الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الربيع العربي . . من ثورات تغيير للبناء الى ثورات افول للقيمة .

أمين أحمد ثابت

2022 / 12 / 27
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


اثنتا عشرة سنة ماضية منذ الوقوع في الخديعة الدولية الامريكو – اوروبية ، في كذبة ثورة الربيع العربي في البلدان المعرفة بذات النظام الجمهوري فقط من بعد حصولها على الاستقلال من الاستعمار الاحتلالي الغربي من خمسينيات وستينيات القرن العشرين ، ومثلت مصر ، اليمن ، تونس وسوريا الحزمة الأولى لتحول السيناريو النظري في الاجندة الامريكية الى حقيقة واقعية جارية فيها تنفيذا ، ثم تلتها بزمن لاحق مجموعة الحزمة الثانية المفترضة ب . . ليبيا ، الجزائر ، والسودان ، لتأتي الحزمة الثالثة المتمثلة ب . . العراق ولبنان ، واللتين كانت الرؤية حولهما مؤجلة الى زمن لاحق ببضع سنوات . . بعد ما سيتكشف عن الحزمتين الاولى والثانية ، إذا ما سينفذ فيها ذات السيناريو ام لا ، لكون مسار واقعهما متحقق فيهما ذاتيا تلك الاهداف المخفية للأجندة الامريكية المقرة اوروبيا كشريك ربحي في المحاصصة القادمة – بدون خديعة ثورة الربيع العربي– أكان للعراق بعد سقوط نظام صدام في 2003م وانهاء الدولة الوطنية – بغض النظر عن طابع الحكم الاستبدادي الفردي – او كان بالنسبة للبنان ، فالدولة معطلة بطبيعتها و . . بمؤسس قانوني بتنصيص دستوري .
وعند التنفيذ واقعا لمخطط اللعبة انتجت الظروف متخلقات غير محسوبة اعادت الضرورة لتعديل سيناريو الاحداث لأكثر من مرة ، فكل سيناريو مثل ما ينتج متغيرات واقعية وفق اهداف الاجندة ، كان يخلق بالتوازي ايضا متضادا لتحقيق الغايات النهائية ، مما انتج انفلات خيوط اللعبة في التحكم المطلق عليها من الخارج .




الظاهر عربيا كواقع مشترك ( المستغل في اللعبة زيفا كتبرير لضرورة حدوث مروج الثورة الشعبية ) :
1 - ازمة نظام الحكم السياسي : المختنق ، الذي يعاني من انسداد تام لا يؤهل استمرار بقائه على الحكم ، مطبوع على الفساد الشامل لعمل سلطات الدولة الخليطة بين الجهل بالعمل المؤسسي وانحلال الاخلاق الحاكمة للعمل والمسئولية ، وعلى حكم ممارس خارج عن الدستور والقوانين المشرعة النافذة .
2 - عن النقطة السابقة تمخض عنها واقعا الظلم والقمع ومصادرة الحقوق ، تزايد معها الفقر الاجتماعي والبطالة وضعف دخل الافراد مقابل تنامي غلاء المعيشة بعشرات الاضعاف خلال العقدين الاخيرين – الى ما قبل 2011م – رغم غنى البلد في مصادرها الطبيعية وتعدد مصادر منافذها المدرة ثروات طائلة للدخل القومي الوطني . فثروات المجتمع الطبيعية وعائدات الدخل القومي والملكيات العامة للدولة لا تعود الى ميزانية الدولة ومنها لتحرير عيش المواطنين من الحاجة والازمات المعيشية ، ولكن تبتلع نهبا من مراكز نفوذ الحكم وسلاسلهم المرتبطة بهم مافويا على صعيدي عمل اجهزة الدولة او المميزة اجتماعيا – كأعيان ومشيخات واسريات وبيوتات مالية تجارية نافذة – وصولا الى وسط وادنى تلك السلاسل المنتفعة التابعة لمراكز النفوذ او محسوبة عليها . وكل بضع سنوات تمر ، يزداد الفقر اجتماعيا وتختل الحياة ، فالدخل العائلي لم يعد ممكنا على تلبية ابسط الحاجات الاولية الضرورية لكل اسرة عامة مع انغلاق كافة الابواب للخروج من تلك الحالة على صعيد المنظور المستقبلي ، حتى أن الفرص اصبحت متلاشية لتحسين الدخل او تغيير الوضع المعيشي ، فخريجي الجامعات وحملة الشهادات العليا لا يجدون عملا او وظيفة ، كما ولا يجدون دونهم عملا يتعيشون من خلاله .
3 - وعن ما سبق . . نتج انهيارا لقيم العمل ، وانهيارا لمخرجات التعليم الهابط والفاسد طبيعته النظامية ، فتخلق عنهما تسرب متعاظم عن العملية التعليمية ، ما انتج هبوطا للوعي وتطبعه بالزيف الى جانب تعمم القيم المجتمعية المحتقرة ( ضمنيا ) العمل والتعليم ومعاداة المعرفة النظرية – التي لا تؤكل عيش – مقابل اعلاء وشيوع قيم الانتفاع الرخيصة للارتزاق اجتماعيا – حتى على الصعيد الفردي - بما فيها الانتهازية لتحقيق العيش ونيل الفرص ، والتي تعد طرقها لاغية معايير الكفاءة والاخلاق وجهد العمل المبذول ، ولكنها تكتفي بالخنوع التابع واداء العمل والسلوك اللاأخلاقي او غير القانوني وفق ما يؤمر به ويسلك به بطواعية ذاتية عفوية كتقديس فارض على المجتمع للرمز الذي يعتقد انه منسب إليه ، باعتقاد توهمي كحارس امين على مكانة ومصالح سيده و . . الذي يعد بالنسبة له استقواء على المجتمع بما يمنحه من عائد ومكانة او مهابة ظلية من مهابة وسطوة سيده – أي كلما نما وتوسع نفوذ سيده ، كلما طالت يده على الاخرين ومصالحهم وحياتهم وحقوقهم – وهو ما انتج مجاور موازي للفساد والتسلط على المقدرات والمداخيل تخلق وشيوع ممارسة ارهاب الحكم – في اجهزته الرسمية او من خلال بطاناته الاجتماعية المسلحة – على المجتمع في مختلف فئاته مناطقيا او عشائريا او مذهبيا وصولا الى وجوده المعبر عنه على صعيد الفرد – تحت قول مبدئي مطلق : من هو ليس معنا فهو ضدنا .
4 - وعليه انتج ما سبق . . اختلالا مجتمعيا تشوهي شامل ، من القيم المجردة الى قيم عيش الحياة ومنها الموصولة بالعلاقات الاجتماعية المنهارة ، ما سبب اختلالا تشوهي في النسيج الاجتماعي والمواقف وشيوع الفهم التصوري الزائف في كل الامور المختلفة .
حقيقة ما وصل إليه الوضع الاجتماعي عبر تراكم من الفساد وانهيار القيم وتزايد نسبة الفقر الى ما يزيد عن 65% ، وبنسبة الثلثين من القيمة المتبقية غير قادرة على تحمل نفقات العيش الامن الضروري . . ما اوصل الحياة ان تعد مهددة لغالبية انسان المجتمع ، فكل الطرق مسدودة على كافة الاصعدة ، أكانت من قبل نظام الحكم المعاق كليا او من خلال ما هو اجتماعي ذاتي .
ظاهر التذرع الاستغلالي الغربي لتنفيذ مشروعا :
1 - حماية انسانيتنا وحقنا كمواطنين مستضعفين في بلداننا من قبل انظمة استبدادية بوليسية لحاكم فرد – فقد كل منهما اهلية استمراره على الحكم – كدعم لوجستي ومادي وتشريع دولي متخفي وراء المنظمة الدولية للأمم المتحدة كوقوف مع شعوبنا في حقهم لتقرير مصيرهم واختيار حاكميهم واستبدالهم سلميا دون اراقة الدماء او الانزلاق في هاوية الاحتراب ، حقهم كثورة شعبية سلمية تخلع الحاكم الفرد ونظامه المستبد الفاسد ودولته المعرفة ب ( الدولة العميقة البوليسية ) ، والذي هو من وجه اخر شل القبضة الترويعية العسكرية من استخدامها ضد المواطنين العزل .
2 - أما المخرج التبريري المساند دوليا لإسقاط الانظمة العربية تلك ، ومنها تقييد حكامها من استخدام القوة العسكرية والبوليسية لإجهاض اية ثورة تقوم بادعاء انها تمرد خياني على الوطن . . لمؤامرة خارجية – وذلك تحت زيف ادعاء العولمة كنازعة لتحرير انسان شعوب العالم ليكون مشاركا في انتاج حضارة انسانية واحدة – كانت هناك تخريجة ثورة العصر المغايرة لكل مفهوم الثورات التي عبرت خلال التاريخ الانساني منذ القديم البدائي وحتى ما قبل 2011م. – لكي تتطابق مع المسمى الذي اطلقه اوباما كمبشر روحي للعرب عند زيارته لمصر قبل الحدث بعامين او اكثر بأنه يزف خبرا سعيدا سيحدث في المنطقة العربية قريبا . . في بعض بلدان منها ، والتي ستعبد الطريق للجميع لاحقا لعيش المعاصرة تماثلا مع غيرها من الشعوب المتقدمة ، والتي ستعد ثورات تغييرية لم تأتي مثلها في التاريخ قبلا ، والتي اسماها ب ( ثورات الربيع العربي ) ، ثورات شبابية شعبية ، لا تقودها احزاب او رموز سياسية او اجتماعية ، ثورات سلمية . . احتجاجية اعتصاميه – تقابل قوة ارهاب الدولة وجيوشها المسلحة غير النظامية ب ( صدور عارية ) .


