الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماس تتقن المقاولة في المقاومة والتنسيق الأمني..!!

محمد عمر عمارة

2023 / 1 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


لقد أعلنت حماس وبصورة متوقعة تعبر عن منهجية معتادة عن موقفها من قرار الجمعية العمومية بالأمم المتحدة وذلك بتاريخ ٣١ ديسمبر (١٢) ٢٠٢٢ بشأن طلب دولة فلسطين العضو المراقب فتوى المحكمة الدولية فيما يتعلق بماهية احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية منذ عام ١٩٦٧وسياساتها وإجراءاتها ضد الإنسان والأرض الفلسطينية، حيث قالت حماس بهذا الطلب: " قرارات الدبلوماسية الرسمية للسلطة نابعة من عجزها عن المواجهة الحقيقية مع الاحتلال، وضعف منظومة عملها." وأضافت حماس؛ " التصويت الأممي ينضم إلى سلسلة طويلة من القرارات الدولية التي لم تتحول إلى خطوة عملية ضاغطة على الاحتلال."
لعل من يقرأ هذه التصريحات أن يلمس فيها بعض الحذر من ضعف الموقف الدولي وعدم قدرته على محاسبة إسرائيل وهذا واضح في سياسة الكيل بمكيالين والمعايير المزدوجة التي تفرضها القوة والهيمنة الأمريكية على صناعة القرار السياسي الدولي، إلى جانب عدد من حلفاء إسرائيل، ولا ننسى الدور الأمريكي والإسرائيلي بممارسة التهديد والوعيد لعدد كبير نسبياً من دول العالم لِلَجمها عن اتخاذ قرارات سياسية عادلة لصالح القضية الفلسطينية.
لكن بذات الوقت، أحاول كمراقب وقارئ للسياسة أن أفهم تصريحات وموقف حماس من الطلب الفلسطيني هذا، وموقفها من حراك ومخرجات القيادة والدبلوماسية الفلسطينية والتي تحشد عبرها القيادة الفلسطينية العالم من خلف هذه القرارات الأممية، وتضييق الخناق ومساحات الحركة والتأثير على دولة الاحتلال، وإعادة تشكيل الموقف الأممي من دولة إسرائيل بملء فراغات البربوغندا الإسرائيلية بالحقائق الفلسطينية، ولجم التلاعب الإسرائيلي الأمريكي الغربي على مفهوم السلام محل حرب الإبادة بذريعة الدفاع عن النفس، وتصوير الشعب الفلسطيني ومنظماته وعلى رأسها حماس حاضنة للإرهاب، وإقامة الاستيطان في محل الدولة الفلسطينية، وإقامة الهيكل المزعوم محل المسجد الأقصى، والاستثمار في مرحلة جديدة لإعادة التوازن لميزان القوى الدولية الذي اعترته اختلالات القطبية الأحادية الأمريكية بظل الأحداث والتغيرات الدولية الجارية والمتجهة بالعالم إلى نظام القطبية المتعددة، إن الطلب الفلسطيني لفتوى المحكمة الدولية يتميز بالحكمة والحفاصة في قراءة التحولات السياسية الدولية وإعادة توزيع القوة بالعالم.
لم استطيع أن أفهم ويا ليت حماس تفسر ضغطها الإعلامي لخفض قيمة وفاعلية الطلب الفلسطيني لقرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة لفتوى المحكمة الدولية حول ماهية دولة الاحتلال الإسرائيلي وهو الطلب الذي أقام الدنيا ولم يقعدها داخل إسرائيل وخارجها، ومورست كافة الضغوط على القيادة الفلسطينية لوقف السير بالطلب وبقي الطلب الفلسطيني على حاله، وهو الطلب الذي سعت في وقفه وتعثيره حكومة يائير لبيد المنصرفة، والتي أعلن في حينها سعيه المحموم وممارسة حكومته الضغط على ٥٠ دولة لعدم التصويت لصالح الطلب الفلسطيني بزعم تهديد الفتوى لمستقبل السلام والمفاوضات، كيف أستطيع أن أفهم توافق الضغط الإعلامي والتفريغ الحمساوي للطلب الفلسطيني لفتوى المحكمة الدولية بماهية دولة الاحتلال، والضغط الإسرائيلي على ٥٠ دولة لعدم التصويت لصالح الطلب الفلسطيني.
