الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحليل نقدي ذرائعي للقصة الموجزة المكثفة ق.م.م / تداعيات زمن / للقاص العراقي رائد الحسن بقلم الناقدة الذرائعية د. عبير خالد يحيي

عبير خالد يحيي

2022 / 12 / 25
الادب والفن


النص:
تداعيات زمن
أمسكَ فرشاةً ولوحة بيضاء بين أنامل يديه المُتعَبَتَين حيث تركتِ الأيام آثارها؛ ليلوّنها من فصول حياته, فشِل, لكنه رفعهما إلى العُلا مؤطِّرًا إياها بالرضا والشكر.

ديباجة النص:
إسناد لرجل عجوز حاول رسم أحداث حياته بألوانها المختلفة على لوحة عمره البيضاء, لكنه فشل, والسبب منطقي, فالإنسان لا يستطيع أن يحصي أحداث الحياة المتكرّرة, فحياة الإنسان مبنية على صراع درامي بين الطرفَين الأساسيين, الخير والشر, بنتيجة غير محسومة بالمطلق, فشل هذا الرجل في رسم الصورة جعله يرفع يديه المتعبتين باللوحة الفارغة ويجعلهما كإطار لها, واللوحة المؤطرة تبقى ذكرى تذكّره بما فات وما سيحدث من أحداث متكررة.
التحليل الإيحائي:
في الدلالة الأولى : (أمسكَ فرشاةً ولوحة بيضاء بين أنامل يديه المُتعَبَتَين حيث تركتِ الأيام آثارها؛ ليلوّنها من فصول حياته), حاول الكاتب أن يشير نحو كفاح الإنسان وعلاقته بالحياة, وهذا معنى فلسفي يشير إلى اختلاف طبيعة هذه العلاقة من إنسان إلى آخر, فمنهم من تمرّ به الحياة دون أن يعيها, ومنهم من يمر فيها تاركًا أثره فيها, وهذا البعد الفلسفي يأخذنا نحو الآية الكريمة ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ), والعبادة هنا هي الكفاح الإيجابي الإنساني المؤثّر في الحياة.
في الدلالة الثانية: (فشِل), أغلق القاص باب النجاح في تلك العلاقة الفلسفية, لسعة الحياة على الإنسان, فلا يستطيع الإنسان بعمر واحد أن يتمكّن من إحصاء الحياة أو الإحاطة بها, فالحياة أوسع من الأحداث, وأطول بكثير من عمر الإنسان, ففشل هذا الإنسان برسم ألوان كفاحه في الدنيا, هذا الفشل هو إشارة فلسفية أيضًا لعجز الإنسان أمام نفسه وأمام الآخرين, فمن الناس من يكون ذا أثر فيموت جسده ويبقى اسمه مقرونًا بذلك الأثر, ومنهم من يموت ويُنسى ذكره وكأنه لم يكن ولم يولد.
الدلالة الثالثة: (لكنه رفعهما إلى العُلا مؤطِّرًا إياها بالرضا والشكر), نتيجة الإنجاز كان فشلًا, فلا قيلة للإنجاز لذلك يلجأ الإنسان إلى الاستسلام.
التحليل النقدي الذرائعي:
• المستوى السيكولوجي:
عندما يتصوّر الإنسان أنه ناجح يشير إليه اللاشعور أنه ناحج, ثم يتفاجأ إنجازيًّا أنه قد فشل, فهذا انهزام داخلي سيكولوجي, ومغالطة بين الوعي واللاوعي, نتيجة لمعلومات مغلوطة تسللت من اللاوعي نحو الوعي.
• المستوى الأخلاقي:
استخدم الكاتب الوضع الأخلاقي البسيط لإنسان من عامة الناس, يحترم النجاح ويطلبه, فيتجه إلى ربه عند الفشل, ويجدّد عهده مع ربه مبديًا الرضى والشكر والحمد على ما رزقه في الدنيا ولو كان دون مستوى الذكر والتأثير.
• المستوى المتحرك:
1- عتبة العنوان: لا توحي لثيمة القص بشكل مباشر, فهي جيدة.
2- الرمزية: الدلالة الأولى تحمل رمزًا مغلقًا بحمل الإنسان الناجح, لكن الدلالة الثانية تحمّل بشكل مغاير للدلالة الأولى, فتشكّل الدلالتان بنية تكاملية لسبب إنجازي بنتيجة إخبارية, وهي علاقة تبادلية بين النجاح والفشل.
3- الإحالة والإسناد: حاول القاص أن يدخل ثيمة نصّه بقضية إنجازية حسب الفعل القضوي للفيلسوف سيرل, فحملت دلالته الأولى إسنادًا لإنسان يحاول النجاح, فجاءت الإحالة نحوه بنتيجة الفشل, فعمد القاص إلى رسم بإنجاز كعبور بين الإسناد والإحالة, وهو الصراع بين النجاح والفشل.
4- التناص: من خلال التحليل الإيحائي برز لنا تناص قرآني وظّفه الكاتب رمزًا مفتوحًا لقوله تعالى ( وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون) والعبادة هنا تعني العمل الناجح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1


.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا




.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي