الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفقر والنظافة

عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي

2022 / 12 / 28
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ليس المقصود بالنظافة هنا نظافة جسد الفقير أو محيطه المادي، بل نظافة الجوهر الأنساني. والتي يسود بشأنها تصوران طبقيان متناقضان، حيث ينظر الأثرياء والموسورون الى الفقير نظرة إزدراء وقرف ويلصقون به أحكاما تقلب الحقيقة على رأسها بزعم أن أفتقاره الى النظافة، بما فيها الجسدية هي سبب فقره.

في المقابل ينظر المتأثرون بايديولوجيات تنحاز الى الفقير وتعتبره مجرد ضحية، ينظرون اليه بشاعرية مبالغ فيها، وينزهوه عن ما يمكن أن ينوء به من مساوئ وموبقات.

كلا النظرتان قاصرتان عن تبين حقيقة العلاقة، بين فقر الفرد والجماعة الإقتصادي، وفقرهما الروحي. ولا توفر أيا من النظرتين تصورا علميا أو موضوعيا عن الفقير، فهو ليس عديم النظافة والمستعد للأنغمار في وحل الجريمة، ولا هو الطاهر النقي الذي يدفع إليها دفعا.

يمكن القول أنه الضحية والجلاد في آن معا. فهو ضحية شروط اجتماعية ـ إقتصادية وضعها اصحاب المال والسلطة، وهو أيضا الجلاد المجند من قبلهم في تنفيذ الجرائم ضد أخوته الفقراء، وضد من يتمرد عليهم من بين صفوف النخبة، ربما سعيا لتحسين تلك الشروط.

فعلى مدى التأريخ لم يضطر أصحاب المال والسلطة إلى أرتكاب الجرائم ضد الضعفاء بأيديهم هم، بل كان هناك على الدوام متطوعون من بين صفوف الفقراء لأرتكاب تلك الجرائم ضد من يشاركهم الفقر، سعيا للخروج من دائراته، ولولا هؤلاء ما وجدت وما أستمرت سلطة سياسية أو أقتصادية أو دينية باغية. هم دائما خيولها المعصوبة الأعين، التي تسحق تحت سنابكها أي تحرك لتصحيح الأوضاع لصالح عالم أقل ظلما وأستغلالا.

فعناصر المليشيات الطائفية التي ترتكب أفضع وأحط الجرائم لا تنتمي الى الأحياء الراقية من المدن العراقية، بل هي في غالبيتها العظمى تنحدر من أكثر مناطقها فاقة وخرابا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إمام وحاخام في مواجهة الإنقسام والتوترات في برلين | الأخبار


.. صناع الشهرة - كيف تجعل يوتيوب مصدر دخلك الأساسي؟ | حلقة 9




.. فيضانات البرازيل تشرد آلاف السكان وتعزل العديد من البلدات عن


.. تواصل فرز الأصوات بعد انتهاء التصويت في انتخابات تشاد




.. مدير CIA يصل القاهرة لإجراء مزيد من المحادثات بشأن غزة