الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجد للّه في الأعالي وعلى الارض الحروب !

محمد حمد

2023 / 1 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


لم يخطر على بال السيد المسيح أن الأرض التي تمنى أن يعمّ فيها السلام والوئام سوف تتحول الى ميدان مترامي الأطراف لحروب وصراعات دامية بين البشر. كما أنه لم يتوقع أن ذرية آدم وحواء الذي تمنى أن تسود بينهم المحبة والالفة، تحولوا إلى ذئاب كاسرة ينهش بعضهم لحم ألبعض. وربما لم يخامره الشك ابدا ان أقرب تلاميذه "يهوذا" سوف يخونه من أجل ثلاثين قطعة من الفضّة. وان المال اصبح، فيما بعد، دينا يزاحم الأديان السماوية. يدخل إليه الناس من كلّ فجٍّ عميق !
فمنذ أن هبط آدم وحواء على الأرض بدأت بذرة الحروب والنزاعات بالنمو تدريجيا سقتها دماء قابيل ثم ترعرعت لتصبح شجرة وارفة تلامس اغصانها السماء. وكانت ثمارها الدامية حياة الملايين من البشر من مختلف الاصقاع والاجناس والاعمار. فلم تخلُ منطقة في هذا الكون الشاسع دون أن تصلها رياح الحروب العاتية. وكأنّ البشرية لم تستطع العيش بضع سنوات دون حرب هنا او هناك، وتحت مختلف الاعذار والحجج. وكأنّ الإنسان "المتحضّر" لم يعد يرى سوى "رؤوسا قد أينعت وحان قطافها". بل تمّ توظيف كل طاقات هذا الإنسان وقدراته العقلية والذهنية في ابتكار ابشع وسائل الدمار والقتل والتخريب. من اجل السيطرة على العالم والاستحواذ على خيراته وموارده الطبيعية. وإشباع الرغبات المغرقة في الأنانية والجشع لدى قلّة من الأشخاص.
لا توجد احصائية معتمدة يمكن الركون إليها لمعرفة عدد الحروب التي خاضها البشر ضد بعضهم البعض منذ بدء الخليقة. وقد تكون قد بدأت بعد مقتل هابيل ببضعة أشهر أو سنوات. وقد يكون ذلك اليوم هو البداية لتشريع القتل لحل الخلافات بين الناس. كما لا توجد احصائية موثّقة بعدد القتلى والضحايا على مر التاريخ: بكل تأكيد ملايين الملايين !
فمن الأزمنة السحيقة والحضارات الموغلة في القدم، وصراعها من اجل البقاء والسيطرة والنهب والسلب وضم اراضي الغير بقوة السلاح، مرورا بحصار طروادة وحروب الرومان والاغريق والبابليين والفراعنة وحرب البسوس والحرب العالمية الأولى والثانية، إلى حصار غزة اللانساني، فالحرب الروسية الاوكرانية الدائرة رحاها على بعد أميال منّا.
لقد أصبحت الحرب تجارة تجلب أرباحا طائلة وباسرع وقت. مع أن غالبية البشر لا ترى في الحروب سوى قتل ودمار وتشرّد ولاجئين وفقدان مقومات الحياة البسيطة. الاّ ان هناك فئة من البشر لا ترى في الحروب الا فرصة ذهبية نادرة لا تعوّض لجني الأرباح الطائلة وتكديس الأموال والاثراء الفاحش على أشلاء آلاف الابرياء.
وبما أننا أشرنا هنا إلى الحرب بين روسيا وأوكرانيا فثمة مصادر متعدّدة تقول ان صناعة السلاح في امريكا، بمختلف فروعها وانواعها، تعيش عصرها الذهبي في هذه الأشهر. وتشير نفس المصادر إلى أن أمريكا باعت أو على وشك أن تبيع أسلحة متطوّرة بمليارات الدولارات: صواريخ ومدافع ومسيرات ومعدات عسكرية مختلفة، إلى أكثر من عشرين دولة، ابتداءا من مملكة آل سعود وانتهاء بدول البلطيق التي كانت في يوم ما تنعم بالسلام على أراضيها قبل أن تشملها "الرعاية المباركة" لحلف الناتو وجعلها تعيش أيامها في خوف وترقّب من وصول صواريخ جيرانها الروس.
ومعلوم أن الأسلحة لا تقدم كهدايا في الأعياد والمناسبات. وقد لا يعرف الكثير من الناس أن خمسين مليون أمريكي، حسب مصادر موثوقة يعملون في صناعة السلاح. من المهندس الالكتروني إلى بوّاب المصنع ومنظف المرافق الصحية. وهؤلاء يتمنّون في دواخلهم حصول حرب او نزاع مسلح في اي بقعة من هذا العالم. لزيادة الإنتاج بوتيرة عالية وبالتالي زيادة الأرباح بوتيرة أعلى. وورد في خبر طازج ان بولندا تعاقدت مع أمريكا "لشراء ٢٥٠ دبابة ابرامز". وسبق لبولندا أيضا أن تعاقدت مع كوريا الجنوبية لشراء ١٠٠٠ دبابة K2". وما زال حبل شراء الأسلحة الأمريكية عالجرار.
أن الحروب لا تنشب بدون سبب. ولاشعالها يكفي خبر كاذب تبثه احدى وسائل الإعلام الأمريكية الواسعة الانتشار. ويتم بعد ذلك تداوله على اكثر من محطة تلفزة أو صحيفة مشهورة بعد ان تُضاف له "المشهيات" الضرورية لكي يتقبّله الناس. وهكذا تصبح الحرب امرا مشروعا وفي متناول يد دعاة الحروب ومصاصي دماء الشعوب !
نعم، سيبقى المجد للّه في الاعالي. أمّا على الارض فلا شيء سوى الحروب والخراب والدمار !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: مزارعون في الهند مصممون على إلحاق الهزيمة بالحزب ا


.. السباق إلى البيت الأبيض: حظوظ ترامب | #الظهيرة




.. ماهو التوسع الذي تتطلع إليه إسرائيل حالياً؟ وهل يتخطى حدود ا


.. ترامب: لم يتعرض أي مرشح للرئاسة لما أواجهه الآن | #الظهيرة




.. -كهرباء أوكرانيا- في مرمى روسيا.. هجوم ضخم بالصواريخ | #الظه