة الحاكمة وتنبيها لها على خطورة ومجهولية الهدف الذي تسعى له، وتنبيها لها من أن تعي ما تفعله بالعراق وكأنها تمشي في طريق مملوء بالمفخخات والألغام وهي معصوبة العنين، هذا موقف وطني لا يعني دعم للأمريكان أو أنه مساند أو متحالف أو مؤيد يريد إنقاذ المشروع الأمريكي الذي يتوهم البعض بأنه تضعضع أو ضعف في العراق، ولا يمكن أيضا عده عداء سافر ولا مبرر لإيران الدولة الجار وقوة كبيرة لها تأثير وحضور في الواقع العراقي، وبعيدا عن التفسيرات الضيقة ووصف تشرين بنعوت جاهزة من قبيل العمالة والتبعية والتحرك بأمر السفارة، كانت تشرين صحوة نخبويه عراقية حقيقية مسئولة تستدرك الخطر وتستشعر فيه وتداعياته، لذا فما حصل بالحقيقة هو صراع بين مشروع الوجود العراقي الطبيعي الوطني المخلص وبين غباء السلطة وجهلها وذيليتها، إنه أيضا من جانب أخر صراع عراقي _ عراقي موازي للصراع الشيعي السني وإسقاطا له.
لعل كلا القراءتين في نظر البعض فيها الكثير من الحقائق ولكن توظيف الحقيقية لهدف ما ليس كما يتم طرحها في سياق موضوعي ضمن فكرة مترابطة، في القراءة الأولى هناك تجني ومبالغة في دور وأهمية إيران في موض وع تشرين، في القراءة الثانية هناك توسع قد يكون غير دقيق في أسباب وإملاءات الواقع على الحركة، إذا علينا أن نقرأ المزيد لا سيما من عيون محايدة أو ربما أقل أنفعالا من أصحاب القراءتين، في علم الأجتماع السياسي هناك قاعدة تقول التمرد الشعبي العنيف على العقد الأجتماعي ونظامه له سببين، الأول أن بناء العقد تم خلاف إرادة الشعب وتغييب خياراته التي هي إنعكاس لمزاجه العام، وبالتالي وإن كان مقنعا أو مطلوبا في مرحلة ما بكنه سيصاب بالانغلاق والتعثر كلما أسترد الشعب وعيه وبنى قراره من جديد، فالشعوب المصابة بدوار التغييب والاستبعاد والقهر الديكتاتوري دائما ما تحتاج إلى مرحلة أنعتاق، هذه المرحلة تبدأ مشوشة وفوضوية وقد لا تعبر فيها العقلية الجمعية عن ذاتها حتى تصطدم بالواقع، هذه الصدمة وإن كانت عنيفة فإنها سرعان ما تعيد الشعب لوعيه ويبدأ في البحث عن خلاص وندم وأحيانا جلد الذات الجمعية على نتائج الخيارات الفاشلة، والحقيقة أن الخيارات الفاشلة ليست خيارات بل خيارات قوى التغيير دوما.
السبب الثاني والذي أعده مهما أن العقد الأجتماعي الذي يتبنى الخيارات الفئوية سيصيب هذه الفئات بنوع من الصراع المتفجر المكنون في طيات حسن النوايا والأنتظار، طالما أنه يفرز قادة فئة وليست قادة شعب خاصة إذا كانت الفئوية راسخه في العقل الجمعي قومية أو دينية، إذا وحسب هذه النظرية بشقيها لا بد من الصدام الذي هو مرحلة حتمية كلما تم توظيفه أو إنضاجه نحو خيارات بديلة ومناقضة لما في الواقع من تحكمات ناتجة عن غياب الوعي الشعبي المصنع وفق نظرية المؤامرة أو نظرية الوجود أو اللا وجود، وبحراكه المستحق والحتمي سيتحرك النظام السياسي بالضد منه من خلال فتح قنوات تصريف وتفريغ للغضب الشعبي، وأختلاق مبررات ثانوية للهروب من الأستحقاق الوطني، عبر الإشغال المتكرر بقضايا ذات طابع فئوي أو جزئي، مثل ما حدث عبر إشعال الحرب المذهبية التي عنونت من قبل الفاعل الحريص على شكلية وجوهر العقد الاجتماعي بعد 2003 على أنه صراعا وطنيا باسم مكافحة داعش، والحقيقة هي حرب طائفية الهدف منها تمزيق الروح الوطنية الواحدة، وإعلاء صوت طائفة مهيمنة على حساب أخرى بإشعار الثانية أنها مذنبة على الدوام وعليها أن تدفع الثمن.
