الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فإستحققت لعنة المواطنة

محمد حسين يونس

2022 / 12 / 29
سيرة ذاتية


في بلدنا المواطن رقم في تعداد قائمة المواليد و أخر في دفتر الوفيات .. و بينهما هو دافع للضرائب و وسيلة للإستغلال و مصدر دخل لأجهزة الجباية وفرد في كشوف التجنيد .. قيمته ..تتحدد بمقدار قدرته علي الانتاج الغزير و الإستهلاك القليل .. و جودته ..في حجم طاعتة و إنصياعة .
لذلك فحياة المسنين بعد إعتزال المجتمع .. مأساة في بلدنا .. لقد أصبحت شخصا غير مفيدا للجباية أو التجنيد .. لا يمكن إستنزافه أو إستغلاله .. بل علي العكس أنت عبء يكلف الحكومة معاشا دون عمل .. و هي (أى الحكومة ) تسعي بكل الطرق لتخفيض خسائرها ..و التخلص منك.
وهكذا إذا أصبحت .. لسوء الحظ .. مسنا تعيش علي هذه الأرض .. فأنت شخص غير مرحب بك منبوذ ..يمضي أيامه في وحدة مستمرة .. هو ونفسه ..في بيت صامت ..خال لساعات طويلة .. بعد أن توقف عن المشاركة في الماكينة الإقتصادية .. و تم تسريحه من عبودية العمل و إلتزامات أسرته .
عندما تبتعد عن الناس و دوشتهم .. و مشاكلهم .. و فلسفتهم .. و غرورهم ..و شكواهم .. و بكاؤهم .. و قسوتهم .. وتنطوى علي نفسك ترقب زن التلفزيون دون إستيعاب أوتتسمع لقرارات الحكومة الظالمة ....تتساءل . ترى ما هي أكبر الأخطاء التي أدت بك إلي كئابة أن تكون مسنا في بلد ظالم . و هل كانت حياتك ستتحسن لو لم ترتكبها .
سوف تندهش .. أن المباديء ..في زمنها ..و الطهارة الثورية تتحول في زمن أخر لاسباب إدانة ..و تشكل في بعض الأحيان قوة طاردة تحرف حياة الناس وتتلفها و تعوقها .. كما حدث لضحايا قوات الأمن و الإعتقال ..بعد يناير 2011 . فقضوا زهرة شبابهم إما في السجون أو يعانون من عاهات تعجزهم عن مزاوالة حياتهم .
و هكذا مع الفراغ .. و الاحباط و الأحزان إستعرضت حياتي .. ذهابا .. و إيابا .. منذ أن وعيت دروس وقيم ميس مارى في الحضانة ..حتي أمس القريب عندما إلتزمت بالمنزل .. لإستكشاف الخطأ الذى كان سبب تعاستي .. اشير إلي بعض المواقف و أتساءل هل هي السبب .. ثم أبتعد ..
لقد إرتكبت الكثير من الحماقات و لكنها لم تحرف حياتي .. لقد كانت إختيارات .. طبيعية في زمانها و مكانها .. يرتكبها من كان محدود الخبرة .
(دخلت علمي رياضة بدلا من أدبي ..و درست الهندسة بدلا من التاريخ او الأثار أو الفلك .. و إشتركت في الدفاع المدني 56 و لم أذاكر فرسبت في إعدادى هندسة ..
تركت العمل في المكتب العربي للتصميمات و ذهبت لسيناء بقيم شابة فكاد المقاولون أن يغتالونني .. تزوجت مبكرا و أنجبت مبكرا فمثل هذا عبئا علي حياتي وميزانيتي .. و حريتي و إختياراتي ..
التحقت بالقوات المسلحة و طلع عين أهلي في سيناء و اليمن وعلي الجبهه و أسرت ..و مرضت نفسيا لكن كل شباب جيلي مروا بهذه الظروف ..
لم أهاجر بعد خروجي من الجيش و عملت في شركة قطاع عام لأواجه بطواغيت البزنيس مع بدايات الإنفتاح الساداتي ..و لم أسافر مع شركتي لليبيا عندما طلبوني هناك فلم أكسب ما يغير مكاني الطبقي ..
تركت عملي أربع أو خمس مرات في جهات متعددة بسبب العناد مع رؤسائي متحججا بالمباديء.. وأنفقت معظم دخلي و لم أستثمره في شراء الأراضي و العقارات و تسقيعها .. غيرت الدولارات التي أتيت بها من العراق بمصرى في البنك بأقل قيمة ولم أحتفظ بها ..
بدأت عمل خاص في بلد كلها حرامية و لا مكان لاصحاب المشاريع الصغيرة دون إستخدام الرشوة أو السرقة فخسرت .. لم أوافق نبيل غنيمي علي المشاركة في شراء قطعة أرض بشارع عباس العقاد فضاعت مني الملايين