المبررات والاهداف المخفية غير المعلنة وراء الاجندة :
1 - إعادة ترتيب المنطقة العربية – استباقا – لتقاسم النفوذ الغربي بت بعية مطلقة شاملة إليها . . قبل الولوج الى متفق عالمي لتوازن القوى بين الاقطاب النافذة – خاصة مع روسيا والصين .
2 - تنامي غطرسة الحكام العرب امام قادة الغرب والتهديد المبطن لربط مصالح التبعية في اتجاه روسيا والصين ، مع تنامي خطاباتهم بتحررهم من قيد الخنوع الذاتي التابع لشخوصهم مماثلة بتبعية انظمتهم وشعوبهم من حيث الدرجة .
3 - أن الانظمة العربية وشخوص حاكميها الفردين اللذين انتجتهما وحمت وجودهما واستمرارهما خلال العقود السابقة . . قد حققا الحد الاقصى من خدمة تحقيق اهداف ومصالح بلدان المركز الغربي ، بينما اصبحا وجودهما معيقا لأهدافها القادمة لبناء معادل توازن القوى في النظام العالمي الجديد – المتأخر – بما يخدم تسيد مصالحها واهدافها كقطب فوق الاقطاب الاخرى .

الغايات الاستراتيجية السرية في الغربية :
1 - انهاء الايديولوجية الوطنية السياسية . . كعدو ( سري او علني ) معيق لتعميق التبعية وتحكم الخارج بمختلف الشئون الداخلية وفق المطلوب مستقبلا .
2 - وعن الاول سينتج انتهاء دور الاحزاب والنقابات في دورها الولائي الوطني ، واحلال محلها مفرخاتها بمسمى المنظمات الاهلية التابعة لها مباشرة وبصورة غير مباشرة ، ومحو الرمز الوطني من الافراد واحلال مواضعهم مفرخات محلية من انتاجها يتم تلميعها وتمكينها في داخل اوطانها ، ويكون ولائهم المبطن للخارج وفي ظاهر الخطاب كولاء وطني .
4 - متطلب التبعية المستقبلية واستمرار تناميها يتمثل متطلباتها في أن يكون كل بلد عربي – وتحديدا بأولوية منها من حيث الثروات او الموقع الاستراتيجي الخطير دوليا واقليميا او من حيث توازن الصراع بالمشيئة الغربية – أن : أ ) تكون كل اطراف الصراع المحلية على الحكم والنفوذ ضعيفة امامها وخاضعة لإملاءاتها .
ب ) أن يكون النسيج الاجتماعي مفتت ومتنازع فيه وشيوع ثقافة الكراهية ، بما يمنع مستقبلا ظهور وحدة مجتمعية دافعة الى قيام تحول وطني حقيقي بديل .
ج ) انهاء قيام دولة وطنية واستبدالها بدولة شكلية تقوم على المحاصصة والولاء للخارج . وبحيث تكون صوريا قابضة ممثلة لنظام الحكم ومعبرة عن المجتمع ، بينما واقعيا تكون الكانتونات المسلحة المفرخة على خارطة البلد تمثل السلطة القابضة على حكم المجتمع باقتسام جغرافي سكاني مناطقي وفق معادلة اقتسام حصص الوطن ، والتي يمثل كل كانتون منها وكيلا محليا للخارج ، يطبع واقعه المحلي وانسانه على الخضوع المطلق للخارج ومن جانب اخر يمثل اداة لخلخلة البلد إذا ما استجدت ضرورة لإعادة ترتيبه على شروط مستجدة .
د ) ذوبان الهوية الوطنية المحلية والقومية العربية في هوية الذات المتسيدة لبلد المركز الغربي في خديعة بناء الحضارة الانسانية التشاركية العالمية الواحدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استطلاعات رأي ترجّح فوز حزب العمال وخسارة المحافظين في بريطا


.. المحافظين: حزب العمال في طريقه لتحقيق فوز لم يسبق له مثيل




.. نحن والغرب تأصيل مفهوم الغرب سياق تطوري مقارن - أ. شوكت سعدو


.. تصريح الرفيقة زهرة أزلاف: حول انعقاد المؤتمر الوطني الثالث




.. كلمة فتيحة حدادوش عن عاملات سيكوميك في إفتتاح المؤتمر الوطن