الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة السورية و المساءلة و المسؤولية

مازن كم الماز

2023 / 1 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


عندما قام بعض السوريين بالتظاهر في سوق الحميدية في الخامس عشر من آذار مارس 2011 كانوا يعتقدون أنهم بصدد أن يصبحوا بشكلٍ أو بآخر سادة مصيرهم … على الأغلب أنهم كانوا يعتقدون أنهم كانوا سيتمكنون على الأقل من مساءلة من يحكمهم ، هذا في أضعف الأحوال ، هذا في أضعف الأحوال … و لكن … منذ تشرين الأول أكتوبر 2011 ، منذ تأسيس المجلس الوطني ، تنطع جزء من المعارضة "لتمثيل" السوريين و الحديث باسمهم ، حددوا لنا ما هي ثورتنا ، من نحن و ما يجب أن نكون ثم "قادونا" ، قادوا الآلاف المؤلفة ليس فقط نحو الهزيمة فما تعرضنا له كان أشنع من هزيمة ، لكن هذا لا يعني من قادنا من هزيمة لأخرى ، من كارثة لأخرى ، لا يعنيهم البتة ، دون أدنى إحساس بأية مسؤولية عن كل تلك الدماء و الخراب ، عن كل تلك الهزائم … تأسس المجلس الوطني و الهيئات التالية له التي احتكرت الحديث بلسان السوريين أساسًا من تحالف الإخوان مع حزب الشعب أو إعلان دمشق مع حضور متفاوت لشباب التنسيقيات و معارضين قدامى و آخرين قفزوا من سفينة النظام التي كانت تتأرجح ، و منذ تأسيس المجلس الوطني تتالت المؤتمرات و الهيئات و اللجان و الائتلافات ، كلها تحتكر الحديث باسم السوريين و تحدد و تمارس و تتنافس و تستزلم و تقدمنا هدايا مجانية لأصدقائهم و داعميهم و أسيادهم دون أن ترى أنها مضطرة لتشرح لنا ماذا فعلت و ماذا تفعل و لماذا تفعل ، مكتفية بالنقاش مع نفسها و بالصراخ ثم الصراخ : السياسة الثورية الوحيدة التي مارستها ، طبعًا إلى جانب الاستزلام و الارتزاق و حياة الفنادق … و على الأرض حكمت المعارضة السورية المسلحة أجزاء واسعة من سوريا منذ تموز يوليو 2011 ، بلغت في وقت ما أكثر من 70٪ من الأرض السورية لكن هذه المعارضة المسلحة لم تقبل و لم تفترض أصلًا أنها موضع محاسبة ممن "تحميهم" أو من أصبحت تختبئ خلفهم مكتفية بقصف المدنيين الواقعين تحت سيطرة النظام ردًا على استهدافات النظام المتكررة "للمناطق المحررة" كمثيلتها السياسية ، كانت هذه المعارضة المسلحة تدير المناطق "المحررة" بنفس طريقة نظام الأسد : كانت هي من تحاسب الواقعين تحت سيطرتها على التزامهم و تقيدهم بما تراه الطريقة الوحيدة الممكنة للتفكير و التعبير و الحياة بالنسبة للسوريين الواقعين تحت سيطرتها … فيما بعد سيقوم بعض قادة مؤسسات المعارضة المختلفة بإعادة كتابة تاريخ تلك الحقبة التي جلسوا فيها على رأس تلك المؤسسات و قاموا "بنقد ذاتي" برأوا فيه أنفسهم و كالوا الاتهامات لخصومهم في المسؤولية عن انهيار أحلام السوريين و انقلابها كوابيسا مرعبة … لم يقل لنا المعارضون أن حملهم للسلاح سيأتي بكل هذا الموت و الخراب لنقرر ما إذا كنا راغبين بهذا المصير أم لا بل وعدونا بالحرية و معها بالمن و السلوى دون أن نرى اليوم شيئًا من هذا ، شيئًا غير الموت و الخراب ، لم يقولوا للسوريين الذين اتخذوهم دروعًا بشرية أنهم بحاجة لمضادات طيران "ليحمونا" من الموت و البراميل ، لم يقل لنا الإخوان و لا الأستاذ رياض الترك أن هناك احتمال ألا تأتي قوات المارينز أو الناتو لتسقط النظام و "تحررنا" و تضعهم على كرسي الحكم … تصرف قادة المعارضة السياسية و المسلحة كأنهم يملكوننا و يملكون حيوات من ساروا ورائهم و صدقوهم و سلموهم قيادتهم ، دعك من فسادهم ، من متاجرتهم بدماء البشر و من إجادتهم فقط الزعيق الفارغ فقط لا غير، هؤلاء الذين قادوا ثورة كما يزعمون و الذين قادوا عشرات آلاف المقاتلين في وقت ما ليقتلوا و يقتلوا ، دعك من ارتزاقهم لهذا الداعم أو ذاك ، دعك من طائفيتهم و من هزائمهم و فضائحهم ، من غبائهم السياسي و العسكري و هوسهم بالسلطة و بالتحكم بالعباد ، اسمع يا عزيزي : لقد قتل تسعون ألفًا إلى مائة ألف من جنود النظام ، جزء كبير منهم إعدامًا بعد أسرهم أو استسلامهم ، و قتل أو استشهد ، 110 ألف إلى 150 ألف مقاتل من المعارضة المسلحة ، جزء منهم في معارك بين الفصائل "الثورية" مع بعضها البعض و الجزء الآخر في تحرير مدن و قرى سلمت للنظام بعد تدميرها الكامل أو الواسع ، لم يكلف أحد ممن قاد هذه المعارضة أن يقول لأهالي هؤلاء لماذا سقط أولادهم و لا لمن دمرت بيوتهم قبل أن يعاد تسليمها للنظام لماذا جرى ذلك و لا من اتخذ القرار بالتضحية بكل هذه الدماء و من منحه الحق بالتضحية بكل هذا … كما ألقى النظام بالآلاف المؤلفة من جنوده للموت في كثير من الأحيان بلا معنى و دون اكتراث ، فعل القادة الثوار الأحرار الديمقراطيون نفس الشيء بمن قادوهم من المقاتلين ، بمن قالوا أنهم يحمونهم ، و ذلك دون أن يرمش لهم جفن … مملكة الصمت باقية و تتمدد يا أستاذ رياض








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات التهدئة في غزة.. النازحون يتطلعون إلى وقف قريب لإطلا


.. موجة «كوليرا» جديدة تتفشى في المحافظات اليمنية| #مراسلو_سكاي




.. ما تداعيات لقاء بلينكن وإسحاق هرتسوغ في إسرائيل؟


.. فك شيفرة لعنة الفراعنة.. زاهي حواس يناقش الأسباب في -صباح ال




.. صباح العربية | زاهي حواس يرد على شائعات لعنة الفراعنة وسر وف