لم أطالب محمد إبراهيم سليمان بأرض أو شقة أو شالية رغم كوني قريب منه .. ولم أوافق علي الإنضمام إلي فيش باك أند مور في أمريكا عندما عرضوا ..وعملت لثلاثين سنة مع مكتب إستشارى إستغلني و ضيق علي في المرتب .. و لم أفكر أن أتركة للإحساس بالمسئولية .. و رغم هذا سرقني مع إنتهاء الخدمة .)
تاريخ طويل ..كله إختيارات سيئة .. وإحباطات و سقطات وضياع للجهد... ومع ذلك لم أجد إجابة علي السؤال ((ترى ما هي أكبر الأخطاء التي أدت بك إلي هذه الكئابة)) .. ما هو الجرم الذى إرتكبته .. فحرف حياتي و تسبب في هذا الفشل .
حتي تذكرت ذلك اليوم الصيفي ..بعد حصولي علي البكالوريوس .. و زيارة عمي كمال يونس لنا .
كان يجلس مع والدى و والدتي في الفرندة الكبيرة يشرب قهوته .. قرب الغروب .. و نسمات بحرية ..تنعش المكان .. مع صوت خافت لأم كلثوم يأتي من راديو الجيران ..عندما قال لي ..هات أوراقك ياباشمهندس .. و تعالي لي في الوزارة بكرة .. علشان نرشحك لبعثة في البوزار( كلية الفنون الجميلة بفرنسا ).
في ذلك الوقت .. كنت ناصريا يؤمن بما لم يؤمن به ناصر نفسه ..و جاء في الميثاق عن العدالة الإجتماعية .. و الفرص المتساوية بين الناس ..و إدانه أمراض الماضي التي منها الواسطة و المحسوبية و إستغلال النفوذ ..
لذلك كان ردى سريعا .. و لكنني لست الاول في الدفعة .. ضحك و قال مش واخد جيد جدا .. نخليك الأول علشان خاطر أبوك ..
قهقه أبي .. و أمي صرخت يسافر هو كمان ( فلقد كان أخي في المانيا منذ شهور ) .. ورد والدى .. و فيها إيه .. يشوف مستقبله .
تركت المكان دون تعليق .. أو حتي شكر لعمي مدرس الفرنسي الذى أصبح المسئول عن البعثات في الوزارة ..
في اليوم التالي عندما طلب مني أبي تجهيز أوراقي.. رفضت .. لن أستخدم نفوذ عمي لاحصل علي ما لا أستحق .
هذه اللحظة الرومانسية .. مهما كان سببها .. تمثل الندم الأعظم في حياتي .. كنت سأتقن الفرنسية .. و اتعلم العمارة علي أصولها .. و أعيش في بيئة حرة ..و قد ينتهي بي الأمر أن اصبح مواطنا فرنسيا .. كما فعل أخي و أصبح المانيا.. لا أذهب لليمن أو سيناء أو أقض شبابي في معارك .... و ستتغير حياتي بالكامل ..
بعد سنين قليلة من العمل .. جاء الندم أكثر قسوة عندما .. إكتشفت.. أنني كنت حنبلي و مزودها شوية .. و أنني كسرت القانون الذى كان يحكم بلدى في ذلك الوقت ..أى .. حب نفسك قليلا ..و بلاش طققان ثورى ..فإستحققت لعنة المواطنة .
اليوم أنصح الشباب .. المركب تغرق بسبب سوء إدارتها .. هج يا بني إهرب .. سافر .... بطريقة شرعية أو غير شرعية ..لأوروبا ، لأمريكا أو حتي للاقطار الديموقراطية في إفريقيا السوداء .. هج روح قطر دبي السعودية لقد وضعوا أرجلهم علي .. بداية المعاصرة .. حب نفسك قليلا و لا تستسلم .
لو ملقيتش فرصة إخلق فرصة .. لو عشت هناك في وظيفة دنيا بعيدة عن مؤهلك .. فسوف تتمتع بكونك بني أدم حر و حتترقي و تجد فرصة عادلة ....
فهذا المكان الذى يتدخل فيه الحاكم في زواج المواطنين يبتزهم لجباية الأموال .. ويصادر الذهب و الأموال ( دولارات أو مصرى )في الجمارك سواء داخلة أو خارجة .. غير صالح لمعيشة الأدميين إلا إذا كنت من الأسياد..
لقد أصبحت غابة ..بعد أن دمر البني التحتية حضرات المشايخ .. و البني العلوية حضرات الضباط.. وأصبحوا يحكموننا بقوانين الفتوات التي دبجها عم عبد العال ..أو الريس حنفي .. فلا تصدق أن خلال سنين عمرك ستصبح بلدك قد الدنيا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أستاذ محمد
عدلي جندي ( 2022 / 12 / 29 - 10:05 )
جه ف بالي
شموع
وضباع
شموع تحترق لتير
وضباع ع الجيفة تطير
دمت للفكر الحر خير نصير
أمنياتي بإنفراجة يصنعها ويتولاها ويفكر لها إنسان مخلص يحب ويحترم إنسانيته ووطنه
تحياتي


