الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البحث عن الشهرة حتى الرمق الاخير !

محمد حمد

2022 / 12 / 26
الادب والفن


يا لك من مسكين ايها "المثقّف" المعاصر. لم تجنِ من الثلاثين سنة الاولى من عمرك الجميل سوى اوهام خادعة ولهاث مضني خلف آمال زائفة واحلام مبنية على رمال تتحرك مع كل نسمة هواء. من اجل شهرة، كنت تتوقّع ان تأتيك على طبق من ذهب، وسط عالم اختلط فيه الحابل بالنابل. واصبح لا يميّز بين الصفة والموصوف. ولا يفرّق بين الجار والمجرور. فاختلطت عليك وعلى امثالك الأمور. وها نحن نراك اليوم في خضمّ هذه الفوضى الثقافية الهدّامة، وقد بلغت من العمر عتيّا، عبارة عن صورة لا اكثر ولا اقل ! نعم، صورة تستحق هذا العنوان:
صورة الفنان في شيخوخته !
لقد دأب الكثير من المثقفين وهم في مرحلة متقدمة من العمر على نشر صورهم الشخصية بشكل مبالغ فيه الى درجة الابتذال. في منافسة تكاد تكون شرسة مع شباب لا همّ ولاغمّ لهم سوى رؤية صورهم تملأ أكثر من مكان وفي أكثر من موقع. وأصبح الفيسبوك بشكل خاص عبارة عن معرض للصور الشخصية لمن يحسبون أنفسهم زورا وبهتانا على الثقافة.
اعترف بانني أشعر بالغثيان والحزن وشيء من الاحتقار كلما رايت قصيدة والى جانبها صورة الشاعر. وكأنه يستجدي منّي شيئا ما. لا اعرف بالضبط. واكاد افقد ثلث تركيزي الذهني وانا افرأ القصيدة واحدّق في ملامح كاتبها. والنتيجة: لا القصيدة اعجبتني ولا صاحبها اثار اهتمامي !
طبعا هناك فرق كبير بين ان نكون لك صورة واحدة، احيانا تطلبها منك إدارة موقع الذي تنشر فيه، وان تنشر صورتك اينما حللت ورحلت. وكانك تتاجر بملامحك وتعابير وجهك المثيرة للاسى والشفقة.
على سبيل المثال، أحدهم يذهب إلى شارع المتنبي ويلتقط له صورة مع حفيده الصغير ويكتب تحتها: "انا وحفيدي (فلان) أمام تمثال جدنا الاكبر المتنبي". طبعا هذا الشاعر, رغم أنه نشر ١٩ كتابا، ما زال مجهولا، يعتبر المتنبي جدّه الأكبر دون أن يحقق في مسيرته الأدبية الممتدة لنصف قرن. واحد بالمئة ممّا حققه المتنبي في صباه.
وهناك شاعر آخر يدير موقعا على الانترنت، كما هي حال الكثير من شعراء هذا الزمان ومواقعهم الخاصة بهم، ينشر اكثر من قصيدة في اليوم مع صور مختلفة لكل منهما. مرة في بغداد ومرة اخرى في دولة مجاورة. بالنسبة لي اي شاعر يكتب اكثر من فصيدة في اليوم ليس بشاعر. بل باخث عن سراب الشهرة فقط.
هذا رايي الشخصي.
المهم، ان صاحبنا تجاوز السبعين من العمر، تجاعيد وعيون غائرة ونظرات حزينة وابتسامة ذابلة تنم عن يأس واحباط وقنوط. وقد سألت نفسي ذات مرة "يا ترى ماذا يريد هذا الرجل؟ ".علامات اعجاب؟ لا بأس ! ثم ماذا؟
وبلغ بي الامتعاض والفضول في يوم من الايام فكتبت له بطريقة مهذّبة مستفسرا عن السر وراء نشر صوره وكانها علامة تجارية يراد منها تسويق بضاعة بائرة لا تجد لها زبائن. وهل هدفه هو الحصول على اكبر عدد ممكن من علامات الاعحاب؟
طبعا الرجل زعل واستاء من كلامي وقال لي انه ليس بحاجة الى علامات اعجاب من حضرتي !
المشكلة أن الكثيرين من الذين حلوا ضيوفا غير مبجّلين على عالم الثقافة والادب، يعانون من الاحباط وخيبات الامل المريرة والشعور بالنقص "أدبيا" والتهميش بعد أن فاتهم قطار الشهرة منذ زمن بعيد.
لم يبق للكثير منهم، بعد أن نضبت ينابيع الابداع في عروقهم، أن كانت موجودة اصلا، غير العزائم والزيارات المتبادلة التي تتخللها عبارات التبجيل والترحيب وصفات التعظيم، من نوع: "قمنا بزيارة الاديب فلان الفلاني (ويضعون أمام اسمه اربع او خمس صفات، كالمبدع والمتألق والقدير والكبير...الخ) في بيته العامر".
والحقيقة انني لا افهم ما المقصود ب "بيته العامر". وهل يُفترض به أن يسكن في خرابة أو في صريفة؟
يا ناس، أن البيوت عامرة باهلها. وليس بشيء آخر !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب


.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_




.. هي دي ناس الصعيد ???? تحية كبيرة خاصة من منى الشاذلي لصناع ف