الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معضلة -نحن- و -هم- ...

طارق حجي
(Tarek Heggy)

2022 / 12 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


فى كل الثقافات تلعب معضلةُ "نحن و هم" أدواراً سلبيةً.ولكن هذه الأدوار تتفاوت. وأميلُ للإيمانِ بأن هذه المعضلةَ تبلغ أعلى مستوياتها (أيّ أسوأ تجلياتها) فى المجتمعاتِ ذات التاريخ الرعوي ، بينما تكون أقل حدة فى المجتمعاتِ الزراعيةِ والصناعيةِ.

وخلال نصفِ القرنِ الأخيرِ شاعت ثقافةٌ ذات طابع ثيوقراطي/ ديني فى المجتمعاتِ الناطقةُ بالعربيةِ. ونظراً لكون هذه الثقافة قد ولدت فى بيئةٍ (أو بيئاتٍ) ذات ثقافة رعوية ، فقد أصبحت عقلياتُ كثيرين فى المجتمعاتِ الناطقةِ بالعربيةِ تتسم بثقافةٍ عدائيةٍ تجاه "الآخر" ، حتى فى المجتمعاتِ غير الرعوية.

ولو كان الأمرُ بيدي ، لجعلت المادةَ التعليمية فى مجتمعنا تخدم قيمة قبولِ الآخر وتتفهم مسألة "نحن و هم" بكيفيةٍ إيجابيةٍ. وفى مجتمع مثل مِصْرَ فهذه مهمة ليست صعبة. فالمجتمع المصري لا يُقارن بمجتمعاتٍ فى نفسِ المنطقةِ ببعضِها قرابة العشرين طائفة.

ومسألةُ ثقافة "نحن و هم" وقيمة قبول الآخر ليست مسألة ثانوية ، بل هى مسألة فى غايةِ الأهميةِ والخطورةِ.

فنسبةٌ كبيرةٌ من مواطني المجتمعاتِ الناطقةِ بالعربيةِ اليوم تسكن عقولهم وتفكيرهم رؤيةٌ غير إيجابية بل وأحياناً تكون عدائيةً تجاه "الآخر" ، بكل أشكال "الآخر" : الآخر الديني والآخر العرقي والآخر من حيث الهوية والجنسية.

وما حدث خلال سني العقد الأخيرِ فى مجتمعاتٍ مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا ومن قبلهم جميعاً لبنان ، من تشرذمٍ وتناحرٍ وإنقساماتٍ بلغت حد الإقتتالِ فى بعضِ الأحيان ، كان من تداعيات "معضلة نحن وهم".

وإذا كان كاتبُ هذا المقال قد كتب كثيراً عن "قيم التقدم" ، فلا شك عنده أن كل هذه القيم (أي قيم التقدم) مؤسسةٌ على ما يسميه البعضُ ب "الغيرية" ويسميه غيرهم ب "قبول الآخر" ، والذى هو أساس عقلية إيجابية فيما يتعلق ب "نحن و هم". وقبول الآخر هو حجر الأساس لقيمة أُخرى فى غاية الأهمية وهى "التعايش المشترك".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جلال عمارة يختبر نارين بيوتي في تحدي الثقة ???? سوشي ولا مصا


.. شرطي إسرائيلي يتعرض لعملية طعن في القدس على يد تركي قُتل إثر




.. بلافتة تحمل اسم الطفلة هند.. شاهد كيف اخترق طلاب مبنى بجامعة


.. تعرّف إلى قصة مضيفة الطيران التي أصبحت رئيسة الخطوط الجوية ا




.. أسترازنيكا.. سبب للجلطات الدموية