2 - الأستاذ عدلي جندى
محمد حسين يونس ( 2022 / 12 / 29 - 11:54 )
شكرا لمرور سيادتك و كلماتك الطيبة ..أن الحياة في مصر أصبحت لا تطاق .. و أن من هاجر من زمان أو قريبا .. فقد نجا .. و أنني لا أندم علي شيء (الأن ) غير إني لم أهاجر سنة 1962 ..أنا .. مش حزين .. و لا غير راض .. و لا بشتكي . .. بقدر ما بعرض تجربة .. قد تكون مفيدة للشباب تحياتي


3 - لا عپء كالعقل الفاشل والضمير الميت
س . السندي ( 2022 / 12 / 29 - 21:04 )
بداية تحياتي لك ياعزيزي محمد وتعقيبي ؟

١-;-: الحقيقة لا شئ كالعقل الفاشل والضمير الميت عبئا على إنساننا ومجتمعنا خاصة عندما يكون الحاكم والسلطان المتاجر بهما ، وبئسها من تجارة إذ لا يمتهنا إلا شبيهها ؟


٢-;-: مأساة شعوبنا ليست فقط في فشل العقول وموت الضمائر بل في فشل وموت القيم والاخلاق ، فالشعوب التي تجعل من لقاتل واللص والغازي والمغتصب أشرف وأعظم خلق الله لا عذر لها في كثرة مأسيها وما يصيبها ؟

٣-;-: وأخيرا ...؟
قال هارون الرشيد ذات يوم لجحا {هلا عددت المجانين في ديواني} ؟
فأجابه عذرا أستطيع فقط عد العقلاء ، فالمجانين حتى أنت لا تستطيع عدهم ، سلام ؟


4 - الأستاذ س. السندى
محمد حسين يونس ( 2022 / 12 / 30 - 04:40 )
أشكر مرور حضرتك و إضافتك .... فشل العقول في التعرف علي علوم العصر و توجهاته .. سببها أن المجتمعات لازالت راكدة .. لا تحاول أن تغير من فلسفاتها .. بل تنقد الفكر الغربي .. و تراه بالنسبة لفكرها .. إنحراف ..
يعقب هذا أن الضمير الذى ينمو في بيئة ما يعبر عنها لذلك إختلف ضمير أهل الركود .. عن ما يحملة أبناء الحضارات المعاصرة .. الغريب أنهم سعداء بعقلهم و ضميرهم .. و مش عايزين غزو أجنبي لمعتقداتهم و تراثهم .. تحياتي


5 - شئ مذهل
على سالم ( 2022 / 12 / 30 - 06:28 )
انا مش قادر افهم ؟ يعنى سيادتك تروح تفطر انت والعائله ثلاث افراد فىى مطعم تبع الجيش الاغبر وتدفع 450 جنيه فقط للاافطار ؟ من الواضح ان البلد اصبحت فعلا جحيم لايطاق وعذاب ونكد ؟ انت كده محتاج مرتب لايقل عن خمسين الف جنيه شهريا عشان تعرف تعيش حياه عاديه , انا اسمع ان المرتبات لم تتغير كثيرا وممكن جدا تلاقى موظف يتحصل على 500 جنيه شهريا عشان كده تلاقى على كل ناصيه شحات ؟ وربما فيه ناس ياخدوا اقل من هذا المبلغ , الناس اموات فى مصر ولاشك فى هذا ؟ الاغرب والاعجب اصرار الناس على الخلفه بدون حساب وينجبوا اطفال بؤساء جوعى اشقياء ومعذبين ناقمين ؟ ايه العقليه الهباب دى ؟ واضح ان المصرى فقد حاسه الفهم والتمييز والادراك السليم ؟ مصر دوله بشعه بجميع المقاييس


6 - الأستاذ علي سالم
محمد حسين يونس ( 2022 / 12 / 30 - 10:28 )
أشكر مرور حضرتك و إضاتك عندما يأكل الناس أرجل الفراخ و الريش .. و يذبحون الحمير و يبيعونها في الأسواق للكبابجية ..و تندر البضائع المحلية .. فلا يبق إلا المستوردة مرتفعةالقيمة بما في ذلك القمح و الفول ..و ينشر شخص فيديو يعرض فيه نفسه للبيع كعبد أو كقطع غيار و يطالب الحكومة أن تسمح ببيع الناس ..
أو يترك رجل أولادة في مكان نائي و يهرب .. أو يرفع أخر لافته بإن طفليه مرضى و لا يستطيع ..علاجهما .. و يطلب نظرة من الحكومة ..
فهذا معناه أننا فعلا كما تفضلت .. و قلت في جحيم لا يطاق و أن هذه هي المقدمة .. لأكل الكلاب و القطط .. وأن الشدة السيساوية إكتملت كل مقوماتها ..ومتوقعة. أقرب ممايتصورون عندما يشح الماء ..ويهرب الفقراء من الغيطان يهاجمون ثروات الأغنياء .. حاجة تكسف .. تحياتي ..

اخر الافلام

.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم


.. على رأسها أمريكا.. 18 دولة تدعو للإفراج الفوري عن جميع المحت




.. مستوطنون يقتحمون موقعا أثريا ببلدة سبسطية في مدينة نابلس


.. مراسل الجزيرة: معارك ضارية بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال




.. بعد استقالة -غريط- بسبب تصدير الأسلحة لإسرائيل.. باتيل: نواص