الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تماثل الشخصيات في رواية -أصابع امرأة نيئة- هدى حواس

رائد الحواري

2023 / 1 / 4
الادب والفن


تماثل الشخصيات في رواية
"أصابع امرأة نيئة"
هدى حواس
يمكن اعتبار هذه الرواية رواية المرأة بكل تجلياتها، فالشخصيات النسائية حاضرة فيها وفاعلة، وهناك أكثر من امرأة وكلهن تحدثن عن تجاربهن وما مررن به وما يردن من الحياة، "غنوة، مي زيادة، شاهدة، آسيا، سلفيا، آن سكستون" قدمتهن الساردة بصورة متقاربة، حتى أنهن نظرن إلى الرجل الذي يردنه، ونظرن إلى المرأة المثالية من منظور واحد: "رجل في مقتبل العمر متوسط القامة، وسيم وله روح خفيفة يتحدث الإنجليزية والفرنسية والعربية بطلاقة" ص102، "...حمزة لا يشبه كل من عرفتهم...ويتكلم خمس لغات بطلاقة" ص107و108، وعندما تحدثت عن "مي زيادة" اعتبرت أن تحدثها بعدة لغات ميزة لها، وهذا يأخذنا إلى أن الساردة لم تستطع أن تحرر شخصيات الرواية من منطق الكاتبة، فجاء التحدث بعدة لغات سمة حسنة وجدتها النساء في الرجال، والرجال وجدوها في النساء، "مي زيادة وغنوة".
ولم يقتصر الأمر هذا مثالية الرجل بل تعداه إلى الحرية التي تحدثن بها، تقول بطلة الرواية "غنوة": "طالما كنت اكره السرير حين يصبح قانون الشراكة فيه أمرا واقعا" ص14، وتقول عن "آن": "أصبحت لمساته تثير اشمئزازها، هي لا تكرهه، ولكنها تشمئز منه، من كلماته، من جسده، من تفكيره الأحمق حين يتكلم" ص58، نلاحظ أن الشخصيات النسائية تتحدث بنفس الروح، حتى إنها تبدو كشخصية واحدة، لكن بأشكال ومواقف متباينة.
وعندما تناولت الجسد والمتعة الجنسية تحدثت عنه بعين الرؤية، تقول "شاهدة" عن جسد زوجها "حمزة" المتدين والمتطرف وكيف ولماذا قبلت به: "..شعرت بانجذاب جسدي لم أشعر به مع أي رجل ممن عرفتهم فبله" ص24، وتقول "آسيا" عن "تيد": "كان مهوسا بجسدي وكانت شهوته عنيفة بدائية ولا يتقن في الجنس مجازا ولا استعارة، فظ كوحش يلتهم وليمته، كم شهدت أركان الشقة لقاءاتنا الساخنة...لم أنزعج من خدوش أظافره وآثار عضاته على جسدي" ص38، نلاحظ أن هناك تداخل في نظرة "شاهدة وآسيا" ل"حمزة وتيد" فكان من المفترض أن يكون "حمزة" هو المتطرف جنسيا، لكن تداخل ما بين الشخصيات جعل كل المرأة تتحدث عن الرجل وكأنها رجلها هي وليس رجل امرأة أخرى.
هذا التداخل تعترف به بطلة الرواية" غنوة" بقولها: "...لكن كمالا كان يشبه تيد... يشبهه إلى درجة أنني حين أتحدث عن سلفيا أشعر كأني أتحدث عن نفسي، وقد تختلط علي القصتان إلى درجة لا أدرك أي منها قصتي" ص44.
ولم يقتصر التماثل على النظرة للجسد والجنس، بل تعده إلى تناول طبيعة الشخصيات النسائية: تقول عن "مي زيادة" وعشقها ل"جبران خليل جبران": "...وتمخض عن ذلك هذه الورقة التي استرسلت فيها حديثي عن مي وعن حديثها وجنونها" ص84، وعندما تحدثت عن "سلفيا" ذكرا أيضا الجنون: " كنت أبحث عن سلفيا وعن الأسباب التي قادتها إلى الجنون ثم إلى الانتحار" ص111، فالشخصيات متماثل فيما بينها، الانفعال الزائد، الجنون، والموت بطريقة غير طبيعة.
وفي خاتمة الرواية تُقول الساردة عن الشخصيات النسائية/ حيث تتحدث كل واحدة منهن عن نظرتها للحب: "صوت آن: "الحب دفعني إلى الانحراف والخيانة، إلى ممارسة الرذيلة في العتم...الحب يا صديقتي حرب دون هدنة إذا انتصر لنا كبلنا وأحكم قيودنا.
أما "سلفيا" فتقول: " الحب جسد يؤول إلى الفناء وإلى الشيخوخة" أما "شاهدة" فتقول عنه: "الحب أغرقني في مستنقع الدم، أغرقني في عطن الفكرة، وحملني إلى الوثة التطرف" ص129، كل هذا يجعل الشخصيات متماثلة في نظرتها للحياة، للرجل، للجسد، فبدت وكأنها شخصية واحدة لكن بعدة تسميات وحالات.
ورغم أن هناك أكثر من سارد في الرواية، إلا التقارب في اللغة وفي الأفكار جعل الشخصيات النسائية تداخل فيما بينهما، إلا أن الجمالية كانت حاضرة في الرواية، وهذا يعود إلى الأثر الذي يتركه صوت المرأة على المتلقي.
رغم ما في الرواية من جمالية في السرد والأفكار الداعية إلى حرية المرأة، إلا أن الكاتبة نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا بعد أن كشفت ما في الرواية من تفاصيل في الفصل الأخير "الفصل الأخير" ص133، حي لم تبق للمتلقي أي مساحة للتفكير بعد أن كشفت كل ما كان خافيا ومستترا، فكان يمكن أن تنتهي الرواية عند آخر فقرة في الصفحة 132: "لذلك اخترت أن أشاركهن كوة النور تلك، أكتب حكايتهن من ذاكرة النور... كأنني هنا في الساعة الصفر، كأني هناك دون موعد" كي تعطي القارئ مساحة ليفكر ويستنتج هو بنفسه ما جاء في الرواية، لكن (إقحام) الساردة نفسها في النص شوهه الجمال الذي جاءت به: "كل ما جاء في هذه المخطوط محض خيال وإن كانت بعض المؤشرات توحي بالواقعية كأسماء بعض الشخصيات أو بعض الأمكنة أو بعض الأقوال أو بعض العناوين وللأمانة العلمية المقطوعتان اللتان زردتنا في هذا المخطوط هما لصاحبتهما سلفيا بلاث وآن سكستون بعد أن قمت بترجمتها" ص139 .
الرواية من منشورات دار فضاءات للنشر والتوزيع، عمان الأردن الطبعة 2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان التونسي حكيم بالكحلة: تغيير مصيري من الهندسة المعماري


.. الفنان التونسي حكيم بالكحلة: والدي لم يدعم قراري بترك الهندس




.. صباح العربية | رهف ناصر تتحدى الحرب بالموسيقى وتغني للأمل


.. تجمع ضخم لعشاق سلسلة أفلام -حرب النجوم- في بوينس آيرس




.. وداعًا للعلمى والأدبى .. التعليم تكشف ملامح الثانوية العامة