إذا الموضوع التشريني ليس قاصرا على منبع وباعث واحد، ولا هو نتاج قرار وإرادة تحركها جهة واحدة، تشرين أكبر من أن نعيدها لسبب أو علة داخلية أو خارجية، يمكنني القول أن تشرين هي أزمة العراق التاريخية والجغرافية سياسية وأجتماعية، أزمة قلبها وجوهرها حضاري وأداتها عامل ديموغرافي متمزق بين ولاءات وقضايا تتصارع على مسخ هوية مجتمع لتبني بدلا عنه هوية وكيان أخر مخدوع ومخادع وفوضوي، وهذا ما يصب في مصلحة الحفاظ على العقد الأجتماعي المحتضر بعد أحداث 2006 وما تلاها من هيمنة المد الإسلامي الشيعي المسلح والمنتفض خوفا من الهزيمة التاريخية له، فتغيير قواعد اللعبة المرسومة بموجب دستور 2005 مناسب لها وملائم لفرض واعها الخاص بحجة كونهم الأكثرية الديموغرافية وتحالفهم مع الأكراد ضد المكون الرئيسي الثالث، فالقضية إذا ليست قومية إذا خاصة وان الشيعة والسنه من مكون عرقي واحد، ولا هي قضية دينية خاصة وأن غالب الكرد والسنه في هذا العنصر واحد، إذا السبب يعود لكيفية وتفصيلات العقد الاجتماعي الفئوي المتمثل بدستور 2005 وما بني عليه.
خروج تشرين من رحم التناقض الدستوري وميل العملية السياسية نحو الأستحواذ والتفرد بعناوين فرعية أو طائفية أو عنصرية، يعني في الأخر تمرد حقيقي ورفض للعقد الأجتماعي الذي تم فرضه بالتغرير والتزييف والتسويق المضلل تحت عناوين المظلومية وحقوق المكونات، ولم تكن تشرين مجرد أنتفاضة مطلبية خاصة مع رفع شعار " نريد وطن" الذي يعني من جهة أخرى أن الشعب يريد أستعادة وجوده الحقيقي عبر وطن يبنى بإرادة شعبه، فكان الشعار الرديف الذي هز كيان المنظومة السياسية الحاكمة والمستفيدة من حالة الخلل واللا توازن هو شعار " الشعب يريد إسقاط النظام "، بمعنى أن الشعب تمرد على قواعد العقد الاجتماعي الفئوي ويريد تصحيح العملية السياسية من جذورها، الغريب أن الطبقة السياسية الحاكمة لم تقرأ عناوين تشرين الأساسية، لذا بقيت تراوح مكانها تبحث عن حل قمعي وليس حلا واقعيا منطقيا يعالج إشكالية وطنية يواجهها الشعب والسلطة والنظام معا.
إذا وحسب ما يقرأ علم الأجتماع السياسي فإن النظام ومع كل محاولات الترقيع والمعالجات العنفية يتجه نحو الحتمية التاريخية له، حيث ستتحول تشرين لاحقا لبذرة نامية قابلة للتبرعم والنمو السريع لتكون هي واقع يقطع الطريق أمام السلطة في أن تمضي بمشروعها المتعثر أكثر فأكثر، وكلما نمت وقوي عودها ستقاوم وتتحول من ردات الفعل إلى الفعل الخلاق الثوري، الذي ربما سيولد إنفجارا أجتماعيا مؤذيا إن لم يتدارك العقلاء وبعض القوة المنخرطة في هذا الحراك من السيطرة والتوجيه وإعادة صياغة الفعل المضاد، هنا أقول أن السلطة وحتى تتمكن من أحتواء الخطر القادم أمامها العديد من الخطوات التصحيحية لتعيد التوازن النوعي بينها وبين جمهور الشارع التشريني الغاضب، أولا عليها عزل القيادات الفاسدة من الحرس القديم ممن وقع على العقد الاجتماعي بعد 2003، والامر الأخر محاولة تفكيك عقدة المحاصصة الطائفية والقومية وإبدالها تدريجيا بالكفاءة المهنية والمواطنة الصحيحة، والاهم من ذلك عدم إثارة المحركات الأساسية التي خرجت من أجلها تشرين، وهي الفساد والفوضى والبطالة والارتهان للقوى الخارجية للقرار السياسي الوطني، فجزء كبير من هذا القرار بالشكل الحالي يعد تشرينيا من الكبائر العظمى أن نجعل العملاء للأجنبي قادة لبلد عمقه الحضاري والسياسي والوجودي بعمق الإنسان على هذا الكوكب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخاب بزشكيان رئيسا جديدا لإيران.. تفاؤل مصطنع ووعود صعبة ا


.. تصاعد الضغوط على بايدن للانسحاب من سباق الرئاسة | #أميركا_ال




.. ترقب احتمال فوز دونالد ترامب بسباق الرئاسة الأميركية | #أمير


.. مظاهرة نحو منزل نتنياهو في شارع غزة بالقدس للمطالبة بصفقة تب




.. رئيس الوزراء البريطاني أكد لنتنياهو ضرورة وقف إطلاق النار بغ