الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كائنات في الظل

دينا سليم حنحن

2006 / 10 / 11
الادب والفن



منذ فجر التاريخ احتلت الأنثى صورة الحياة البشرية, تجلّت معانيها في الأرث الانساني, ابتداء من خطأ حواء الى يومنا هذا .
صارت المرأة ,اذا قصدناها في المعنى الحقيقي الانساني, تزاحم الكائن الآخر في كل دروب الحياة, وللتاريخ شواهد, لكن هذا التاريخ ترك الكثير من الأرشيفات التي تؤكد على الدور الفاعل لهذا النصف الحيوي لسرّ الديمومة والبقاء.

لكن الذي يحدث الآن , خارج منطقة الصورة والتصوّر , من كل الأخبار التي نسمعها اليوم في العالم والأكثر تحجرا, ولا أقصد العالم بأكمله, بل أقصد العالم الذي يرزح تحت صفة البقاء, زمن يتحدث به الجميع عن التكنولوجيا الساحرة, وعن ما وصلت اليه أيدي العقل البشري من استحضارات فاعلة للوقوف ضد كوارث قادمة, لم يتوقف وقفة واحدة أمام جرائم الكون ضد الأنثى القابعة في دهاليز الظلام, غير المكشوف عنها, واذا راجعنا كل حساباتنا الدقيقة للحظات الجرائم التي حدثت وتحدث في العالم, نجد أرقاما خيالية تفوق تصوّر الانسان بهذا الكائن العاجز.

أكثر الفضائح في يومنا الآن هو ما يحدث في عالمنا المتخلف, هذا الذي سيطر فيه شبح الرجولة الواهية تحت خيمة الديانات المفرطة, العادات والتقاليد البالية وسيئة الصيت.
لو رجعنا الى ملفات حقوق الانسان الدولية سنجد من الحوادث ما توقف شعر البدن وتستحق البكاء الطويل على مشارف عبث المعنيين بحقوق الانسانية.
هناك مناطق كونية تتسم بالرقي الحضاري وخلف واجهاتها الأكثر تحضرا هناك مقابر للأحياء وأكثر من يتحمل هذه المشاق هي المرأة.
دول كثيرة تقدم برامج دورية في النمو الحضاري, تتحدث عن معدلات ارتفاع الدخل السنوي للفرد, وتتحدث كثيرا عن الضمان الاجتماعي الانساني وتقيم الكثير من المؤتمرات تحت شعار ( الحضارة في خدمة الانسان )... خلف هذه الواجهات يموت, وفي كل دقيقة طفل أو بالأحرى آلاف الأطفال, وفي كل ثانية تحصل اغتصابات, جرائم, قتل مخطط, قتل عفوي, ينفذها المرضى النفسيين والمصابون بهلوسة الانزياح . جرائم عديدة تساهم في انعاش تجارة السلاح, منها مسجل ومنها مقمور. على أقل تقدير لو فتحنا النار على احدى هذه الجرائم, سنذرف الدموع كثيرا في حين تشتاق الأرض للماء لا للدماء.
سأبتعد قليلا عن بلادنا المشتعلة وأفتح الباب على دولة كبيرة, الهند مثلا, هذه الدولة التي تنتعش بسلاحها النووي ولها موقعا لا يحسد عليه في مجال تكنولوجيا الأسلحة, في وتيرة سريعة في صناعة الهول القادم, وعلى من !
ان تجولنا في شوارع الهند صباحا, وفي أرقى أحيائها والأكثر تخلفا أيضا نلاحظ منظرا خرافيا مكررا, تقوم البلدية بلمّ الجثث من الشوارع, الجثث التي عانت الجوع, تبلغ نسبتها 90% , أكثرها تصدّر الى العالم الشاسع, المتحضر, تحديدا الى المستشفيات من باب دراسة علم التشريح في جامعات الطب, نسبة عالية منها تعود الى الأطفال, النساء والكهول.
تقوم المضاربات, المزايدة والصفقات, حيث وصل الأعلى منها الى 20 دولارا والأدنى 9 أو 8 دولارا !
أما الآن وكما حصل في شرقنا الملتهب, فلسطين, لبنان, العراق, افغانستان الخ, ينحني القلم أمام الهول الهائل من الجثث التي ما زالت ساخنة ومشروع القتل ما زال سائرا, انه مشروع الأكثر (حضارة) والمساعدات الجمة التي تأتي من تحت الستار لاتمامه!!! أصبح القتل المتعمد مشروعا يوميا يحتل الصدارة على موائد الفطور غير العادي, يعرفها العاثر والعابر, لكن لا مجال للبيع أو للمناقصة, بل يكفي اتمام الصفقة من أفواه الكلاب الشاردة التي تقوم بنهشها على الطريق العام والأزقة!
في خضم ما نراه الآن حصة كبيرة للأطفال ككل وللمرأة في مغادرة الحياة اغتصابا, حيث صارت تقتل على أبسط الذرائع وتحت أقل الحجج التي لا تصدق, يقطع رأسها وترمى الى الكلاب السائبة في الطريق تحت ستار التقاليد العمياء والتقاليد التافهة المتوارثة! يعني لا يوجد معنى أن تنتظر مقتلها جراء قصف متعمد أو انفجار سيارة مفخخة !
إن لم يحكم عليها القدر بالقتل يُحكم عليها بالترمل من جراء الحروبات المستمرة, (هنالك أدلّة محوسبة في نسبة ترمل النساء العراقيات) وإن لم يكن لها ذلك وللأسف ستحظى بقسط أوفر من اللوعة والمرارة إن فقدت ابنا أو عزيزا !

ربما أجبت نفسي على سؤال حيرني دائما, وهو ما سبب تعلم المرأة الندب والبكاء, اتقانها الصبر, بلع الآلام وكظم اللوعة وتفوقها بذلك على الرجل !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم ولاد رزق 3 يحقق أعلى إيرادات في تاريخ السينما المصرية


.. مصدر مطلع لإكسترا نيوز: محمد جبران وزيرا للعمل وأحمد هنو وزي




.. حمزة نمرة: أعشق الموسيقى الأمازيغية ومتشوق للمشاركة بمهرجان


.. بعد حفل راغب علامة، الرئيس التونسي ينتقد مستوى المهرجانات ال




.. الفنانة ميريام فارس تدخل عالم اللعبة الالكترونية الاشهر PUBG