الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المضمون واللغة في -مأدبة الغياب- أسمى وزوز

رائد الحواري

2022 / 12 / 24
الادب والفن


المضمون واللغة في
"مأدبة الغياب"
أسمى وزوز
للعنوان "مأدبة الغياب" وقعه على النص، فهو بمثابة البوابة التي يعبر منها القارئ إلى المتن، وعندما ندخل إلى الكتاب سنجد المأدبة تكمن في اللغة الأدبية، والغياب في الفكرة والألفاظ التي تكرر فيها معنى "الغياب، فما أن ينتهي القارئ من القصص الثلاث التي افتتح بها الكتاب، حتى يجد نصوص نثرية في مجملها تناولت حالة الغياب، الفقدان، تقول في غابات شوق": "غابات من الشوق تمتد في كل أنحائي، وفي كل طياتي البعيدة، فيكبر فقدانك، ويطول غيابك"ص49، اللافت في هذا المقطع أن الأمر لم يقتصر على استخدام لفظ الغياب/الفقدان بل طال أيضا ألفاظ أخرى متعلقة به ومرتبطة، فنجد: "الشوق، تمتد، البعيدة، فيكبر، يطول" وهذا ينم على أن الكاتبة تكتب من حالة ألم متوحدة معها، وليس من خلال قلمها، فحالة التماهي بين الفكرة واللفظ يشير إلى أن الكاتب/ة يُكتبه القصيدة/النص وليس هو من يكتب النص/القصيدة، لهذا نجد الفكرة حاضرة في الألفاظ المجردة.
وتقول في "المحطة الأخيرة: "...لم نكن نعلم حينها أن فقداننا لحميمياتنا التي فقدانها في ليالينا التي كانت باردة، وأدفأنا زواياها بأنفاسنا التي تقاسمنا فيها روح الحياة، ..فهل كنت تدري أننا لم نعد بعد كل هذه المواجع سوى بقايا من حطام" ص60، استخدام صيغة الجمع والتي تشير إلى المثنى يحمل بين ثناياها حجم الوجع الذي تركه الفراق: من هنا جاءت ألفاظ: "فقداننا/فقدانها، المواجع، حطام" تعبر عن الألم والوجع.
وتقول في "وجع الانتظار": "كان صوتك اليوم استثنائيا في أمسيات الغياب الموجع، صداه أثار الحنين في مساء وحيد متعر كشجرة تين تلوح على تلك الليلة من بعيد، فجاءها المطر ولبست ثوبها من جديد" ص109، يمكن أن يكون هذا النص من أهدى ما قدم عن حالة الغياب/الفقدان وذلك لوجود المخلص/المطر، وأيضا لوجود الخصب/المطر وعلاقته بشجرة التين، فصيغة المذكر/المطر، والمؤنث/شجرة تأخذ القارئ إلى البعل وما يحدثه من خير مادي وروحي/جمال على الطبيعة والناس.
هذا على صعيد النصوص النثرية، أما على صعيد القصص فهناك ثلاث قصص، جاءت في بداية الكتاب: "عناق حزين، الشرفة وحماقة الانتظار، في مفترق خريفي" وكلها تتناول حالة الغياب/الفقدان/الرحيل، وكما أن أبطال القصص رجل وامرأة في القصة الأولى "عناق حزين" تتحدث عن الأسير الذي تنتظره حبيبته مدة خمس عشرة سنة ليقول لها أنه لا يستطيع الاقتران بها لأنه اصبح رجل آخر غير الذي عرفته قبل الأسر، واللافت في هذه القصة أن القاصة تحدثت عن التنوع المجتمع الفلسطيني عندما جعلت بطلي القصة مسيحيين من بيت لحم.
في قصة "الشرفة وحماقة الانتظار" تتحدث أيضا عن الأسر الغائب، لكن هذه المرة تكون الحبيبة هي من يترك الأسير للتزوج من غيره، بعد أن قال لها: "لا تنتظريني فأنا وأنت لن نلتقي فطريقنا سد بصخور المستحيل" ص34.
وفي قصة "في مفترق خريفي" تم تكرار ما جاء في القصتين، "عمر" يفترق عن "ريتان"، ففكرة القصص متماثلة، والشخصيات متقاربة، ولغة الفراق والحزن كانت هي السائدة، من هنا نقول أن العنوان "مأدبة الغياب" كان موفقا في إيصال مضمون ولغة القصص للتلقي.
المجموعة من منشورات دار الجنيدي للنشر والتوزيع، القدس، فلسطين، الطبعة الأولى 2012.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس التونسي: بعض المهرجانات الفنية لا ترتقي بالذوق العام


.. ظهور حمادة هلال بعد الوعكة الصحية في زفاف ابنة صديقة الشاعر




.. كل يوم - -ثقافة الاحترام مهمة جدا في المجتمع -..محمد شردي يش


.. انتظروا حلقة خاصة من #ON_Set عن فيلم عصابة الماكس ولقاءات حص




.. الموسيقار العراقي نصير شمة يتحدث عن تاريخ آلة العود