الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حبّْ وقبَّان

سارة سامي
كاتبة وشاعرة عراقية

2022 / 12 / 26
الادب والفن


حب وقبَّان

نهارٌ مُزهر ذلك الَّذي يأتي برسائل من أناسٍ غرباء لم تتقاطع طرقنا بطرقاتهم من قبل، لكنَّهم يُفاجئونا بحرصهم على أن تصل رسائلهم قبل الميعاد.
يتبارون ليكون أحدهم المبادر الأول بقطف التهاني لتلك الشاحبة المُبعدة التي تقطن مُدن الصَّقيع.
أناسٌ تمتلئ حدقاتهم بالنَّدى وأيديهم بالورد..
يُحبُّوك دون مقابل ويملؤون جيوبك بالسكاكر ليُحلُّوا يومك ب"كل عام وانتِ بخير" ومن ثم يعودوا ليختفوا.
نعم، ها هو يوم ميلادي الأحدب يُعاود المجيء ليذكرني بأني مازلتُ هنا، قد كبرتُ عاماً وإن شعرتُ بأن عقداً من الزَّمن قد مرَّ من دون أن أحيط بذلك علماً.
فأنا آخر من يعلم عمَّا يدورُ بهذا المُنعطف الكوني الذي انحدرنا اليه من دون دراية. أدورُ حول نفسي كلما دارت كُرتنا السِّحرية من حول نفسها تماماً كالمجاذيب. فلي عالمي ولهم عالمهم ولي سحري ولهم شعوذتهم.
أولئك الذين جافيناهم بعد أن أحببناهم حتى إنقطاع النَّفس. الماكثين فوق الصدور كالجاثوم الأسود رقدةً بعد أخرى نشهقهم من دون زفير.
أينهم ترى منَّا ؟
المبعدين، المقربين، المحبوبين، الممقوتين، المنقوعين بماء الشعير لطالما بادلونا الحبّ بالأوقيَّات.
تزيدين أوقية، أزيدك أوقية. تنقصين، أنقص!
وكأن قلوبهم قبانٌ حلزوني يَكيلُ الأحاسيس بالميليغرام ويُعيد تدويرها بمتتالية الغيم والمطر.
لا شعيرَ بحقولهم ولا حنطةَ بلحاهم مُدججِّين بالقشّْ
كفزاعة أكلت حنطتها الغربان.
لكننا مُذ اكلنا التفاحة ولنا النصيبُ الأكبر من بذرتها فنمَتْ بنا شجرةُ الشَّجن أفرعاً وثماراً، أمَّا هم فأكلونا قشراً أحمر وأخضر فمررنا بهم كالسيليلوز.
الحبُّ إستلابٌ للآخر مهما فعل بك وفعلت به
تبقى ويبقى.
تذرف الدمع مالحاً حين الفراق وتحنُّ أوصالك وتشتاق.
تغفر وتبرر وتسامح..
وتعود.
ليس حُباً ما تعلَّق بقبَّانٍ حلزوني، يُدلي حين ندلي ويقبضُ حين نقبض.
ليس حبَّاً ما تعلقَّ كالكاربون بأعناق رئتينا
دخان رواسب مشتعلة
وإنما الحب ما تعلَّق وتسمرَّ كأبهرٍ
في ذروة القلب.

س.س.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل