الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فوبيا الموت خارج الكرسي: مهاتير محمد نموذجاً

آزاد أحمد علي

2023 / 1 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


تقدم رئيس الوزراء الماليزي السابق والأسبق مهاتير محمد البالغ من العمر 97 عاما، أوراق ترشّحه للانتخابات العامة أواخر سنة 2022، بهدف العودة مجددا إلى كرسي الحكم. جدير بالذكر أن مهاتير محمد يعد أحد القادة الآسيويين الذين نجحوا في إدارة دولاب اقتصاد بلادهم وتسريعه نحو التنمية وتحقيق الرفاه، لكنه دخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية ليس من هذه البوابة، وإنما لكونه "أكبر رئيس وزراء كان في المنصب" عندما انتخب سنة 2018 لولاية ثانية. لا شك أنه أحد الشخصيات السلطوية الناجحة على الصعيد العالمي، فقد أمضى حوالي ثلاث وخمسون سنة في كرسي الحكم، حقق خلالها نجاحات كبيرة لدولة ماليزيا. على الرغم من أنه اتهم بتهم فساد خلال وبعد فترات حكمه. لكن المؤكد انه دخل سجل غينيس للأرقام القياسية كأكبر رجل ظل فترة طويلة في أعلى هرم السلطة التنفيذية كرئيس للوزراء في ماليزيا، ولم يتجاوزه أحد في مدة الحكم كرئيس للوزراء في باقي حكومات العالم. كما يعد أكبر رجل ظل ينافس على كرسي رئاسة الوزراء وهو على وشك أن يبلغ المئة سنة من العمر. وليس ثمة أي تفسير لسلوكه وحافزه للترشح سوى أنه لم يكتفي، ولم يتشبع من استنشاق اوكسجين السلطة. المشكلة تكمن في أنه ظل يفترض ان ماليزيا ستتحول الى رماد بدونه، حتى بعد خسارته للانتخابات. وهو متيقن ان الحاجة مازالت ماسة الى قدراته وخبراته...
لكن على ما يبدو ان الهستيريا وجنون العظمة الذي يولده النجاح أحيانا، قد لا يختلف عن الاستبداد والدكتاتورية العارية، وهذه الحالة قد تسبب خيبة أمل كبيرة لصاحبها، بل بفضيحة. فقد رد الناخب – المواطن المقهور على جنون عظمة مهاتير، والذي تلخص في عدم الاستجابة لطموحه المزمن للبقاء في الكرسي، وبالتالي خسر مقعده في دائرة لانكاوي في البرلمان، بعد أن حصد فقط نسبة 9 بالمائة من أصوات الناخبين وهي 4,566 صوتاً من أصل 48,123 صوت. ولكن الغريب أنه لم يتعظ بعد هذه الخسارة الصادمة، فقد صرح بأنه سيتفرغ لكتابة تاريخ ماليزيا.
نستنتج من هذا الحدث ونعيد قراءة رمزيته باختصار: أن الولع بالسلطة متعدد الأوجه والمستويات، هي حالة عابرة للأعمار والثقافات. على اعتبار أن مغانم السلطة في عالمنا الاستهلاكي المعاصر كثيرة ومتنوعة لدرجة أن كرسي السلطة يتقمص بل يستعبد جالسه. ومن زاوية أخرى يبدو أن الظاهرة السلطوية باتت ثقافة سياسية معاصرة، فقد انتشرت وتعولمت في ظل النظام الليبرالي، فلم تعد (السلطوية) ظاهرة مرهونة ومستوطنة بين طيات ثقافة أنظمة الاستبداد العاري فقط، وليست منتجاً يخص العوالم المتصارعة سلطوياً خارج أوربا وأمريكا، بل باتت السلطوية الوجه الآخر للفساد الإداري والسياسي، وهي في الوقت نفسه مرض مزمن من أمراض الاجتماع البشري في هذا العصر. تحولت السلطوية إلى فيروس يصيب مجتمعات وأجيال بكاملها. لأنها ليست مرهونة ومتوقفة على الولع بالمناصب العالية، ولا مرتبطة بامتيازات كبيرة، بل أضحت حالة تلازم البشر في كثير من المواقع والمستويات. وكانت أسوأ حالاتها ما أصابت تلك الجماعات المنظمة التي ادعت الثورية والاشتراكية، كما ادعت وروجت لاحقاً للنضال في سبيل الحريات وحقوق الإنسان، والتداول السلمي للسلطة. فكم صادفنا وسنصادف شخصيات هنا وهناك، ظلت تصرخ مطولا في سبيل التغيير والديمقراطية، لكنه ظل ملتصق دهراً بكرسي اعتباري قد لا يدر مالاً ولا امتيازات… ولكن ما الذي يغذي هذه الظاهرة؟
إنها فوبيا الموت خارج الكرسي، الخوف من الموت البريء، الموت كانسان ومواطن غير حاكم! أياً كانت صيغة الحكم، أو شكل الكرسي، مردوده وطرازه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة