الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق في ظل ميزانية عملاقة ..هل ستبادر إلى إصلاح النظام المائي والزراعي وتحديثه أم تستمر بطرح الحجج والأعذار.؟

رمضان حمزة محمد
باحث

2023 / 1 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


أن تلقي الحكومة اللائمة على تركيا وايران فقط دون الإلتفات الى عوامل عدة منها ضعف التخطيط والإدارة للملف المائي والزراعي، حيث أن الأزمات المائية الحالية ليست وليدة اللحظة، بل أن تصرف تركيا وايران بتقليل وقطع حصص العراق المائية وتغير المناخ عمّقت الأزمة ولم تخلقها.
لذلك نحتاج أولًا لأن نقر بأن تردي الأوضاع المائية والزراعية والبيئية الحالية هي نتيجة تراكمية حتمية لنهج اقتصادي وسياسي اعتمد الريعية وليس التنمية إلى حدٍّ كبير في إدارة البلاد، وأغفل بناء نظام لإدارة مواردها المائية قوامه الكفاءة والإنتاجية والموارد الذاتية من الزراعة. و مما يؤسف له بانه تم الإصرار على هذا النهج تحت ذرائع يجري تكرارها مرارًا بأن التوقيت غير مناسب بحجة حالات عدم الإستقرار السياسي للبلد وعدم توفرالأمن والأمان للتغطية على الإخفاقات الاقتصادية والسياسية على حدٍّ سواء. وإن كان الأمن والأمان عناصر ضرورية للاستقرار و التنمية والازدهار، ولكن هذا لايعني باي شكل من الأشكال عدم البدء بتحديث منظومات قطاع المياه من الري والزراعة وشبكات الإسالة ومحطات الضخ ومعالجة مياه الصرف الصحي وغيرها ليؤمّن للناس احتياجاتهم الدنيا بشكل مستدام. يُضاف إلى ذلك أن سياسة إلقاء اللوم على من يعترض أو يعارض إهمال الحكومة وعدم قيامها بهذا الواجب بانه يغرد خارج السرب..وهذا الأسلوب لم يحل المشكلة بل بتأجيليها تزداد تعقيداً. لذلك فإن المعالجات الترقعية والأمنية في بعض الأحيان لن تحل مشاكل البلد المائية وغيرها من دون الالتفات إلى لبّ الأزمة والمشكلة لمحاولة إيجاد حلول إستراتيجية بعيدة المدى لها وتنفذ على مراحل.
وأن كان طبيعة البلد السياسية تحتّمت الاعتماد على الموارد الريعية دون بذل الجهود كدولة مؤسسات فترة من الزمن ولكن هذا لا يعني البة عدم الأعتماد على جهود وطنية عدة بوضع خطط واقعية تظهر إمكانية الانتقال من النظام الحالي المعتمد على النفط إلى نظام زراعي – صناعي حديث أكثر إنتاجية واعتمادًا على موارد نا المائية، مع شديد الأسف كل الخطط المؤسساتية ذات البعد الاستراتيجي توضع جانبًا لأن مثل هذا الانتقال يُفقد النظام الريعي إحدى أهم أدواته، وهي خسارة وظائف وامتيازات بناءً على نظام مترسّخ من الفساد الإداري قوامه هو الواسطة والمحسوبية.
نعم، كان بإمكان الحكومات االعراقية المتعاقبة بعد العام 2003 تجنّب مثل هذه الأزمات أو تخفيف آثارها إن توفرت لديها الإرادة السياسة لاتّباع نهج جديد يؤسّس لمشاريع ري وزراعة وصناعة عملاقة تكون دولاب لحركة الإقتصاد العراقي الغير الريعي وتعالج مشكلة البطالة وخاصة بين الخريجين بشكل مؤسّسي وتؤمن للناس احتياجاتها الرئيسة وتساهم في ترشيق الجهاز الإداري الحكومي وترفع من مستوى الإنتاجية وبالتالي من معدلات النمو وإنجاح خطط التنمية والتطوير. ولكن الحكومات العراقية المتعاقبة لم تفعل ذلك، بل إستمرت قي إختلاق الأعذار في محاولة للحفاظ على امتيازات سياسية واقتصادية لا تطال إلا فئة محدودة من العراقيين. إذن فان الحكومات العراقية المتعاقبة تتحمل المسؤولية الكبيرة في إستمرار هذه الأزمات المائية والتي وصل الى شفا كوارث إنسانية لا تحمد عقباه.
لذلك ولتجنب الأزمات المتلاحقة التي نعاني منها بسب نقص مواردنا المائية وسياسة دول التشارك المائي تجاه العراق وتغيرات المناخ والازمات الاقليمية الاخرى هنا نشير وبكل وضوح إلى أن التشبث بسياسة ترحيل المشاكل إلى المستقبل سيزيد الوضع سوءاً. بل على الحكومة العراقية الاعتماد على أدوات جديدة بعدما استُنفدت كافة الأدوات الماضية من حجج واهية وفساد مسترشي في كافة مفاصل الدولة.
لقد حان الوقت للتخلي عن سياسة وصف المشاكل باسلوب إنشائي مكرر وممل، وتشكيل اللجان وصياغة الخطط ثم وضعها على الرف. ما نحتاج إليه هو وضع إستراتجية حقيقية تشمل كل الأطر الحالية لواقع البلد الذي أصبح مجمل أراضيه عرضة للتصحر والتملح، وهجره السكان، وهذا لن يتحقق إذا لم تكون مسبوقة أومصحوبة بإرادة سياسية حقيقية تضمن تطبيق أنظمة اقتصادية وتربوية جديدة، تشجع على الابتكار والإبداع والإنتاجية فعلًا لا تصريحاً فقط، بل أن تكون إصلاحات سياسية وإقتصادية وإجتماعية، تعتمد الشفافية وسيادة القانون على الجميع، وتساهم أيضًا في التغلب على العقبات التي تعترض طريق التنفيذ. حان الوقت لإدراك أن العقلية الضيقة وذات المصالح الفئوية إن سيطرة على عملية صنع القرار سوف لم ولن تكفل وحدها الانتقال إلى إستبداد حالة الاستقرار والازدهار ونجاح خطط التنمية المستدامة المنشودة. وإلا ستستمر الأزمات المائية والبيئة والاقتصادية والسياسية واحدة تلو الأخرى وتستمر معها الحكومة في خلق الأعذار والتدابير الآنية، إلا أنها لن تجدي نفعًا في الخروج من عنق الزجاجة لحل هذه الأزمات. لم يعد أمام الحكومات العراقية أي مبرّر كي ندّعي بان الأزمات الحالية والمستقبلية، هي نتيجة من خارج البلد، الحل والربط هو بايدي الحكومة، وإلا فان المستقبل القاتم والكوارث الإنسانية سوف تتوالى لا سامح الله، إذا إصرت الحكومة العراقية على الوضع القائم دون إبداء محاولات جدية لوضع الرجل المناسب في المكان المناسب.؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل