الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كردستان العراق...الاقليم الاعجوبة !

محمد حمد

2023 / 1 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


آملُ ان لا يُساء فهم بعض المفردات والعبارات او ان يتم تحميلها معنى وتفسيرا أكثر مما تستحق. فهي في كل الأحوال عبارة عن ملاحظات "عابرة" حول طريقة ادارة شؤون الاقليم والنظام العائلي المتبع فيه. وليس لها علاقة لا بقومية ولا بديانة ولا بطائفة أو ملّة أو ثقافة. فالجميع يعلم علم اليفين أن الشعب الكردي في وادي وحكّامه في واد آخر.
ان من لديه معرفة أو اطلاع بالأنظمة الفدرالية والكونفدرالية سيجد صعوبة بالغة في العثور على مثال واحد يشبه اقليم كردستان العراق. لا في الشكل ولا في ألمضمون. فالاقليم في واقع الحال لا هو دولة مجاورة للعراق. ولا هو دولة داخل الدولة ولا هو إقليم بحكم ذاتي ولا هو ولاية كالولايات الامريكية المتحدة، ولا هو إمارة عائلية. لكنه في الوقت نفسه يحمل صفات وصلاحيات جميع هذه الانظمة وما فيها من صلاحيات !
فعلى سبيل المثال، يُمنع على اي جندي عراقي، حتى بالملابس المدنية، ان يدخل الاقليم. وهي حالة نادرة وغريبة ولا مثيل لها. كما ان الاقليم لا يساهم في ميزانية الدولة العراقية. كما تفعل جميع اقاليم العالم مع حكوماتها المركزية. ولا تنطبق عليه قرارات المحاكم الفدرالية وقوانينها. ويمارس سياسة النّد للنّد مع حكومة المركز في بعداد. مع انه جزء فعّال فيها وله وزراء ونواب في البرلمان الاتحادي. بل تجده دائما في حالة خصام وصِدام وزعل مع الحكومة المركزية والدولة العراقية. ولديه مطالب لا حصر لها ويجب تلبيتها جميعا وباسرع وفت. دون ان يقدّم بالمقابل اي شيء يذكر، كبادرة حسن نيّة مثلا. كما ان جولات الوفود التي يرسلها الافليم الى بغداد أصبحت شبه اسبوعية وبلا نتيجة. والهدف منها هو المماطلة وكسب الوقت والضغط على الأطراف المشاركة في العملية السياسي. وفي العام الماضي على ما اذكر ارسلوا وفدا مؤلفا من أربعين شخصا...نعم من أربعين شخصا ! وكأنهم يمثلون "مجلس السوفييت الاعلى" في اجمل أيامه !
حكام الافليم يتصرفون وفقاً للظرف الراهن أو للطرف المقابل. وحسب مقتضيات المصلحة الحزبية العائلية وما تجلب لهم من مكاسب أو منافع او امتيازات.
لقد دأبوا على المبالغة في كل شيء تقريبا، والتضخيم والنفخ في الارقام، خصوصا عندما يتعلّق الامر بالاموال. والسعي المحموم لاعلاء شأنهم الشخصي على حساب المواطن وحقوقه المشروعة، رغم بساطتها. وصارت جولاتهم وصولاتهم في وسائل الإعلام التابعة لهم، لا تعد ولا تحصى وكأنهم يحكمون دولة عظمى ! بل غلبت التصرّفات الفردية والقرارات الحزبية من ممثلي العائلتين الحاكمتين، على إجراءات وقرارات حكومة الاقليم نفسها. فقل ايام، على سبيل المثال فقط، نشرت وسائل الإعلام المرئية والمقروءة الخبر التالي: " بافل طلباني قرّر اغلاق الملاني الليلة في حي سرجنار في السليمانية ". ورافقت هذا الإجراء كالعادة عمليات تطبيل وتزمير من قبل المؤيدين والرافضين على حد سواء. وقد يبدو الخبر لاول وهلة عادي جدا. لكن السؤال الذي لا بدّ من طرحه هو: ما هي علاقة بافل طلباني بالملاهي أو بالمنشات السياحية بشكل عام؟ فالرجل لا يشغل منصبا أو وظيفة. لا في حكومة الاقليم ولا في الحكومة المركزية في بغداد. ناهيك عن أن هذه الإجراءات، غلق أو فتح ملاهي او مواخير او غيرها، هي من صلاحيات محافظ المدينة أو وزير داخلية الاقليم او وزير السياحة أو مدير الشرطة العام....الخ. وليس مسؤولية رئيس حزب سياسي كالسيد بافل الطلباني. عجيب غريب !