السؤال الأخطر والأهم، هل كانت حماس تنتظر نجاح إسرائيل في وقف وتعثير الطلب الفلسطيني لفتوى المحكمة الدولية عبر الأمم المتحدة وهذه الخطة (أ)، ومن ثم كفى حماس شر القتال ضد الدبلوماسية الفلسطينية؟
إن تصريحات حماس حول كسب الدبلوماسية الفلسطينية لقرار الجمعية العمومية بتصويت ٨٧ دولة لصالح دعم الطلب الفلسطيني لفتوى المحكمة الدولية حول ماهية دولة الاحتلال وسياساتها واجراءاتها ضد الإنسان والأرض الفلسطينية يأتي وكأنه الخطة (ب) المُنَسَقَة الحمساوية الإسرائيلية في مواجهة الدبلوماسية الفلسطينية والرد على هذه الخطوة الهامة في مواجهة إسرائيل التي لم تتوقف يوماً عن ممارسة القتل، والتدمير والاستيطان الممنهج، والتهويد للقدس في تاريخها واسلاميتها وعروبتها ووجهها الحضاري، فهل دفاع الدبلوماسية الفلسطينية عن الوجود والحق الفلسطيني التاريخي والديني والقومي باتت مسألة تهدد مصالح ومواقف حركة حماس، وأي مصالح ومواقف خارج الوعي والالتزام الوطني، وأي مواجهة تتشدق بها حماس ضد إسرائيل وتمتنع عنها أو تمنعها القيادة الفلسطينية، ما الذي قدمته حماس فيما تزعم أنه مقاومة وهو مقاولة لقاء المال، الدولار مقابل الهدوء على الجبهة الجنوبية من قطاع غزة، في الوقت الذي فيه الإحصائيات حول المواجهة المستمرة ضد الاحتلال بالضفة ترصد عشرات القتلى من الجنود والمواطنين بزيادة مقدارها ٣٥% عن أعوام سبقت العام ٢٠٢٢، لكن لماذا استكانت حماس إلى موقف المتفرج في المواجهة الأخيرة في آب/أغسطس ٢٠٢٢ في غزة والتي استهدفت حركة الجهاد الإسلامي طيلة ثلاثة أيام من القصف ولم تحرك حماس ساكناً؟!
عجباً كفلسطيني، لا أعلم ما هي طريقة حماس بقياس ووزن المكاسب السياسية والمصلحة الوطنية العامة حملة إحباط على أسلوب المواجهة السياسية التي تقودها الفلسطينية عبر جهود الدبلوماسية الفلسطينية، ما ومن الذي يقف خلف هذه الحملة التي تولت حماس وكالتها بعد فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق لبيد والجديد نتنياهو في تقويض موقف الدول المؤيدة للقرار بالجمعية العمومية ! وحماس الفزاعة للمقاومة والتي لم تكسب معركة واحدة على مدار أربعة حروب دامية مدمرة (٢٠٠٨، ٢٠١٢، ٢٠١٤، ٢٠٢١) ومن ثم استكانت لدور المتفرج في استهداف حركة الجهاد الإسلامي في آب/ أغسطس ٢٠٢٢، لماذا تتعامى حماس عن صفرية النتائج السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعنوية التي تسببت بها ؟ وأحبطت فيها نضال ومقومات صمود شعبنا في غزة بعد أن قتلت مغامرات حماس في حروب أربعة كل روح معنوية لدى أهم فئة عمرية هي فئة الشباب في غزة، ودفعت قوة حكم الأمر الواقع بهم هرباً من قتل الاحتلال ومغامرات المعارك الوهمية البطولة إلى الهجرة على قوارب الموت في البحار الدولية، هذا غير من حلت عليهم لعنة الأمر الواقع بالفقر والبطالة والتسول والانتحار.
