الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقافة الوطنية العراقية: الحصن الأخير للدفاع عن المصالح الوطنية

ماجد لفته العبيدي

2006 / 10 / 10
الادب والفن


تحتل الثقافة الوطنية أهمية خاصة في ظل ألازمة لسياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والإنسانية التي تعصف ببلادنا في الوقت الراهن , ويمكن التعرف على معالم هذه ألازمة العامة والشاملة من خلال ألخطاب السياسي والثقافي والفكري للقوى والأحزاب السياسية و المنظمات الاجتماعية والمراكز والقيادات الدينية ,وتتمظهر هذه ألازمة على الصعيد الفكري والثقافي والمعرفي بشكل عام , عبر ظاهرة الهجوم الواسع الذي تتعرض له الثقافة الوطنية في ظل هذه التطورات المتلاحقة والهجمات العدوانية من قبل الظلامين والتكفرين التي تستهدف القيمة المعرفية للعمل الذهني الإنساني الوجداني ومجمل السلوكيات والقيم والمعارف والأفكار الإنسانية التي تشكلت في مجرى الإحداث والتطورات على مدى تاريخ تطور المجتمع العراقي .
لقد فعلت هذه الإحداث المضطربة و العاصفة فعلها في تقسيم الثقافة إلى مسميات ثقافية عرضية تعبر عن مصالح وتصورات جهورية بعيدة كل البعد عن الثقافة الإنسانية للمجتمع العراقي , وجاءت هذه الثقافة الجهوية الانعزالية كرافعة فكرية للخطاب السياسي الطائفي والاثني العنصري المتشدد , وشخصت في ذات الوقت طبيعة القوى السياسية الرامية إلى اغتصاب السلطة وطبيعة الصراع الدائر فيما بينها , فهذه القوى الرامية للاغتصاب السلطة والساعية لفرض أرادتها السياسية بقوة السلاح قد أنتجتها هذه الثقافة الجهورية , من خلال تسيد ثقافة العنف والتميز والإلغاء والإملاء التي عانى منها الشعب العراقي على مدى 40عاما بدرجات متفاوتة , والتي يعاد إنتاجها اليوم على طريقة الاستبداد الشرقي الحديثة عبر استخدام مختلف الأساليب النازية والهتلرية و طرق ووسائل الأنظمة الشمولية المقبورة .
إن ما يجري في بغداد ومدن العراق الأخرى يمثل جزء لايتجزء من هذه الثقافة الطائفية والاثنية والعرقية المغرقة بالدموية , التي يسعى أصحابها الى جعلها الثقافة البديلة للثقافة الشوفنية الصدامية الدموية , وترمي هذه القوى من خلال فعالياتها ونشاطاتها الإجرامية الى إشاعة ثقافة العنف الطائفية في ظل ألازمة المعرفية التي يمر بها المجتمع العراقي , والتي يمكن تحديد سماتها العامة بالقضايا التالية :
أولا : انتشار الأفكار الغيبة والخرافات في أوساط الطبقات الكادحة المسحوقة والشغيلة وأقسام واسعة من الطبقات الوسطى التي تشكل فئة المثقفين نسبة كبيرة منها , وجرى العودة إلى عادات وتقاليد عفى عليها الزمن وتم تجاوزها قبل ثلاثين عاما كالسحر والشعوذة والخرافات .
ثانيا : يلعب الخطاب السياسي اللاهوتي الطائفي , ألدور المحرك لجمهرة واسعة من قطاعات الشعب والتي بات خطابها الثقافي بعيدا كل البعد عن جذور الثقافة الوطنية العراقية , التي بنيت على أساس التسامح الاجتماعي والخلاف والاختلاف والتنوع في إطار الوحدة الوطنية على مدى عشرات السنين الماضية , وسبقها أيضا التعايش الحضاري على مدى الالاف السنين .
ثالثا : جرى أجبار جمهرة واسعة من الجماهير الشعبية على منح عقولهم إجازة مؤقتة بواسطة الترهيب والترغيب وتغليب المقدس على المدنس واستخدام الإرث الرجعي والأساليب التي استخدمتها الديكتاتورية الفاشية من التجهيل وعزل جمهرة واسعة من الإطلاع على المعارف العلمية .
رابعا : فرض خطاب سياسي فكري محدد على الجماهير الشعبية المسحوقة والمغلوب على أمرها , ومنعتها من تحديد مواقفها الواضحة من القضايا السياسية والاجتماعية والإنسانية وتكفير الأصوات المعارضة لهذا الخطاب الطائفي السياسي. خامسا : إقصاء ثقافة الاختلاف والتعديدية وفرض ثقافة الواحدة الشوفنية الشمولية وتاطيرها بإطار مقدس . وقد فرضت على الملاين بصورة ديماغوجية واستغلال ألازمة البطالة والفوضى لتجنيد مئات ألاف لصالح هذا الخطاب من اجل أقصاء الأخر عبر التهجير الطائفي المتواصل يوميا وفرض ذلك عليهم بقوة السلاح لترك مناطق تواجدهم وسكناهم ودفعهم دفعا للمشاركة في العنف الطائفي .
إن هذا الوعي الاجتماعي المتشكل في زمن الديكتاتورية الصدامية وفق تدخل ثقافة البناء الفوقي الشوفنية المشوه المبني على أسس سياسية القفزات الغير محسوبة في التطور الاقتصادي الاجتماعي السياسي المختل , قد جرى في إطار سياسية طائفية متخبطة تم التخطيط لها عبر الخطط التنموية الانفجارية التي أفقرة جماهير الشغيلة والكادحين المسحقوين وحرمتهم من التزود بالمعارف العلمية والإطلاع على منجزات الثورة العلمية والتقنية التكنولوجية في كافة المجالات ,مما أسهم في تدني وعيهم الاجتماعي وساعد في تقويض إمكانياتهم و جعلهم فريسة للأفكار الغيبية والتكفيرية والظلامية وأفقدهم وسائلهم التنظيمية و السياسية والاجتماعية التي ولدت عبر تراكم منجزات التطور الاجتماعي للمجتمع العراقي , حيث لم تجد هذه القوى الاجتماعية وسيلة فعالة لدفاع عن مصالحها في ظل القبضة الحديدية للدولة التي سحقت إي تنظيم يقع خارج سيطرتها , مما سهل من فرض سيطرة البرجوازية الطفيلية والبرجوازية البيروقراطية اللذان يعتبران المالك الحقيقي لرأسمالية الدولة العراقية في ظل الديكتاتورية الصدامية المقبورة .
كما أداة تلك السياسات الديكتاتورية الفاشية وما لحقها من انهيار دراماتيكي واحتلال ومحاصصة طائفية إلى فرض واقع جديد على الثقافة الوطنية العراقية , وأدى إلى فسح المجال للقوىالظلامية والسلفية التكفيرية لرمي كامل ثقلوهما خلف الجهل والتكفير والطائفية والقتل على الهوية وأستخدم كل العناصر البالية من التراث القديم الجاهلي , لقتل المثقفين وعوائلهم ومحاربة أفكارهم العقلانية والعلمية والإنسانية ,لفرض الأفكار اللاعقلانية والجهل والتخلف والظلامية وطلائمها بالطلاء المقدس وجعلمها حاضنة للثقافة الطائفية الجهوية ,وتسويقها برداء مقدس وهالة براقة , واعتماد تلك الطلاسم لتصفية كبار العلماء والشيوخ والأعلام والطاقات الإبداعية والعلمية تحت ذريعة التكفير والإلحاد للإلغاء كل ماهو عقلاني موروث من الثقافة الإنسانية .
إن الحديث اليوم عن جعل الثقافة الوطنية الحصن الأخير للمصالح الوطنية , يتطلب توجيه الأعلام لمواجهة الفساد والفوضى والجهل والتكفير والإرهاب , فالمطلوب من الأعلام محاربة كل هذه الأمراض والتأسيس لثقافة وطنية جديدة مهمة المثقف العراقي فيها العمل على كسر حاجز الصمت والخوف الذي ساد على مدى خمس وثلاثين عام ,وخلق روح التحدي التي تضع المثقف في معمعة الأحداث وتفاصيلها , و كسر احتكار السياسي للسلطة السياسية وتحكمه في القرارات المصيرية منذ تأسيس الدولة العراقية المعاصرة ولربما سبقها بمئات السنين , إي منذ تأليه السلطة وتدثيرها بالرداء المقدس لمنحها الحكم المطلق والتسلط الأبوي والروحي على رقاب البلاد والعباد.
وعلى المثقف العراقي إن يكون في مقدمة الصفوف المناضلة من أجل تغير الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية المعقدة التي تنذر في تمزيق الوطن والإطاحة بوحدته في مختلف السبل والأشكال, وإن ينظم نفسه ويوحد صفوفه ويوحد منظماته النقابية والمهنية والإبداعية , للعمل على طرح خطاب ثقافي وطني موحد قادر على إفشال الخطاب الثقافي الطائفي والاثني الذي يعمل أصحابه على استخدام الحق لفعل لباطل في ظل الفوضى واختلال الموازين وتغيب العقل وأزمة المعرفة الذي أنتجها التجهيل والاختراق والتراجع والاحتلال وما تعرض له الوطن من هزائم عسكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية في الأربعين عام الماضية .
على الرغم من ما تعرضت له الثقافة الوطنية العراقية وتتعرض له اليوم من هجمة ظلامية تستهدف مختلف عناصرها , تكويناتها ورجالاتها وتلاوينها وأنتمائتها من أجل تقويضها وشلها والاستعاضة عنها بالثقافة الطائفية والعنصرية والاثنية واللاوطنية والبعيدة كل البعد عن هموم الناس وطموحاتهم الحقيقية وأحلامهم وتطلعاتهم المستقبلية . فقد أصبح للثقافة الوطنية أهمية بالغة في الدفاع عن مصالح الشعب ورفض السياسات الدخيلة والأفكار العنصرية والظلامية والطائفية , والدعوة للتسامح والمصالحة والالتقاء على الأهداف المشتركة النبيلة المعبرة عن القضايا الوجدانية للشعوب المتآخية في بلاد الرافدين .
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ذكرى وفاة الشاعر أمل دنقل.. محطات فى حياة -أمير شعراء الرفض-


.. محمد محمود: فيلم «بنقدر ظروفك» له رسالة للمجتمع.. وأحمد الفي




.. الممثلة كايت بلانشيت تظهر بفستان يحمل ألوان العلم الفلسطيني


.. فريق الرئيس الأميركي السابق الانتخابي يعلن مقاضاة صناع فيلم




.. الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت تظهر بفستان يتزين بألوان الع