وعندما كان الحديث يدور، في بداية هذه العالم، حول تصدير الغاز من الاقليم إلى أوروبا عن طريق حكومة اربيل. والغاز موجود في محافظة السليمانية. يعني خاضع لنفوذ وسيطرة عائلة الطلباني. في تلك المناسبة صرّح السيد بافل طلباني، وهو معارض شديد لمشروع تصدير الغاز عبر اربيل، صرّح قائلا:" لن اسمح بذلك ابدا...حتى لو مرّت الأنابيب على جثتي . طبعا هؤلاء الناس يعتبرون خيرات وثروات الاقليم ملكية عائدة لهم ولعوائلهم. كأنهم جمعوها بعرق جبينهم. وليس بقوة السلاح والمال والعشيرة.
وللوقوف دائما تحت الاضواء الكشافة وتصدّر المشهد الإعلامي اطلق السيد بافل طلباني هذه الايام حملة لزرع مليون شجرة ! طبعا في السليمانية فقط. لان جماعة اربيل لن تسمح له ابدا بزرع نصف شجرة في امارتهم العائلية.
يا سيد طلباني اطال الله في عمرك. ما حاجتنا إلى مليون شجرة؟ يكفينا ١٠ آلاف شجرة في كل مدينة وسوف نكون لك من الشاكرين. وكفاكم مبالغة وتضخيم ونفخ بالارفام.
اما الامارة الثانية الواقعة على "الطرف الاغر" اقصد في اربيل، فالامر لا يختلف كثيرا. فاكثر من 99 بالمئة من الشعب الكردي واكثر من 85 بالمئة من نواب برلمان الاقليم واعضاء حكومته لا يعرفون اين تذهب عائدات النفط والمنافذ الحدودية مثلا. ومن هي الجهات الخارجية التي تتعامل معها حكومة الاقليم في هذه المواضيع؟
والسبب بساطة هو ان كل خيوط اللعبة السياسية والافتصادية والامنية والسياحية والإعلامية تمسكها وبقوة يد واحدة، هي يد عائلة السيد مسعود البرزاني من خلال الأبناء وذوي القربى والمؤلفة قلوبهم بالطاعة العمياء. ولا يطير طيرٌ في السماء أو دابّة تمشي على الارض. كما يُقال. دون ان تحصل على اذن منهم. وخلاصة القول، أن هذه العوائل سوف تستمر في الاستحواذ والسيطرة والهيمنة على خيرات ومقدرات وحكم الاقليم إلى يوم القيامة. نعم إلى يوم القيامة. فقبل أكثر من ستين عام، وتحديدا في زمن الزعيم عبد الكريم قاسم، كنّا نخرج في تظاهرات صاخبة ونهتف باعلى الاصوات "زعيمنا الثاني مصطفى البرزاني". وبعد أن دارت الايام ومرت الايام وتمّ تطبيق مبدأ "الانتقال السلمي للسلطة" داخل عائلة البرزاني، ها نحن اليوم مع الحفيد مسرور البرزاني جالسا على عرش الاقليم. وسيستمر الوضع على هذه الحال إلى أجل غير مسمّى: الأبناء والأحفاد سوف يتوارثون الحكم عن الاجداد. أن لم تحصل معجزة من نوع ما...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -الهجرة وقبول الآخر-.. -آ ميديا- سليمان البسام و حلا عمران ف


.. توترات جديدة وهجمات متبادلة بين حزب الله وإسرائيل وسط قلق دو




.. الحوثيون يستهدفون 3 سفن في البحر الأحمر والبحر العربي


.. انشقاق نواب عن الحلبوسي يحرمه صفة الأغلبية العددية السنية دا




.. أصوات من غزة | مستشفيات غزة تعاني نقصا حادا في وحدات الدم