إن القياس والوزن لمنافع القرار الأممي لتأييد طلب فلسطين الدولة العضو المراقب بالأمم المتحدة هي نوعية وكمية، واستراتيجية دبت الذعر في عقول وقلوب حكومة إسرائيل وقادتها، وانفلتت توصيفات إسرائيل للقرار وللأمم المتحدة عن عقالها السياسي والدبلوماسي، أما في رصد منافع القرار بطلب فتوى المحكمة الدولية فيما يتعلق بماهية احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية منذ عام ١٩٦٧ فهي:
1. إسقاط قانوني لادعاء إسرائيل بالنزاع على الأراضي المحتلة منذ عام ١٩٦٧، وهذا تعززه قرارات مجلس الأمن ٢٤٢ و ٣٣٨، وما ينطبق على فلسطين ينطبق كسابقة قانونية دولية على أراضي الجولان، وسيناء على التوالي.
2. الإقرار بحدود الدولة الفلسطينية كما جاءت عليها نتائج حرب ١٩٦٧، وهذا الإقرار سيتسبب على كل الدول التي أيدت القرار.
3. نقض كافة الإجراءات والسياسات والأعمال الأحادية الإسرائيلية على هذه الأراضي وسكانها واخضاعها للمساءلة القانونية الدولية.
4. اعتبار كافة الأعمال الاستيطانية القائمة، والبؤر المخططة، ومشاريع الاستيلاء والبناء على الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس هي أعمال غير قانونية، وتعدي على سيادة أراضي الغير، بما يتطلب تفعيل إجراءات قانونية دولية أخرى ذات صلة.
5. تعزيز وتقريب فرص الكسب للتصويت على قبول فلسطين دولة كاملة العضوية بالأمم المتحدة، وهذا ينسحب على دعم الدول التي أيدت القرار.
6. نزع الغطاء السياسي والدبلوماسي عن دولة الاحتلال، وإعادة تعريفها كدولة محتلة لأراضي الغير، وهذا تغيير بصفة وطبيعة دولة إسرائيل بما يضعف مكانتها ودورها وعلاقاتها السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية.
7. إخضاع كل سياسي وعسكري إسرائيلي مارس القتل، والتعذيب، والإضرار بحياة أبناء الشعب الفلسطيني للملاحقة القانونية والاعتقال والمحاكمة على أعمال قد تعد جرائم حرب.
8. إخراج مجموع المنظمات الفلسطينية المصنفة بالإرهاب من دائرة الاتهام، وشرعنه المقاومة وحقها بمقاومة الاحتلال على الأراضي الفلسطينية.
9. إبقاء الباب مفتوحاً للعودة لمفهوم النزاع باستيلاء إسرائيل على حقوق الشعب الفلسطيني بالأراضي التي منحها قرار الجمعية العامة رقم ١٨١ بتاريخ ٢٩/١١/١٩٤٧.
10. تطوير مواقف الدول التي امتنعت عن التصويت لصالح القرار والتي قد تكون في حالة ترقب وانتظار لقرار وفتوى المحكمة الدولية، والذي سيعزز التوجه لتأييد الفتوى وبالتالي توسيع دائرة الفعل الدولي ضد إسرائيل كدولة احتلال.
السؤال الحيوي، على ماذا تراهن حماس في حملتها لإحباط الوعي الفلسطيني، وزعزعة اليقين بقدرة وجهود القيادة الفلسطينية الدبلوماسية والتي دبت الذعر والقلق في القيادة الإسرائيلية واعتبرتها إسرائيل " إرهاب دبلوماسي"؟
ألم تستطيع حماس أن تصل بفكرها إلى قياس ووزن هذا الحصاد السياسي الوطني الملتزم بحقوق شعبنا الفلسطيني الوطنية ؟ وهي حماس التي لم تدع ابتكاراً أو ذريعة او فتوى سياسية او حزبية في الوصول إلى أموال الزكاة والصدقات في العالم الإسلامي، ولا حقائب الملايين من الدولارات فيما ابتكرته من نظام المقاولة في المقاومة، والحرب على رؤوس الأبرياء من شعبنا الفلسطيني في غزة والدولار مُوقِف إطلاق النار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل